من الاحتلال الاستعماري إلى الاحتلال الاستحماري

[معتزالعيسائي]

يصادف يوم أمس (19/1/2009) ذكرى 170 عاماً على احتلال عدن من قبل البريطانيين ، عندما قام الكابتن هنس على رأس قوة بحرية بريطانية بالاستيلاء عليها واحتلالها يوم 19 ينير 1839، ومرت السنين الأيام وانسحب الانكليز في 30 نوفمبر 1967م ، والشعب اليوم يعاني من احتلال جديد أتى بطريقة حصان طروادة وانتظر أربع سنوات ليعلن في 7/7/1994م انقلابه على اتفاقات الوحدة ونسفه لجميع مواثيقها باحتلاله لعدن والجنوب بعد الحرب التي شنها على عدن عام 1994م واستباحته البشر والحجر متجاوزاً كافة القرارات والمواثيق الدولية التي صدرت حينها ، والناس اليوم يتباكون على حكم هنس وعلى أيام البريطانيين ، فقد كانوا أفضل ألف مرة من حكم هذا الشاويش القبلي المتخلف.



****


فالضابط البريطاني "استافورد هنس" التحق بالبحرية البريطانية وأصبح ضابطاً وكان نشيطاً وبارعاً وذكياً وذو ثقافة ومهارة وأصبح رئيساً لـ اللجنة الدائمة للمسح والرسم الهندي في البحرية البريطانية .
أما علي عبد الله صالح فلم يلتحق بأية مدرسة مدنية أو عسكرية إنما تخرج من مدارس التهريب في باب المندب والشيخ سعيد وذباب والخوخة وجيبوتي ، وامتهن التهريب وجاء إلى السلطة بعد أن قتل الشهيد إبراهيم الحمدي ، وان مجموع الذين قتلهم منذ استلامه السلطة وما بعدها وحتى دخوله عدن عام 1994م أكثر بكثير مما قتلهم البريطانيين خلال 128 عاماً من الاحتلال .


****


الكابتن هنس كان يسكن منزلاً متواضعاً خصص له من قبل حكومة بومباي في منطقة الخساف ، وسكنه من بعده الحكام والمندوبين الساميين قبل انتقالهم إلى التواهي ، واكتفى هو وغيره بهذا المنزل والمنازل المتواضعة في التواهي ولم يصنعوا لنفسهم قصوراً ومزارع .
أما الشاويش علي عبد الله صالح وبعد احتلاله العسكري لعدن ، أصبح يسكن ويتنقل بين كل بيوت الحكام البريطانيين في التواهي وخور مكسر ومنازل كبار مدراء الشركات والبنوك في معاشيق التي يزيد عددها على أكثر من 40 فيلا تستخدم له ولعصابته ولشلة السكر والعربدة والدعارة ، وأصبحت معاشيق مركزا لممارسة الفواحش .


****


الكابتن هنس حكم عدن من 1839 إلى عام 1852م ، وفي هذه الفترة القصيرة أرسى نظاماً إداريا ومالياً متطوراً ظل يعمل به وبملحقاته حتى إلى ما بعد الاستقلال ، وجرى تطويره من قبل خلفائه من الحكام والمندوبين البريطانيين ، وبعد ذلك جرت محاسبته من قبل حكومة بومباي واتهمته بالتقصير لأنهم اكتشفوا هدراً بقيمة 281980 روبية من خزانة عدن وهي ما تعادل بضع الآلاف من الدولارات (ولم يكن مسؤلاً مباشراً عن هذا الهدر) .


إما علي صالح فهو يحكم صنعاء وعدن منذ 31 عاماً ، نهب البلاد والعباد وكون ثروة تقدر بـ 30 مليار دولار ، استولى على عدن وجبالها وقصورها وأراضيها وسواحلها وسرق النفط والغاز ووزعها على أفراد عصاباته ومرتزقته مكافأة لهم على نهبهم لعدن في يوم احتلالها 7/7/1994م ، ولم تجري محاسبته كما حوسب هنس .
فلا يوجد من يحاسبه ، فالسلطة سلطته ، والثروة ثروته ، والسلاح سلاحه ، والقضاء قضائه ، فهو يحكم البلاد بالحديد والنار والأعراف القبلية .
البريطانيون يحترمون القضاء والدستور والقانون سواء في مستعمرة عدن أو في حكومة الاتحاد ، ونذكر بما جرى مع منفذ عملية قنبلة المطار خليفة عبد الله حسن خليفة الذي اتهم بأنه فجر قنبلة المطار لإفشال مؤتمر لندن الدستوري وقتل نائب المعتمد البريطاني وجرت محاكمته ولكن البريطانيين أفرجوا عنه بعد فترة بسبب فوزه في انتخابات المجلس التشريعي في عدن (التي ترشح لها من داخل سجنة) وعين بعدها وزيرا للمالية في حكومة عدن.
هذا هو النظام ، وليس نظام الشاويش الذي يتدخل في كل الأحكام حتى الصادرة من أعلى هيئة قضائية في البلاد وهو يحكم البلد بالتلفون ، فيعزل من يريد ويعدم من يريد ويرفع الحصانة عن من لا يرضى عنه أو يخرج عن طاعته (وجميعنا نتذكر رفع الحصانة عن السيد يحيى بدر الدين الحوثي) ويعز من يشاء ويذل من يشاء والمواطنين اصبحوا يتندرون ويرددون : "يا سنحان الله" ، فلا احترام لا للقضاء ولا للمؤسسات التشريعية والتنفيذية ، فهو الحاكم بأمره وتلفونه وقلمه ، والبلاد تحكم عن طريق الأعراف القبلية (على طريقة ذبح الثيران على أبواب المتخاصمين) ، وبإرضاء البعض بالمناصب والأموال والسيارات من اجل شرائهم وشراء ضمائرهم التي باعوها له.


****


في عهد هنس وانجرامس الضابط البريطاني في حضرموت وبعض الضباط البريطانيين كمستر فيكس جرى صلح عام بين قبائل حضرموت وقبائل المحميات الأخرى وتوقف الثأر والقتال وحل محله الاستقرار والتسامح ، وفي عهد الرئيس الراحل قحطان الشعبي أعلن عن صلح عام بين القبائل لمدة عام واستمر هذا الصلح حتى قيام الوحدة واختفى السلاح من الجنوب وغاب الثأر والفتن وأصبحت الطرق والمدن أمنه من شرقها إلى غربها ، والبيوت مفتوحة ولا يخافون من سارق أو مجرم والأمن مستتب والعدالة فوق الجميع .
وفي عهد الشاويش أصبح المواطنون يخافون على أموالهم وأعراضهم بعد أن استباحت هذه العصابة كل شيء في الجنوب .


****


في عهد هنس وكل الحكام بنيت عدن بطريقة جميلة وحل النظام والتخطيط لتطوير مدينة عدن وأحياءها وضواحيها وشيدت الأحياء بطريقة معمارية رائعة وبنيت المدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء وغيرها من البنى التحتية
وفي فترة الاحتلال الاستحماري جرى الاعتداء على هذه المدينة الجميلة التي كانت تتطور وفقاً لمخطط تخطيط المدن الذي جرى العمل به في العهد البريطاني والنظام في الجنوب ، وجرى تشويه المدينة وبدأ البناء العشوائي واحتلت الأراضي ووزعت على عصابة حاكم سنحان والذين اثروا من تجارة العقارات في هذه المدينة التي احتلوها يوم 7/7/1994م وجرى تقسيم البيوت والفلل والأراضي على المحتلين وأبناء المحافظة محرومين حتى من قطعة ارض صغيرة للبناء عليها





****


في عهد الحكام البريطانيين والسلاطين كان يجري التنقيب عن النفط في الجنوب من قبل الشركات ولم تسلم بلوكات لأي سلطان أو أمير أو شيخ من مشايخ الجنوب من اجل احتكارها باسمه واسم عشيرته وقبيلته، ولأسباب سياسية لم يستخرج النفط مع الأسف في ذلك الوقت .
في عهد هذا الشيطان جرى اقتسام الثروة من النفط والغاز بين المسئولين من سنحان وحاشد وأعطيت لهم بلوكات كاملة وحقول كاملة باعوها وتنازلوا عنها لشركات نفط قبضوا مئات الملايين وفي مقدمة هؤلاء احمد علي عبد الله صالح ، ويحيى محمد عبد الله صالح ، وحسين بن عبد الله الأحمر وغيرهم من العصابة الحاكمة .


****


في عهد هنس كان ميناء عدن يعتبر رابع ميناء في العالم نظراً لأهميته الجغرافية وموقعه الطبيعي المتميز الذي جعل منه نقطة ربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب
وفي عهد صالح أصبح ميناء عدن ينعق عليه الغراب بسبب الفوضى والإرهاب والقرصنة في خليج عدن ، وبيعت منشأته ومؤسساته بتوجيه من حاكم هذه العصابة لبعض السماسرة والمحسوبين على الشاويش الذين يشاركهم في تجارتهم وفي مقدمتهم رجل الأعمال توفيق عبد الرحيم وغيره من سماسرة النظام .


****


وفي عهد الشاويش أثيرت الفتن وأعمال الثأر ، وزادت الجريمة وعمليات الخطف والقتل ، وجرى تشجيع ذلك بتقديم السلاح والأموال والذخيرة والمناصب من اجل إثارة الفتن بين الناسوهم اليوم يقفون ضد التصالح والتسامح بين أبناء الجنوب التي انطلقت في الثالث عشر من يناير عام 2006 وكلف بعض من مأجوريه وأتباعه بكتابة المقالات والبيانات والتصريحات بأسماء أبناء الشهداء وفي مقدمتهم ابن الشهيد صالح مصلح الذي تبرأت منه أمه (التي تعرف حقيقة الشاويش وكيف كان ينظر إليه الشهيد صالح مصلح) وهاجرت إلى أمريكا ، وتبرأت منه أيضاً الشعيب والضالع ولحج وكل أبناء الجنوب لأنه أصبح بوقاً مأجورا لخدمة عصابة سنحان .
ونحن أبناء الضالع ولحج والجنوب عامة نتبرأ منه ومن أمثاله كجواس وسالم قطن والزوعري وغيرهم من الذين يقفون ضد التصالح والتسامح ، إضافة إلى أنهم أصبحوا يهددون أبنائنا بالسجن والملاحقة واستخدام السلاح في مواجهة الحراك السلمي في الجنوب ، وأخرها ما حدث في عدن وباقي المحافظات يوم 13 يناير 2009 في مهرجان التسامح وقبلها في عام 2008 .


****


ويوم أمس في الكويت وخلال أعمال القمة الاقتصادية أعلن العاهل السعودي عن مبادرة للتصالح والتسامح بين الدول العربية والفصائل الفلسطينية ، فهل سيقوم الزوعري وقطن ولحسون وردفان بالوقوف ضد هذه المبادرة (كما وقفوا ضد التصالح والتسامح في الجنوب) لأنها تعتبر مؤامرة على الأمة العربية والإسلامية ووحدتها وتستهدف النيل من الشعب الفلسطيني وقضيته ، ولان زعيمهم الشاويش لم يكن ورائها ، إنما كان منبوذاً في هذه القمة

[معلاوي]

انت ليس ثائرا مغوار يتقدم الصفوف
وانما قلم وذاكرة متميزة
اهلا بيك وبالشباب امثالك