الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-31, 06:56 AM   #1
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي حكاية حزينة !

قصّة عشق داعشيّ لأم كلثوم يترحّم على “أمل حياتي”

​الجديد برس : منوعات
“كنت بميل لسماع الأغاني القديمة، أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز بقى، وكنت بشجع الأهلي”. قال شاب مصري مجهول انضم للجماعات المتطرفة في سوريا خلال الفيلم الوثائقي المثير للجدل الذي عرضته قناة الجزيرة بعنوان “في سبع سنين بين الإلحاد والتشدد الديني.. التحولات التي عصفت بشباب مصر منذ ثورة يناير”، إذ يعرض الفيلم قصص عدد من الأشخاص الذين قادهم التوغل داخل طُرقات الحكم الإسلامي إلى الإلحاد أو التطرف، باعتبار فقه الدولة الإسلامية أصبح فيما مضى طرحًا ظهر بقوة بعد ثورة 25 يناير، مرورًا بفترة حكم الإخوان المسلمين وصولًا إلى لحظتنا الحالية.
ما شأن أم كلثوم بداعش؟
ولكن ما شأن أم كلثوم بداعش؟ ولماذا اخترت هذا الشاب تحديدًا لأتحدث عنه؟ ربما لأنه من النادر أن تستمع إلى متطرف منضم إلى داعش يتحدث عن أم كلثوم والنادي الأهلي، وكذلك لأن جميع من سار في درب الثورة يومًا ما لا بد أنه قد قابل أحد الأصدقاء والرفاق يشبه في قصته قصة مجهولنا المُلثم، بيد أن من نعرفهم غالبًا قد تراجعوا عن ذلك الطريق الذي يبدأ من صحراء الواحات أو سيناء وينتهي في سوريا.
الُملثم الذي قال إن النقطة الفارقة في سيناريو انضمامه للجماعات الجهادية ممثلة في تنظيم داعش كانت ما أسماه انقلاب 30 يونيو، وذكر بأنه شعر بالحزن مصاحبًا لحالة من الانهيار والبكاء فور إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي -وزير الدفاع حينها- عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، واقتبس منه حرفيًا قوله: “حسيت إن الإسلام سقط”، وهذا تحديدًا ما يمكن أن نقول بأنه قد تكرر على مسامعنا مرارًا ولم يعد يفاجئنا، ولكن حينما سأل مخرج الفيلم غريبنا الداعشي عن أحواله قبل تلك اللحظات، ماذا كان يسمع من أغانِ وأي نادٍ كان يهتف باسمه، تحوّلت النبرة من الشخص المُخيف إلى الطفل الذي كأنه رأى أمه بعد سنوات من الفراق، فبدأ فورًا في سرد لحظات لطيفة جمعته بها، مشهد أشبه بلقطات الأفلام الأجنبية حينما تبدأ في عرض (فلاش باك) عن حياة مُجرم ما، ونرى أن هذا الوحش المخيف والمكروه كان يومًا ما “إنسانًا عاديًا”.
في وقت راوغ وتهرب أقرانه من ذلك السؤال قال هو: “أجمل أغنية بحبها هي أمل حياتي بتاعت أم كلثوم”، ويُمكنك ملاحظته بسهولة وهو يقوم بهز رأسه طربًا بمجرد ذكر اسم الأغنية وكأنه يترحم على تلك الصباحات التي بدأت على أنغام كوكب الشرق، ثم بدأ في ترديد كلماتها حسب ما يتذكر بصعوبة بما أنه محروم منها بحكم طبيعة حياته الجهادية حاليًا: “وإنت معايا يصعب عليا/ رمشة عينيا ولا حتى ثانية/ يصعب عليا ليغيب جمالك ويغيب جلالك، تقريبًا حاجة زي كدة يعني”، وعلى الرغم من أنه قد استبدل دلالك بجلالك ربما لطبيعة الحياة القاسية الجديدة، لمست اختلافًا واضحًا بينه وبين زميليه اللذين قال أحدهما إن تلك الأيام هي الجاهلية بالنسبة له ورفض ترديد كلمات أغنية “أنا وشادي” لفيروز، بل قال إنه نسي اسم الأغنية، في حين اكتفى زميلهم الثالث بالقول إنه يستنكر تلك الأيام تمامًا.
وبالعودة لمجهولنا المُلثم عاشق أم كلثوم، وفي لقطات أخرى تحدث فيها عن الرياضة وتحديدًا كرة القدم المعشوقة الكبرى للمصريين، فبسؤال مجهولنا عن انتماءاته الكروية قال: “كنت بشجع الأهلي، لكن دلوقتي بقيت بشجع فرق أوروبا خلاص بقينا عالميين بقى، إنت عارف الجهاد العالمي ملناش في المحليات”.
حتى الآن ربما قد يظن البعض أن الإجابات عادية وأنني قد أكون استشعرت حنينًا مزيفًا قادمًا من بين كلمات “عاشق أم كلثوم” لرغبة مني في ذلك، فبدأت في وصم رحلته بالندم أو أن أتقوّل عليه بما لا يحمله، ولكن إذا فاتتك حركات جسده التي لا تحتاج إلى خبير حركات جسد ليشرح لك مدى تقلب وتشتت هذا الشاب بفِعل الحنين وهو يحكي ذكريات حياته العادية، فلن يفوتك اعترافه بالندم على تلك الرحلة في ما أعتقد أنه مفاجأة الفيلم الأكبر بلا شك، داعشي يُعلن ندمه على الطريق الذي سار فيه وعلى الرغم من محاولته الظهور متماسكًا قويًا كعادة الجهاديين، إلا أن مجرد سيرة أم كلثوم وفيروز وعبد الوهاب والأهلي كان كافيًا لزعزعة جلسته المستقرة.
“كنت أظن التنظيمات الجهادية تطبق ما يقولونه في الكتب، لكن الحقيقة ليست كذلك”. وبسؤال مخرج الفيلم عماذا يقصد بقوله “ما في الكتب”، شرح أن ما قرأه كان عن دولة الشريعة التي تحكم بين الناس بالعدل وتؤمن أرزاقهم، تعلم الناس وتقضي على الجهل والفقر، وبالطبع الحفاظ على الشكل الإسلامي القوي للدولة من إجبار على الزي الشرعي وإغلاق المحالّ التجارية في وقت الصلاة. إلخ، وهو ما لم يجده في التنظيم الذي ارتحل إليه بعد قدوم السيسي إلى الحكم بثلاثة أسابيع.
وهنا كان السؤال الأهم الذي طُرح عليه، فإذا كان ما هاجر إليه يختلف على أرض الواقع فلماذا هو مستمر هناك؟ وبعد نحو ثلاثين ثانية قضاها في تشتت واضح للغاية وتغيير في وضعية جلوسه تنم على أن السؤال قد أصاب كبد الهدف فاهتز له، أجاب بكل صراحة: “زي ما كنت بنزل مظاهرات الإخوان المسلمين وأنا مش مقتنع بأي حاجة بيقولوها”، ويكمل: “في مصر كان في بدائل، يعني الشاب مننا كان ممكن لو معجبهوش سكة الإخوان وسكة التيار الإسلامي عامة، خلاص يرجع الكلية بتاعته بيته ويكمل حياته العادية”. مجهولنا أنهى حديثه بجملة مباشرة مفادها: “مسألة عودتك للحياة العادية الطبيعية صعبة، وبالتالي محتاجة ترتيب، ونحن في مرحلة الترتيب”.
لا أعلم إلى أي مدى تورط “عاشق أم كلثوم” في العمليات الجهادية، ولكني أعلم تمامًا أنني واحد من هؤلاء الذين يتحدث عنهم فيلم الجزيرة وهم بالملايين في مصر، كنا على شفا أن نسلك نفس الطريق إلى التطرف الديني الأعمى، والذي كان سيقودنا بلا شك إلى حمل السلاح يومًا ما. الأبواب كانت عديدة ومُغرية ومُقنعة لعقول ظلت مغلقة حتى 25 يناير ثم تفتحت على آلاف الجبهات السياسية والأنظمة والفلسفة والفيزياء والإلحاد والانتخابات والتظاهرات وسط وقت ضئيل تُرك لنا كي نتخذ قراراتنا. الأبواب المفضية إلى التطرف تعددت بين جماعات تشجيع كرة قدم وأحزاب سياسية عملت كغطاء لتنظيمات جهادية. لك أن تتخيل أن الآلاف من الشبان خرجوا من مدرجات ملاعب فريقهم المُفضل مباشرة إلى أبواب داعش، ولم يردعنا عن دروب حمل السلاح إلا صديق له باع في ترتيب أفكاره وكبح جماح غضبه وتقدير حالتنا المشتتة هذه، وربما لم يجد مجهولنا مثل هذا الصديق، لذا لا أجد حرجًا في أن أتمنى ألا يكون “الأهلاوي عاشق أم كلثوم” لم يلوث يديه بعد بالدم، عسى أن تكون هناك رجعة يومًا ما إلى ما ينشده من حياة طبيعية، يستمتع مُجددًا بأغنية من أغانيه المفضلة في مقهى يعرض مباراة أوروبية كما أصبح يُحب، حينها سيعرف أنه لم يُخطىء فقط في الطريق الذي أمضى فيه نحو ثلاث سنوات، لكنه أخطأ في سرد كلمات أغنية أمل حياتي أيضًا.
بلال همام

