الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > منتدى التوثيق والمراسلة مع منظمات المجتمع والهيئات والوكالات الدولية > منتدى التوثيق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-01-31, 05:16 AM   #1
فارس لبعوس
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-30
المشاركات: 7,469
افتراضي تقرير اليمن من الفشل الداخلي الى الأستحواذ الخارجي

المركز الإعلامي الجنوبي : بقلم : الكاتب: ناصر دمج
" إسرائيل هي المسئولة عن معظم نزاعات الشرق الأوسط " هذه العبارة هي عنوان التقرير السري الذي أعده الفاتيكان حول الشرق الأوسط ونشرت جزء منه صحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية في يوم 19/1/2010 ، ومما لا شك فيه بان الفاتيكان قد أصاب كبد الحقائق كافة المتصلة بالدور الإسرائيلي في تلك المنطقة بعد سنوات من صمته وصمت المؤسسة الكاثوليكية عن الغطرسة الإسرائيلية ، والتغاضي عن الاهانات الكثيرة للمسيحين في البلاد المقدسة ، التي لم يكن أخرها حصار كنيسة القيامة في العام 2002م ، بل تجاوز الأمر ذلك بكثير ليصل التخريب الإسرائيلي الى الحفر حول أساسات كنيسة القيامة في القدس كما هو الحال مع الحفريات التي نبشت كل حبة تراب تحت المسجد الأقصى .

أمام ذلك يمكن للملاحظ السياسي في الشرق الأوسط أن يزج بإسرائيل في كل مشكلة تحصل لبلدانه وشعوبه ، ومن ضمن هذه الدول اليمن ، أن الخراب الذي تشهده ارض اليمن منذ العام 2000 ،ولغاية الآن لم يكن إطلاقا من صنع الصدف أنما هو محصلة تراكمية لمجموعة من مسببات الفشل التي تم زرعها هناك من قبل قوى رأسمالية مرتبطة بإسرائيل وبمساعدة عوامل ذاتيه لا حصر لها خلال السنين الماضية، لقد كانت اليمن منذ أوائل العصر المكاربي السبئي في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد وصولا الى بدايات القرن العشرين أرض الخير ولم تكن تسميتها بأرض اليمن السعيد من باب الترف ، وقد اعتبرت أحدى قطع الجنة على الأرض ،وفي باطن الأرض اليمنية تكمن خيرات وفيره ومثيرة لكل دهشة وفي مقدمتها نوعية التربة اليمنية والبترول والمياه .

حدثني مرة الأخ والصديق المرحوم اللواء فايز عرفات قائد منطقة جنين العسكري بعد دخول السلطة الى الضفة الغربية وغزة ، وكان قائدا للوحدة الفلسطينية التي رابطت على ارض اليمن بعد الخروج من بيروت عام 1982م " انه وبمشاركة المقاتلين الفلسطينيين المتواجدين في المعسكر قرروا استصلاح ارض المعسكر بمحاولة زرعها بما تيسر لهم من البذور وبالفعل باشروا بزراعة الأرض وبعد مرور فترة قصيرة من الزمن أثمرت البذار وكانت المفاجأة بأن بذار الملوخية مثلا قد أورقت ورقا بحجم راحة اليد الواحدة " وسئل اللواء فايز احد المهندسين الزراعيين اليمنين عن هذه الظاهرة فأجابه بأن تربة اليمن غنية بالعناصر الطبيعية اللازمة لنجاح أي نوع من أنواع الزراعة وفي معرض سؤال اللواء للمهندس عن عدم وجود مشروعات قيمة في الجوار استثمارا لهذه الأرض النادرة قال له المهندس أن الحكومة في هذه الديار فاشلة ولا يوجد لديها أية رؤية لادارة أمر الوطن "

أن هذه الواقعة تقدم لنا فكرة ما عن اليمن ، أهم جوانبها هو أن عوامل نجاحه وازدهاره مزروعة في الأرض ومقيمه مع الإنسان اليمني كظله ، ولكن الأمر الذي يثير لدي كل تساؤل حول حالة الفشل المزمنة فيه وسوء الإدارة المحلية للدولة وغياب الحكم الرشيد والخروج من العجز الذاتي في بلد لا تضاهيه في الأهمية في اقليم البحر الأحمر أي بلد أخر سوى الصومال التي تمتلك أطول ساحل في العالم 3300كم ، وتحتل مكانا بارزا هي الأخرى في سلم الدول الفاشلة وفقا لمعيار مركز أبحاث الأزمات في كلية لندن للدراسات ألاقتصاديه .

ماضي عميق من الفشل والخيبات .

أن فشل اليمن كدولة يتوزع على العديد من الأسباب الضاربة في عمق التاريخ اليمني ولعل التركيبة القبلية لليمن تشكل أحد أخطر مستويات الإعاقة في بلورة مجتمع مدني حداثي ، لدرجة أن النزاعات القبلية الدائمة كادت أن تتحول الى ما يشبه الصراعات الاثنية والقومية بين الشعوب المتغايرة في منشئها العرقي وليس صراعا عابرا بين أبناء الجلدة الواحدة والدين الواحد المتمحورة خلافاتهم حول القضايا السطحية واحتياجات الحياة وتقاسم الثروات التي يمكن تجاوزها بالمصالحات المحلية لصالح ترسيخ أركان الدولة المبنى على العدل والتعددية واحترام حقوق الإنسان ، مثلما نجحت كافة الدول التي شهد تاريخها حروب أهلية دامية كالولايات المتحدة واسبانيا وايطاليا ، وتحولت هذه الدول بعد تجاوز أزماتها الى دول قوية بسبب منهج وطني واجتماعي متوازن يرعى مصالح الكل ويضع البلاد في عهدة تداول السلطات وهو صمام أمان أي بلد فوق هذه الأرض، لحمايتها من الخراب وأطماع الاخرين.

إن الدول التي لا تولى هذا المنهج الأهمية التي يستحقها وهو بالضرورة متطلب وطني إجباري لإعادة تركيب وتصميم المجتمعات القبلية وذات التراكيب الاثنية ، عليها أن تواجه خطر الانهيار كنتيجة حتمية للحكم المستبد .

جذور المعضلة اليمنيه

" لم يسبق أن قامت دولة في التاريخ اليمني تشمل كل تلك الأرض التي تقوم عليها حالياً الجمهوريةاليمنية فتلك المنطقة من جزيرة العرب حكمتها طوال تاريخها الصراعات على السلطة وكانت كلما استقوت دويلة ما في جزء منها بسطت نفوذها وسيطرتها بالقوة على ما حولها من دويلات وأراضي وعملت فيها قتلاً وسلباً ونهباً إلى أن يدب الضعف في مفاصلها أو تظهر الفرقة بين حكامها فيتقاسمونها وتُمزق من جديد إلى دويلات أو يثور المواطنون في المناطق التي تم اجتياحها وسلبها فيستعيدون استقلالهم بل إن كثيراً من الدويلات اليمنية مثل قتبان ومعين قد تزامن وجودها في أجزاء مختلفة من جنوب جزيرة العرب بسبب هذه الظاهرة.

يستنتج من ذلك بأن التاريخ اليمني قد تميّز بظاهرتين رئيسيتين تحكمتا في صياغة مساره وسماته وهاتان الظاهرتان هما نشأة الدويلات المتعددة والمتجاورة وظاهرة الإستقواء " ( الأستاذ عبدالرحمن علي بن محمد الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن / المؤتمر الأكاديمي العلمي الذي نظمه معهد الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن 26-27/11/1995م ) .


الظاهرة الأولى:

نشأة الدويلات المتعددة والمتجاوره .

" وهي ظاهرة مستقرة في التاريخ اليمني منذ بداية العصر المكاربي السبئي وحتى إعلان الوحدة الإندماجية في مايو1990م ،لأن هذه الظاهرة كانت مألوفة ومقبولة ومشروعة لدى القبائل اليمنيه، طالما امتلكت كل منها كيانها المستقل ،وكانت الممالك الحضارية مثل حضرموت وسبأ وقتبان واوسان متزامنة الوجود أيضا إبان العصر المكاربي والعصور السبئية اللاحقة " ( مصدر سبق ذكره ) كما كانت متزامنة أيضاً مع إمارات ودويلات أخرى نشأ معظمها بعد تفكك دولة معين واستمر هذه التزامن في أغلب العصور السبئية الحميرية اللاحقة ، وفي العهد الإسلامي خبت هذه الظاهرة طيلة ثلاثة قرون ثم برزت مرة أخرى على مسرح الأحداث التاريخية واستأنفت دورها وتأثيرها على مجرى الأحداث في أواخر القرن الثالث الميلادي ، وصولا الى حكم الأئمة وحتى إعلان الوحدة في مايو1990 وهذه الظاهرة اعتبرت أحد الأسباب الرئيسة التي أورثت التاريخ اليمني سجلا انقسامياً راسخا .

الظاهرة الثانية :

ظاهرة الإستقواء .

وهي ظاهرة ذات نزعات بربرية متوحشة وهي المسؤلة عن تخزين طبقات سميكه من الأحقاد في الذاكرة الجمعية لليمنيين،وهي قائمة على اغتصاب حقوق الاخرين والضعفاء من قبل الأقوياء واستعبادهم ، وهي نزعة توسعية مدمرة وبسببها " تحولت الدولة المستقوية إلى دولة توسعية تكتسح كل ما جاورها من الكيانات الضعيفة، ولقد تميزت هذه الإكتساحات التوسعية بالإكثار من القتل والسبي والنهب والسلب لكل المقتنيات المنقولة ثم إحراق المدن والقرى وإخضاع الكيانات المهزومة للضم القسري واقتسام أراضيها وأوديتها وجبالها بين الفئات المنتصرة واستضعاف مواطنيها وتسخيرهم لخدمة المنتصرين بعد تجريدهم من أسباب البقاء الادمي لذلك كان من الطبيعي أن يولّد كل هذا التعسف نزعة أنقسامية مشروعة للخلاص من قبضة الدولة التوسعية ولأن الدول التوسعية التي ظهرت على مسرح الأحداث اليمنية تميّزت بالظلم والاغتصاب الشاملين وإذلال الإنسان على أرضه فقد أثارت مخاوف الكيانات المجاورة لها وأثارت غريزة التربص بها لديهم ونزعة انتقامية رهيبة لدى المهزومين" ( مصدر سبق ذكره) .

مما أسس لأستقرارعوامل الأنهيار في صميم التاريخ والجغرافيا اليمنيين وتعاظم أثارهما في تدمير وحدة البلاد على التوالي ، فتستعيد الكيانات المهزومة مناطقها واستقلالها، والرابحون في الجولات الأخيرة يصبحوا مطاردين في الجبال ، ولكون هذه الإكتساحات مدمرة في سلوكهاوإلحاقية في نتائجها فإن آثارها الرهيبة ولّد نزعة انتقامية مدمرة ومقيمة في صميم المجتمع اليمني لغاية الآن " وتشير الأحداث التاريخية إلى أن الأقوام التي تنجح في تحرير كياناتها من قبضة الدولة التوسعية لا تقف عند حدودها الأصلية بل تواصل اكتساحاتها داخل أراضي الاخرين وعلى نفس المنوال الذي اختطته الدول التوسعية معها من قبل وهكذا تكررت دورة الصراع التوسعي الانقسامي ولعل هذه الصراعات هي أهم الخطوط العريضة في التاريخ اليمني القديم والحديث " (نفس المصدر السابق )

جذور المعضلة القديمة:

يتضح مما تقدم أن الأزمة تكمن في رؤية كل قبيلة أو طرف أوجهة يمنية لمفهوم وحدة البلاد ، فمنهم من يرى بأن الوحدة يجب أن تتم بناء على أخر نتيجية وصلت أليها أخر عملية استحواذ ، ويرى الطرف المقابل بأن الوحدة يجب أن تتم بإزالة أثار هذا الاستحواذ وإعادة ما تم استلابه من الضعفاء لكي تتم الوحدة على قاعدة صافية، لقد ساهم المنهج القبلي العدواني في نبذ فضيلة الإقرار بحقوق الاخرين في الداخل اليمني واعتقد كل طرف أن بإمكانه أن يخضع الأخر ويملي شروطه عليه ومن ثم يحقق الصلح معه بكل ما يصاحب ذلك من ألحاق وضم وظلم وتعسف ، لذا فأن أي عملية توحيد للبلاد لم تتمكن من مسح هذا السجل من ذاكرة اليمنيين،وما زالت هذه الآثار تسيطر على ممارسات أهل اليمن بما في ذلك النظام الحاكم قبل الوحدة وبعد الوحدة .

جذور المعضلة الحديثة:

" كانت نظرة أهل اليمن الشمالي قبل 1962م أي قبل الاستقلال بأن أراضي الجنوب هي ملكا لهم ، وقد أصبح لهذه النظرة مخالب وأنياب بعد الاستقلال ، ووجدت صدا لها في الخطاب الإعلامي الرسمي لليمن الشمالي ، وان الجنوب هو الابن الشرعي للشمال ويجب أن يعود إلى أبيه ، ولعل هذه النظرة هي امتداد للثقافة اليمنية الموروثة من عهد الممالك الاستحواذية التوسعية البائدة والتي تقدس شهوة التوسع والسيطرة والأستملاك " ( مصدر سبق ذكره ) .

الجذور الاقتصادية للمعضلة :

" جاء انهيار المعسكر الاشتراكي ليشكل تحولاً حاسماً فرض معطيات جديدة في الواقع اليمني فتلاشى الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري الذي كان يشكل سنداً للنظام في الجنوب وبدأت التفاعلات تؤتي ثمارها في الداخل اليمني ، ففي هذا الوقت كان فيه الرئيس على عبد الله صالح يقود حملة مصالحات واسعة النطاق مع كافة القوى السياسية بدءا من تجمع المؤتمر الشعبي والذي يضم معظم أحزاب وفصائل العمل السياسي في الشمال من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين كإطار بديل للتعددية الحزبية التي كانت محرمة دستورياً، وتمكنه من تحقيق مصالحة وطنية يعتد بها في الشمال ،كان نظام الجنوب يواصل مطاردة معارضيه داخل البلاد وخارجها ،سواء كانوا شخصيات قبلية أو أحزاب وفصائل وشمل هذا الاضطهاد من اختلفوا مع النظام من داخل النظام نفسه وبقي نظام الحزب الواحد والوحيد " ( مصدر سبق ذكره ) .

ولم يدرك القائمون على النظام في الجنوب أهمية الانفتاح على الآخرين ومداواة جراح الماضي وإعطاء الحق للقوى الوطنية الأخرى في الإعلان عن نفسها،بل رفضوا أي مصالحة أو دعوة للوحدة الوطنية على مستوى الجنوب قبل إعلان الوحدة مع الشمال عام1990م واستمروا بعدها في خنق وتحجيم القوى السياسية الأخرى على مستوى الجنوب ، ولم يدرك الحزب الاشتراكي هذا الخطأ إلا في وقت متأخر من الحرب الأهلية الامر الذي تسبب في بروز نزاعات داخلية في الحزب الاشتراكي الحاكم في 1989م وأوائل 1990م، مما أنذر بصراع جديد ،وكان نظام الشمال أيضا يعاني من تمزق تدريجي في صفوفه وتفكك ملحوظ بعد أن دخل في مشاكل مع العديد من القبائل في محافظتي مأرب والجوف .

" لذا لم يستطع أي من النظامين الإستفادة من الطفرة النفطية في الخليج ولم يحسنوا استثمار وتوظيف الأموال الكثيرة التي كانت تتدفق من المغتربين ومن مساعدات دول الخليج، واستخدموا الفائض النقدي لملئ الأسواق بالمواد الإستهلاكية الكمالية وبالتالي تضاءلت تحويلات المغتربين وانخفضت مساعدات دول الخليج وتوقف دعم السوفيات بسبب نوايا ميخائيل غورباتشوف فك عرى الاتحاد السوفيتي ، وفك شراكات وتحالفات الاتحاد السوفيتي مع كافة دول المنظومة الاشتراكيه ، وبدا في الأفق نظام عالمي جديد أفضى الى زوال الاتحاد السوفيتي وحلفائه عن خارطة الكون وفي مقدمة هذه الدول اليمن الجنوبي " ( مصدر سبق ذكره ) .

على هذه الخلفية من التحولات العالمية الهائلة أُعلنت الوحدة بين شطري اليمن في 22 مايو 1990م ، لكن أحقاد الماضي جعلت من هذا الإعلان أعلانا شكليا اقتصر على العلم والنشيد وأسم الدولة وبقيت القوانين والأنظمة على حالها والحكومة حكومتين وكل وزارة وزارتين والجيش جيشين والأمن أمنين والعملة عملتين ورغم وجود مجلس رئاسة واحد برئيس ونائب إلا أن ماكان واقعاً هو وجود رئيسين بمسمى رئيس ونائب رئيس .

الحرب الأهلية

بسبب كل ذلك انهارت الثقة بين زعماء البلاد انهيارا دمويا ، واجتاح الشطر الشمالي من اليمن الشطر الجنوبي بكل ما رافق ذلك من بشاعة وقتل للمدنيين من أبناء الشعب اليمني وتمكنت صنعاء باجتياحها للمحافظات الجنوبية والشرقية من أن تمد مساحة نفوذها وسلطاتها لتشمل كافة المحافظات الجنوبية والشرقية ، أن هذه الحرب بكل ما رافقها من عمليات نهب وسلب وقمع واهانة للجنوبيين أسست لنظام من الفصل الجهوي الظالم بين الشمال والجنوب بسبب العديد من الممارسات القمعية والتمييزية بعد ذلك وما زالت قائمة حتى اليوم ، وأنا اشك أن يستقيم لليمن أي حال بعد هذه الحرب وأن اليمن لن تتوحد أراضيه ألا بزوال المسببين لها من الجانبين وبروز جيل جديد من القادة الوطنيين يمكنهم طمس أثار الأحقاد بإجراءات وحدوية جادة وجوهرية .

دولة الظلم زائلة حتى لو كانت مسلمة
ودولة العدل باقية حتى لو كانت كافرة

لعل هذه الفرضية الأثيرة لأبن خلدون تقدم لنا وصفة نموذجيه لتشخيص حالة النظام اليمني لاستدراكه من الوقوع في منزلق التشرذم في ضوء الحرب البانورامية الدائرة رحاها الآن فوق التراب اليمني ، الذي سيقود الى أضعاف اليمن على نحو يسهل على الاخرين الاستحواذ عليه واقتسامه بين دول الجوار العربي والأفريقي والطامعين القادمين من أعالي البحار ، أن السلسلة العنقودية المتفجرة من المشاكل التي تعصف باليمن ما هي ألا نتيجية طبيعية لفشل النظام السياسي والاجتماعي وانحياز رأس السلطة لطرف داخلي ضد طرف ثان واجترار الماضي البائد في ممارسة شهوة إخضاع الخصوم الداخليين والاستحواذ عليهم بدلا من العمل على إشاعة نظم العدل والمساواة والمواطنة الصالحة ، أن غرق النظام اليمني في هذه الممارسات هو غوصا حتى قمة الرأس في القصور والعجز الذاتيين، وهو تعبير عن عدم أهلية رأس السلطة في اليمن للامساك بها لان نتيجة ذلك ستودي باليمن الى الغرق في المضيق حتى تصبح صيدا سهلا ليس لإسرائيل فحسب بل للقراصنة أيضا .

أن كافة المعطيات الدالة على رسوخ حالة الفشل اليمني الداخلي هي من صناعة اليمن واليمنيين ولا علاقة لغاية الآن بأية تدخلات خارجية بها، أن عجز النخب السياسية اليمنية عن تجاوز الماضي القبلي البغيض هو الذي وفر هذا المناخ الدموي للفرقة وانقسام البلاد ، ومما لاشك فيه بان بلد ما بهذه المواصفات ويسيطر على موقع جغرافي استراتيجي لا يستحقه كبوابة البحر الأحمر الجنوبيه ستجعله هدفا سهلا لأطماع الباحثين عن أمنهم وسلامة شعوبهم ومصالحهم القومية العابرة للمحيطات ،لذا على اليمن أن يقلق على مستقبله، وعلى قلبه المرهق إن لا يتوقف عن الخفقان وهو يعد اللحظات التي تفصله عن ساعة مواجهة الغزاة على السواحل اليمنية ، وأخشى أن يكون المخرج الوطني للنجاة قد أصبح خلف قادة اليمن وقادة الأمة العربية معها ، لذا من المؤكد أن هذا النظام سيزول بظلمه لكن الخشية على البلاد من العودة للانقسام الجغرافي والجهوي والقبائلي من جديد تبقى أكبر الهموم القومية للأمة .

موقع اليمن في استراتيجة الاخرين

لقد رشحت هذه الفوضى جمهورية اليمن ليصبح احد أركان الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية للسيطرة على الجزء الجنوبي من الشرق الأوسط وخاصة بعد اعتماد أدارة بوش الأولي 2001م- 2004م لمشروع " الشرق الأوسط الجديد " لأنه بلد سهل المنال وهو مرابط على رأس ممر مائي ضروري وخطير لإسرائيل وهو طريق البحر الأحمر عبر باب المندب وبالعكس ، ومن المعلوم أن إسرائيل تبذل كل ما لديها من مساعي للسيطرة على هذا الممر بعد العام 1973م ومن ضمن هذه المساعي التي سنتطرق أليها ما يلي :-

أولا - توسيع التواجد العسكري الإسرائيلي في الشطر الثاني لباب المندب على طول الساحل الاريتيري لقطع الطريق على الأسطول البحري الإيراني ومراقبة الساحل السوداني على البحر الأحمر .

ثانيا- تفعيل تنظيم القاعدة في اليمن لاستكمال مهمة تفكيك الدولة ، التي بدأتها القبائل وإيجاد مبرر للتواجد العسكري البري في اليمن في أطار المطاردة الساخنة لتنظيم القاعدة الدائرة رحاها في دول الشرق الأوسط الجديد .

ثالثا- أطلاق يد القراصنة الصوماليين في بحر العرب وباب المندب لصناعة ذرائع تبرر الوجود العسكري الأمريكي والإسرائيلي المباشر .

أولا . اليمن في دائرة الاهتمام الإسرائيلي

أدرج البحر الأحمر في نصوص الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في مكان بارز وهام وقد اعتبره ( ديفيد بن غوريون ) " الطريق الوحيد لاتصال إسرائيل بشرق الكرة الأرضية " وفي هذا الإطار منحت إسرائيل مدينة ايلات أفضليه عليا في برامج التطوير الداخلي واعتبرت منطقة تطوير (أ) في كافة عهود الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وفرض حول ايلات طوقا امنيا في داخل إسرائيل ولعلها المدينة الإسرائيلية الوحيدة التي يتم الدخول إليها من قبل الاسرائيلين بتصريح مسبق لغاية وقت قريب وما زال هذا الحظر ساري المفعول على العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وسكان الضفة الغربية ، الى ذلك فأنه تم تطوير ميناء ايلات ليصبح ميناء مدنيا وعسكريا في آن ، مما يعكس أهميته الإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل .

" وقد حاولت مصر بالتعاون مع العربية السعودية تعطيل المساعي الإسرائيلية الهادفة الى المرور في البحر الأحمر ومن اجل ذلك قدمت العربية السعودية لمصر في العام 1950م جزيرتي ( تيران وصنافير ) المقابلتان لايلات ووضعتهما تحت السيطرة العسكرية المصرية والهدف من ذلك تقييد الملاحة الإسرائيلية وكان هذا الأجراء من ضمن الدوافع التي أدت إلى العدوان الثلاثي على مصر 1956م " ( الأستاذ علي عبود راضي/ الإستراتيجية الصهيونية في منطقة القرن الأفريقي، مجلة الأمن القومي، بغداد، أيلولـ سبتمبر، 1991، ص110 ) .

وعندما فرضت مصر حصارا على الكيان الصهيوني باحتلال مدخل خليج العقبة تسبب هذا الأجراء المصري بشن إسرائيل حربا شاملة ضد مصر وسورية والأردن في 5 /حزيران/1967 وقيام إسرائيل بعمل عسكري واسع النطاق أدى الى احتلالها لمساحات جديده من الأراضي العربية تشكل أربعة أضعاف مساحة إسرائيل عشية يوم 5/6/1967م " أي ما يوازي 69347كم هي أجمالي المساحة الجغرافية الجديدة لـ ( شبه جزيرة سيناء 61948كم) و( هضبة الجولان 1158كم) و( الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية 5878كم) و( قطاع غزة 363كم ) بينما كانت مساحة إسرائيل قبل الحرب لا تتجاوز 21.000 كم، وسيطرت على منابع المياه في كافة الأراضي التي احتلتها وأبار البترول والقواعد والمطارات العسكرية في سيناء بالإضافة الى الميزات الجغرافية الإستراتيجية في هضبة الجولان وجبل الشيخ " ( الموسوعة السياسية والعسكرية، فراس البيطار، الجزء الخامس، النتائج العامة للحرب العربية الصهيونية الثالثة 1967، ص 1758-1761، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط 1، 2003).

وقد أدركت الدول العربية بعد ذلك وخاصة دول الطوق والدول المطلة على البحر الأحمر حجم الخطر الإسرائيلي المحدق بها وأدركت مدى أهمية البحر الأحمر بالنسبة للإستراتيجية الإسرائيلية لا سيما مضيق باب المندب بوصفه حلقة وصل بين إسرائيل وميناء ايلات وصولا إلى جنوب شرقي آسيا وأفريقيا وخلال الفترة الوقعة بين أعوام 1970- 1973م حققت الإستراتيجية الإسرائيلية تقدما استهلاليا لافتا في المنطقة ، وذلك بأقامة علاقات سرية عسكرية وأستخباريه مع أثيوبيا مما ضاعف من حجم الخطر والتهديد لمصالح دول حوض البحر الأحمر وفي مقدمتها اليمن التي انخرطت انخراطا مباشرا في حرب 1973م بإرسالها قوات عسكرية أغلقت المضيق أمام الملاحة الإسرائيلية ، وتطور الدور اليمني في الشق السياسي بعد أن قدمت اليمن لجامعة الدول العربية تقريرا مفصلا عن النشاطات الصهيونية على الساحل الاريتيري واكتشاف شبكة تجسس إسرائيلية بقيادة العقيد (باروخ مرزاحي )الذي تم القبض عليه في مدينة الحديدة وهو يرسم ميناء الحديدة بكل تفاصيله من على ظهر قارب صغير استأجره من احد الصيادين الفقراء، وكان مقر هذه الخلية جزيرة بريم وسط مضيق باب المندب كانت مهمتها جمع المعلومات عن منطقة المدخل الجنوبي للبحر الأحمرومراقبة السفن الإسرائيلية وحمايتها وتأمين سلامة مرورها من المضيق واثر ذلك أرسلت الجامعة العربية مبعوثين ولجان لتقصي حقيقة الموقف فتثبتت من صحة الأمر، وتأكدت بأن إسرائيل قد استأجرت من أثيوبيا ايضا جزر أبو الطير وحالب ودهلك بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية ،وجددت اليمن والدول المطلة على البحر الأحمر دعواتهم لعقد مؤتمر عربي في جدة في 15/7/1972م من اجل الأمر ذاته وفي يوم6 /تشرين الأول/1973 هاجمت الجيوش المصرية والسورية إسرائيل وجرى التنسيق العربي لأول مرة في مجال تأكيد حق العرب في تجسيد سيادتهم على مياههم ولاسيما البحر الأحمر وتمثل ذلك بإغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الإسرائيلية حيث قامت اليمن بإرسال قوات عسكرية في يوم 14 /تشرين الأول/ 1973 إلى عدد من جزر البحر الأحمر لمنع أي محاولة إسرائيلية تستهدف احتلال الجزر

بعد ذلك وخلال الفترة الواقعة بين 1973 – 1979م تواصل عقد هذه المؤتمرات وخرجت بتوصيات عديدة لحماية البحر الأحمر وتحيده عن الصراعات الدولية والتأكيد على عروبته ، والتوصية بضرورة التعاون بين الدول المتشاطئة لسواحله واستغلال ثرواته لخير شعوب المنطقة والتصدي للمساعي الإسرائيلية في توطيد علاقاتها مع البلدان الأفريقية القريبة من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وفي تشرين الأول 1977 أرسل اليمن الشمالي مذكرة سرية إلى الجامعة العربية يؤكد فيها تزايد الوجود العسكري الإسرائيلي والإثيوبي في منطقة ساحل اريتيريا وباب المندب بعد أن باعت أثيوبيا الشريط الساحلي الاريتري للمخابرات الصهيونية، الأمر الذي سيمكّن إسرائيل من تهديد النفوذ اليمني في المنطقة سيما أن بعض الدول العربية سلكت سلوكا عدائيا تجاه بعض الدول الأفريقية زمنذاك ، كنتيجة طبيعية لعدم وجود سياسة عربية موحدة للتعامل مع دول القرن الأفريقي بالإضافة الى تعمق الخلافات بين الدول العربية ذاتها الموجودة في القرن الأفريقي كجيبوتي والسودان والصومال مما قدم خدمة مجانية للمساعي الاسرائيلين في مواصلة اختراق المنطقة وتزامن ذلك مع زوال الخطر المصري بشكل كلي من أمام الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر بعد التوقيع على معاهدة كامب ديفيد في 16/آذار/ 1979، وشرعت الملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة ومضائق تيران وقناة السويس ، وأصبحت إسرائيل تمارس دورا يفوق حجمها الفعلي في المياه الدولية رسخ وجودها في منطقة البحر الأحمر، وفي هذا السياق شرح قائد سلاح البحرية الإسرائيلي رؤية إسرائيل المستقبلية للبحر الأحمر قائلا "أن سيطرة مصر على قناة السويس لا يضع بين يديها سوى مفتاح واحد فقط من مفاتيح البحر الأحمر أما المفتاح الثاني والأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية فهو باب المندب لذا على إسرائيل أن تعمل جاهدة للسيطرة على هذا المعبر الهام وعليها أن تطور سلاح البحرية بشكل نوعي " .

ويقول الكاتب الإسرائيلي الياهو سالبيتر عن إستراتيجية إسرائيل في البحر الأحمر أيضا " أن المتخصصين في شؤون الدفاع الإسرائيلي والمخططين يدركون جيدا مدى خطورة التهديد العربي المحدق بالبحر الأحمر مما يعطي أهمية خاصة للعلاقات الإسرائيلية مع الدول غير العربية الواقعة في شرق أفريقيا " وان التحولات الجذرية الكاسحة التي شهدها الكون بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وحلفائه وحصول اريتيريا على استقلاها من اثيوبيا وفرت لإسرائيل مناخا أفضل للعمل في شرق أفريقيا وتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي .

اريتيريا رأس الحربة الإسرائيلية في جنوب البحر الأحمر

أن إقدام اريتيريا على احتلال جزر حنيش في منتصف 15/كانون الأول/1995 بدعم وقياده إسرائيليه جرى لصالح الإستراتيجية الإسرائيلية التي تتطلع إلى تحقيق تقدم ملموس للسيطرة على البحر الاحمرحيث نجحت اسرائيل في الالتفاف على استقلال اريتيريا وتوثيق العلاقة مع حكومتها وسارعت إلى تقديم الدعم للجناح الذي تزعمه اسياس فورقي، ففي عام 1990 زار وفد إسرائيلي أسمرة برئاسة (شائول شينه) فاستطلع الوضع في اريتيريا وجنوب البحر الأحمر ومن ثم وضعت إسرائيل خطة عاجلة للتحرك نحو أفريقيا ناقشها الكينست الإسرائيلي في 16/3/1992م ، في جلسة سرية لمدة خمس ساعات ومن أهم ملامحها الأتي:-

1- التحرك نحو أفريقيا عبر البوابه الاريتيريه ،مما سيسرع في تطوير علاقات إسرائيل مع الدول الأفريقية كنيجيريا وزامبيا وتوجو وموزمبيق وكينيا، وذلك لمواجهة النفوذ العربي في أفريقيا.

2- تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي في البحر الأحمر وعلى سواحل اريتيريا والعمق الاثيوبي وقد تم أيفاد 1700 خبير عسكري إسرائيلي إلى اريتيريا في عام 1990 لتدريب الجيش الاريتيري.

3- تقوية العلاقات الاقتصادية بين اريتيريا وإسرائيل .

وعملا بذلك فقد أحكمت إسرائيل سيطرتها على النخبة السياسية في اريتيريا من خلال بناء القصور الفخمة لها وتقديم 60 منحة دراسية لطلاب اريتيريا في إسرائيل فضلا عن تبادل الزيارات الإعلامية والثقافية وقام وفد عسكري امني واقتصادي بزيارة سرية إلى اريتيريا في 13/ 2/ 1993 واستمرت الزيارة خمسة أيام أسفرت عن توقيع اتفاق مبدئي وبعدها جرى التوقيع عليه بشكل رسمي في تل أبيب في مارس 1993، بين إسحاق رابين وأسياسي أفورقي ويقضي الاتفاق بأن تتولى إسرائيل تزويد أسمرة بالخبراء الزراعيين والعسكريين وإقامة البنية الأساسية الكاملة للمجتمع الاريتيري مقابل السماح بالوجود العسكري الكامل لإسرائيل في اريتيريا وإعطاء الإسرائيليين وجهاز الموساد حرية الحركة والتنقل داخل الأقاليم الاريتيريه على أن ترفض أسمرة أية أنشطة تعاون مشترك مع الدول العربية وتأجيل فكرة انضمامها لجامعة الدول العربية إلى أجل غير مسمى ، وعلى أثر هذا الاتفاق وصل عدد الجنود الاسرائيلين في اريتيريا إلى ثلاثة آلاف جندي واستقلوا قواعدهم العسكرية في الأقاليم القريبة من السودان واليمن لاسيما قمة جبل سوركين القريبة من جزيرة ميون القريبة من مضيق باب المندب وكذلك مدخل البحر الأحمر التي وضعت عليها ردارات مراقبة السفن المارة عبر باب المندب حيث تمر أكثر من 17 ألف سفينه سنويا وحوالي 30 % من الإنتاج النفطي العالمي وفي منتصف تشرين الثاني 1995 حاولت القوات الاريتيريه (قبل المساعدة الإسرائيلية) احتلال جزيرة حنيش الكبرى بالقوة. لكنها فشلت إذ تمكنت القوات اليمنية من استعادة الجزيرة وصد القوات الاريتيريه المعتديه حيث كان ميزان القوة لا يمكن اريتيريا من النجاح باحتلال جزيرة حنيش بمفردها .

احتلال إريتريا جزيرة حنيش .

" يمثل أرخبيل حنيش مجموعة الجزر الواقعة أمام محافظة الخوجة الساحلية ويُعد الأرخبيل أقرب الجزر اليمنية إلى الممرات البحرية في البحر الأحمر، للسفن المتجهة إلى مضيق باب المندب، أو القادمة مباشرة منه ، في السّبعينيات سمحت اليمن للثوار الإريتريين بتخزين الأسلحة في هذه الجزيرة لاستخدامها في صراعهم ضد النظام الإثيوبي وبُني فنار في مطلع الثمانينيات في الجانب الشرقي من رأس عربات في جزيرة زقر ويتيح ارتفاع جبل زقر الإشراف على كل الممرات الدولية لخطوط الملاحة في البحر الأحمر ويمكن مشاهدة الساحل الإريتري من على قمة جبل زقر لذلك تتمتع هذه القمة بأهمية عسكرية كبيرة، أما جزيرة حنيش الكبرى، فتمتد من الشمال إلى الجنوب الغربي، وتبلغ مساحتها66 كم، وتوجد جنوب جزيرة زقر جزيرة حنيش الصغرى، وهي جزيرة صخرية بركانية، يبلغ أعلى ارتفاع لها عن سطح البحر 127 قدماً، وتصل مساحتها إلى 10 كم2 وتبعد عن الساحل اليمني حوالي 25 ميلاً بحرياً وعن الساحل الإريتري حوالي 47 ميلاً بحرياً، وقد بنت عليها مؤسسة الموانئ اليمنية فناراً عام 1981م " ( المنتدى العربي للدفاع والتسلح/ التاريخ العسكري العام – general military history ) .

وكانت جزر حنيش موضع نزاع بين اليمن وأثيوبيا قبل استقلال إريتريا عام 1993م وشهدت بعض الفترات موجات خلاف بينهما، مثلما حدث عام 1974م ، وتشير معظم المصادر والخرائط إلى أن إريتريا سبق لها أن اعترفت بتبعية تلك الجزر لليمن وبعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م ،وعملت اليمن على إنشاء الفنارات في الجُزر وإدارتها وصيانتها، وصُممت لتعمل بالطاقة الشمسية بالاتفاق مع شركة سيمنز الألمانية، خدمة للملاحة العالمية في الممرات الدولية للبحر الأحمر، التي تقع جميعها في المياه الإقليمية لليمن، وتعزيزاً لحقوقها التاريخية في السّيادة على جزرها في البحر الأحمر.

" فسمحت اليمن الشمالي لفصائل الثورة الإريتريـة باستخدام الجزر اليمنية في البحر الأحمر، بما فيها مجموعة جزر حنيش الكبرى خلال نضالها لتحقيق استقلال إريتريا ولم تكن تلك العناصر تتعرض للمطاردة عند دخولها إلى المياه الإقليمية لتلك الجزر، سواء خلال العهد الإمبراطوري في إثيوبيا أو أثناء حكم منجستو هيلا ماريام إدراكاً من إثيوبيا أن هذه الجزر ليست تابعة لها، كما سمح اليمن الشمالي لجمهورية مصر بالتواجود في الجزر اليمنية في البحر الأحمر خلال تحضيرات مصر لحرب أكتوبر 1973م، بموجب اتفاق سري وقعته اليمن ومصر في 12 /ايار/ 1973م ولم تعترض إثيوبيا، أو أي دولة أخرى، على ذلك القرار اليمني " ( نفس المصدر السابق ) .

ومنذ استقلال إريتريا في 25 /ايار/1993م لم تثر مشكلة جزيرة حنيش من قبل النظام الاريتيري ولم تتقدم الحكومة الإريترية بأي مطالب أو ادعاءات تحمل هذا الفحوى وواصلت الحكومة اليمنية التصرف كما اعتادت دائماً، بأعتبار تلك الجزيرة تابعة لها واستمرت باسطة سيادتها عليها من خلال وجود حامية عسكرية صغيرة فيها واستخدامها من قبل الصيادين اليمنيين كما ظلت الأطراف الخارجية أيضاً، تتصرف على أساس تبعية تلك الجزيرة للسيادة اليمنية، حتى إن الأجانب الذين يزورون جزيرة حنيش الكبرى لأغراض سياحية، كانوا يأخذون الإذن من الحكومة اليمنية ، ولكن فجأ شهدت العلاقات اليمنية الإريترية تدهوراً مفاجئاً قبيل نهاية عام 1995م ، بسبب نزاع مفاجىء فجرته اريتيريا حول ملكية الجزر وخاصة جزيرتي حنيش الكبرى والصغرى وجزيرة زقر.
وطالبت إريتريا في النصف الأول من تشرين ثاني/ 1995م، بإجلاء الحامية اليمنية الموجودة في جزيرة حنيش الكبرى، على اعتبار أنها أرضي إريتيرية، فأرسلت اليمن وفداً إلى أسمرة، للتفاوض مع المسئولين الإريتريين، حول ترسيم الحدود البحرية وتم الاتفاق، في اجتماع 7/كانون أول/1995م، على تأجيل المباحثات حول ترسيم الحدود إلى ما بعد شهر رمضان من 1996م .

الاحتلال الإسرائيلي الاريتيري للجزر اليمنيه .

أن إقدام اريتيريا على احتلال جزيرة حنيش في مضيق باب المندب هو محصلة للتعاون العسكري الاريتيري الإسرائيلي الذي بدأ في العام 1994م ، بعد إن تمكنت إسرائيل من إحكام سيطرتها على النظام الاريتيري الحديث ، وقد حاولت اريتيريا احتلال هذه الجزر في المرة الأولي في يوم 15/تشرين الأول / 1995م لكن هذه المحاولة باءت بالفشل وتصدت لها الحامية اليمنية في الجزر المكونة من 300 رجل فقط لاغير ، لكن الرئيس الايريتيري ( أسياسي أفورقي ) توجه على الفور الى إسرائيل لمقابلة إسحاق رابين في نهاية تشرين أول /1995م طالبا المساعدة وقد حصل بالفعل على صفقة أسلحة حديثة مؤلفة من ست طائرات هليكوبتر من طراز (بلاك هوك ودولفين) وطائرة واحدة من طراز (عرباه) خاصة بمهمات الاستطلاع البحري، ومنظومة رادار بحري ومجموعة صواريخ بحر/ بحر من طراز (جبرائيل) وستة زوارق بحرية من طراز (ريشيف و ساعر) وجميع هذه الأسلحة استخدمت في الهجوم الاريتيري الثاني على الجزر اليمنية في يوم 15/كانون أول/1995م ،بالإضافة الى وحدة من الجنود والضباط الاسرائيلين الذين قاموا بمشاركة القوات الاريتيريه الهجوم على الجزر وتشغيل المعدات والأسلحة الإسرائيلية بقيادة المقدم طيار (مايكل دوما).

وقد كشفت التقارير (الإسرائيلية) بعد انتهاء الأزمة بأن سيطرة إريتريا على جزيرة حنيش تندرج في إطار إستراتيجية إقليمية وقائية تنفذها (إسرائيل) تحسباً لتهديدات سودانية ويمنية وإيرانيه محتملة ، ستعرض الملاحة الدولية في البحر الأحمر للخطر أو إغلاق منافذ الوصول لميناء إيلات عبر باب المندب على غرار ما قامت به اليمن عام 1973م وأسفر الهجوم الاريتيري الإسرائيلي على جزيرة حنيش عن سقوط ثلاثة قتلى من أفراد الحامية اليمنية واحتلال الجزيره ، وقد بادرت الحكومة اليمنية الى أجراء اتصالات مع الحكومة الإريترية، بهدف احتواء الموقف وذلك تأكيداً لحرص اليمن على علاقاتها مع إريتريا، ورغبتها الصادقة في حل أي خلافات حول الحدود البحرية معها عبر الحوار والتفاوض السلمي وطبقاً للقوانين والمواثيق الدولية، ولم يلجأ اليمن لأستخدام القوة ، واكتفى بالمفاوضات المباشرة التي أفضت الى التحكيم الدولي، تلبية لنداء جامعة الدول العربيه لضبط النفس، والسعي لإنهاء العدوان بالحوار بالطرق السلمية، يستنج من حصل ما يلي :-

أ. بناء على طلب من الولايات المتحدة قامت القوات الاريتيريه بملاحقة أعضاء منظمة (جبهة حماس الإريترية الإسلامية) وطردها من الجزر للحفاظ على سلامة النظام الاريتيري .

