رســـــــــــــــالة مــن مــواطــن جـنـوبــي

[قلعة الشموخ]

*
*
*

رسالة إلى تكوينات الحراك الجنوبي(( منـقـول))

كنت أعيش نشوة عارمة ،أجتاحتني بسبب إمكانياتي الضعيفة في عملية الإقناع و التأثير على الآخر .
لأن قدراتي لا تتجاوز حدود التدريب على عمل من هذا النوع ، عندما استطعت أن اقنع أحد الأساتذة لحضور مسيرة و مهرجان للحراك السلمي الجنوبي في حضرموت.
عشنا هذه البهجة و تفاعلنا مع الزخم في المسيرة ، حتى وصلنا إلى ساحة المهرجان ... تركت الأستاذ في الساحة و ذهبت إلى المنصة لاستقبال الضيوف مع قادة الحراك في المحافظة...
اصطففنا في منصة الاحتفال و الجماهير تهلل و تهتف بالثورة السلمية الجنوبية المخلّصة لهم من الاحتلال في 7/7/1994م.
أُلقيت الكلمات من قبل الفعاليات و القادة، و كذا من قبل رؤساء الوفود القادمين من المحافظات الحاضرة حينها في هذه الفعالية.
لقد كانت كلمات حماسية أشعلت مشاعر الجماهير الحاضرة من كل الفئات الاجتماعية و العمرية ، و كانت الغلبة في النسبة للفئة العمرية من دون الثلاثين عام ..
لقد عاش أستاذي اندماج روحي مع هذه الفرحة و العنفوان كما صرح لي بها فيما بعد ... المهم انتهت الفعالية .. خرجت من المنصة ابحث على من اقنعتهم بالحضور لأول مره لأتجمل معهم في عودتهم إلى بيوتهم ، و لكن المفارقة العجيبة أنهم هم الذين تجملوا معي لأن معهم المواصلات لأحد أصدقاءهم ، ركبنا السيارة و الكل يعيش لحظة الزخم و الابتهاج بهذه الفئة العمرية التي بها سيتحقق حلم الجنوب ...
و كنت أردد ألم أقل لكم بأن هناك شباب يستطيعون أن يعملوا ما عجزنا عن عمله ؟ .. فكان الرد لقد أدهشونا الشباب فعلاً ، و أعادوا فينا الروح التي غادرت أجسادنا مجازاً بعد حرب 94م الظالمة على الجنوب و احتلاله ..
إلى هنا و كل شيء بالنسبة لي تمام ..... و في اليوم الثاني قابلت الأستاذ و أنا رافع الرأس و منتفخ الصدر لكي أقول له:
انظر! إلى إمكانياتنا و عملنا المضني في تكوينات الحراك لقد حقق ما شاهدته البارحة ... استقبلني بهدوء و ابتسامة ...
و قال : أنا أقدر فيك هذه الروح .. و لكن أرجو أن لا تذهب بعيداً .. ضحكنا .. و لكن ضحكتي ليست صادقة بل مجاملة، و بدأت أتسأل ماذا حصل ؟ .. هل هناك أحد من الأعداء للحراك ، أو المحتلين كانت لديه القدرة للتأثير على الأستاذ ؟ و لكنه بخبرته و علمه و فراسته عرف ما يدور بخلدي .. فقال لا تذهب بعيداً و الحال واحد كما يقول المثل ... إذاً ماذا حصل يا أستاذي ؟ رد علي بهدوء أنا بعد ما شاهدت و عشت الفرح و الابتهاج و وصلت إلى بيتي كانت الأحداث لا تفارقني كشريط (( فيلم سينما )) ، حينها استشعرت مسؤليتي تجاهكم و تجاه الجنوب لأنني كنت جزء من هذا الفيلم ...
استدعيت مخزون الذاكرة من نضالاتنا السابقة التي حققت الانتصارات و الإخفاقات و الأفراح و الأتراح ، و استدعيت من الذاكرة كل ما قراءته عن الثورات و عن الشخصيات ، و عن القيادة و الإدارة ، و أردت إن أطبقها على ما رأيته في ذلك اليوم بالنسبة لي ..
لهذا عزيزي لا تلومني و لكن أريد أن أقول شيء يخدم نشاطكم و يعطي نتيجة لعملكم :
إن ما رأيته هو شيء عظيم عظمة الرجال القائمين عليه، ولكن اسمح لي أن أرسل معك بعض الملاحظات تعبر عن رأيي ورأي بعض ممن التقيت بهم في الساحة, بالذات في ما يخص من كانوا في المنصة وأنت واحد منهم ، إنهم يمتلكوا القدرة في الخطابة وقد أشعلوا مشاعر الحاضرين، و أن من يردد الشعارات هم شباب و صبيه, يريدوا الحرية للجنوب و الانعتاق من الاحتلال و لكن !... و هذا استدراك من الأستاذ .. انتابني شيء من القلق والخوف على ضياع كل ما شاهدته من حماس، وما يريد هؤلاء الحشود...
من خلال تجاربي كما سبق أن قلت لم أرى في المنصة من لديه وسامحني أن أقول ذلك بمفهومي.. فكر .. كأديب, شاعر, مؤرخ ،أو عالم من حضرموت .. و لكن إذا تجاوزت ذلك كله و قلنا : لكل زمن دوله و رجال ، و سألتك هل هؤلاء القيادة الخطابية لديهم خطط مبرمجة بعيدة المدى للاستفادة من هذا الزخم؟ فهمّيت بالرد عليه ... لكن بادرني بقوله: لا تبرر..!إن ما أريده بقولي هذا من وجهة نظري يصب في مصلحة تكوينات هذا الحراك والذي أرى أن تكون قاعدته بدءً بخلايا في حيي السكني لكي انظم إليه ....
إذاً أنتم تعملوا و تخوضوا نضالاً لا يستهان به و تقنعوا الناس . و لكن إذا لم تخططوا و تجعلوا من الخطط و البرامج والعمل المنظم و الدؤب هو أساس عملكم ,وان تكون لديكم إحصائيات عن كل فرد قدم ويقدم شيء حتى يكون محسوب له معنويا مستقبلاً قبل أن يكون ماديا .. أن تشكل خلايا تنظيمية يكون أدائها في الميدان و في الحي السكني, سيجعل من هذه الخلايا سداً منيعاً ضد أي قرار أو محاولة للالتفاف على نضالها وتصنعوا منها قيادات شابه قادرة على العطاء والحركة وهي رافداً بدماء جديدة ومتجددة لديمومة واستمرارية الثورة وتكون لديها أعضاء مستعدين للتضحية عند الضرورة و يتم تحضيرهم في كل فعالية لأن العمل السلمي يريد تواجد بشري .. و أن كانوا محسوبين على هذا التكوين أو ذاك ... و ليس الاعتماد على الغوغاء و المشاعر الحماسية دون ارتباط الناس بالعمل الحراكي دائما....وشيء آخر يجب أن تكون القيادات المراتبية معروفه لديكم وأن تكون هناك قيادات بديله تُسير العمل في حالة غيابها تحت أي ظرف كان من الخلية في الحي إلى أعلى الهرم التنظيمي..وأن لاتجروا وراء حراك فلان أو علان حتى لا تخلقوا دكتاتوريات جديدة..ويكون هناك كما أسلفت برنامج واضح لكل تكوين من اجل الالتقاء في الأهداف الموحدة ومن خرج عن الأهداف نعلن عدم الاعتراف بما يقوم به باسم الحراك من مواقف أو تحالفات...وأنصحكم أن تمدوا أيديكم للمفكرين والمبدعين والبحث عنهم بكل السبل لان قضيتكم عادله وهي قضية كل جنوبي..فعليكم بالصبر، والتنظيم والمثابرة وقبول بعضكم البعض!....تنفست الصعداء وقلت له : بكل أمانه أنني سأكتب هذه الرسالة لكل تكوينات الحراك في الجنوب المحتل.. و طلبت منه لقاء آخر، فوعدني بذالك للحديث عن القيادة و الإدارة في الحراك السلمي الجنوبي....وهذه النصائح استوعبتها وأرجو من إخواني في كل تكوينات الحراك استيعابها والعمل بها وان اختلفنا في الجزئيات. وان نستخدم العلم والمعرفة والتجربة والعقول المبدعة من الشباب للوصول إلى الهدف بأقل التكاليف...واستودعكم الله في رسالة قادمة....والله من وراء القصد..

[ابو البيض]

تحية الى كاتب الرسالة وتحية لك اخي الناقل
كلام في الصميم تسلم اخي