الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-01-01, 02:06 AM   #1
ابومعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-12-06
المشاركات: 508
افتراضي حقيقة كلمات ماركس الثلاث (الدين أفيون الشعوب ) مقال يستحق التوقف عنده

ماكنت أظن ان يبدأ يومي ذلك اليوم على صراخ ابنتي الكبرى ذات الخمسة عشر ربيعا حينها ،وقد عادت لتوها من المدرسة على سؤال :
- أبي..!هل حقا ان " كارل ماركس " قال:" ان الدين أفيون الشعوب "!!؟.
- أصبحنا وأصبح الملك لله ..!من قال هذا ومااهميته بالنسبة لكِ؟!
- معلم مادة المجتمع واللغة الدنماركية..وما اغاضني انه قالها بصيغة ضاحكة ليدلل على غباء " ماركس"!!.
كنت أظن قبل هذا الموقف ان استخدام كلمات "ماركس" بهذا الشكل كانت محصورة في الإعلام بحديه السلطوي والديني في العالم الإسلامي ضمن حربه ضد الأفكار الماركسية ،وكان استخدامه ذكيا نجح نجاحا كبيرا في تحويل الأنظار والفهم عن جوهر فكر وفعل ماركس من صراع طبقي ضد الاستغلال الرأسمالي للطبقات الفقيرة وانتهاك حقوقها إلى ضد الدين وحسب ،على الرغم من ان الرجل لم يؤلف كتابا واحدا في نقد الدين بشكل خاص..!
وها أنا اكتشف ان هذه الحرب الإعلامية ليست سلطوية دينية في العالم الإسلامي وحسب بل في كل العالم الغربي أبان الحرب الباردة ،وكذلك في أمريكا وأفريقيا وآسيا ومازالت " اسطوانة مشروخة "تُستخدم من ذات الماكنة الإعلامية الرأسمالية العملاقة..!لتحويل الأنظار عن قبحها وسوءتها.
المضحك والمحزن بآن معا ان هذه الكلمات الثلاث " أنتزعت بمنتهى الخبث والذكاء من جملة سبقتها ، من دونها تكون كقولنا " لاتقربوا الصلاة"..!
النص الأصلي الذي أورده هنا كان من ضمن مساعدتي لابنتي في ان تدرك الحقيقة من خلال جهدها في البحث عنها بنفسها، ورد النص في اللغة الانكليزية وكالآتي : (Religion is the sigh of the oppressed creature, the heart of a heartless world, and the soul of soulless conditions. It is the opium of the people) Marx, K. 1976. Introduction to A Contribution to the Critique of Hegel’s Philosophy of Right. Collected Works, v. 3. New York.

( الدين هو تنهيدة المضطهد ، هو قلب عالمٍ لاقلب له ،مثلما هو روح وضع " شروط " بلا روح ،إنه أفيون الشعب ) ماركس "نحو نقد فلسفة الحق الهيجلية" 1844 "
كلمة the sigh of تُرجمت بأكثر من كلمة ولم يختلف المراد ( تنهيدة ، آهة ، زفرة ) المقصود هو إنها آخر ماتبقى للإنسان المضطـَهد ...وأين..؟! في قلب العالم الرأسمالي وفي زمن " ماركس " كان هذا القلب هو " بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، أمريكا"وبشكل ما روسيا،ويسخر " ماركس منه بأسى بوصفه لهذا العالم بإنه بلا قلب أي بلا رحمة أو شفقة ،وهذا الدين هو روح هذا العالم البشع الذي بلا روح ..!!
لا أظن ان أي شخص وخصوصا المؤمن ممكن ان يجد وصفا منصفا للدين أكثر من وصف ماركس..!!

أما الكلمة الأخيرة في النص فقد تم تغييرها من صيغة المفرد إلى الجمع لتكون عامة وشاملة لكل شعوب العالم، فصارت " الدين أفيون الشعوب " بدلا من النص الأصلي "إنه أفيون الشعب "لأنهم لو أوردوها كما وردت في النص لانفضحوا ولما تم لهم استخدامها بفائدة حققها لهم مسخ النص وتحويره..!!.ولسنين زادت عن المائة وخمسين عاما ومازالت..!!
وقبل الخوض في الجملة الأخيرة" الدين أفيون الشعب "، ولم وكيف استخدمها "ماركس" أعود لابنتي في بحثها عن الحقيقة...وبحثها هو من سيجيب على هذا السؤال..!.
كنتُ اعلم انها وفي خضم حبها للقراءة كانت قرأت أشياء عن ماركس ،ونظريته..وصارت تبدي إعجابها بأطروحاته،ولكنني ومناكدة مني لها قلت :" وما المشكلة في ان يكون "ماركس" غبيا ..هل هو من بقية اهلك؟!...قالت :"لا لا أريد الحقيقة..من غير الممكن " ان يقول "ماركس" هذا القول وبهذه الطريقة الساخرة والغبية التي صورها المعلم"..!
قلت : حسنا ..قد أقول لك رأيي ويكون مخالفا لمعلمك ولكنه في النهاية رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ ، والأفضل ان تكون هذه الجملة بكلماتها الثلاث (الدين أفيون الشعوب ) تجربة لك للبحث بنفسك عن حقيقة تدركينها بجهدك وحينها تستطيعين الدفاع عن قناعاتك. والبداية ستكون في بحثك عن متى عاش "ماركس " ومتى قال هذا وفي أي مكان وماهي الظروف التاريخية المحيطه به وبهذا القول ،وسأقوم بمساعدتك في البحث"..!.

وهكذا قسمنا العمل بيننا هي ستأخذ كلمة ( الأفيون ) وكل مايتعلق بها...!وانا أراجع النص الذي ورد فيه القول كاملا ومارافقه..!
وفي النهاية صار لديها تقرير كامل عن ماهية القول قدمته كمادة بحث في دراستها وكالآتي:

بعد اسبوع عادت بالمعلومات التالية الأفيون :هو مادة مخدرة، تستخرج من نبات الخشخاش، وتستخدم لصناعة الهيروين يطلق عليه الخشخاش أو أبو النوم. عصيره به مادة الأفيون التي تسبب الإدمان. وأجود أنواعه اليوغسلافي لأن به نسبة عالية من المورفين المسكن للآلام. ويستخرج الأفيون من كبسولة النبات عن طريق تشريطها في الصباح الباكر, وهي على النبتة لتخرج منها مادة لبنية لزجة تتجمد وتغمق في اللون. ويحتوي علي مواد قلويداتية كالمورفين والكوديين والناركوتين (نوسكوبين) والبابافارين. ومن المورفين يحضر الهيروين.
ويستخدم الأفيون في التخدير وكمسكن قوي للآلام ولاسيما في العمليات الجراحية والسرطانات ولوقف الإسهال. ومادة الكودايين بها يُوقف السعال. والأفيون يسبب الهلوسة والإدمان.

قلت: معلومات ممتازة ولكن ماذا استنتجتِ منها وبشكل مبسط .!؟
قالت :" الأفيون " جيد للاستخدام الطبي وسيء في غيره.
قلت: "عليك ان تبحثي عن ( طبيعة الأفيون ) في العصر الذي أطلق به "ماركس" مقولته ولا تنسي انه ولد عام 1818 وتوفي عام 1883..!".

وهذا ماكان منها وكان احد مصادرها " موسوعة ويكيبيديا " باللغة لانكليزية ..وجدتْ انه في ذلك العصر كان من اكثر الأشياء استخداما في عمليات التخدير الطبي وتقليل الآلام كمسكن...ولكن مفاجئتها لي التي لم أكن اعرف تفاصيلها هي ان هنالك حربان خاضتها كل من بريطانيا وفرنسا بشكل مباشر وأيضا أمريكا وروسيا ولكن بشكل غير مباشر ضد الصين لإجبارها على فتح أسواقها لاستيراد الأفيون من هذه البلدان وحينها كان تجارة رابحة للبلدان البادئة بالحرب ،وكان الصراع في هذا المجال يمتد إلى سنوات سابقة للقرن المنصرم قبل بداية حرب الأفيون الأولى 1839 – 1842 وأكملت ....
(تم تصدير أول شحنة كبيرة من الأفيون إلي الصين في عام‏1781..وقد لاقت تجارة الأفيون رواجا كبيرا في الصين.. ‏ وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين.. وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور.. إذ بدأ الشعب الصيني في إدمان الأفيون ..‏ وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الأفيون‏ ، وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور "يونغ تشينج" في عام 1829م بإصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات.. غير أن "شركة الهند الشرقية" البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلى الصين..
اهتمت بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر.. وفي عهد الإمبراطور الصيني "شيان لونج" توسيع العلاقات التجارية بين البلدين.. الا ان الإمبراطور أجاب : ان إمبراطورية الصين السماوية لديها ماتحتاجه من السلع .. وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة‏.‏ ‏ فلم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف‏ تصدير الا القليل جدا من سلعها إلى الصين .. وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدا بالفضة‏..‏ مما تسبب في استنزاف مواردهم منها .. لذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاتها ..وهي شركة الهند الشرقية البريطانية (East India Company) التي كانت تحتكر التجارة مع الصين.. إلى زرع الأفيون في المناطق الوسطى والشمالية من الهند‏ وتصديره للصين كوسيلة لدفع قيمة وارداتها للاخيرة.‏.لكن التهريب لم يكن يكفي نَهمَ بريطانيا والآخرين بسبب الحظر الصيني..!!ولذا قررت بريطانيا وكانت في أوج قوتها في ذلك الوقت..إعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة من جديد.. وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب ..فهداهم تفكيرهم إلى شعار جديد ‏ هو ( تطبيق مبدأ حرية التجارة )..!

الحرب الأولى: First Opium War

في ذلك الوقت كانت بريطانيا قد خرجت منتصرة علي منافسيها من الدول البحرية في حروب نابليون..وقامت الثورة الصناعية فيها‏ ..‏ وأصبحت الدولة الرأسمالية الأقوى في العالم فلجأت إلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية‏.. والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها لصناعاتها‏ .. وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم علي مبدأين هما (حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة)‏.‏ ‏أرسلت بريطانيا في عام‏1839‏م سفنها وجنودها إلى الصين لإجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة..
استمرت حرب الأفيون الأولى ثلاثة أعوام من عام‏1839‏ إلى عام‏1842‏..واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين..احتلال مدينة "دينج هاي" واقترب الأسطول البريطاني من البوابة البحرية "لبكين"‏.‏ دفع ذلك الإمبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" في أغسطس 1842.
أسهمت أمريكا في هذه الحرب بقوة رمزية‏ .. لارتباط مصالحها بها..‏ فشركاتها كانت تسهم في تجارة الأفيون مع الشركات البريطانية..‏ كما يهمها أيضا فتح أبواب الصين أمام تجارتها.. لذلك فبعد انتهاء الحرب طالبت الصين َ بالحصول علي نفس الامتيازات التي حصلت عليها بريطانيا.. وهددت باستخدام القوة.. ووافقت الصين علي ذلك.. وتم توقيع معاهدة "وانج شيا" في عام‏1844 ..‏ والتي تحصل أمريكا بمقتضاها علي شرط الدولة الأكثر رعاية.. والذي يتيح لها الحصول علي نفس المعاملة التجارية للصادرات التجارية البريطانية ..و شجع ذلك فرنسا علي طلب امتيازات مماثلة بالإضافة إلى حق التبشير الكاثوليكي .. وتبعتها بلجيكا والسويد والدنمارك.. ووافق الإمبراطور على أساس تطبيق مبدأ المعاملة المتساوية للجميع).
قلتُ : "هل انتبهتِ الى الواقع التاريخي آنذاك للبلدان الممثلة للرأسمالية في زمن ماركس (بريطانيا ، فرنسا ، وأمريكا "،ونستثني ألمانيا منها في حرب الأفيون ليس لمثلها الأخلاقية ولكن لظروفها الخاصة ،حروب وثورات فلاحية داخلية ووضع داخلي متأزم ،ولكن كيف إنتبهتِ لسلوك هذه الإمبراطوريات الحاكمة آنذاك" ..!؟
قالت : " أبي أكاد لااصدق ..لقد كانوا يتصرفون كقطاع طرق ولصوص تماما بلاادنى أخلاق..لـِمَ لايذكروا ذلك في التاريخ لنا" ..!؟
قلت :" لن يذكروا ذلك ..كيف يقولون ولعهد قريب لم ننته منه لغاية الآن... إنهم قطاع طرق ولصوص ،ذريعة التجارة الحرة هي ذاتها في حرب الأفيون ومازالوا يستخدمونها ضد البلدان الأضعف تحت ذات التسميات ،ولكن انتبهي إلى شرط الفرنسيين بإضافة امتياز خاص لهم بحق التبشير الكاثوليكي في بلد " بوذي" ..هل رأيتي كيف يستخدمون الدين أيضا؟؟!
قالت نعم هذا صحيح للغاية.. لم انتبه له، ثم أضافت فيما وجدته في مهمتها في البحث عن حقيقة ( الثلاث كلمات ) :

الحرب الثانية Second Opium War
(لم تحقق المعاهدة ماكانت تصبوا إليه بريطانيا والقوى الغربية.. فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون‏.. والحظر علي استيراد الأفيون لايزال ساريا‏.. كما ان البلاط الإمبراطوري يرفض التعامل مباشرة معهم‏.. لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة‏، وهذا ما رفضه الإمبراطور.. لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين .. واتخذوا ذريعة جديدة هذه المرة ..
فقد واتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية في ( جوانج شو) بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطاني..‏ واعتقال بحارتها..‏ وإنزال العلم..‏ ومقتل مبشر فرنسي ..‏ لشن حرب جديدة على الصين.. استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"‏.. والاتجاه نحو ميناء" تيان" القريب من بكين‏.. مما جعل الإمبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية ( تيان جين ) في عام‏1858‏ بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا‏ والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها :
1. فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها.
2. حرية الملاحة على نهر "اليانج تسي كيانج".
3. السماح بدخول المسيحية في أرجاء الصين.
نصت اتفاقية ( تيان جين ).. على التصديق عليها خلال عام من توقيعها.. وحين تأخرت الصين في التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول (تيان جين) في ربيع عام‏1860‏ ثم تقدمت نحو (بكين) ودخلوها في أكتوبر‏1860‏ وتوجهوا إلي القصر الصيفي للإمبراطور الذي يبعد بضعة أميال عن بكين وهذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوي علي آثار تاريخية وتحف وذهب لايقدر بثمن .. وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام.. وأضرموا فيه النار بعد ذلك .. اضطر الإمبراطور للرضوخ لمطالبهم ووقع اتفاقيات مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التي منحت امتيازات أكثر، أهمها فتح المزيد من الموانئ أمام تجارة هذه الدول وحق الإقامة لرعاياهم في بكين.. والتعامل المباشر مع البلاط الإمبراطوري .. وحرية تجول المبشرين في الصين‏.. والتنازل عن "كولون" وهي منطقة واقعة في الصين والأكثر قربا ... وارتفع عدد المدمنين في الصين من مليوني مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليوناً سنة 1878م.
ومن ثم قالت صغيرتي : بألم واسى : لقد وجدت ان (فيكتور هوجو) الأديب الفرنسي المشهور كتب عن تلك الحادثة قائلا ‏:‏( دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا ..أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق‏..‏ وأحد هذين المنتصرين مليء جيوبه والثاني مليء صناديقه ورجعوا إلي أوروبا يدهم في يد بعض ضاحكين‏..‏ ان الحكومات تتحول أحيانا إلي لصوص ولكن الشعوب لا تفعل ذلك‏..!).
قلتُ :وما وجدته إنا في بحثي معك ان ماركس كفيلسوف لم يكن كالفلاسفة الذين سبقوه مشغولا بالبحث عن جوابٍ على سؤال " لم خُلق الإنسان "؟! بل عمل على إيجاد جواب لسؤال آخر هو " كيف يعيش الإنسان "؟! "وهكذا كان ماركس شأن العالم يعايش حربي الأفيون وكانت الكلمة الأكثر استعمالا بسبب الحربين التي خاضها العالم الرأسمالي آنذاك، الذي وصفه ماركس بأنه بلا قلب أو روح ولامناص من أن يكن الدين هو الملاذ الأخير لمسحوقي ومضطهدي عالم بشع بلا أخلاق أو مثل أو رحمة ،عالم لصوص وقتله ..!!
وفي نهاية بحث ابنتي عن حقيقة " الكلمات الثلاث " صار لديها تقريرا كاملا قدمته إلى معلمها سابق الذكر..والذي منحها درجة كاملة نهاية العام الدراسي، وشكرها على إنها صححت له معلومة كان لديه فهم خاطئ لها ولواقعها ألتأريخي .
ضياء حميو
كاتب عراقي مقيم في الدنمارك
ابومعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 03:39 AM   #2
الكازمي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-07-14
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 8,420
افتراضي

كان يقصد دينه يابومعمر ومن اتبعوه شف كيف صارت بلدانهم؟؟
ذكرتني بعلي عانه ..عندما صادف إنه على طائره من دمشق متوجهه إلى عد ن عاصمة شعب الجنوب العربي المحتل اليوم
وقال لجورج حاوي امين عام الحزب الشوعي اللبناني اعتبرني عضو ا في حزبكم..مع القوم ياشقراء وعلي عانه لايقراء ولايكتب أمّي!!
الكازمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 03:41 AM   #3
مطارد الربحان
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-01-25
المشاركات: 362
افتراضي

لو علي عانة حي والله ما تمت وحدة لكن قتلة علي مرحباء وبعدها فقدنا الجمل بما حمل .
__________________
مطارد الربحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 03:47 AM   #4
الكازمي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-07-14
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 8,420
افتراضي

والله لوما علي عانه كان شعب الجنو ب العربي في سبع وثمان.
إنت تبالغ ,
ومن متى تكون البقر ه كابر؟
لوكنت جنوبي بالفعل فسّر لي هذا المثل!!
الكازمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 04:57 AM   #5
ابومعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-12-06
المشاركات: 508
افتراضي