التعديل الأخير تم بواسطة طبيب العقول ; 2019-01-31 الساعة 07:00 AM
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2019-01-31, 06:59 AM   #2
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

كيف تصبح إرهابياً؟

لا أحد يقرر أن يصبح إرهابياً منذ البداية. لا أحد يقرر أن ينتقل من طبيعته المسالمة إلى ممارسة القتل بأبشع صوره في لحظة إشراق معرفي أو روحي. قرار التحول من حالة (الإنسان الطبيعي)، إلى حالة (الإنسان الإرهابي) ليس قرارا واعيا في كل مراحله، بل هو قرار انسيابي، يبدأ متدرجا؛ ليمر بمراحل من التحولات الفكرية والنفسية، التي تبدأ بشكل من التدين الطبيعي، ثم التشدد الديني، ثم الاندماج في خطاب التحريض نتيجة الاستعداد المسبق الذي يضع الأرضية لهذا الاندماج، إلى أن يصل الفرد إلى تفجير نفسه في الأبرياء، أو – إن كان أقل شجاعة - إلى العمل الميداني لنقل الأبرياء من حالة البراءة الدينية إلى حالة الإرهاب.


ثمة جدل كبير حول دور (مقولات التكفير) في العمل الإرهابي: هل هي دوافع أولى للفعل، تسبق الفعل، أم هي مبررات لاحقة؟


أيا كان الأمر، فلاشك أن العلاقة هنا جدلية/ تفاعلية، فمقولات التكفير تدفع؛ بقدر ما تبرر، والأهم، أنها تصنع بيئة مجتمعية غير سوية، تنقل الإرهاب من فضاء الجريمة المدانة اجتماعيا ودينيا، إلى فضاء الفعل المقدس المشرعن دينيا واجتماعيا.


ومن المعلوم أن تغذية الإرهاب بالموارد البشرية والمادية هي ما تُبقي جذوة الإرهاب حيّة على مدى سنوات طوال. وطبيعي أن هذه التغذية لا تحدث في مجتمع ينظر إلى الإرهابي بوصفه إنسانا منحرفا/ ساقطا على مستوى الأفكار والسلوك، ولا في مجتمع ينظر إلى فكر التكفير بوصفه انحرافا دينيا يستحق مُروّجه النبذ والتهميش، بل والتبليغ عنه ليكون في مكانه الطبيعي مع عتاة المجرمين من القتلة والسرّاق ومروجي المخدرات ومنتهكي الأعراض.


أعود لما بدأت به أولا، وهو أن الشاب لا يقرر – إذ يقرر التدين – أن يصبح إرهابيا. الحالة المرضية التالية تبدأ طبيعية أو شبه طبيعية. الواجهة الأولى لحالة التدين التي يتم استقطاب الشاب إليها لا تشي بالعنف ابتداء. المطلوب في البداية شيء جميل، المطلوب فقط، أن تصبح ملتزما بفرائض الدين الأساسية من صلاة وصوم وزكاة، وأن تبتعد عن المحرمات الأساسية، خاصة المحرمات المرتبطة بالانحراف السلوكي. وهذا ما يجعل كثيرا من العائلات تفرح بتدين أبنائها فترة المراهقة؛ لأنها تعتقد أنها بهذا التدين تضمن استقامتهم، وتطمئن إلى أنهم سيصبحون رجالا أسوياء في المستقبل القريب، ينفعون أنفسهم، و- بتأكيدات التدين على البرّ – سيصبحون أكثرا برا بوالديهم؛ فلا يذهب استثمارهم في هؤلاء الأبناء هدرا (على اعتبار أن الإنجاب في السياق العربي مجرد مشروع استثمار!).


إلى هنا، والوضع طبيعي، بل هو المطلوب عقلا ودينا. لكن، لا يتوقف القائمون على تديين الشباب (وهم في الثلاثين سنة الماضية: سدنة الخطاب الغفوي وكوادرهم العاملة في الميدان) عند هذا الحد الطبيعي؛ لأنهم لا يريدون في الحقيقة شيئا طبيعيا. ولتجاوز الحد الطبيعي؛ يقوم العاملون في ميدان التديين بزيادة الجرعة، وذلك بالتشديد وتوسيع دائرة المحرمات، واختيار أشد الأقوال فيها، وترميز أصحاب هذه الفتاوى المتشددة؛ بحيث يصبح الشاب لا يقبل إلا منهم، وفي المقابل يعد العلماء الذين يختارون التيسير (ويجنحون إلى الإباحة فيما لم ترد فيه نصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة) مجرد وعاظ من الوزن الخفيف، بينما يعد دعاة التشدد علماء ربانيين مخلصين ومتبحرين في علوم الدين.


في هذه الأثناء التي يتحول فيها الشاب إلى الفقهيات المتشددة، ينقله دعاة الغفلة من تدينه الخاص إلى مسؤوليته عن التدين العام، ثم إلى مسؤوليته عن عموم أحوال المسلمين، كل المسلمين. يشحن هؤلاء الوعاظ الغفويون عقل الشاب وروحه بأمجاد أمته، ويحملونه مسؤولية إصلاح عشرة قرون من الأعطاب الكبرى التي أضاعت ذلك المجد التليد، ويضعون أمامه كل مأساة للمسلمين في كل العالم؛ لكي يسهم في حلها بشكل مباشر؛ وإلا أصبح خائنا للإسلام والمسلمين.


هنا، يقع الشاب في قبضة إيديولوجيا الحراك المتأسلم، هنا يصبح كادرا عاملا من حيث يشعر أو لا يشعر، وينتقل من حالة التدين الطبيعي، إلى حالة الاستنفار الذهني والروحي لتغيير مسار التاريخ. المهم هنا، أن هذا الانتقال الخطير من الخاص على العام لا يتحقق إلا على قنطرة التشدد الديني، وهي قنطرة تختلف بداياتها عن نهاياتها كثيرا. في نهايتها، ينظر الشاب إلى حالته الأولى من التدين بوصفها ضلالا، إنه يتأمل حالة تدينه الأول المرتبط بأساسيات الدين بوصفه تدينا أنانيا لا يكفي للنجاة في الآخرة.


وهكذا يصبح التدين الحق (المنجي من عذاب الآخرة/ الخلاص) ليس فقط مجرد التدين/ الالتزام الديني، وليس فقط التدين المتشدد، بل التدين الذي يأخذ على عاتقه إصلاح عالم المسلمين؛ ليكون عالما للمتأسلمين المتشددين، بحيث يُهمنون عليه باسم (الإسلام الصحيح)، في مقابل الإسلام غير الصحيح، والمقصود به: إسلام المسلمين.


المثالية والنقاء والغيرية والتوهج الروحي.. إلخ التي يتمتع بها الشاب في مرحلة المراهقة، وما بعدها بقليل، إضافة إلى ضعف وعيه بتعقيدات العالم من حوله، يستغلها المتأسلمون فيه غاية الاستغلال. أذكر وأنا في الثامنة عشرة، كيف أن بعضهم أراد استغلال عاطفتي الدينية ومثالية المراهقة لدي، من أجل تحويلي من حالة التدين الخاص إلى حالة التدين العام. كان هؤلاء يُهدونني بين الحين والآخر أشرطة عن الجهاد الأفغاني، بعد أن سبقوا ذلك بأشرطة وعظية لتعزيز التشدد الديني. لا أزال أذكر كيف كنت أسمع مآسي الأفغان، حيث أبشع صور القتل والاغتصاب والإبادات الجماعية، فأكاد أنفجر غضبا من هول ما أسمع. كنت كلما سمعت شريطا من هذه الأشرطة، أغضب من نفسي؛ لأنني لا أعمل شيئا، وأغضب من مجتمعي ومن وطني ومن المسلمين جميعا.


طبعا، كأي مراهق، لم أكن أعرف تعقيدات الوضع السياسي محليا وعالميا، لم أكن أعرف معنى المعاهدات الدولية، ولا ماذا يعني البعد الجغرافي وسيادة الدول على أجوائها، وكنت أتصور أن بإمكان وطني أن يوقف المأساة الأفغانية في يوم واحد، وذلك بإرسال طائرات لضرب المعتدين في أفغانستان، وكنت أعتقد – كأي غر ساذج - أننا قادرون على تحدي العالم، بل ومقاطعة العالم أجمع.. إلخ من الأوهام المدمرة التي لا يزال كثير من جماهير الغفوة يُقاربون واقعهم من خلالها؛ فينتهون إلى ما يشبه الجنون.


إن تبسيط العالم على هذا النحو، مع تحميل النفس والمجتمع والوطن مسؤوليات أممية كبرى، هي أزمة كثير من الشباب المتدين. ليس كل الشباب يتجاوزون هذه الأزمة بسلام، ويفهمون العالم كما هو، بكل تعقيداته؛ فيصبحون أكثر واقعية/ عقلانية. كثيرون لم يتجاوزوا هذه المراهقة؛ حتى وإن لم يرتكبوا عملا إرهابيا مباشرا. ولهذا، فهم غاضبون على أنفسهم وعلى مجتمعهم، وعلى وطنهم، وعلى كل الدول الإسلامية التي يرونها متخاذلة، إن لم تكن متآمرة على المسلمين وعلى (الإسلام الصحيح!). ومن هنا نفهم، لماذا لا يدين هؤلاء الإرهاب والإرهابيين بشكل صريح، بل لماذا يُظهر كثير منهم تأييده للإرهاب في ثنايا القول، ويستغلون كل فرصة للتعبير عن غضب مُحرق، بل وعن حقد مكتوم.


إن هؤلاء الغاضبين هم الوقود الجماهيري للحراك المسلم الذي يستخدمهم كزخم جماهيري يُزاحم به خصماءه في الساحة الدينية والسياسية. جماهير الغضب الحماسي اللاواعي، هم إما أنهم متدينون متشددون ولكن بسذاجة، وإما أنهم مأخوذون بحالة الحماس الجمعي التي يذكيها المتدينون المتشددون في الفضاء المجتمعي العام. وهذا يفسر كيف أن بعض الإرهابيين لديهم حماس ديني عام، بينما لا تشي لغتهم وتصرفاتهم بأنهم منخرطون انخراطا مباشرا في الحراك الديني المتشدد، بل إن بعضهم من أصحاب السوابق الانحرافية الخطيرة التي لم ينزع عنها إلا قبل ارتكابه العمل الإرهابي بأشهر، وربما بأيام؛ فوجد أن تفجيره لنفسه أقصر طريق إلى تكفير كل تلك الآثام العظام.


إذن، ليس شرطا أن تكون متشددا؛ لتكون إرهابيا. يكفي أن تعيش في فضاء عام يصنع المتطرفون المتشددون توجهاته الكبرى التي تتواشج فيها البُنى العقائدية التأسيسية مع النزعات العاطفية الجامحة. وعندما تكون مراهقا - أو كمراهق – في رؤيتك الأحادية والمثالية للتاريخ وللواقع؛ يسهل استغلالك؛ لتكون في البداية قنبلة غضب، تتحول إلى قنبلة من الأحزمة الناسفة التي تستهدف المصلين، أولئك الذين سيصبحون في نظرك مجرد مشركين؛ لأنهم لا يؤمنون بحرفية (إسلامك الصحيح).


إن صناعتك كأرهابي، أي كقنبلة قاتلة، تبدأ من طبيعة التدين الذي تسمح له بأن يحتويك فكرا وعاطفة. الثقة العمياء بكل مصادر التديين هي التي تقودك إلى التدرج في سلم التشدد من حيث لا تشعر؛ لتجد نفسك مقتنعا تمام الاقتناع بأن تدينك الفردي لا يكفي، حتى ولو كان تدينا متشددا، وبأن عليك مسؤولية إصلاح العالم ولو بالقوة، وفي هذه الأجواء تصبح كل مأساة للمسلمين على ظهر هذا الكوكب تضغط عليك لتتقدم خطوة إلى الأمام في طريق الإرهاب، بل وتصبح جنايات الطوائف الأخرى التاريخية – الحقيقية أو المتوهمة – بحق طائفتك من مسؤولياتك، وبالتالي، فإن عليك أن تعدل – ولو بالقتل والإرهاب – مسار التاريخ القريب والبعيد؛ حتى يعتدل مسار الراهن.
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2019-01-31, 07:01 AM   #3
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2019-01-31, 07:02 AM   #4
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2019-01-31, 07:06 AM   #5
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2019-02-03, 07:29 AM   #6
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

.................................................. ........ملف مرفق 172

التعديل الأخير تم بواسطة طبيب العقول ; 2019-06-17 الساعة 01:55 AM
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
حزينة, حكاية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور حزينة اروع صور حزينة معبرة جدا 2014 الريس مارك منتدى الكمبيوتر والبرامج 0 2014-01-17 07:49 PM
تحميل مسلسل حكاية حياة الحلقة الحادية عشر 11 , مشاهدة مسلسل حكاية حياة الحلقة 11 بجودة عالية سمر تونا منتدى الكمبيوتر والبرامج 0 2013-07-20 12:50 PM
تحميل مسلسل حكاية حياة الحلقة السابعة 7 , مشاهدة مسلسل حكاية حياة الحلقة 7 بجودة عالية سمر تونا منتدى الكمبيوتر والبرامج 0 2013-07-16 12:12 PM
تحميل مسلسل حكاية حياة الحلقة 3 , مشاهدة مسلسل حكاية حياة الحلقة 3 بجودة عالية ميسا موجان منتدى الكمبيوتر والبرامج 0 2013-07-12 01:00 PM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر