أبومبارك الحضرمي
2009-01-28, 02:27 PM
شهد الجنوب العربي( ج.ي.د.ش ) جملة من المآسي في تاريخه الحديث والمعاصر ، وتعدّ الحقبة التاريخية التي تبدأ بظهور الاستعمار الأوروبي ، بعد الثورة الصناعية في أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين ، من أسوء الحقب في تاريخ بلادنا ، إذ ’مزّقت إلى ما يزيد على ستة وعشرين إمارة وسلطنة ، وجميعها ’أخضعت للاحتلال البريطاني ... وفي ستينات القرن العشرين الميلادي بلغ شعبنا مرحلة من الوعي ، بحيث صمم على تحرير أرضه ، وقد عاش شعبنا في تلك الحقبة التاريخية الكثير من الصراعات والتمزق السياسي تحت مسمّيات كثيرة { قبلية ، مناطقية ، حزبية ، أيديولوجية ... الخ } ، حتى أنّ الكثير من مثقّفينا ومفكرينا ’أصيبوا باليأس والإحباط ، ولكن المخلصين من أبنائه والمؤمنين الذين استطاعوا أن يقرءوا الواقع قراءة صحيحة ، وقد قاموا باستعادة معطيات النضال التاريخي لشعبنا ، ومقاومته للاحتلال منذ حقب بعيدة في التاريخ وربط بينها وبين الواقع الذي يعيشه هذا الشعب تحت الاحتلال ، فاستنهض القوى الخيرة في المجتمع ، وبعد تمحيص دقيق للواقع والكشف عن القدرات التي يتمتع بها شعبنا ، وتكوين معرفة دقيقة وعلمية للظروف الموضوعية والذاتية ، والربط بينها وبين ظروف العصر والقومية العربية والإقليمية والدولية وحددت أسلوبها في النضال ، { واختارت أسلوب الكفاح المسلّح } ، وعلى مدى أربع سنوات من مقاومة الاحتلال استطاع شعبنا أن ينتزع استقلاله ويحقق وحدة أرضه وأعلن قيام دولة الجنوب التي أسماها : { جمهورية اليمن الشعبية } ، وعاصمتها ( عدن ) ... والحقيقة أنّ اسم اليمن الذي ’ألحق باسم الجمهورية الجنوبية كان من إفرازات ا لأيديولوجية ، والصراعات التي كان المجتمع يعيشها في تلك الحقبة ، لهذا جاءت التسمية تتصف باليمنية .
وإذا نحن قيمنا تجربة الجنوب في ظلِّ حكم الجبهة القومية ، سنجد أنّ الجبهة القومية استطاعت خلال السنوات العشر الأولى من حكمها أن تقيم نظاماً سياسياً متفرّداً عن جميع الأنظمة التي كانت سائدة في المنطقة ، { رغم ما رافقت هذا النظام من أخطاء ، فنحن لا نبرّئه من الأخطاء ، ولكن ليس كما يقول عنه معارضيه اليوم بأنّه حكماً شمولياً وإجرامياً ، إذ أنّ ما يرتكبونه هؤلاء الأعداء ، سواء أعداء الأمس ، أم أعداء اليوم ، من جرائم تتضاءل جرائم ذلك النظام أمامها إلى حد لا يمكن مقارنته } ، ولعلّ من يقرأ التاريخ بموضوعية سيجد أنّ معظم جرائم ذلك النظام قد حدثت في الحقبة التاريخية التي ’سمح فيها ل :
1 ـ تغلغل العنصر غير الجنوبي في نسيج النظام { دولة ، ومجتمع } ، في الوقت الذي كانت ولاءاته لغير هذا الوطن ولغير هذا المجتمع ، ولغير هذا النظام } . فكان بمثابة السوسة التي تنخر في عظام النظام والمجتمع .
2 ـ انبعاث الولاءات والنعرات القبلية المناطقية ، والانتماءات الأيديولوجية ، وطغيانها على الولاء الوطني والاجتماعي ، وكذا برزت الطموحات الشخصية التي تعتمد على الارتزاق والمحسوبية ، والطموح في السلطة والتسلّط ، وقد بدأت ظواهر الفساد في النظام قبيل 22 / مايو / 1990م ، وانطلق من عقاله ما بعد مايو / 1990م ويشهد على ذلك ما حدث في أربعة وتسعين عندما قام نظام صنعاء تكسير أجنحة أبناء الجنوب في مكامن قوّتهم { الجيش } ، والكلُّ كان يتفرّج ... وسواء ارتضى البعض ، أم لم يرتضي فكلُّ هذا كان مخطط له مسبقاً و’عمِلَ على تحضيره منذ أمد بعيد ، وكانت العناصر الغير جنوبية هي أدواته الفعالة في التنفيذ ...
إذن لقد وقع الجنوب في الحقبة ما بين 30 / نوفمبر / 1967م وحتى 22 / مايو / 1990م ضحية للصراعات الإقليمية التي شهدتها المنطقة العربية آنذاك ، والصراعات الدولية ، ودفعت ثمن عدم التنّبه لهذا غالياً ، ولعلَّ وحدة 22 / مايو / 1990 إنما يدعّم الاستنتاج حول أنّ ’كلَّ ذلك كان مدبّراً منذ زمن بعيد ، وقد ’عمِلَ له بروية وتخطيط .. فقد تأسست الوحدة على توقيع رئيسي النظامين في صنعاء وعدن { علي عبد الله صالح ، وعلي سالم البيض } ، وقد وقّعا بصفتهما الحزبية : { علي عبد الله صالح الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام ، وليس ’كلَّ سكان الجمهورية العربية اليمنية أعضاء في المؤتمر الشعبي العام ، بل هم لم ’يستشاروا في ذلك } ، و { علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ، وليس ’كلَّ سكان الجنوب أعضاء في الحزب الاشتراكي ، بل هم لم ’يستشاروا في ذلك } . أي وحدة هذه ؟ هل هي وحدة الحزبين ، أم هي وحدة الرجلين ؟ و مما يثير العجب أكثر أنّهم يتكلّمون عن وحدة للشعبين : ويقصدون { شعب الجنوب ، وشعب الجمهورية العربية اليمنية } ، في الوقت الذي أصدروا فتوى دينية كَفّروا فيها شعب الجنوب وأحلّت دمائهم ، وأعراضهم ، وأموالهم ، وعدّتها غنيمة حرب مع الكفّار وهذا ما مارسته القوات الغازية في عام 1994م مع شعب الجنوب .
وبعد قيام النظام في صنعاء بالغزو واحتلال الجنوب في 7 / يوليو / 1994م ، ، ألغى ’كلَّ ما تمّ الاتفاق عليه ، سواء ما وقعه أميناء الحزبين { المؤتمر الشعبي العام ، والحزب الاشتراكي {، وما وقّعت عليه الكثير من الأحزاب السياسية ( في الشمال والجنوب ) ، وكثير من الشخصيات الاجتماعية ، والدينية والمفكرين والمثقّفين ، وشهد عليه رؤساء وممثلين لبعض الدول العربية ( وثيقة العهد والاتفاق في الأردن قبيل حرب 1994 ) .وإلغاء قراري مجلس الأمن الدولي 924،931 لعام1994م ، وتنصل نظام صنعاء عن تعهداته لدى الأمم المتحدة بعد حرب 1994مباشرة، وفيما بعد ألغت الدستور ، وصاغت دستوراً مفصّلاً للاحتلال . والبقية واضحة .
السادة الكرام :
إنّ ما يعانيه الناس من أوضاع متردّية لم تعد ’تحتمل ، ويجب وضع حدٍ لها فهي أوضاع غير قابلة للاستمرار إلاّ إذا ارتضى المجتمع الدولي بأن يكون مصير شعب بأكمله شعب الجنوب ، هو في النهاية الانقراض ... وعلى الرغم من أنّ الأوضاع الراهنة في الجنوب ، هي من السوء بما لا ’يقاس ، وهي لا تحتاج إلى دراسات ميدانية وإحصائيات تكشف مدى ما بلغته هذه الأوضاع من سوء ، مع تأكيدنا بأن لدينا ما يؤكد ما نقول ، سنورد بعض تلك المساوئ على سبيل المثال لا الحصر وهي كالتالي :
1 ـ إنّ ما نعيشه من أوضاع مخالفة لروح نمو وتطور الإنسانية بكلِّ معنى من معاني هذا النمو والتطور فأوضاع مثل هذه لا يقرّها دين ، ولا قوانين وضعية ، بل هي معطّلة لكل نمو ولكلِّ تطور . فالجنوب ’كلّه محتلّةٌ أرضه ، ومنهوبةٌ ثرواته ، وإرادة أهله مسلوبة ، وشعب كاد أن يفقد هويته ، وكرامة الإنسان فيه ’مهدورة ، والفساد المالي والإداري ’متفشّي في البلاد وفقدان الأمن والطمأنينة هي الحياة التي يعيشها الإنسان الجنوبي ، وتسلّط قوى القمع وتكميم الأفواه هو السائد ، وجحافل الجنود متواجدة في القواعد والمعسكرات الجاثمة على صدور المواطنين تحتل المدن وتطوقها ، وتتصرّف مع أهلنا وأبنائنا وكأنّهم أجانب أو كائنات غير بشرية فتقتل من تريد ، وتعتقل من تريد ، وفي الوقت والمكان الذي تريد ، إنّه وضع أبشع من وضع قوات الاحتلال ( الإنجليزي ) .
2 ـ الوضع الاقتصادي متدهور ، والناس غير قادرين على الحصول على ما يسدّ حاجتهم من العيش ، فالفقر أصبح ظاهرة عامة الكل يعاني منها ، والتسول أصبح من مظاهر الحياة فالشوارع مليئة بالمتسولين والعاطلين عن العمل ، والمساجد تضيقُ أبوابها بالمسنين الذين يستجدون الصدقات ، وبالأطفال المشوّهين الذين ’يستخدمون وسائل لاستدرار العطف والشفقة ، والبيوت أزعج أهلها الطارقون على أبوابها يرتجون صدقة ، والبطالة منتشرة ، وخريجي التعليم الثانوي والعالي يتسكّعون في الشوارع على مدى سنوات من تخرّجه ، يبحثون عن عمل حتى حمالين . حتى التعليم أفرغ محتواه ، وقُتلت العقول .
3 ـ الغلاء الفاحش أرهق الناس ، فلم يعودوا قادرين على شراء متطلباتهم من الخبز أو السمك الذي تزخر به بحارنا ، والصيادين من أهل مدينة المكلا قد منعوا من البقاء في البحر بعد ساعة معيّنة من النهار حددتها لهم السلطة ، لم يعد الناس قادرين على مصاريف المدارس لأولادهم وتكاليف العلاج لمرضاهم ، أمّا السكن فحدّث ولا حرج { أكثر من ثلاث عوائل تسكن في شقّة واحدة } ...
4 ـ العمل في المؤسسات الحكومية : ’تحدد خانات التوظيف لكلِّ محافظة من محافظات الجنوب من قبل الوزارة في صنعاء . وترسل التوجيهات والتوصيات ، سواء من الوزارة نفسها ، أم من الجهات المتنفّذة في صنعاء بتوظيف أشخاص غير جنوبيين ، وبعد أن يستكمل الشخص الموصى به إجراءات التوظيف في الجنوب يرحل ويعود إلى موطنه الأصلي في الشمال وينقل معه المخصص المالي للوظيفة التي استلمها في الجنوب ، ويحرم أبناء الجنوب من الحصول على الوظيفة ، وتحرم المحافظة الجنوبية من الاعتماد المالي لهذه الوظيفة . وهذه حقيقة لا يختلف عليها أثنين ..
5 ـ القضاء : لم يشهد القضاء في الجنوب ، على مدى تاريخه المعاصر ، فساداً كما هو حاصل اليوم فالقتل يحدث علناً مع سبق الإصرار والترصّد ولم يجد من يحاكم القاتل وخير دليل على هذا دماء شهداءنا الأبرار في ساحات الشرف ... ولم يتحرّك بشأن هذه الجرائم أي قضاء : لا ديني ولا وضعي ..والأمرَّ من ذلك يحاسب ويحاكم أهل الحق المطالبين بحقوقهم بأرقى الأساليب من اعتصامات ومهرجانات سلمية .. ويُعزل القُضاة ويُغير مكان عملهم بين يوم وليلة ...
السادة الكرام :
أن المجال لا يسعنا كي نورد بعض الجرائم التي ارتكبت في حقنا شعب الجنوب من جراء احتلال نظام الجمهورية العربية اليمنية عام 1994 ، مع تأكيدنا بالتزامنا بالنضال السلمي
ضياء خميس محورق
[email protected]
وإذا نحن قيمنا تجربة الجنوب في ظلِّ حكم الجبهة القومية ، سنجد أنّ الجبهة القومية استطاعت خلال السنوات العشر الأولى من حكمها أن تقيم نظاماً سياسياً متفرّداً عن جميع الأنظمة التي كانت سائدة في المنطقة ، { رغم ما رافقت هذا النظام من أخطاء ، فنحن لا نبرّئه من الأخطاء ، ولكن ليس كما يقول عنه معارضيه اليوم بأنّه حكماً شمولياً وإجرامياً ، إذ أنّ ما يرتكبونه هؤلاء الأعداء ، سواء أعداء الأمس ، أم أعداء اليوم ، من جرائم تتضاءل جرائم ذلك النظام أمامها إلى حد لا يمكن مقارنته } ، ولعلّ من يقرأ التاريخ بموضوعية سيجد أنّ معظم جرائم ذلك النظام قد حدثت في الحقبة التاريخية التي ’سمح فيها ل :
1 ـ تغلغل العنصر غير الجنوبي في نسيج النظام { دولة ، ومجتمع } ، في الوقت الذي كانت ولاءاته لغير هذا الوطن ولغير هذا المجتمع ، ولغير هذا النظام } . فكان بمثابة السوسة التي تنخر في عظام النظام والمجتمع .
2 ـ انبعاث الولاءات والنعرات القبلية المناطقية ، والانتماءات الأيديولوجية ، وطغيانها على الولاء الوطني والاجتماعي ، وكذا برزت الطموحات الشخصية التي تعتمد على الارتزاق والمحسوبية ، والطموح في السلطة والتسلّط ، وقد بدأت ظواهر الفساد في النظام قبيل 22 / مايو / 1990م ، وانطلق من عقاله ما بعد مايو / 1990م ويشهد على ذلك ما حدث في أربعة وتسعين عندما قام نظام صنعاء تكسير أجنحة أبناء الجنوب في مكامن قوّتهم { الجيش } ، والكلُّ كان يتفرّج ... وسواء ارتضى البعض ، أم لم يرتضي فكلُّ هذا كان مخطط له مسبقاً و’عمِلَ على تحضيره منذ أمد بعيد ، وكانت العناصر الغير جنوبية هي أدواته الفعالة في التنفيذ ...
إذن لقد وقع الجنوب في الحقبة ما بين 30 / نوفمبر / 1967م وحتى 22 / مايو / 1990م ضحية للصراعات الإقليمية التي شهدتها المنطقة العربية آنذاك ، والصراعات الدولية ، ودفعت ثمن عدم التنّبه لهذا غالياً ، ولعلَّ وحدة 22 / مايو / 1990 إنما يدعّم الاستنتاج حول أنّ ’كلَّ ذلك كان مدبّراً منذ زمن بعيد ، وقد ’عمِلَ له بروية وتخطيط .. فقد تأسست الوحدة على توقيع رئيسي النظامين في صنعاء وعدن { علي عبد الله صالح ، وعلي سالم البيض } ، وقد وقّعا بصفتهما الحزبية : { علي عبد الله صالح الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام ، وليس ’كلَّ سكان الجمهورية العربية اليمنية أعضاء في المؤتمر الشعبي العام ، بل هم لم ’يستشاروا في ذلك } ، و { علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ، وليس ’كلَّ سكان الجنوب أعضاء في الحزب الاشتراكي ، بل هم لم ’يستشاروا في ذلك } . أي وحدة هذه ؟ هل هي وحدة الحزبين ، أم هي وحدة الرجلين ؟ و مما يثير العجب أكثر أنّهم يتكلّمون عن وحدة للشعبين : ويقصدون { شعب الجنوب ، وشعب الجمهورية العربية اليمنية } ، في الوقت الذي أصدروا فتوى دينية كَفّروا فيها شعب الجنوب وأحلّت دمائهم ، وأعراضهم ، وأموالهم ، وعدّتها غنيمة حرب مع الكفّار وهذا ما مارسته القوات الغازية في عام 1994م مع شعب الجنوب .
وبعد قيام النظام في صنعاء بالغزو واحتلال الجنوب في 7 / يوليو / 1994م ، ، ألغى ’كلَّ ما تمّ الاتفاق عليه ، سواء ما وقعه أميناء الحزبين { المؤتمر الشعبي العام ، والحزب الاشتراكي {، وما وقّعت عليه الكثير من الأحزاب السياسية ( في الشمال والجنوب ) ، وكثير من الشخصيات الاجتماعية ، والدينية والمفكرين والمثقّفين ، وشهد عليه رؤساء وممثلين لبعض الدول العربية ( وثيقة العهد والاتفاق في الأردن قبيل حرب 1994 ) .وإلغاء قراري مجلس الأمن الدولي 924،931 لعام1994م ، وتنصل نظام صنعاء عن تعهداته لدى الأمم المتحدة بعد حرب 1994مباشرة، وفيما بعد ألغت الدستور ، وصاغت دستوراً مفصّلاً للاحتلال . والبقية واضحة .
السادة الكرام :
إنّ ما يعانيه الناس من أوضاع متردّية لم تعد ’تحتمل ، ويجب وضع حدٍ لها فهي أوضاع غير قابلة للاستمرار إلاّ إذا ارتضى المجتمع الدولي بأن يكون مصير شعب بأكمله شعب الجنوب ، هو في النهاية الانقراض ... وعلى الرغم من أنّ الأوضاع الراهنة في الجنوب ، هي من السوء بما لا ’يقاس ، وهي لا تحتاج إلى دراسات ميدانية وإحصائيات تكشف مدى ما بلغته هذه الأوضاع من سوء ، مع تأكيدنا بأن لدينا ما يؤكد ما نقول ، سنورد بعض تلك المساوئ على سبيل المثال لا الحصر وهي كالتالي :
1 ـ إنّ ما نعيشه من أوضاع مخالفة لروح نمو وتطور الإنسانية بكلِّ معنى من معاني هذا النمو والتطور فأوضاع مثل هذه لا يقرّها دين ، ولا قوانين وضعية ، بل هي معطّلة لكل نمو ولكلِّ تطور . فالجنوب ’كلّه محتلّةٌ أرضه ، ومنهوبةٌ ثرواته ، وإرادة أهله مسلوبة ، وشعب كاد أن يفقد هويته ، وكرامة الإنسان فيه ’مهدورة ، والفساد المالي والإداري ’متفشّي في البلاد وفقدان الأمن والطمأنينة هي الحياة التي يعيشها الإنسان الجنوبي ، وتسلّط قوى القمع وتكميم الأفواه هو السائد ، وجحافل الجنود متواجدة في القواعد والمعسكرات الجاثمة على صدور المواطنين تحتل المدن وتطوقها ، وتتصرّف مع أهلنا وأبنائنا وكأنّهم أجانب أو كائنات غير بشرية فتقتل من تريد ، وتعتقل من تريد ، وفي الوقت والمكان الذي تريد ، إنّه وضع أبشع من وضع قوات الاحتلال ( الإنجليزي ) .
2 ـ الوضع الاقتصادي متدهور ، والناس غير قادرين على الحصول على ما يسدّ حاجتهم من العيش ، فالفقر أصبح ظاهرة عامة الكل يعاني منها ، والتسول أصبح من مظاهر الحياة فالشوارع مليئة بالمتسولين والعاطلين عن العمل ، والمساجد تضيقُ أبوابها بالمسنين الذين يستجدون الصدقات ، وبالأطفال المشوّهين الذين ’يستخدمون وسائل لاستدرار العطف والشفقة ، والبيوت أزعج أهلها الطارقون على أبوابها يرتجون صدقة ، والبطالة منتشرة ، وخريجي التعليم الثانوي والعالي يتسكّعون في الشوارع على مدى سنوات من تخرّجه ، يبحثون عن عمل حتى حمالين . حتى التعليم أفرغ محتواه ، وقُتلت العقول .
3 ـ الغلاء الفاحش أرهق الناس ، فلم يعودوا قادرين على شراء متطلباتهم من الخبز أو السمك الذي تزخر به بحارنا ، والصيادين من أهل مدينة المكلا قد منعوا من البقاء في البحر بعد ساعة معيّنة من النهار حددتها لهم السلطة ، لم يعد الناس قادرين على مصاريف المدارس لأولادهم وتكاليف العلاج لمرضاهم ، أمّا السكن فحدّث ولا حرج { أكثر من ثلاث عوائل تسكن في شقّة واحدة } ...
4 ـ العمل في المؤسسات الحكومية : ’تحدد خانات التوظيف لكلِّ محافظة من محافظات الجنوب من قبل الوزارة في صنعاء . وترسل التوجيهات والتوصيات ، سواء من الوزارة نفسها ، أم من الجهات المتنفّذة في صنعاء بتوظيف أشخاص غير جنوبيين ، وبعد أن يستكمل الشخص الموصى به إجراءات التوظيف في الجنوب يرحل ويعود إلى موطنه الأصلي في الشمال وينقل معه المخصص المالي للوظيفة التي استلمها في الجنوب ، ويحرم أبناء الجنوب من الحصول على الوظيفة ، وتحرم المحافظة الجنوبية من الاعتماد المالي لهذه الوظيفة . وهذه حقيقة لا يختلف عليها أثنين ..
5 ـ القضاء : لم يشهد القضاء في الجنوب ، على مدى تاريخه المعاصر ، فساداً كما هو حاصل اليوم فالقتل يحدث علناً مع سبق الإصرار والترصّد ولم يجد من يحاكم القاتل وخير دليل على هذا دماء شهداءنا الأبرار في ساحات الشرف ... ولم يتحرّك بشأن هذه الجرائم أي قضاء : لا ديني ولا وضعي ..والأمرَّ من ذلك يحاسب ويحاكم أهل الحق المطالبين بحقوقهم بأرقى الأساليب من اعتصامات ومهرجانات سلمية .. ويُعزل القُضاة ويُغير مكان عملهم بين يوم وليلة ...
السادة الكرام :
أن المجال لا يسعنا كي نورد بعض الجرائم التي ارتكبت في حقنا شعب الجنوب من جراء احتلال نظام الجمهورية العربية اليمنية عام 1994 ، مع تأكيدنا بالتزامنا بالنضال السلمي
ضياء خميس محورق
[email protected]