يا كازمي يا اخي ورفيقي يجب ان تعلم ان من تسمية علي عانه
استطاع هو ورفاقة ومعهم علي ناصر تشييد نموذج معاصر لدولة
مدنية علمانية عظيمة بمقاييس العالم الثالث والدول النامية واستطاعوا
فصل الدين عن الدولة كمنهج اجتماعي وسياسي رائع وحققوا الكثير من
الايجابيات لبلد كان ممزق يعاني من الامية والثأر والفقر والتخلف رغم عظمة
بريطانيا وتقدمها الا انها عجزت عن القضاء على الفقر والتخلف والمرض والثأر
والامية وعجزت عن منح شعبنا مجانية التعليم والصحة والاسكان بل تعمدت ذلك
وكل انجازاتها كانت محصورة في عدن من اجل مصالحها ومصالح حلفائها وتركت
شعبنا في باقي المحافظات للمجهول والشاطر منهم من عمل عسكري لديها !!!
وجائت الاشتراكية واذابة الطبقات بين الناس والتمييز الاجتماعي وجعلت من ابن
الفلاح طبيب وابن العامل طيار وهكذا ... برغم خلافات الرفاق الشخصية لكن لاننكر
ان الفكر والدولة كانت هي الاساس وكانت ملك للجميع ومكتسابتها كانت من نصيب
الشعب المكافح وليس من نصيب طبقة بعينها ولم نسمع ان علي عنتر او غيره من الرفاق
كنزوا الذهب والفضة في بنوك سويسرا او امريكا ولم نراهم يتنافسون بتشييد القصور
لفخامتهم ولم نراهم يستفزون الشعب بمركباتهم الفاخرة كما يحصل اليوم عندما ترى صبي
صغير السن مجرد طرطور يقود افخم ماركات السيارات ولدية شقق بأسمه في احدى عواصم
الدول العربية ولدية رصيد في البنك لمجرد انه ابن وزير او ابن سفير او ابن وكيل وزارة او او او
وماقاله الاخ مطارد الربحان صحيح فلولا جماعة امبعاله يا اخي ماكان حصل للجنوب ماحصل
ورغم سناحة الفرصة لهم بالتكفير عن الذنب وقيادة هذا الشعب نحو الخلاص الا انهم ابوا الا ان
يكونوا مرشدين سياحيين للمحتلين نظير اجر قد يكون كبير في نظرهم ولكنه حقير في نظر الشرفاء
ومارسوا نفس العهر السياسي في 94

تحياتي الرفاقية يابطل
ابومعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 05:26 AM   #6
ابومعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-12-06
المشاركات: 508
افتراضي

اما من حيث العودة لصلب الموضوع والمقال الرائع فهو التشوية
المتعمد لتاريخ رجل مفكرعمل من اجل الانسانية وكل ذنبه انه رفض
استغلال الانسان لأخيه الانسان وكما مارست انظمة اوروبا الراسمالية
وحلفائها من رجال الكنيسة والمنتفعين حملة التشوية ضد الرجل وفكره
الذي يشكل خطر على مصالحهم وهيمنتهم انتلقت ايضا هذه الحملة للشرق
وفي عالمنا العربي والاسلامي وبنفس الاسلوب ونفس المنتفعين من انظمة
الاستبداد الرأسمالي وحلفائهم ايضا من رجال الدين ومنابرهم لتشوية الرجل
وخشيتهم من انتقال افكاره الانسانية للفقراء والمظلومين لتنفجر الثورة ضد
من سلبهم حقهم في العيش الكريم ... الجميل في فلسفة ماركس انه لم يكن مجرد
فيلسوف يبحث عن اجابه لماذا خلقنا وانما كان يبحث عن اجابة كيف ينبغي ان
نعيش وماهية العدالة الاجتماعية بشكل علمي قدمه في نقد الراسمالية في كتابه
رأس المال واستطاع كشف وخداع الراسماليين والاقطاعيين للملايين من العمال
والكادحين واحدى اعظم انجازاتة في الاقتصاد السياسي هي ( القيمة المضافة )
التي يتلاعب بها الراسماليون حيث يتم تحويل عمل العامل الى سلعة يتجارون بها
وله الفضل في 36 ساعة عمل في الاسبوع ويومين اجازة في الاسبوع بعد ان كان
العامل بدون نقابة تحمية!! ولولا نضال ماركس ورفاقة لما تمتعت البشرية بقليل من
الحقوق العمالية .. وما هو من المؤكد ان الكثير من الدول استفادت من افكار ماركس
وتبنت بضع افكاره علي شاكلة قوانين .. وعندما تبحث عن نقدهم لماركس لاتجد
موضوعية لحديثهم سوى التكفير واللعنات كما كانت تفعل الكنيسة تماما

التعديل الأخير تم بواسطة ابومعمر ; 2015-01-01 الساعة 05:28 AM
ابومعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 01:33 PM   #7
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

و أزيدك من الشعر بيت.....أقرأ هذا المقال المنشور في صحيفة سعودية لكاتب سعودي يكتب بصورة منتظمة لصحيفة الرياض السعودية و أنظر كيف أنصف المنهج الماركسي في فهم التاريخ :


واقعية التفسير المادي للتاريخ

الخميس 29 جمادى الاخرة 1434 هـ - 9 مايو 2013م - العدد 16390
محمد بن علي المحمود
مَرّت بي رياحُ الغفوة العاتية كما مرّت بمُجايليّ، ولكن الله سلّمَ؛ فنجوت منها بنفسي هارباً إلى نفسي، نجوت من جهالاتها العمياء، وغباواتها المستحكمة؛ ولمّا أكَد. وقد كان لتمدد قراءاتي - من قبلها وأثناءها - على مساحات واسعة تقع خارج مجال نفوذها الفكري/ الإيديولوجي الفضل كل الفضل في تجاوزي لتلك المرحلة الحرجة التي كدت أقع - بسببها كظرف تاريخي - في أتون الإيديولوجيا الغفوية التي لا تأتي على عقل إنسان سويّ إلا جعلته كالرميم.
طبعا، التقليدية الأثرية المتوهجة تزمتاً وعداء للآخر كانت أشد غباء وأكثر بلادة من أن تجتذبني إلى خطابها الذي يقع خارج مسار التاريخ بالكامل. وهي (= التقليدية الأثرية) تختلف - ولو قليلا - عن الغفوة التي لا ينكر أحدٌ أن بريقها الحركي ذا النفسي الأممي النضالي بريق خاطف يكاد يذهب بالأبصار، وبالبصائر تباعا. أي أن التقليدية لتفاهتها لم يكن فيها ما يمكن أن يمثل إغراء من أي نوع؛ إلا لمن أراد لأسباب عقلية ونفسية أن يُجاور سكان القبور، ويذهب بعيدا في أدغال الدهور، متعزيا عن إحباطات الواقع ولو بالانتحار اليائس على عتبات الجنون.
لم أنخدع بمقولة (الجيل الفريد) القطبية، ومبكرا نزعت غلالة القداسة عن جسد التاريخ المقدس. وبطبيعة الحال؛ لم يكن هذا الوعي المبكر تميزا ذاتيا ، أي لم يكن لتوفري على ما هو استثنائي، وإنما فقط لخروجي عبر الوسيط القرائي من الاستعباد الفكري الذي يفرضه الحصار الدعوي (لا المعرفي!) على منافذ الوعي آنذاك، إلى فضاءات قرائية أوسع وأجمل.
قبل أن أقرأ لمحمد قطب، وسيد قطب، وعماد الدين خليل، وعبدالرحمن رأفت الباشا، ومحمود شاكر، ومحب الدين الخطيب...إلخ وتلاميذهم المتواضعين محليا، كنت قد قرأت (وفي البداية لأسباب أدبية خالصة) ما كتبه العقاد، وطه حسين، وأحمد أمين، وهيكل، والزيات...إلخ، فضلا عن قراءة التاريخ في مصادره الأساسية (ومرة أخرى لأسباب أدبية)، فالطبري، وابن هشام، وابن الجوزي، والمبرد، والقالي، وابن قتيبة، وابن عبدربه، والأصفهاني، والثعالبي، وابن الخطيب...إلخ كانوا من غِوَاياتي القرائية قبل أن أعرف مدرسة تزييف التاريخ، تلك المدرسة التي كانت تكتب التاريخ بهَمٍّ إيديولوجي، بحيث تُنحر فيها قرابين الحقيقة العلمية على عتبات هذا الهمّ المشتعل أوهاماً وتهويمات لا تتغيا إلا تلبية احتياجات غرائز البدائيين.
في مصادر التاريخ الأولى، وعند كُتّاب ومفكري الاستنارة في زمن الإحياء العربي، وخاصة في النصف الأول من القرن العشرين، كان التاريخ تاريخا طبيعيا، أي أنه كان يسير وفق منطق يقترب جداً من التفسير المادي للتاريخ. هكذا قرأته، وهكذا تصورته من خلال التواتر العلمي سندا، والتواتر العقلي تطابقا أو تماثلا مع وقائع الراهن.
وبهذا رأيته تاريخا بشريا؛ بينما هو عند دراويش التقليدية ومغفلي الغفوة من رموز الحراك المتأسلم يبدو تاريخا متعاليا، تاريخا خارج قوانين التاريخ، بل وكثيرا ما يبدو تاريخا مُفارقا لقوانين العقل، ولقوانين المادة؛ كما لو أنه خطرات من الإعجاز التي تتجاوز الطبيعة، طبيعة الأرض وطبيعة الإنسان، وطبيعة العلاقة بين هذا وذاك.
نحن لا نقرأ التاريخ لنعيد إنتاج التاريخ ، بل نقرأ التاريخ من أجل فهم قوانين التاريخ الأزلية التي تتحكم في مسيرته سلبا وإيجابا.
قراءة التاريخ بصورة مغلوطة تُحيل إلى واقع مغلوط؛ لأن المتصور الذهني عن الواقع التاريخي، والذي سيقود حركة التاريخ إلى آفاق المستقبل سيكون مزيفاً، وسيمارس تزييف الواقع وتشويهه بقدر ما فيه من زيف وتشويه.
إن حركة التاريخ ليست حركة التصورات الذهنية عن التاريخ؛ حتى وإن أثّرت هذه التصورات في مجريات واقعنا الراهن. حركة التاريخ هي حركة وقائع التاريخ، كما حدثت فعلا، وبمحركاته الأولى، وصولا إلى الفعل الجدلي، بعد المرور بالنفي ونفي النفي. ولهذا، فالوجود المادي العيني للبشر في الطبيعة هو الذي يفرز قوانين العقل (ومن ثم قوانين الأخلاق) التي لا بد أن تتواءم وحاجيات هذا الإنسان المشروط بالطبيعة ضرورة؛ بحيث لا يمكنه الانعتاق منها بحال.
من هنا، لم تكن قراءة الفلسفة المادية للتاريخ خاطئة تماما،لا على مستوى الفرد ولا على مستوى الجماعة. ولعل نقطة ضعفها كقراءة موضوعية (وضعانية) أنها كانت تمارس نفي البعد المفارق للإنسان، أي أن نقطة الضعف فيها لم تكن في ماديتها التي هي محور تميزها، وإنما في أحادية البعد المادي، أي في بُعدها المادي الخالص. ولو أنها انفتحت على الآفاق الأخرى بما لا ينقض الأصل المادي ؛ لربما كانت أقرب القراءات إلى تحقيق رؤية مقاربة للإنسان الواقعي، أو الإنسان في التاريخ.
عندما يؤكد ماركس أن فهم التاريخ مرتبط بضرورة معاينة البشر كجزء من العالم المادي؛ فهو يضع الأساس العلمي لقراءة التاريخ. وطبعا، ليس الخطأ في هذا الأساس، وإنما في ما يُبنى على هذا الأساس تهميشا وتوحيدا: تهميش الأبعاد الأخرى، وتوحيد البعد المادي للإنسان.
فإذا كانت الطبيعة مادة/ مادية تتأبى على كل صور الاختراق/ المعجزات فإن الإنسان ليس كذلك، أو هو على نحو أدق ليس كذلك تماما؛ إلا إذا اعتبرنا مفارقته (مفارقة الوعي) جزءاً من طبيعة وجوده المادي. وهنا يصبح الإنسان المتجاوز للطبيعة أحدَ تجليات الظاهرة الطبيعية؛ حتى وهو يحمل في الوقت نفسه بذور وجوده المفارق/ اللاطبيعي(= المتجاوز للطبيعة) بداخله. وهنا تحضر الجدلية بأرقى صورها، وذلك عندما تكون، تفاعلا بين إنسان فرد « واعٍ « من جهة، وبين الطبيعة من جهة أخرى، متجاوزة الجدل الاجتماعي وصراع الإرادات المهيمنة التي قد تبدو ظاهرة في صراع الطبقات الذي يتكئ عليه الماركسيون؛ مع تأكيد ماركس أن المادية ليست هي المادية (المكيانيكية) أو (البدائية)؛ لأن الإنسان رغم حيوانيته كائن متمايز في التاريخ.
إن معظم المفكرين العرب الذين قرأوا التاريخ بمنهج علمي موضوعي، إنما فعلوا ذلك تأثرا بالمادية التاريخية. ليس شرطا أن يتأثروا بها مباشرة من خلال إحدى مدارسها الشهيرة، وإنما يكفي أن تتسرب إليهم مفاهيمها وتصوراتها من خلال تحولاتها وتنقلاتها بين حقول المعرفة، حتى ولو تم ذلك عبر وسائط التيارات المضادة لها.
واليوم أفضل ما يُكتب عن التاريخ إنما يتم بأقلام يساريين سابقين. في عالمنا العربي الغارق في الأوهام والخرافات والخوارق وتصورات الإعجاز لا يتوفر المفكر على مستوى معقول من العلمية إلا بعد أن يوغل في المادية التاريخية لعقدين أو ثلاثة عقود.
فمثلا، لولا البدايات الماركسية لعبدالوهاب المسيري لما استطاع تفسير الحالة اليهودية/ الصهيونية على هذا النحو العلمي الذي يربط مسيرة اليهود بحركة التاريخ المادي، إلى درجة أقلق بها حتى أقرب التيارات الإيديولوجية إلى عالمه النضالي. ولا شك أن المسيري هو النموذج الأمثل للمادية التي لم تقف عند حدود الأساس المادي معتقدة الكفاية فيه، بل استحضرته كقاعدة تفسيرية تنتظم بقية الأبعاد الأخرى؛ دون أن تمارس عليها نفيا أو تهميشا، أي دون أن تفعل ما تفعله ماركسية المتأدلجين بالماركسية، أقصد أولئك المتدينين بها، الذين يرونها بداية كل الأشياء ونهاية كل الأشياء.
إن الرؤية المادية ليست بدعة، وستكون أفضل لو كانت كذلك. لكن، يبقىأن للرؤية المادية جذورها الواضحة منذ القدم ، وفي كل الحضارات تقريبا، وظهورها في المعرفة اليونانية، وخاصة في سياق النسق الفلسفي، كان تحولا نوعيا في التاريخ، إذ بقيت جذوته تتوقد قرونا إلى أن استحالت نارا يتصاعد أوارها منذ القرن الخامس عشر ولا تزال.
منذ منتصف القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين توالى زخم الرؤى المادية، إلى درجة أن تبلورت هذه الرؤى في تيارات ومذاهب أثرت في العصر كله، وطبعته إلى حد كبير بطابعها.
لا يمكن إنكار أثر أوجست كونت وسان سيمون وماركس وإن بدرجات متفاوتة على ما كتبه كل المفكرين في القرن العشرين. ولا يشك أحد أن التصورات الخرافية أو تلك المغرقة في تهويماتها المتعالية تضاءل حضورها بفضل الحضور المتنامي للرؤى العلمية المتقاطعة مع المادية التاريخية، ولو على سبيل التضاد في بعض الأحيان.
إذن، كان لهذه الرؤى المادية تأثيراتها الإيجابية علينا. فبشيوع هذه الروح العلمية؛ لا يمكن أن تقرأ (الجيل الفريد) كما يريد لك محمد قطب أن تقرأه (انظر كتابه : كيف نكتب التاريخ؟). إنك بعد أن تتجاوز القراءات العقائدية المسبقة إلى مجال القراءات الموضوعية لا يمكن أن تدخل العالم الأسطوري الذي يضعه لك عبدالرحمن رأفت الباشا؛ إلا وأنت تعي مستوى الأسطرة التي تتوسل بالتزييف والتدليس.
قارن ما كتبه العقاد وطه حسين وأحمد أمين بما كتبه الباشا وبما يكتبه طلاب الدراسات التاريخية في جامعاتنا العتيدة! ؛ ترَ الفرق هائلاً بين قراءة تتوسل (حتى وإن لم تظفر بالحد الأدنى المطلوب) المنهج العلمي الموضوعي، وقراءة غيبية، ما قبلية، تتنكر لحقائق التاريخ، وتجبرها على أن تنطق بالمعنى المضاد؛ رغم وضوحها وتواترها إلى ما يشبه الإجماع التاريخي.
من حق الجيل الصاعد ألا يثق بكثير مما يطرحه عليه تجار الوعظ الذين يمارسون الوعظ من خلال التاريخ؛ لأن استخدام التاريخ كوثائق للوعظ والتجييش يتنافى مع الرؤية العلمية.
الرؤية العلمية لا تستنكف أن تعرّي الوقائع والأشخاص، وتطرحهم ككائنات إنسانية « طبيعية» مجردين من أوهام القداسة ومن ملابسات التوثين؛ بينما يسقط الوعظ من أساسه عندما يتخلى عن أسطرة التاريخ.
إن الجيل الصاعد سيقرأ الفتنة وأحداثها السابقة واللاحقة، والنتائج المترتبة عليها من خلال ما كتبه طه حسين، والعقاد، وأحمد أمين، ومحمود إسماعيل، وهشام جعيط، والعروي، والجابري..إلخ، وليس من خلال رسالة (علمية)! يتقدم بها طالب تم ترويضه وتطويعه على البلادة والاستنفاع؛ لنيل درجة أكاديمية، واضعا في اعتباره أن أي خروج على الخط الإيديولوجي القائم على التقديس، والمتعالي على مادية التاريخ، مادية أناسه وأحداثه؛ سيحبط عمله في نظر سدنة الوهم الذين يمسكون مصيره من الألف إلى الياء!.
إن الإنسان في القديم هو الإنسان في الحديث. الإنسان هو الإنسان في كل العصور. لا اختلاف في النوع، ولا في الدرجة إلا على مستوى الأفراد، لا الجماعات. وحتى هذا الاختلاف الطفيف ليس لزمن على زمن، فربما فاق المتأخرُ المتقدمَ في هذا الأمر أو ذاك. فالإنسان في النهاية هو ابن احتياجاته المادية والمعنوية. والمعنوية هنا لا تنفصل عن المادية بحال، بل هي انعكاس لها، واحتيال واعٍ وغير واعٍ من أجل إشباعها. وكل لأنظمة والقوانين ومواضعات الأخلاق، وحتى القيم المعنوية والرمزية لم توضع إلا على ضوء هذا الشرط المادي للإنسان.
لهذا، من الطبيعي أن نرى الأحداث/ التاريخ وفق تطلعاتنا واحتياجاتنا الراهنة. حتى ونحن نتوسل العلمية والموضوعية بأقصى درجات الإخلاص (أو ما نتوهمه كذلك) تتحكم بنا هذه التطلعات والاحتياجات من غير أن نعي آثارها علينا، وعلى ما نتصوره كحقائق في الراهن المتعين أمامنا أو في التاريخ. ومن هنا، لا بد ونحن نقرأ التاريخ أن نمارس قراءتنا للتاريخ بشكل متوازٍ مع فعل القراءة الأول؛ حتى لا نقع غارقين في بحيرة أوهامنا؛ متوهمين أننا بلغنا بالحقيقة عنان السماء، بينما نحن في بحر لجيّ من ظلمات ثلاث، إذا أخرج الإنسان فيها صحيفة وعيه لم يكد يراها!..


التعديل الأخير تم بواسطة طبيب العقول ; 2015-01-01 الساعة 01:39 PM
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-01-01, 05:47 PM   #8
ابومعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-12-06
المشاركات: 508
افتراضي

نحن لا نقرأ التاريخ لنعيد إنتاج التاريخ ، بل نقرأ التاريخ من أجل فهم قوانين التاريخ الأزلية التي تتحكم في مسيرته سلبا وإيجابا.
قراءة التاريخ بصورة مغلوطة تُحيل إلى واقع مغلوط؛ لأن المتصور الذهني عن الواقع التاريخي، والذي سيقود حركة التاريخ إلى آفاق المستقبل سيكون مزيفاً، وسيمارس تزييف الواقع وتشويهه بقدر ما فيه من زيف وتشويه.
إن حركة التاريخ ليست حركة التصورات الذهنية عن التاريخ؛ حتى وإن أثّرت هذه التصورات في مجريات واقعنا الراهن. حركة التاريخ هي حركة وقائع التاريخ، كما حدثت فعلا، وبمحركاته الأولى، وصولا إلى الفعل الجدلي، بعد المرور بالنفي ونفي النفي. ولهذا، فالوجود المادي العيني للبشر في الطبيعة هو الذي يفرز قوانين العقل (ومن ثم قوانين الأخلاق) التي لا بد أن تتواءم وحاجيات هذا الإنسان المشروط بالطبيعة ضرورة؛ بحيث لا يمكنه الانعتاق منها بحال.
من هنا، لم تكن قراءة الفلسفة المادية للتاريخ خاطئة تماما،لا على مستوى الفرد ولا على مستوى الجماعة. ولعل نقطة ضعفها كقراءة موضوعية (وضعانية) أنها كانت تمارس نفي البعد المفارق للإنسان، أي أن نقطة الضعف فيها لم تكن في ماديتها التي هي محور تميزها، وإنما في أحادية البعد المادي، أي في بُعدها المادي الخالص. ولو أنها انفتحت على الآفاق الأخرى بما لا ينقض الأصل المادي ؛ لربما كانت أقرب القراءات إلى تحقيق رؤية مقاربة للإنسان الواقعي، أو الإنسان في التاريخ.
عندما يؤكد ماركس أن فهم التاريخ مرتبط بضرورة معاينة البشر كجزء من العالم المادي؛ فهو يضع الأساس العلمي
لقراءة التاريخ.





إن الإنسان في القديم هو الإنسان في الحديث. الإنسان هو الإنسان في كل العصور. لا اختلاف في النوع، ولا في الدرجة إلا على مستوى الأفراد، لا الجماعات. وحتى هذا الاختلاف الطفيف ليس لزمن على زمن، فربما فاق المتأخرُ المتقدمَ في هذا الأمر أو ذاك. فالإنسان في النهاية هو ابن احتياجاته المادية والمعنوية



كلام رائع واشكرك على هذه الزيادة يا رفيق طبيب العقول
ابومعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-06-20, 11:29 PM   #9
ابومعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-12-06
المشاركات: 508
افتراضي

[QUOTE=ابومعمر;1208034]ماكنت أظن ان يبدأ يومي ذلك اليوم على صراخ ابنتي الكبرى ذات الخمسة عشر ربيعا حينها ،وقد عادت لتوها من المدرسة على سؤال :
- أبي..!هل حقا ان " كارل ماركس " قال:" ان الدين أفيون الشعوب "!!؟.
- أصبحنا وأصبح الملك لله ..!من قال هذا ومااهميته بالنسبة لكِ؟!
- معلم مادة المجتمع واللغة الدنماركية..وما اغاضني انه قالها بصيغة ضاحكة ليدلل على غباء " ماركس"!!.
كنت أظن قبل هذا الموقف ان استخدام كلمات "ماركس" بهذا الشكل كانت محصورة في الإعلام بحديه السلطوي والديني في العالم الإسلامي ضمن حربه ضد الأفكار الماركسية ،وكان استخدامه ذكيا نجح نجاحا كبيرا في تحويل الأنظار والفهم عن جوهر فكر وفعل ماركس من صراع طبقي ضد الاستغلال الرأسمالي للطبقات الفقيرة وانتهاك حقوقها إلى ضد الدين وحسب ،على الرغم من ان الرجل لم يؤلف كتابا واحدا في نقد الدين بشكل خاص..!
وها أنا اكتشف ان هذه الحرب الإعلامية ليست سلطوية دينية في العالم الإسلامي وحسب بل في كل العالم الغربي أبان الحرب الباردة ،وكذلك في أمريكا وأفريقيا وآسيا ومازالت " اسطوانة مشروخة "تُستخدم من ذات الماكنة الإعلامية الرأسمالية العملاقة..!لتحويل الأنظار عن قبحها وسوءتها.
المضحك والمحزن بآن معا ان هذه الكلمات الثلاث " أنتزعت بمنتهى الخبث والذكاء من جملة سبقتها ، من دونها تكون كقولنا " لاتقربوا الصلاة"..!
النص الأصلي الذي أورده هنا كان من ضمن مساعدتي لابنتي في ان تدرك الحقيقة من خلال جهدها في البحث عنها بنفسها، ورد النص في اللغة الانكليزية وكالآتي : (Religion is the sigh of the oppressed creature, the heart of a heartless world, and the soul of soulless conditions. It is the opium of the people) Marx, K. 1976. Introduction to A Contribution to the Critique of Hegel’s Philosophy of Right. Collected Works, v. 3. New York.

( الدين هو تنهيدة المضطهد ، هو قلب عالمٍ لاقلب له ،مثلما هو روح وضع " شروط " بلا روح ،إنه أفيون الشعب ) ماركس "نحو نقد فلسفة الحق الهيجلية" 1844 "
كلمة the sigh of تُرجمت بأكثر من كلمة ولم يختلف المراد ( تنهيدة ، آهة ، زفرة ) المقصود هو إنها آخر ماتبقى للإنسان المضطـَهد ...وأين..؟! في قلب العالم الرأسمالي وفي زمن " ماركس " كان هذا القلب هو " بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، أمريكا"وبشكل ما روسيا،ويسخر " ماركس منه بأسى بوصفه لهذا العالم بإنه بلا قلب أي بلا رحمة أو شفقة ،وهذا الدين هو روح هذا العالم البشع الذي بلا روح ..!!
لا أظن ان أي شخص وخصوصا المؤمن ممكن ان يجد وصفا منصفا للدين أكثر من وصف ماركس..!!

أما الكلمة الأخيرة في النص فقد تم تغييرها من صيغة المفرد إلى الجمع لتكون عامة وشاملة لكل شعوب العالم، فصارت " الدين أفيون الشعوب " بدلا من النص الأصلي "إنه أفيون الشعب "لأنهم لو أوردوها كما وردت في النص لانفضحوا ولما تم لهم استخدامها بفائدة حققها لهم مسخ النص وتحويره..!!.ولسنين زادت عن المائة وخمسين عاما ومازالت..!!
وقبل الخوض في الجملة الأخيرة" الدين أفيون الشعب "، ولم وكيف استخدمها "ماركس" أعود لابنتي في بحثها عن الحقيقة...وبحثها هو من سيجيب على هذا السؤال..!.
كنتُ اعلم انها وفي خضم حبها للقراءة كانت قرأت أشياء عن ماركس ،ونظريته..وصارت تبدي إعجابها بأطروحاته،ولكنني ومناكدة مني لها قلت :" وما المشكلة في ان يكون "ماركس" غبيا ..هل هو من بقية اهلك؟!...قالت :"لا لا أريد الحقيقة..من غير الممكن " ان يقول "ماركس" هذا القول وبهذه الطريقة الساخرة والغبية التي صورها المعلم"..!
قلت : حسنا ..قد أقول لك رأيي ويكون مخالفا لمعلمك ولكنه في النهاية رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ ، والأفضل ان تكون هذه الجملة بكلماتها الثلاث (الدين أفيون الشعوب ) تجربة لك للبحث بنفسك عن حقيقة تدركينها بجهدك وحينها تستطيعين الدفاع عن قناعاتك. والبداية ستكون في بحثك عن متى عاش "ماركس " ومتى قال هذا وفي أي مكان وماهي الظروف التاريخية المحيطه به وبهذا القول ،وسأقوم بمساعدتك في البحث"..!.

وهكذا قسمنا العمل بيننا هي ستأخذ كلمة ( الأفيون ) وكل مايتعلق بها...!وانا أراجع النص الذي ورد فيه القول كاملا ومارافقه..!
وفي النهاية صار لديها تقرير كامل عن ماهية القول قدمته كمادة بحث في دراستها وكالآتي:

بعد اسبوع عادت بالمعلومات التالية الأفيون :هو مادة مخدرة، تستخرج من نبات الخشخاش، وتستخدم لصناعة الهيروين يطلق عليه الخشخاش أو أبو النوم. عصيره به مادة الأفيون التي تسبب الإدمان. وأجود أنواعه اليوغسلافي لأن به نسبة عالية من المورفين المسكن للآلام. ويستخرج الأفيون من كبسولة النبات عن طريق تشريطها في الصباح الباكر, وهي على النبتة لتخرج منها مادة لبنية لزجة تتجمد وتغمق في اللون. ويحتوي علي مواد قلويداتية كالمورفين والكوديين والناركوتين (نوسكوبين) والبابافارين. ومن المورفين يحضر الهيروين.
ويستخدم الأفيون في التخدير وكمسكن قوي للآلام ولاسيما في العمليات الجراحية والسرطانات ولوقف الإسهال. ومادة الكودايين بها يُوقف السعال. والأفيون يسبب الهلوسة والإدمان.

قلت: معلومات ممتازة ولكن ماذا استنتجتِ منها وبشكل مبسط .!؟
قالت :" الأفيون " جيد للاستخدام الطبي وسيء في غيره.
قلت: "عليك ان تبحثي عن ( طبيعة الأفيون ) في العصر الذي أطلق به "ماركس" مقولته ولا تنسي انه ولد عام 1818 وتوفي عام 1883..!".

وهذا ماكان منها وكان احد مصادرها " موسوعة ويكيبيديا " باللغة لانكليزية ..وجدتْ انه في ذلك العصر كان من اكثر الأشياء استخداما في عمليات التخدير الطبي وتقليل الآلام كمسكن...ولكن مفاجئتها لي التي لم أكن اعرف تفاصيلها هي ان هنالك حربان خاضتها كل من بريطانيا وفرنسا بشكل مباشر وأيضا أمريكا وروسيا ولكن بشكل غير مباشر ضد الصين لإجبارها على فتح أسواقها لاستيراد الأفيون من هذه البلدان وحينها كان تجارة رابحة للبلدان البادئة بالحرب ،وكان الصراع في هذا المجال يمتد إلى سنوات سابقة للقرن المنصرم قبل بداية حرب الأفيون الأولى 1839 – 1842 وأكملت ....
(تم تصدير أول شحنة كبيرة من الأفيون إلي الصين في عام‏1781..وقد لاقت تجارة الأفيون رواجا كبيرا في الصين.. ‏ وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين.. وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور.. إذ بدأ الشعب الصيني في إدمان الأفيون ..‏ وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الأفيون‏ ، وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور "يونغ تشينج" في عام 1829م بإصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات.. غير أن "شركة الهند الشرقية" البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلى الصين..
اهتمت بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر.. وفي عهد الإمبراطور الصيني "شيان لونج" توسيع العلاقات التجارية بين البلدين.. الا ان الإمبراطور أجاب : ان إمبراطورية الصين السماوية لديها ماتحتاجه من السلع .. وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة‏.‏ ‏ فلم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف‏ تصدير الا القليل جدا من سلعها إلى الصين .. وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدا بالفضة‏..‏ مما تسبب في استنزاف مواردهم منها .. لذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاتها ..وهي شركة الهند الشرقية البريطانية (East India Company) التي كانت تحتكر التجارة مع الصين.. إلى زرع الأفيون في المناطق الوسطى والشمالية من الهند‏ وتصديره للصين كوسيلة لدفع قيمة وارداتها للاخيرة.‏.لكن التهريب لم يكن يكفي نَهمَ بريطانيا والآخرين بسبب الحظر الصيني..!!ولذا قررت بريطانيا وكانت في أوج قوتها في ذلك الوقت..إعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة من جديد.. وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب ..فهداهم تفكيرهم إلى شعار جديد ‏ هو ( تطبيق مبدأ حرية التجارة )..!

الحرب الأولى: First Opium War

في ذلك الوقت كانت بريطانيا قد خرجت منتصرة علي منافسيها من الدول البحرية في حروب نابليون..وقامت الثورة الصناعية فيها‏ ..‏ وأصبحت الدولة الرأسمالية الأقوى في العالم فلجأت إلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية‏.. والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها لصناعاتها‏ .. وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم علي مبدأين هما (حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة)‏.‏ ‏أرسلت بريطانيا في عام‏1839‏م سفنها وجنودها إلى الصين لإجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة..
استمرت حرب الأفيون الأولى ثلاثة أعوام من عام‏1839‏ إلى عام‏1842‏..واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين..احتلال مدينة "دينج هاي" واقترب الأسطول البريطاني من البوابة البحرية "لبكين"‏.‏ دفع ذلك الإمبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" في أغسطس 1842.
أسهمت أمريكا في هذه الحرب بقوة رمزية‏ .. لارتباط مصالحها بها..‏ فشركاتها كانت تسهم في تجارة الأفيون مع الشركات البريطانية..‏ كما يهمها أيضا فتح أبواب الصين أمام تجارتها.. لذلك فبعد انتهاء الحرب طالبت الصين َ بالحصول علي نفس الامتيازات التي حصلت عليها بريطانيا.. وهددت باستخدام القوة.. ووافقت الصين علي ذلك.. وتم توقيع معاهدة "وانج شيا" في عام‏1844 ..‏ والتي تحصل أمريكا بمقتضاها علي شرط الدولة الأكثر رعاية.. والذي يتيح لها الحصول علي نفس المعاملة التجارية للصادرات التجارية البريطانية ..و شجع ذلك فرنسا علي طلب امتيازات مماثلة بالإضافة إلى حق التبشير الكاثوليكي .. وتبعتها بلجيكا والسويد والدنمارك.. ووافق الإمبراطور على أساس تطبيق مبدأ المعاملة المتساوية للجميع).
قلتُ : "هل انتبهتِ الى الواقع التاريخي آنذاك للبلدان الممثلة للرأسمالية في زمن ماركس (بريطانيا ، فرنسا ، وأمريكا "،ونستثني ألمانيا منها في حرب الأفيون ليس لمثلها الأخلاقية ولكن لظروفها الخاصة ،حروب وثورات فلاحية داخلية ووضع داخلي متأزم ،ولكن كيف إنتبهتِ لسلوك هذه الإمبراطوريات الحاكمة آنذاك" ..!؟
قالت : " أبي أكاد لااصدق ..لقد كانوا يتصرفون كقطاع طرق ولصوص تماما بلاادنى أخلاق..لـِمَ لايذكروا ذلك في التاريخ لنا" ..!؟
قلت :" لن يذكروا ذلك ..كيف يقولون ولعهد قريب لم ننته منه لغاية الآن... إنهم قطاع طرق ولصوص ،ذريعة التجارة الحرة هي ذاتها في حرب الأفيون ومازالوا يستخدمونها ضد البلدان الأضعف تحت ذات التسميات ،ولكن انتبهي إلى شرط الفرنسيين بإضافة امتياز خاص لهم بحق التبشير الكاثوليكي في بلد " بوذي" ..هل رأيتي كيف يستخدمون الدين أيضا؟؟!
قالت نعم هذا صحيح للغاية.. لم انتبه له، ثم أضافت فيما وجدته في مهمتها في البحث عن حقيقة ( الثلاث كلمات ) :

الحرب الثانية Second Opium War
(لم تحقق المعاهدة ماكانت تصبوا إليه بريطانيا والقوى الغربية.. فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون‏.. والحظر علي استيراد الأفيون لايزال ساريا‏.. كما ان البلاط الإمبراطوري يرفض التعامل مباشرة معهم‏.. لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة‏، وهذا ما رفضه الإمبراطور.. لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين .. واتخذوا ذريعة جديدة هذه المرة ..
فقد واتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية في ( جوانج شو) بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطاني..‏ واعتقال بحارتها..‏ وإنزال العلم..‏ ومقتل مبشر فرنسي ..‏ لشن حرب جديدة على الصين.. استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"‏.. والاتجاه نحو ميناء" تيان" القريب من بكين‏.. مما جعل الإمبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية ( تيان جين ) في عام‏1858‏ بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا‏ والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها :
1. فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها.
2. حرية الملاحة على نهر "اليانج تسي كيانج".
3. السماح بدخول المسيحية في أرجاء الصين.
نصت اتفاقية ( تيان جين ).. على التصديق عليها خلال عام من توقيعها.. وحين تأخرت الصين في التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول (تيان جين) في ربيع عام‏1860‏ ثم تقدمت نحو (بكين) ودخلوها في أكتوبر‏1860‏ وتوجهوا إلي القصر الصيفي للإمبراطور الذي يبعد بضعة أميال عن بكين وهذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوي علي آثار تاريخية وتحف وذهب لايقدر بثمن .. وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام.. وأضرموا فيه النار بعد ذلك .. اضطر الإمبراطور للرضوخ لمطالبهم ووقع اتفاقيات مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التي منحت امتيازات أكثر، أهمها فتح المزيد من الموانئ أمام تجارة هذه الدول وحق الإقامة لرعاياهم في بكين.. والتعامل المباشر مع البلاط الإمبراطوري .. وحرية تجول المبشرين في الصين‏.. والتنازل عن "كولون" وهي منطقة واقعة في الصين والأكثر قربا ... وارتفع عدد المدمنين في الصين من مليوني مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليوناً سنة 1878م.
ومن ثم قالت صغيرتي : بألم واسى : لقد وجدت ان (فيكتور هوجو) الأديب الفرنسي المشهور كتب عن تلك الحادثة قائلا ‏:‏( دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا ..أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق‏..‏ وأحد هذين المنتصرين مليء جيوبه والثاني مليء صناديقه ورجعوا إلي أوروبا يدهم في يد بعض ضاحكين‏..‏ ان الحكومات تتحول أحيانا إلي لصوص ولكن الشعوب لا تفعل ذلك‏..!).
قلتُ :وما وجدته إنا في بحثي معك ان ماركس كفيلسوف لم يكن كالفلاسفة الذين سبقوه مشغولا بالبحث عن جوابٍ على سؤال " لم خُلق الإنسان "؟! بل عمل على إيجاد جواب لسؤال آخر هو " كيف يعيش الإنسان "؟! "وهكذا كان ماركس شأن العالم يعايش حربي الأفيون وكانت الكلمة الأكثر استعمالا بسبب الحربين التي خاضها العالم الرأسمالي آنذاك، الذي وصفه ماركس بأنه بلا قلب أو روح ولامناص من أن يكن الدين هو الملاذ الأخير لمسحوقي ومضطهدي عالم بشع بلا أخلاق أو مثل أو رحمة ،عالم لصوص وقتله ..!!
وفي نهاية بحث ابنتي عن حقيقة " الكلمات الثلاث " صار لديها تقريرا كاملا قدمته إلى معلمها سابق الذكر..والذي منحها درجة كاملة نهاية العام الدراسي، وشكرها على إنها صححت له معلومة كان لديه فهم خاطئ لها ولواقعها ألتأريخي .
ابومعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2015-06-20, 11:37 PM   #10
ابومعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2014-12-06
المشاركات: 508
افتراضي

[QUOTE=ابومعمر;1208034]ماكنت أظن ان يبدأ يومي ذلك اليوم على صراخ ابنتي الكبرى ذات الخمسة عشر ربيعا حينها ،وقد عادت لتوها من المدرسة على سؤال :
- أبي..!هل حقا ان " كارل ماركس " قال:" ان الدين أفيون الشعوب "!!؟.
- أصبحنا وأصبح الملك لله ..!من قال هذا ومااهميته بالنسبة لكِ؟!
- معلم مادة المجتمع واللغة الدنماركية..وما اغاضني انه قالها بصيغة ضاحكة ليدلل على غباء " ماركس"!!.
كنت أظن قبل هذا الموقف ان استخدام كلمات "ماركس" بهذا الشكل كانت محصورة في الإعلام بحديه السلطوي والديني في العالم الإسلامي ضمن حربه ضد الأفكار الماركسية ،وكان استخدامه ذكيا نجح نجاحا كبيرا في تحويل الأنظار والفهم عن جوهر فكر وفعل ماركس من صراع طبقي ضد الاستغلال الرأسمالي للطبقات الفقيرة وانتهاك حقوقها إلى ضد الدين وحسب ،على الرغم من ان الرجل لم يؤلف كتابا واحدا في نقد الدين بشكل خاص..!
وها أنا اكتشف ان هذه الحرب الإعلامية ليست سلطوية دينية في العالم الإسلامي وحسب بل في كل العالم الغربي أبان الحرب الباردة ،وكذلك في أمريكا وأفريقيا وآسيا ومازالت " اسطوانة مشروخة "تُستخدم من ذات الماكنة الإعلامية الرأسمالية العملاقة..!لتحويل الأنظار عن قبحها وسوءتها.
المضحك والمحزن بآن معا ان هذه الكلمات الثلاث " أنتزعت بمنتهى الخبث والذكاء من جملة سبقتها ، من دونها تكون كقولنا " لاتقربوا الصلاة"..!
النص الأصلي الذي أورده هنا كان من ضمن مساعدتي لابنتي في ان تدرك الحقيقة من خلال جهدها في البحث عنها بنفسها، ورد النص في اللغة الانكليزية وكالآتي : (Religion is the sigh of the oppressed creature, the heart of a heartless world, and the soul of soulless conditions. It is the opium of the people) Marx, K. 1976. Introduction to A Contribution to the Critique of Hegel’s Philosophy of Right. Collected Works, v. 3. New York.

( الدين هو تنهيدة المضطهد ، هو قلب عالمٍ لاقلب له ،مثلما هو روح وضع " شروط " بلا روح ،إنه أفيون الشعب ) ماركس "نحو نقد فلسفة الحق الهيجلية" 1844 "
كلمة the sigh of تُرجمت بأكثر من كلمة ولم يختلف المراد ( تنهيدة ، آهة ، زفرة ) المقصود هو إنها آخر ماتبقى للإنسان المضطـَهد ...وأين..؟! في قلب العالم الرأسمالي وفي زمن " ماركس " كان هذا القلب هو " بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، أمريكا"وبشكل ما روسيا،ويسخر " ماركس منه بأسى بوصفه لهذا العالم بإنه بلا قلب أي بلا رحمة أو شفقة ،وهذا الدين هو روح هذا العالم البشع الذي بلا روح ..!!
لا أظن ان أي شخص وخصوصا المؤمن ممكن ان يجد وصفا منصفا للدين أكثر من وصف ماركس..!!

أما الكلمة الأخيرة في النص فقد تم تغييرها من صيغة المفرد إلى الجمع لتكون عامة وشاملة لكل شعوب العالم، فصارت " الدين أفيون الشعوب " بدلا من النص الأصلي "إنه أفيون الشعب "لأنهم لو أوردوها كما وردت في النص لانفضحوا ولما تم لهم استخدامها بفائدة حققها لهم مسخ النص وتحويره..!!.ولسنين زادت عن المائة وخمسين عاما ومازالت..!!
وقبل الخوض في الجملة الأخيرة" الدين أفيون الشعب "، ولم وكيف استخدمها "ماركس" أعود لابنتي في بحثها عن الحقيقة...وبحثها هو من سيجيب على هذا السؤال..!.
كنتُ اعلم انها وفي خضم حبها للقراءة كانت قرأت أشياء عن ماركس ،ونظريته..وصارت تبدي إعجابها بأطروحاته،ولكنني ومناكدة مني لها قلت :" وما المشكلة في ان يكون "ماركس" غبيا ..هل هو من بقية اهلك؟!...قالت :"لا لا أريد الحقيقة..من غير الممكن " ان يقول "ماركس" هذا القول وبهذه الطريقة الساخرة والغبية التي صورها المعلم"..!
قلت : حسنا ..قد أقول لك رأيي ويكون مخالفا لمعلمك ولكنه في النهاية رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ ، والأفضل ان تكون هذه الجملة بكلماتها الثلاث (الدين أفيون الشعوب ) تجربة لك للبحث بنفسك عن حقيقة تدركينها بجهدك وحينها تستطيعين الدفاع عن قناعاتك. والبداية ستكون في بحثك عن متى عاش "ماركس " ومتى قال هذا وفي أي مكان وماهي الظروف التاريخية المحيطه به وبهذا القول ،وسأقوم بمساعدتك في البحث"..!.

وهكذا قسمنا العمل بيننا هي ستأخذ كلمة ( الأفيون ) وكل مايتعلق بها...!وانا أراجع النص الذي ورد فيه القول كاملا ومارافقه..!
وفي النهاية صار لديها تقرير كامل عن ماهية القول قدمته كمادة بحث في دراستها وكالآتي:

بعد اسبوع عادت بالمعلومات التالية الأفيون :هو مادة مخدرة، تستخرج من نبات الخشخاش، وتستخدم لصناعة الهيروين يطلق عليه الخشخاش أو أبو النوم. عصيره به مادة الأفيون التي تسبب الإدمان. وأجود أنواعه اليوغسلافي لأن به نسبة عالية من المورفين المسكن للآلام. ويستخرج الأفيون من كبسولة النبات عن طريق تشريطها في الصباح الباكر, وهي على النبتة لتخرج منها مادة لبنية لزجة تتجمد وتغمق في اللون. ويحتوي علي مواد قلويداتية كالمورفين والكوديين والناركوتين (نوسكوبين) والبابافارين. ومن المورفين يحضر الهيروين.
ويستخدم الأفيون في التخدير وكمسكن قوي للآلام ولاسيما في العمليات الجراحية والسرطانات ولوقف الإسهال. ومادة الكودايين بها يُوقف السعال. والأفيون يسبب الهلوسة والإدمان.

قلت: معلومات ممتازة ولكن ماذا استنتجتِ منها وبشكل مبسط .!؟
قالت :" الأفيون " جيد للاستخدام الطبي وسيء في غيره.
قلت: "عليك ان تبحثي عن ( طبيعة الأفيون ) في العصر الذي أطلق به "ماركس" مقولته ولا تنسي انه ولد عام 1818 وتوفي عام 1883..!".

وهذا ماكان منها وكان احد مصادرها " موسوعة ويكيبيديا " باللغة لانكليزية ..وجدتْ انه في ذلك العصر كان من اكثر الأشياء استخداما في عمليات التخدير الطبي وتقليل الآلام كمسكن...ولكن مفاجئتها لي التي لم أكن اعرف تفاصيلها هي ان هنالك حربان خاضتها كل من بريطانيا وفرنسا بشكل مباشر وأيضا أمريكا وروسيا ولكن بشكل غير مباشر ضد الصين لإجبارها على فتح أسواقها لاستيراد الأفيون من هذه البلدان وحينها كان تجارة رابحة للبلدان البادئة بالحرب ،وكان الصراع في هذا المجال يمتد إلى سنوات سابقة للقرن المنصرم قبل بداية حرب الأفيون الأولى 1839 – 1842 وأكملت ....
(تم تصدير أول شحنة كبيرة من الأفيون إلي الصين في عام‏1781..وقد لاقت تجارة الأفيون رواجا كبيرا في الصين.. ‏ وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين.. وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور.. إذ بدأ الشعب الصيني في إدمان الأفيون ..‏ وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الأفيون‏ ، وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور "يونغ تشينج" في عام 1829م بإصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات.. غير أن "شركة الهند الشرقية" البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلى الصين..
اهتمت بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر.. وفي عهد الإمبراطور الصيني "شيان لونج" توسيع العلاقات التجارية بين البلدين.. الا ان الإمبراطور أجاب : ان إمبراطورية الصين السماوية لديها ماتحتاجه من السلع .. وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة‏.‏ ‏ فلم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف‏ تصدير الا القليل جدا من سلعها إلى الصين .. وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدا بالفضة‏..‏ مما تسبب في استنزاف مواردهم منها .. لذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاتها ..وهي شركة الهند الشرقية البريطانية (East India Company) التي كانت تحتكر التجارة مع الصين.. إلى زرع الأفيون في المناطق الوسطى والشمالية من الهند‏ وتصديره للصين كوسيلة لدفع قيمة وارداتها للاخيرة.‏.لكن التهريب لم يكن يكفي نَهمَ بريطانيا والآخرين بسبب الحظر الصيني..!!ولذا قررت بريطانيا وكانت في أوج قوتها في ذلك الوقت..إعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد أمام تجارة الأفيون للعودة من جديد.. وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب ..فهداهم تفكيرهم إلى شعار جديد ‏ هو ( تطبيق مبدأ حرية التجارة )..!

الحرب الأولى: First Opium War

في ذلك الوقت كانت بريطانيا قد خرجت منتصرة علي منافسيها من الدول البحرية في حروب نابليون..وقامت الثورة الصناعية فيها‏ ..‏ وأصبحت الدولة الرأسمالية الأقوى في العالم فلجأت إلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية‏.. والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها لصناعاتها‏ .. وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم علي مبدأين هما (حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة)‏.‏ ‏أرسلت بريطانيا في عام‏1839‏م سفنها وجنودها إلى الصين لإجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة..
استمرت حرب الأفيون الأولى ثلاثة أعوام من عام‏1839‏ إلى عام‏1842‏..واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين..احتلال مدينة "دينج هاي" واقترب الأسطول البريطاني من البوابة البحرية "لبكين"‏.‏ دفع ذلك الإمبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" في أغسطس 1842.
أسهمت أمريكا في هذه الحرب بقوة رمزية‏ .. لارتباط مصالحها بها..‏ فشركاتها كانت تسهم في تجارة الأفيون مع الشركات البريطانية..‏ كما يهمها أيضا فتح أبواب الصين أمام تجارتها.. لذلك فبعد انتهاء الحرب طالبت الصين َ بالحصول علي نفس الامتيازات التي حصلت عليها بريطانيا.. وهددت باستخدام القوة.. ووافقت الصين علي ذلك.. وتم توقيع معاهدة "وانج شيا" في عام‏1844 ..‏ والتي تحصل أمريكا بمقتضاها علي شرط الدولة الأكثر رعاية.. والذي يتيح لها الحصول علي نفس المعاملة التجارية للصادرات التجارية البريطانية ..و شجع ذلك فرنسا علي طلب امتيازات مماثلة بالإضافة إلى حق التبشير الكاثوليكي .. وتبعتها بلجيكا والسويد والدنمارك.. ووافق الإمبراطور على أساس تطبيق مبدأ المعاملة المتساوية للجميع).
قلتُ : "هل انتبهتِ الى الواقع التاريخي آنذاك للبلدان الممثلة للرأسمالية في زمن ماركس (بريطانيا ، فرنسا ، وأمريكا "،ونستثني ألمانيا منها في حرب الأفيون ليس لمثلها الأخلاقية ولكن لظروفها الخاصة ،حروب وثورات فلاحية داخلية ووضع داخلي متأزم ،ولكن كيف إنتبهتِ لسلوك هذه الإمبراطوريات الحاكمة آنذاك" ..!؟
قالت : " أبي أكاد لااصدق ..لقد كانوا يتصرفون كقطاع طرق ولصوص تماما بلاادنى أخلاق..لـِمَ لايذكروا ذلك في التاريخ لنا" ..!؟
قلت :" لن يذكروا ذلك ..كيف يقولون ولعهد قريب لم ننته منه لغاية الآن... إنهم قطاع طرق ولصوص ،ذريعة التجارة الحرة هي ذاتها في حرب الأفيون ومازالوا يستخدمونها ضد البلدان الأضعف تحت ذات التسميات ،ولكن انتبهي إلى شرط الفرنسيين بإضافة امتياز خاص لهم بحق التبشير الكاثوليكي في بلد " بوذي" ..هل رأيتي كيف يستخدمون الدين أيضا؟؟!
قالت نعم هذا صحيح للغاية.. لم انتبه له، ثم أضافت فيما وجدته في مهمتها في البحث عن حقيقة ( الثلاث كلمات ) :

الحرب الثانية Second Opium War
(لم تحقق المعاهدة ماكانت تصبوا إليه بريطانيا والقوى الغربية.. فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون‏.. والحظر علي استيراد الأفيون لايزال ساريا‏.. كما ان البلاط الإمبراطوري يرفض التعامل مباشرة معهم‏.. لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة‏، وهذا ما رفضه الإمبراطور.. لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين .. واتخذوا ذريعة جديدة هذه المرة ..
فقد واتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية في ( جوانج شو) بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطاني..‏ واعتقال بحارتها..‏ وإنزال العلم..‏ ومقتل مبشر فرنسي ..‏ لشن حرب جديدة على الصين.. استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"‏.. والاتجاه نحو ميناء" تيان" القريب من بكين‏.. مما جعل الإمبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية ( تيان جين ) في عام‏1858‏ بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا‏ والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها :
1. فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها.
2. حرية الملاحة على نهر "اليانج تسي كيانج".
3. السماح بدخول المسيحية في أرجاء الصين.
نصت اتفاقية ( تيان جين ).. على التصديق عليها خلال عام من توقيعها.. وحين تأخرت الصين في التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول (تيان جين) في ربيع عام‏1860‏ ثم تقدمت نحو (بكين) ودخلوها في أكتوبر‏1860‏ وتوجهوا إلي القصر الصيفي للإمبراطور الذي يبعد بضعة أميال عن بكين وهذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوي علي آثار تاريخية وتحف وذهب لايقدر بثمن .. وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام.. وأضرموا فيه النار بعد ذلك .. اضطر الإمبراطور للرضوخ لمطالبهم ووقع اتفاقيات مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التي منحت امتيازات أكثر، أهمها فتح المزيد من الموانئ أمام تجارة هذه الدول وحق الإقامة لرعاياهم في بكين.. والتعامل المباشر مع البلاط الإمبراطوري .. وحرية تجول المبشرين في الصين‏.. والتنازل عن "كولون" وهي منطقة واقعة في الصين والأكثر قربا ... وارتفع عدد المدمنين في الصين من مليوني مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليوناً سنة 1878م.
ومن ثم قالت صغيرتي : بألم واسى : لقد وجدت ان (فيكتور هوجو) الأديب الفرنسي المشهور كتب عن تلك الحادثة قائلا ‏:‏( دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا ..أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق‏..‏ وأحد هذين المنتصرين مليء جيوبه والثاني مليء صناديقه ورجعوا إلي أوروبا يدهم في يد بعض ضاحكين‏..‏ ان الحكومات تتحول أحيانا إلي لصوص ولكن الشعوب لا تفعل ذلك‏..!).
قلتُ :وما وجدته إنا في بحثي معك ان ماركس كفيلسوف لم يكن كالفلاسفة الذين سبقوه مشغولا بالبحث عن جوابٍ على سؤال " لم خُلق الإنسان "؟! بل عمل على إيجاد جواب لسؤال آخر هو " كيف يعيش الإنسان "؟! "وهكذا كان ماركس شأن العالم يعايش حربي الأفيون وكانت الكلمة الأكثر استعمالا بسبب الحربين التي خاضها العالم الرأسمالي آنذاك، الذي وصفه ماركس بأنه بلا قلب أو روح ولامناص من أن يكن الدين هو الملاذ الأخير لمسحوقي ومضطهدي عالم بشع بلا أخلاق أو مثل أو رحمة ،عالم لصوص وقتله ..!!
وفي نهاية بحث ابنتي عن حقيقة " الكلمات الثلاث " صار لديها تقريرا كاملا قدمته إلى معلمها سابق الذكر..والذي منحها درجة كاملة نهاية العام الدراسي، وشكرها على إنها صححت له معلومة كان لديه فهم خاطئ لها ولواقعها ألتأريخي .
ابومعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(الدين, ماركس, أفيون, مقال, الثلاث, التوقف, الشعوب, يستحق, حقيقة, عوده, كلمات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رسالة الى من يهمة الامر ..بدون رتوش كلمات تستحق التوقف والاستماع احمد الخليفي المنتدى السياسي 1 2013-02-06 09:44 PM
احمدعمر بن فريد في(حديث الاربعاء) قضايا الشعوب لا تختزل في أربع كلمات يا عزيزي! احمد الخليفي المنتدى السياسي 2 2013-01-30 03:21 PM
من يتخلى عن حريته خوفا على أمنه، لا يستحق حرية ولا يستحق أمناً ولا يستحق وطن الطفي المنتدى السياسي 0 2012-01-26 09:29 PM
لماذارجال الدين في اليمن لايشجبون الجرائم عن شعب الجنوب ويشجبونها عن الشعوب الاخرى الجبال الشماء المنتدى السياسي 1 2011-09-14 11:04 PM
جيفارا .. كلمات ستبقى لتحرير الشعوب @نسل الهلالي@ المنتدى السياسي 6 2010-10-13 02:30 PM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر