يمكن هيكلة الجيش .. ولا يمكن هيكلة القبيلة ! | بقلم : احمد عمر بن فريد

[اسدالجنوب]

انحنت الكثير من القيادات السياسية والعسكرية في منظومة سلطة الاحتلال " مؤقتا " للعاصفة الإقليمية والدولية , واستجابت مرغمة لعملية خلع أضراسها الممسكة بقوة بجميع مفاصل السلطة في صنعاء على النحو الذي تقرر لها ان تفعله في إطار ما سمي ب" هيكلة الجيش اليمني " .. فرأينا قائد الحرس الجمهوري على سبيل المثال يرتدي بذلته المدنية ويمارس عمله المدني في مكتبه " المدني " أيضا ! .. ورأينا اللواء علي محسن الأحمر يقوم شخصيا بعملية التسليم لخلفه استجابة لقرارات الرئيس هادي .
في تقديري الشخصي ان " الأسباب الحقيقية " التي دعت هذه القوى مجتمعة للاستجابة " المؤقتة " .. لمجموعة القرارات التي صدرت بحقها , يعود إلى ان طريقا آخر خلاف ما حدث يعني أنها سوف تخسر كل مالديها من مكاسب وفرص أخرى يمكن ان تلوح أمامها في اي مرحلة قادمة من مراحل الصراع السياسي في صنعاء . وعلى هذا الأساس فضلت ان تخرج من الملعب بتلك " الطريقة السينمائية " التي شاهدناها , لتكتفي بالمراقبة عن كثب انتظارا للفرصة السانحة القادمة – حتما - للعودة مرة أخرى إلى الملعب الذي تعتقد انه يخصها وحدها دون سواها من الشخصيات الأخرى الموجودة حاليا على الساحة بما فيها حتى الرئيس عبدربه منصور هادي الذي لا يتجاوز في منظورها دور " المحلل " فقط ... وللواهمين بخلاف هذا سيكون بيننا وبينهم الزمن !
لكن المؤسف في الأمر .. أن العقلية الجنوبية " العاطفية " في تركيبتها , غالبا ما تتأثر بشكل كبير مع ما يطرأ من تغيرات سطحية على الساحة التي تنزف فوقها ترابها , حتى ان عواطفها القاتلة غالبا ما تذهب بها بعيدا إلى حد " التصديق والإيمان " بأن هنالك تغييرات حقيقية تحدث أمامها .. وأنها هي من تقوم بها !! .. وأن من هو " منا وفينا " بات ممسكا بزمام الأمور ومتحكما في عميلة نقل أحجار الشطرنج على النحو الذي يريد ونريد أيضا !! .. ان مثل هذه الحالة التي تجتاح " بعض الجنوبيين " حاليا مع الأسف الشديد يمكن ان نطلق عليها حالة " السكرة الثالثة " .. على اعتبار ان حالة " السكرة الأولى " كانت قد اجتاحتنا جميعا يوم 22 مايو1990 متحت وهم الوحدة , ثم جاءت الثانية لتجتاح الجنوب مع ذهولي انا شخصيا مما كنت أشاهده أثناء ما سمي ب " بثورة التغيير " عام2011 م, ثم ها نحن نخشى الآن – وان كان على نحو اقل – من تداعيات " السكرة الثالثة " المصاحبة لهذه العملية التي تسمى بهيكلة الجيش اليمني ! .. ومن هذا المنطلق يهمنا كثيرا ان ننبه إلى ان عاملا حاسما لا يمكن ان يتغير أبدا في الشمال وهو " العقلية القبيلة " .
ان عملية إعادة توزيع المناصب القيادية العسكرية و المدنية أو تدويرها في لعبة " الكراسي الموسيقية " الخطيرة جدا , يمكن ان تحدث كما شاهدنا بكل سهولة ويسر من قبيل " الاضطرار " لا اقل ولا أكثر , لكن الأكيد في الأمر ان عملية " هيكلة القبيلة " التي هي بينة المجتمع ككل , ستبقى من سابع المستحيلات ان تحدث في الجمهورية العربية اليمنية , على اعتبار ان " العقلية القبيلة " ذات الخصائص السلبية الفريدة من نوعها هناك , تختلف بشكل كلي عن عقلية القبيلة في الجنوب ! ... لأن القبيلة في الجنوب يمكن ان تتواءم مع أنظمة الدولة وقوانينها وتخضع لها " طائعة " في حين ان توقع حدوث امرا مماثلا في الشمال يبدو كما أسلفت من المستحيلات الكبرى.
ولأن " القبيلة " في الجمهورية العربية اليمنية عصية على دولة النظام والقانون , ستبقى هذه العملية التي أقاموا لها الدنيا ولم يقعدوها استبشارا وتهليلا وتفاؤلا بها – ونقصد هيكلة الجيش – مقارنة بهيكلة القبيلة , لن تتجاوز في أهميتها وصعوبتها حل لعبة الكلمات المتقاطعة ... فكيف يمكن للرئيس هادي ان يعيد تشكيل عقلية القبيلي الراسخة والمتجذرة في الممارسة السلبية المتناقضة مع الدولة المدنية وشروطها , وهي العملية التي فشل في تنفيذها الرئيس السابق إبراهيم الحمدي وقدم في سبيل خوض غمارها رأسه ! ونخشى ان ينطبق ذلك النموذج البائس على أخينا في الجنوب عبدربه منصور هادي !
القبيلي في الشمال .. جعل من الدولة وسيلة للعيش ببذخ يتجاوز حدود المعقول قياسا إلى مستويات المعيشة مع نظرائه من الجنوبيين , لأن لديه ما لايقل عن عشرة مصادر للدخل من مختلف المؤسسات الحكومية ( المدنية والعسكرية ) , وله مخصصات معيشية شهرية , وهبات سخية تعود على جنيها وقطف ثمارها نهاية كل شهر من قبل مختلف أجهزة الدولة وشخصياتها الرسمية كحق رسمي لا يقبل التنازل أو المساومة بغض النظر عن الشخص الذي يجلس على كرسي السلطة أو في منصب الوزير ! .. وله أيضا – وكما تعود – حق شرعي تاريخي في " المناقصات التجارية – والوكالات والمشاريع و في تنفيذ الخطط التنموية , ما يعني انه في حقيقة الأمر عبارة عن " مؤسسة فساد " تسير على أقدام بشرية , مهمتها ان تنتزسف المال العام , وان وتضرب في سبيل ذلك عرض الحائط اي معنى ولو ضئيل لإمكانية قيام دولة النظام والقانون !
أنها المعضلة الرئيسية التي أدت إلى فشل مشروع الوحدة بين الدولتين العربيتين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية اليمنية , حيث اصطدم مشروع الوحدة المدنية مع مشروع " دولة مروا " كما نعرف ونعاني حتى الآن .. وهي العبارة الشهيرة التي تعتبر ركن ركين من ثقافة الفيد للقبيلي في صنعاء . وهي الثقافة التي فهمها وتعايش معها الرئيس المخلوع صالح لأنه جزء منها في الأساس , فكانت عبارة " مروا للشيخ فلان بكذا وكذا .. " عمودا من أعمدة تحقيق التوازن السياسي والهدوء الاجتماعي داخل مؤسسات القبائل المتعددة ! وان كان الرئيس هادي أو غيره يعتقد ان شطب هذه الثقافة من عقلية القبيلي يمكن ان تحدث بسهولة , أو في إطار ما يسمونه بالحكم الرشيد , أو على الطريقة التي تمت بها عملية " هيكلة الجيش " نقول لهم ان مثل هذا الأمر أشبه ما يكون في استحالته بتأهيل " القبيلي " في صنعاء إلى رائد فضاء في وكالة ناسا الأمريكية !
التفجيرات والتقطعات وعمليات التخريب التي تتوالى كل يوم في مختلف مناطق الجمهورية العربية اليمنية لا تحدث نهائيا في الجنوب من قبل " القبائل " في جنوبنا العزيز ! على الرغم من ان الجنوب من أقصاه إلى أقصاه يعيش مرحلة نضالية من اجل التحرير والاستقلال , ما يعني منطقيا حدوث العكس .. ولا اعتقد ان أحدا من داخل مؤسسة دولة الاحتلال ولا حتى جمال بن عمر ولا رعاة المبادرة الظالمة , قد تساءل سبب وجود مثل الظاهرة أو حاول ان يقدم لها اي تفسيرا مقنعا .. لماذا لا يحدث في الجنوب ما يحدث في الشمال ؟؟؟ ... وهي من جانب آخر , ظاهرة تؤكد ان ردة الفعل تجاه العملية التغييرية التي يقودها هادي لا يمكن ان يكتب لها النجاح على مستوى الشمال , وان الجهود التي تبذل حاليا ليست سوى حرثا في بحر هائج .
الحقيقة التي تنتصب أمامنا من خلال هذه المعادلة التي نطرحها لغرض توضيح التباين الهائل في الثقافة الاجتماعية مابين سكان الجنوب وإخواننا في الجمهورية العربية اليمنية , تضع واحدا من أهم الأسباب التي دعت الجنوبيين إلى الوصول إلى قناعة نهائية باستحالة إقامة دولة مدنية في الشمال والتمسك بخيار الاستقلال ! إذ كيف يمكن ان يقبل الجنوبيون ان يتعايشوا مع دولة تحتل مقدراتهم وهويتهم وثرواتهم , لكي تضخها في أخر الأمر في شرايين المؤسسة القبلية في الشمال , تحت اي مبرر كان .. ومن هنا نحذر كما حذرنا سابقا من خطورة تداعيات " السكرة الثالثة " خاصة على إخواننا الجنوبيين المنخرطين – غصبا عن إرادة شعب الجنوب – فيما يسمى ب " حوارهم الوطني ".

[احمد الخليفي]

عشت يابطل فقد شخصت الواقع كما هو فمن يوهم نفس بان هناك تغير حقيقي قد حصل في العربية اليمنية كمن يوهم نفسة بان السراب سيصبح ماء ..
فعلا هو انحنى للعاصفة الدولية والاقليمية فقط الذي حصل هوتغير بدلات عسكرية باخرى مدنية حتى اشعارا اخر بعدها سيطير راس عبدربة ومعة مجموعة من قياداتة الجنوبيين وستعود حليمة لعادتها القديمة ..

[احمد الخليفي]