ب. إظهار إريتريا كلاعب جديد وهام في منطقة باب المندب ، وذلك مكافئة لها على انخراطها في المعسكر الموالي لإسرائيل ، ومزاحمة اليمن في السيطرة على المضيق .

ج. إحباط فكرة عروبة البحر الأحمر من خلال اريتيريا التي رفضت إعلان هويتها العربية والانضمام لجامعة الدول العربية .

" عقب ذلك أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً في 26 أغسطس 1996 دعا فيه الطرفين إلى الامتثال لاتفاق المبادئ والامتناع عن استخدام القوة، وفي 9أكتوبر 1998م أصدرت المحكمة الدولية قرارها النهائي الخاص بالمرحلة الأولى، وقضى بملكية اليمن لجزر أرخبيل حنيش البالغ عددها (43)جزيرة ، بما فيها جزر حنيش وجبل زقر المتنازع عليهما ،وفي الأول من نوفمبر 1998م قامت إريتريا بتسليم الجزيرة للقوات اليمنية تنفيذاً لحكم المحكمة " ( الاستاذ نزار العبادي . احتلال جزيرة حنيش . أسرار المؤامرة ).

ثانيا . تنظيم القاعدة .

قبل التعمق في بحث هذا الجانب من جوانب المعضلة اليمنية علينا أن نتعرف أولا على هذه المنظمة التي تسمى القاعدة ، وهي برأيي عبارة عن إحدى تشكيلات وكالة المخابرات الأمريكية ، إن الملاحظة الاولى ، التي تستوقفني في هذا المقام هي أن غالبية قادة القاعدة الافتراضين كانت تربطهم علاقات متينة بوكالة المخابرات الأمريكية مثل بقايا المجاهدين الأفغان ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان ، أو الجيل الذي برز لاحقا مثل انور الظواهري أبو عمر المصري وأنور العولقي، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة الامريكيه ولعل هذه الملاحظة جديرة بالتأمل للتعرف على من يقود القاعدة ،الملاحظة الثانية، أن تنظيم القاعدة هو عبارة عن تنظيمات منفصلة وليست متصلة لا يربطها ببعضها البعض أي رابط تنظيمي ، الأمر الذي يسهل اختراق التنظيم ولربما العمل باسمه العديد من الأفعال ، الملاحظة الثالثة، اقتران عمليات التنظيم بالدول الاسلاميه والعربيه المستهدفة من قبل الولايات المتحدة الامريكيه ، وكافة هذه الدول ( دول المنطلق ) مدرجة ضمن الدول التي سيشملها التغير في مشروع الشرق الأوسط الجديد كأفغانستان وباكستان والصومال واليمن والعربيه السعوديه والسودان والعراق ولاحقا غزة ولبنان وسوريا ، الامر الذي يشكل مدخلا واقعيا لتداول اسماء هذه الدول من قبل الولايات المتحدة وحلفائها كدول مصدرة للارهاب وتحتاج احوالها للعلاج فيكون التدخل الخارجي بهذا المبرر بهدف احتواء الخطر أو إعادة الأعمار،إن تنظيم القاعدة يشبه القط الذي تشعل به النار ويطلق في الحقول بقصد حرقها بفعل فاعل عليه فأن كل واحدة من هذه الدول مرشحة ديارها للخراب بسبب القط القاعدي الذي سيلحقه رجل الإطفاء الأمريكي بآلاته الحربية وبعد انتهاء المهمة لربما سيستريح رجل الإطفاء في الديار بعض السنين ، بعد إن يكون قد اخذ أجرة من خزائن وثروات الأمة .

بعد مرور عشر سنوات على نشأة هذا التنظيم في أعقاب تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك في 11/9/2001م فأنه لم يقدم للأمتين العربية والاسلاميه أي عمل نافع بالمقابل فان ما حصل عليه الغرب في سياق المطاردة العسكرية الساخنة له في ساحة الشرق الأوسط فأننا سنجد بأن الخراب أنتقل من أفغانستان الى باكستان الى العراق والصومال والسودان وآلان اليمن ولاحقا الدول التي تم ذكرها في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أطلق عليه مصمموه " حدود الدم -Blood borders How a better Middle East would look " وعلينا إن نتذكر ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية أيضا كونزاليزا رايس بهذا الخصوص " بان هذه المشروع لن ينجح إلا بتضحيات كبرى كشلال الدم " إن الوصول الى مثل هذا الاستنتاج لا يحتاج الى أكثر من قراءة عادية لمسار التحولات التي نشأت في الشرق خلال السنوات العشر الماضية .

القاعدة في ارض اليمن .

ارتبط اسم تنظيم القاعدة بجمهورية اليمن بعد التفجير الجانبي للمدمرة الأمريكية ( يو.اس. اس. كول) في خليج عدن في تشرين الأول /2000م ، وقد اعتبر هذا التاريخ بداية لنشأة متغيرين هامين رافقا هذا الحدث وهما :-

المتغير الأول: صعود القاعدة .

المتغير الثاني: بداية انهيار السلطة التدريجي .

حيث سيساعد المتغير الأول في تعزيز الثاني بشكل تلقائي ، وتجلى أنحدار السلطة في عدم تمكنها من بسط سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد وعلى حدودها مع العربية السعودية ومياهها الاقليميه، لأنها تخوض صراعا مريرا في الجهات الأربعة من البلاد الأول في الشمال ضد الحوثين والثاني ضد الحراك الجنوبي في الجنوب والثالث ضد تنظيم القاعده والرابع ضد الفساد والفقر وارتفاع معدلات البطالة وانكماش عائدات النفط وتراجع إمدادات المياه ، وعدم انضباط القبائل .

أن مثل هذه المناخات تشكل ملاذا أمنا لمنظمات مثل القاعدة تتسلل الى اليمن بمساعدة الأقمار الصناعية الأمريكية وفي مثل هذه الأجواء كان لا بد إن تنتعش القاعدة التي تسعى لاستخدام اليمن كقاعدة للتدريب والعمليات فهذا البلد المحشور بين مناطق غنية بالنفط، ويقع على طرق شحن بحري رئيسة تعاني فيه القوانين من الغياب ولعله بذلك الحاضنة المناسبة لولادة ونموالابن الشرعي لامبريالية القرن الحادي والعشرين ( القاعده ) .

ومن الملاحظ هنا أن القاعدة بدأت تستهدف على نحو متزايد الحكومة اليمنية وجهازها الأمني، بما يكفل إضعاف الدولة وأجهزتها وصولا الى تفكيكها تحت وطأة الاتهام بالفشل وفي هذا السياق قال عبدالكريم الارياني رئيس الوزراء اليمني السابق " كان يتعين أن يشكل الهجوم على السفينة يو. اس.اس كول اكبر تحذير لنا من القاعدة لكن لا اعتقد أن أحدا اهتم بمحاربتها في ذلك الوقت ولذا أصبحت مواجهتها الآن أكثر صعوبة مما كان عليه الأمر عام 2000 ".
حيث جرت هذه العملية على اليمن خرابا لن تصمد أمامه الحكومة اليمنية طويلا بسبب اختلاط الأهداف النبيلة بالرذيلة والعشائري بالقانوني وأعضاء القاعدة من أبناء القبائل وتحول تفجير هذه السفينة الأمريكية الى مبرر أمريكي لرفع الغطاء التدريجي عن الحكومة اليمنية وتمهيدا لإعلان فشلها كدولة وذلك بسبب الطريقة التي تعاملت بها مع المشتبه بهم بأنهم شاركوا في الهجوم على السفينة حيث تم أطلاق سراح بعضهم و هرب بعضهم الاخر من السجون ، مما عمّق التوتر بين اليمن وأمريكا، كما رفضت اليمن تسليم اثنين من مواطنيها للولايات المتحدة واحدا منهم يعتقد بأنه العقل المدبر للهجوم على السفينه، وبدت الحكومة عقب النجاحات الأولى في اعتقال وقتل الناشطين في القاعدة بعد 9/11 غير راغبة في الاستمرار في المواجهة مع القاعدة لخشيتها من فقدان تأييد العشائر والشخصيات الدينية ، إلا أن الحكومة كثفت خلال الشهر الأول من العام 2010م هجماتها على ميليشيات القاعدة بعدما تلقت مساعدات عسكرية أمريكية ولشعورها بأن القاعدة باتت تشكل تهديدا مباشرا لها.

لكن ذلك لا يستقيم مع رضى وقبول العشائر التي تحتاج لها الآن في نزاعها مع الحوثيين في الشمال ، فهي أمام خيارات صعبة ولربما قاتلة وخطيرة ، مفادها بأن خسارتها للقبائل ستؤدي الى انتصار الحوثين ، وهذا سيجر اليمن الى المزيد من الانقسامات وأثارة شهوة التمرد لدى قبائل أخرى في حال اختلافها مع الحكومة لأي سبب كان ،أما عدم استجابتها للضغط الأمريكي لاجتثاث القاعدة فانه سيعرض اليمن لمخاطر الاستحواذ الخارجي وبدء عصر التدخلات العسكرية المدمرة التي ستبدأ بقصف مناطق القبائل ملاذ القاعدة الافتراضي .

يستنتج من ذلك بأن مطاردة الحكومة للقاعدة في اليمن قد أدت الى نتائج سلبية تشبه النتيجة نفسها التي حصلت عليها الحكومة الباكستانية جراء القصف الأمريكي لمناطق القبائل على الحدود مع أفغانستان وتزايد شعبية التنظيم في صفوف القبائل في البلدين أن كل ما تقوم به الحكومة اليمنية ضد القاعدة لا يساعدها في النجاة من الشرك أنما العكس هو الصحيح تماما كحالة النموذج الباكستاني ،أن استمرار المواجهة وتصعيدها يعني بان تنظيم القاعدة موجود وقوي ويحتاج الى المزيد من الإمكانات والتدخل الإضافي الخارجي المقترح على اليمن ، وعلى أية حال فأن حكومتي البلدين المسلمين ( اليمن والباكستان ) في ورطه قوامها سفك الدم الإسلامي ، وتقديم الوطن كهدية للاخرين وكخلاصة للجهد اليمني في محاربة القاعدة فانه تم أدراج اليمن على لائحة الدول الأخطر في العالم بسبب وجود القاعدة فوق ترابه وتحوله الى مصدر للإرهاب العالمي وفي تقرير نشره مركز سابان للسياسة الخارجية للكاتب ( لبروس رايدل ) قال " لقد تبيِّن إن محاولة تدمير طائرة الركاب الأمريكية، التي كانت متجهة عشية عيد الميلاد 2010م من أمستردام الى ديترويت، تظهر تزايد طموح جناح القاعدة في اليمن وتحولها من حركة تعمل في أطار نشاط داخل اليمن الى لاعب بارز على مسرح الجهاد الإسلامي العالمي منذ بداية العام 2009م " ( الأستاذ لبروس رايدل /مركز سابان للسياسة الخارجيه ).

وفي هذا السياق قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في كانون ثاني 2010م " إن الوضع في اليمن خطر على الاستقرار في المنطقة والعالم " وذلك بعد لقائها رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم في واشنطن وأضافت '' ونحن نرى تداعيات عالمية للحرب في اليمن والجهود الجارية للقاعدة في اليمن لأستخدامه كقاعدة لشن هجمات إرهابية على مسافات بعيدة خارج المنطقة قد تكللت بالنجاح '' وفي هذا السياق فان الولايات المتحدة وحلفائها الالمان والبريطانين والاسبان واليابانين اقدموا على اغلاق سفاراتهم في العاصمة اليمنية ، تحسبا لهجمات القاعدة ضد دبلوماسيهم هناك كخطوة مكملة لتضخيم حجم الخطر القاعدي في اليمن واجبار السلطات اليمنية على الاذعان لطلبات الغرب في ممارسة دور عسكري ضد القاعدة .

وفي سياق وصف الخطر القادم من تنظيم القاعدة في اليمن يفيد نفس التقرير " انه ومنذ اندماج قاعدة اليمن مع قاعدة المملكة العربية السعودية في بداية العام 2009م وتغيير أسمه ليصبح ( القاعدة في شبه الجزيرة العربية ) صعدت قاعدة اليمن مستوى عملياتها في اليمن نفسه، وضربت أهدافا داخل السعودية، وتحولت الآن لتعمل على المسرح الدولي ومن الواضح إن حكومة الرئيس علي عبدالله صالح التي لم تسيطر يوما بالكامل على كل مناطق البلاد، تواجه الآن سلسلة من المشكلات المتزايدة ، أصبحت معها بحاجة لدعم أمريكي كبير لكي تتمكن من هزيمة القاعدة في شبه الجزيرة العربية " ( مصدر سبق ذكره ) .

" ومن المعروف أن القاعدة كانت منذ أمد بعيد ناشطة في اليمن موطن أسرة أسامة بن لادن الأصلي كما نفذت أول هجمة إرهابية رئيسية لها في عدن عام 2000 عندما كادت أحدى خلايا القاعدة إن تغرق السفينة الحربية الأمريكية ( يو.اس.اس..كول ) لكن قبل نحو سنة توحد جناحا القاعدة في السعودية ، بعد تعرض الجناح السعودي لقمع شديد من جانب السلطات السعودية بقيادة نائب وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف " ( نفس المصدر السابق ).

ويضيف التقرير " غير أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية ما لبثت أن أظهرت مخالبها في أغسطس 2009م حينما كادت إن تنجح في اغتيال الأمير المذكور من خلال هجوم انتحاري ، بعد إن تمكن مجندها من المرور بمطارين على الأقل وهو في طريقه لتنفيذ عمليته ومن المعتقد الآن إن صانعي المتفجرات التي كان يحملها ذلك الشخص الانتحاري هم أيضا من صنعوا المادة المتفجرة التي حملها النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب لتفجير الطائرة الأمريكية عشية عيد الميلاد " .

" ففي اعترافها بمسؤوليتها عن محاولة نسف الطائرة في سماء ديترويت تباهت القاعدة في شبه الجزيرة العربية بصناعة تلك المادة التي لم تتمكن كل الأجهزة ووسائل التكنولوجيا الحديثة، ولا الحواجز الأمنية في مطارات العالم من كشفها وامتدحت القاعدة في بيانها الإخوة المجاهدين في قطاع التصنيع لتركيبهم مثل هذه المادة المتقدمة جدا وتعهدت بالقيام بالمزيد من الهجمات والحقيقة أن اليمن عمل بين فترة وأخرى خلال العقد الماضي للقضاء على القاعدة لكن دون أي نجاح يذكر ويبيّن التقرير إن سبب هذا الإخفاق هو إن حكومة الرئيس علي عبد الله صالح تواجه مشكلات كبيرة تحتاج الى من يساعدها للتغلب عليها |" .

ثالثا . القراصنه

جريمة من صناعة إسرائيل ستدفع ثمنها اليمن

تأكد لدى قيادة حلف شمال الأطلسي وفقا للعميد (مارك فيتزجيرالد) وهو احد القادة العسكريين لقوات الحلف في المحيط الهندي " إن القراصنة الصوماليون يتلقون الكثير من الإمدادات اللوجستية ويحصلون على معلومات عن مواقع السفن من متعاونين يمنيين " وروجت الصحافة الغربية لهذه القول وعلى نطاق واسع كصحيفة ( جين نوفاك ) الامريكيه، بأدعائها " أن قراصنة صوماليين يخفون سفنهم الرئيسة في المياه الإقليمية اليمنية" .

الأمر الذي يقود إلى الأعتقاد بأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن توفر تبريرات للتواجد في اليمن ومنطقة القرن الأفريقي بأي شكل من الإشكال ، والترويج عبر تقاريرها الى أن جماعات إرهابية تغادر الصومال إلى اليمن، مثلما قالت سابقا بان اليمن هو طريق عبور عناصر القاعدة الى الصومال ، وأشارت نفس الصحيفة الى أن لجنة الأمم المتحدة لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على الصومال قالت إن اليمن هو المصدر الرئيسي للأسلحة والذخيرة المحظورة ، وبحسب ما قررته اللجنة، فإن عجز اليمن عن وقف تهريب الأسلحة على نطاق واسع شكل ( عائقا رئيسا لإعادة السلام والأمن في الصومال ) ويلاحظ هنا من خلال هذا التكرار لأسماء الدول المستهدفة ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد هو تكريس التهم ضدها حيث سنجد أسماء هذه الدول ضمن لائحة الدول الداعمة للإرهاب أو الدول المارقة وهي نفس الدول الفاشلة التي تحتاج الى إعادة تأهيل من قبل الدول الناجحة وجميع هذه الدول تمتلك ثروات وفيره من الطاقة الحيوية كالنفط والغاز سواء في الشرق الأوسط أو أوراسيا أو القرن الإفريقي ويعني هذا بان هذه الدول غير قادرة على أدارة مواردها، لا بل أن وجود هذه الإمكانيات معها يشكل خطر على السلام العالمي ، ويجب إيجاد طريقه ما لرفع أيدي تلك الدول عن حقول الطاقة والنفط والغاز في أراضيها .

بناء عليه يلاحظ بأن مصمموا استراتيجيات الأمن القومي الأمريكي بعد 11/09/2001 مزجوا بين الإرهاب كمتغير تابع والنفط كمتغيرمستقل ، نظرا لقدرة كلا المتغيرين في توفير اسباب وجيه وبشكل مستمر قوامها الحفاظ على مصادر الطاقة عبر التدخل العسكري لحمايتها من الارهاب ، مما يعزز الاعتقاد بان اللهاث خلف مصادر الطاقة هو المشكل الرئيس لأستراتيجية الامن القومي الامريكي اولا وخدمة مصالح الحلفاء الملتحقين بالدائرة الامريكيه ثانيا .

ولظاهرة القراصنه أضحى أبعاد استراتيجيه أخرى،ابرز ملامحها بأن هناك قوى كبرى أستحوذت عليها واصبحت تتحكم بها وتسيرها ،ولعل الدول التي تمتلك رؤى واستراتيجيات لتلك المنطقة هي المرشحة لملاحظة أي متغير في تلك المياه وفي مقدمة هذه الدول إسرائيل والولايات المتحدة وهذه الظاهرة توازي في الاهمية تنظيم القاعدة نظرا لقدرتها الخارقة في جذب التدخلات الخارجية في منطقة باب المندب ، لأنها تهدد سلامة احد أهم الطرق البحريه في العالم .

لقد رصد المكتب الدولي للملاحة البحرية (هان)أكثر من 51 هجوما للقراصنة الصوماليين منذ مطلع العام 2010م فقط ، ويحتجزون حاليا أكثر من 50 سفينه بينها واحده تحمل 40 دبابة ، ويصل عديدهم الى 1100 رجل موزعون على أربع مجموعات ومعظمهم من خفر السواحل السابقين ويستخدمون زوارق سريعة جدا تعمل انطلاقا من السفينة ( أم ) وهم يملكون أسلحه رشاشه وقاذفات قنابل ، وقنابل يدويه ولديهم قاذفات صواريخ وهواتف تعمل بنظام الدي بي أس العاملة بواسطة الأقمار الاصطناعية وتتراوح الفديات التي يطلبها القراصنه بين مئات الآلاف وملايين الدولارات وحسب السفينة التي يستولون عليها وهويات الرهائن ، وتفيد تقديرات حديثه أن القراصنه حصلوا على حوالي 25-30 مليون دولار لغاية الآن ،ويتضح هنا أن القراصنه لم يعودوا مجرد أشخاص انتهازيين أو أنهم هاموا في البحار بسبب الفوضى التي تنهش بلدهم ، وان كانت بدايتهم بسبب هذه الدافعية ، لكن هناك قوى عالمية التقطت هذه الفوضى وجيرتها في سياق استراتيجيتها الهادفة الى تحقيق مآربها في المنطقة ولعل إسرائيل والولايات في مقدمة هذه الدول .
فأصبحت هذه الظاهرة الفوضوية تخدم مخططات الإدارة الأمريكية وإسرائيل الهادفة الى فرض النظام في الأماكن التي تسودها الفوضى ، بهذا فانه يمكننا ملاحظة أن الطوق الأمريكي الإسرائيلي حول باب المندب قد اكتمل ، بالسيطرة على اريتريا وإخضاعها وتحييد جيبوتي واستخدام جزء من أراضيها لتشغيل بعض القواعد الاستخبارية الأمريكية ، والتواجد العسكري البحري الدائم بحجة مطاردة القراصنة ، والتأهب للتدخل في اليمن، لقد شكلت اعترافات الخلية الإرهابية التي تم القبض عليها في صنعاء في منتصف العام 2009م دليلا حاسما ونهائيا على خطورة الدور الاسرائيلي والمستويات العدوانيه التي وصل أليها ،وأقرت هذه الخلية بأرتباطها الوثيق بمكتب رئيس وزراء إسرائيل مباشرة وكشفت عن الكثير من الخبايا والخطط التي تضمرها إسرائيل لليمن .

الأهداف الأمريكية والإسرائيلية

ينصب اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالدرجة الأولى على رفع يد العرب عن باب المندب والبحر الأحمر بوجه عام، وذلك من خلال التواجد المكثف لهما في نفس المنطقة ومن خلال إصدار قرارات دولية متوالية من مجلس الأمن الدولي وصولا الى تدويل منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وقناة السويس وخليج العقبة مستقبلاً ، وذلك بتمهيد الطريق التي تفضي الى شرعنة وجودهم البحري بشكل نهائي أولا والبري ثانيا فوق الجزر العربية الموجدة في عنق المضيق ، وذلك على حساب سيادة الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، ومن تتبع تصاعد ظاهرة القرصنة الصومالية ورواجها في زمن قياسي أمام السواحل الصومالية، وخليج عدن يستغرب طبيعة الصمت الإسرائيلي وعدم التعقيب على ما يحدث هناك من قريب أو بعيد ، ومما يثير التساؤل هنا أنه على الرغم من كم السفن التي تعرضت خلال العامين الماضيين للاختطافات والتفتيش من قبل القراصنة ألا انه لم تسجل حادثة اختطاف واحدة للسفن الإسرائيلية أو التي تحمل شحنات متجهة من وإلى إسرائيل.

وكذا الدورالامريكي ، ففى تقرير مجموعة الأزمات الدولية رقم 95 بتاريخ 11 /حزيران / 2009م جاء فيه " إن للولايات المتحدة قاعدة عسكرية في جيبوتي، وهي الوحيدة من نوعها في أفريقيا للتنسيق كمركز إقليمي لمحاربة الإرهاب، ودائرة اختصاص عملها الصومال، وميزانيتها السنوية 100 مليون دولار، وقد مولت المخابرات المركزية الأمريكية عددا من الشبكات والتنظيمات الصومالية لمحاربة الإرهاب، وبمساعدة من هذه الوكالة كونت في أقليم ( بوتلاند ) قاعدة عسكرية من مهماتها الاستخبارية الإشراف والتحقيق واعتقال المشتبه بهم كإرهابيين، وفرض الرقابة على الموانئ والمطارات وحماية الأجانب، أي أن الولايات المتحدة تتمتع بسلطات واسعة في إقليم بوتلاند الذي تنطلق من شواطئه عمليات القرصنة وتستطيع واشنطن التحرك لوضع حد لها أن أرادت " وفى كل مرة تثير فيها وسائل الإعلام العالميه الانتباه إلى عمليات القرصنة الخطيرة في بحر العرب ، تخرج على الفور أصوات أمريكية ذات خلفيات استخبارية تقلل من شأن القراصنه بقولها بأنه لا يمكن فعل شيء يذكر إزاء هذا الأمر، وبأن الرد محفوف بالمخاطر على أمن الملاحين والسفن والشحن وتقدم الأدلة على أن لا علاقة للقراصنة بتنظيم بالقاعدة أو بالإرهاب أو بارتباطهم بالإسلاميين.

الإعلان عن اليمن ودول القرن الإفريقي كدول فاشلة .

مفهوم الدولة الفاشلة :-

يطلق هذا الوصف على الدول التي لا تستطيع ممارسة واجبها السيادي داخل حدودها الإقليمية والدولية، وتفردها في ممارسة القوة على اعتبار أن السلطة هي احتكار ممارسة القوة وذلك بسبب بروز قوى وميليشيات أو أحزاب مسلحة أو جنرالات عسكريين متمردين أو تجار مخدرات ، تنافس الدولة على هذا الاحتكار، لتفقد الدولة تدريجيا قدرتها الوظيفية والسيادية تجاه البلاد التي تحكمها ويصبح من المشكوك فيه وجود دولة ما فوق هذه الأرض أو تلك، وعلى ضوء ذلك تصبح ( دولة فاشلة FAILED STATE ).

ويعرِّف مركز أبحاث الأزمات في كلية لندن للدراسات الاقتصادية الدولة الفاشلة بأنها حالة انهيار الدولة الجزئي أو الكلي وعدم تمكنها من أداء وظائف التنمية الأساسية وحماية أمنها العام والأمن الفردي للمواطنين وفرض سيطرتها على أراضيها وحدودها ووفقا لمؤشر مجلة FOREIGN POLICY الأمريكية التي تجري تقيما سنوياً باستخدام هذا المؤشر لتسمية الدول الفاشلة والذي يتكون من اثني عشر درجه وعاملا دال ومن هذه العوامل وجود دولة داخل دولة وبروز نخب سياسية أو عسكريه تسمح بتدخل دول أخرى والتأثير المباشر على سياسات هذه الدولة وقراراتها.

وتناول العديد من المفكرين والساسة الغربيين في أدبياتهم وخطاباتهم وتحليلاتهم السياسية، مصطلح ( الدولة الفاشلة) وتحليل مدى خطورته على الأمن العالمي وعلاقته بالإرهاب العالمي وذلك كمقدمة لإدراج الدول المستهدفة ضمن هذا الكشف وتبرير التدخل في شؤونها الدخليه وصولا الى فرض الوصاية عليها من خلال إرسال قوات دوليه أو خبراء عسكريين لتدريب قواتها المحلية وإطلاق يد البعثات الاستكشافية والتدريبه في مختلف المجالات لتمكين هذه الدولة أو تلك من بسط نفوذها على كامل أراضيها وأخيرا اللجوء الى الاحتلال العسكري المباشر لتلك الدول .

المؤشرات

تستند الدراسة في تقييمها للدول المستهدفة على بعض المؤشرات المختلفة تتراوح بين الاجتماعي والاقتصادي الى السياسي ، وسنلاحظ كيف تنطبق كافة هذه المعايير على الدول العربية مجتمعة ومنفردة وذلك لتسهيل مهمة استهدافها مستقبلا ، وتقدم الدراسة إطارا أشمل للمعايير التي تحدد بها درجة الاستقرار من عدمه داخل الدول وهذه المؤشرات :-

* المؤشر الاجتماعي :

1- صاعد الضغوط الديمغرافية زيادة السكان، وسوء توزيعهم، والتوزيع العمري، والنزاعات المجتمعية الداخلية.

2 - الحركة السلبية والعشوائية للاجئين أو الحركة غير النظامية للأفراد تخلق معها حالة طوارئ معقدة ينتج الأمراض، ونقص الغذاء والمياه الصالحة، والتنافس على الأرض ومشكلات أمنية للدولة.

3- الميراث العدائي الشديد يجعل الجماعات المظلومة تنتظر الثأر عدم العدالة،والاستثناء السياسي والمؤسسي، وسيطرة أقلية على الأغلبية.
4- الفرار الدائم والعشوائي للناس هجرة العقول، وهجرة الطبقات المنتجة من الدولة، والاغتراب داخل المجتمع .

* المؤشر الاقتصادي :

5 - غياب التنمية الاقتصادية لدى الجماعات المتباينة عدم المساواة في التعليم والوظائف والدخل، ومستويات الفقر، وتزايد النزعات الإثنية لهذه الأسباب
6- الانحطاط الاقتصادي الحاد الدخل القومي، وسعر الصرف، والميزان التجاري، ومعدلات الاستثمار، وتقييم العملة الوطنية، ومعدل النمو، والتوزيع والشفافية والفساد، والتزامات الدولة المالية.

* المؤشر السياسي :

7 - فقدان شرعية الدولة (أجرام الدولة ) فساد النخبة الحاكمة، وغياب الشفافية والمحاسبة السياسية، وضعف الثقة في المؤسسات وفي العملية السياسية ما يكثر مقاطعة الانتخابات وانتشار التظاهرات والعصيان المدني... وذيوع جرائم ترتبط بالنخب الحاكمة.

8 - التدهور الحاد في تقديم الخدمات العامـة ووظيفة الدولـة الجوهرية مثل حماية الناس والصحة والتعليم والتوظيف، تمركز الموارد بالدولة في مؤسسات الرئاسة وانهيار قوات الأمن والبنك المركزي والعمل الدبلوماسي.

9 - الحرمان من التطبيق العادل لحكم القانون وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان الحكم العسكري، وقوانين الطوارئ، والاعتقال السياسي، والعنف المدني، وغياب القانون، وتقييد الصحافة، وخوف الناس من السياسة.

10- تشتت الأمن قد يخلق دولة داخل الدولة ظهور نخبة عسكرية داخل الجيش، وهيمنة النخبة العسكرية، وظهور النزاعات المسلحة، وظهور قوة أمنية وتوازي الأمن النظامي للدول .

11- تنامي الانشقاقات داخل النخب بالدولة الانقسام بين النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة، واستخدام النخبة الحاكمة لنغمة سياسية قومية تذكر بتجارب وحدوية قومية مثل صربيا الكبرى أو التطهير الإثني.

12- تدخل دول أخرى أو فاعلين سياسيين خارجيين التدخل العسكري أو شبه العسكري داخليا في الدولة أو جيشها أو جماعات فرعية بها، وتدخل قوات حفظ السلام والقوات الدولية.

وتقسم الدراسة هذا الدليل إلى ثلاث فئات تضم كل منها 20 دولة من الدول غير المستقرة.

الفئة الأولى :-

ويرمز لها باللون الأحمر، وهي حالات تقع فعلا في مرحلة الخطر. وتبدأ بدولة ساحل العاج (المركز الأول برصيد 106 نقاط) وتنتهي بجمهورية إفريقيا الوسطى (المركز العشرون برصيد 93.7 نقطة). ومن الدول العربية تقع كل من السودان (المركز 3)، والعراق (المركز 4)، والصومال (المركز 5)، واليمن (المركز 8) داخل هذه الفئة الأكثر عرضة للفشل.

الفئة الثانية: -

فيطلق عليها التقرير أنها دول في خطر كامن "منطقة الحذر" ويميز درجة خطورتها اللون البرتقالي. وتبدأ بالبوسنة والهرسك (المركز 21 برصيد 93.5 نقطة)، وتنتهي بدولة بيرو (المركز 40 برصيد 88.1). وداخل هذه المجموعة تقع سوريا في المركز 28، وباكستان في المركز 34، ولبنان في المركز 37، ومصر في المركز 38.

الفئة الثالثة :-

في إطار احتمالية الخطر أي في مرحلة متوسطة يمكن تسميتها (حالة الترقب) وتأخذ اللون الأصفر كإشارة لاحتمالية دخولها لمراحل أعلى. وتبدأ هذه الفئة بدولة هندوراس في المركز 41 برصيد 87.6 نقطة وتنتهي بدولة جامبيا في المركز الأخير (60) لتكون أقل الدول تعرضا للفشل برصيد 82.4 نقطة. وضمن هذه المجموعة تقع السعودية في المركز 45، وإندونيسيا في المركز 46، وتركيا في المركز 49، وإيران في المركز 57، وروسيا في المركز 59. ولكن ما هي المؤشرات الأقوى والمبكرة التي قد ترجح فشل دولة ما؟ تستنتج الدراسة أنه يوجد مؤشران يشترك فيهما معظم الدول المذكورة بالدليل.
الأول: ضعف أو غياب التنمية، وتقترح الدراسة أن عدم المساواة بين الدول وليس الفقر تحديدا عامل يزيد من عدم الاستقرار.

الثاني: تجريم الدولة أو ارتكابها ما يفقدها الشرعية نظرا للفساد وعدم شرعية الحكم وغياب القانون وعدم الفاعليه ويلجأ المواطنون لمواجهة تلك المشكلات إلى تبديل ولائهم للدولة إلى قادة آخرين أو أحزاب معارضة أو قادة العصيان والتمرد وإلى الإثنيات الفرعية والدينية " ( المصدر - foren policy magazen دليل الدول الفاشلة عدد تموز/آب 2005م ) .
.
وتلاحظ الدراسة أن بعض العوامل الديموغرافية خاصة الضغوط السكانية التي تنبع من حركة اللاجئين العشوائية تنشر اللانظام بين السكان ، أيضا التدهور البيئي يوجد في معظم الدول التي تتعرض لمخاطر التفكك، كما أن قضية انتهاكات حقوق الإنسان تمثل قاسما مشتركا لمعظم الحالات .

إن عدم الاستقرار الذي يقدمه دليل الدول الفاشلة يشخص العديد من الحالات ففي الكونغو والصومال، كان فشل الدولة واضحا لسنوات معبرا عن نفسه في النزاع المسلح والمجاعات والانقلابات وتدفقات اللاجئين. وفي حالات أخرى يبدو عدم الاستقرار كامنا وغالبا ما يتضمن عناصر مزعجة من العداءات والضغوط التي تمثل فقاعات تنتظر الانفجار، وثمة حالات أكثر اتساعا تتميز بغياب القانون في بعض المناطق داخل الدول الموجودة بالدليل، لكن لم تصل غالبا إلى حد الثورة أو التمرد على مؤسسات الدولة.

وربما يتمركز الصراع في مقاطعات محلية تسعى إلى الحكم الذاتي أو الانفصال عن الدولة مثل حالة روسيا أو الفلبين، وفي دول أخرى يأخذ عدم الاستقرار شكل النزاعات المسلحة الخفيفة أو مافيا المخدرات أو سيطرة قادة الحرب على جزء مهم من إقليم الدولة مثل أفغانستان وكولومبيا والصومال.
وقد يحدث انهيار الدول في بعض الأحيان فجائيا، لكن غالبا ما تسبق ذلك دلائل، أهمها بطء انتقال السلطة بالدولة والتدهور التدريجي لمؤسساتها الاجتماعية والسياسية مثل حالتي زيمبابوي وغينيا وبعض الدول تخرج من دائرة الصراع لكنها تواجه مخاطر الرجوع عن الطريق السليم (سيراليون، أنجولا)، فقد لاحظ البنك الدولي أنه في غضون 5 سنوات، فإن نصف الدول التي خرجت من الاضطرابات المدنيه عادت للصراع ودائرة الانهيار ثانية كهايتي، ليبريا.
إن الدول العشر الأولى الأكثر عرضة للانهيار تقدم بالفعل علامات واضحة لفشل الدولة، كدولة ساحل العاج التي تحتل المركز الأول فقسمتها الحرب الأهلية إلى نصفين وهى الأقرب إلى التفكك، وستكون في انهيار تام إذا انسحبت قوات حفظ السلام الدولي، ويتبعها دولة الكونغو والسودان والعراق والصومال وسيراليون وتشاد واليمن وليبريا وهايتي. ويتضمن الدليل دولا أخرى لا يبدو عدم الاستقرار معروفا عنها على نطاق واسع، وتشمل بنجلاديش ترتيبها 17 ومصر 38، والسعودية 45، وروسيا 59
وتخلص الدراسة إلى عدد من الاستنتاجات المهمة أبرزها:-

أولا: تظل القارة الإفريقية المصنع الأكثر إنتاجا للدول المرشحة للفشل؛ إذ تندرج 7 دول إفريقية ضمن الدول العشر الأولى في ترتيب الدليل.
ثانياً: تدل الخبرة التاريخية على أن فشل الدول الكبيرة نسبيا مثل حالات الكونغو ويوغوسلافيا السابقة تخلق مشكلات إنسانية واضطرابات إقليمية لا حصر لها، وتمتد آثار انهيارها إلى الدول المجاورة بسهولة. وهناك مخاطر مشابهة في دول أخرى


تعداد سكاني ضخم مثل إندونيسيا (242 مليون نسمة) وباكستان (162 مليون نسمة) وروسيا (143 مليون نسمة) ونيجيريا (129 مليون نسمة).
ثالثا: لا توجد علاقة طردية بالضرورة بين درجة تسليح الدولة وقابليتها لعدم الفشل أي لا علاقة بين حجم الإنفاق العسكري للدولة والاستقرار، لأن 5 دول من الدول العشر الأولى على مستوى العالم الأكثر إنفاقا على الدفاع كنسبة من دخلها القومي الإجمالي مرشحة للفشل، وهي إريتريا، وأنجولا، والسعودية، واليمن، والبحرين. ( المصدر foren policy magazen دليل الدول الفاشلة عدد تموز/آب 2005م )

ولا يمنع كذلك امتلاك بعض الدول للسلاح النووي وسعي أخرى لامتلاكه كونها تقع ضمن الدول القابلة للانهيار؛ فروسيا التي تمتلك 7200 رأسا نوويا تحتل المركز 59، وباكستان التي تملك ما بين 24 إلى 48 سلاحا تقع في المركز 34، وكوريا الشمالية وإيران صاحبتا الطموح النووي يقعان في المركزين 13 و57 على التوالي.

رابعا: لا يشترط أن تحتل الدولة التي تحصل على قدر كبير من المساعدات الاقتصادية الخارجية مكانة متأخرة في الترتيب؛ فأكثر الدول تلقيا لهذه المساعدات أو التي تشهد حالة من التدخل العسكري معرضة للانهيار ويأتي بعضها في مراكز متقدمة مثل العراق والبوسنة وسيراليون والكونغو أيضا فإن الدول ذات الحكومات المنبوذة مثل كوريا الشمالية والسودان والتي تحصل على قليل من المساعدات عرضة أيضا للفشل.

خامسا: لا تمنع حالات التدخل الخارجي من إمكانية فشل الدولة، الكونغو التي يتواجد بها 16 ألفا من قوات حفظ السلام تحتل المركز 2 في الترتيب، وهايتي المركز 10، وأفغانستان المركز 11، والبوسنة المركز 21. كما أن العراق الذي تحتله الولايات المتحدة يأتي في المركز الرابع.

أيضا تشير هذه الدراسة إلى أن الانتخابات رغم أنه ينظر إليها عالميا كونها عاملا مساعدا في تقليل الصراع وتخفيف حدته، لكن الديمقراطية الانتخابية لا تترك إلا أثرا متواضعا على استقرار الدول إذا طبقت عقب اشتعال نزاع أو حتى وجود حالة من التمرد الطفيف، وتشهد بذلك حالات مثل العراق، رواندا، كينيا، فنزويلا نيجيريا وإندونيسيا بل إن دولة مثل أوكرانيا ترتب كدولة تحمل مخاطر عالية للفشل بسب النزاع الانتخابي الذي حدث العام الماضي.
سادسا: إن الدليل يضم بعض الدول النفطية الغنية مثل العراق وتشاد وفنزويلا رغم أن أسباب قابليتها للفشل متعددة، لكن دولا مثل السعودية وإندونيسيا والبحرين ونيجيريا وغيرها عليها أن توفر قدرا أكبر من الاستقرار حتى لا تدفع ثمن ملء خزاناتها بأموال النفط بثمن سياسي باهظ.

سابعا: تنوه الدراسة بخطورة عدم الكشف عن الدول القابلة للانهيارلأن عدد التغطيات الإعلامية التي تتحدث عن معظم هذه الدول لا تتناسب مع وضعها الخطر فالعراق مثلا قد نشر عنه 5 أضعاف ما ينشر عن أفغانستان والبوسنة وحتى الدول التي تسبقه في ترتيب الدليل وهي ساحل العاج والكونغو والصومال.

وأخيرا، يقر واضعو هذا الدليل أن تعريف المؤشرات باعتبارها مقدمة لفشل الدول أو انهيارها مهمة سهلة إذا ما تم مقارنتها بالبحث عن حلول بارعة لهذه المشكلة، لكن تسليط الضوء على الدول المنهارة تبقى خطوة أولى شديدة الأهمية على هذا الدرب.

خلاصة

أن نتيجة الصراع العالمي على منطقة باب المندب سيكون لها ضحية واحدة هي اليمن ومن خلفها الامة العربية ، وذلك بعد أن تخلت اريتيريا عن جزء من ساحلها المطل على المضيق للاسرائيلين ، والتهمت الفوضى الطاحنة ارض الصومال العربي ، واستحواذ اسرائيل على القراصنه ، فأن اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وحلفائهم هم المستفيدون الوحيدون من هذه النتيجة ، سواء بقيت الفوضى على حالها ، أو تم تنظيمها فان هذا ايضا سيكفل لأسرائيل حضورا مؤكدا فوق اليابسة اليمنية في أطار دورها المتفق عليه مع الولايات المتحدة ضمن اتفاقية محاربة الإرهاب وتهريب السلاح عبر البحار التي وقعتها وزيرتا الخارجية الأمريكية والإسرائيلية في كانون ثاني /2009م مما يؤهل اسرائيل للعب دور أساسي ومحوري في كافة بحار الأرض .

ولعل التدويل هي وصفة رأسمالية القرن الحادي والعشرين لاختراق الدول واعادة استعمارها ، وهي ذات الوصفة التي تضمن لإسرائيل دورا وحضورا ومشاركة ضد كل ما يحيط بها من مخاطر وضمان حرية التجوال لزوارقها وسفنها ( القرش القاتل ) وغواصاتها التي تجوب كامل بحار المنطقة الوقعة بين سواحل إسرائيل وبحر العرب إن سعى اسرائيل ما بعد الحرب الباردة لتحقيق هدفها الاستراتيجي بأعتمادها كقوة إقليمية في العالم قد تحقق وهذا الدور هو احد تجلاياته التاريخيه ، وهو دور أحلالي حل محل العرب كقوة اقليمة قطعت كامل المسافة اللازمة لضمورها وتلاشيها .


"عن وكالة معا الأخبارية"


http://dhal3.net/smc/news.php?action=view&id=569
فارس لبعوس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دوله اليمن الجنوبي واسباب الفشل في تاسيسها... علي العيسائي المنتدى السياسي 0 2010-11-29 06:09 PM
أيهما محدد لاستقلال الشعوب العامل الخارجي أم الداخلي ؟؟؟؟ د.حسن صالح حسن (قمندان لحج ) المنتدى السياسي 4 2010-07-31 01:34 AM
تحدث تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية عن الوضع السياسي الداخلي في اليمن السهم الجنوبي منتدى التوثيق 10 2010-03-16 05:27 PM
تغطية يوم الأسير في الإعلام الخارجي Ganoob67 المنتدى السياسي 9 2010-03-12 07:49 AM
غالب يرفض مناقشة النظام الداخلي لنقابة الصحفيين خارج اليمن -خوفاً من الفضيحه ابو شريف الحدي المنتدى السياسي 7 2009-05-24 03:11 PM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر