((للنقاش))لماذا يبدو الحراك الجنوبي واهناً، وما التفسير المناسب لمرور 7/7 بأقل ضجيج

[إياد محمد الشعيبي]

كتب أحد الأخوة الصحفيين المقال أدناه.. فيه من المنطقية الكثير ، وفيه من التجاوز القليل ، وخصوصا أن الكاتب محسوب على محافظات الشمال ، فأراد أن يخلق نوعا من اليأس ربما..

لكن ما يهمنا هنا كجنوبيين هو النظر إلى النقاط التي أوردها الكاتب ، حول السر الذي استطاع الحاكم من خلاله الحد من ظهور 7-7 2008 م بالغضب الجنوبي الأكثر قوة وزخم كما كان في عامه السابق 2007م..

وماهي الأسباب التي دفعت لذلك ؟

هل الفرض الأمني والحصار العسكري والقوة الجبروتية هي السر؟

أم أن حملة الاعتقالات التي طالت الصف الأول من قيادات الحراك الجنوبي هي السبب ؟

أم هل التكوينات السياسية والقوى الحاظنة للحراك كان لها دور في ذلك ، خصوصا أن هناك خلافات طرأت على تكوينات جنوبية في الخارج ، وقد دفعت الجنوبيين في بريطانيا لإقامة تظاهرتين مختلفتين في ذات اليوم وفي نفس المكان (الهيئة - تاج) ، وتسليم ملفين منفصلين للحكومة البريطانية.؟

أم أن السبب إحجام بقية أحزاب المشترك عن الحضور ، وعدم توجيهه أي دعوة للمشاركة في هذه المسيرة ؟

أم أن النضال السلمي لم يبت مجديا في ظل ممارسات السلطة القمعية ، وأن المرحلة تتطلب وسائل أخرى للنضال؟

أم هناك أسباب أخرى ترونها؟


(( للنقاش ))

-----------------------------

نص الخبر..
لماذا يبدو الحراك الجنوبي واهناً، وما التفسير المناسب لمرور 7/7 بأقل قدر من الضجيج؟

نار تخمد ونار تسير على هواها
صحيفة المصدر - محمد العلائي - 08/07/2008


استطاع الحكم أن يعرف سر النار في الجنوب. ولقد أخذ يخمد جذوتها شيئاً فشيئاً، ودون هوادة.

الراجح، أن ذاك السر (الصغير) لم يكن بالغ العمق، بحيث تغدو محاولة كشفه مخاطرة طائشة قد تنتهي، مثلاً، بحرق الأصابع. إنه سر شفيف وتلقائي.. ومكشوف الظهر أيضاً.

في صعدة يختلف الأمر كلية. فالنار –(المقدسة، أو المدنسة)- تسير على هواها. شمألتْ وشرقتْ وغربتْ، ولا من سبيل لإطفائها. لعلها أعتى حرائق "الخريف" المديد على الإطلاق.

أسوأ ما في نار صعدة، هو أن سرها بعيد الغور. وكلما راح الحكم يسبر غورها المتطاول لفح اللهب وجهه، فيعود أدراجه كسير الفؤاد. وأسوأ من كل سيء، أن ثمة من يعبدها باعتبارها آلهة الخلاص.

بالنسبة إلى الجنوبيين، أصبح يوم 7/7 مناسبة طقسية لإيقاظ الذاكرة الجمعية، وتأكيد مظلومية الجنوب. لهذا فيوم 7/7 لا يسمح لنفسه بأن يغط في نومٍ عميق على سرير الوعي الجنوبي (مكشوف الظهر). فهو عليه دائماً أن يستيقظ كل عام كيلا تفقد اللحظة طراوتها ومعناها. لكنه أمس، لسبب ما، لم يستيقظ كما يجب.

منذ عام، أو يزيد قليلاً، استيقظ الجنوب دفعة واحدة. وبالطبع، الجنوب

لديه الأسباب، كل الأسباب، لأن يستيقظ، متى وكيفما يشاء. في أول الأمر، بدت الأشياء واضحة. بيد أن الحراك الشعبي، الذي استحال "نقمة فاضلة" بعدئذٍ، لم يعد من اليسير قراءة فحواه. لقد تحول إلى لغز استغلق على الفهم تماماً.

فقبل أشهر، عندما زجت السلطات بقيادة الحراك في السجون، أخلد الجنوب إلى السكون.

ولا بد أن الاعتقال خطوة عادية جداً، ومتوقعة جداً، لكن لم تكن تبدو ناجحة جداً. إن أحداً لم يكن ليظن أبداً أن تصرفاً أمنياً، هو من شيم أنظمة القمع أصلاً، سيئد حراكاً سياسياً مذهلاً وجامحاً في مهده.

المفارقة تكمن هنا: فالاعتقالات، التي طاولت زعماء الحراك أفلحت، تقريبا، في كبح دينامية الفعالية الشعبية. والسؤال هو: هل هؤلاء المعتقلين، كانوا هم وحدهم الماكينة المحركة لكل تلك الجماهير، وليست الاحتياجات التي تجسدت في تعبيرها السياسي. وهل هذا هو السر الوحيد الذي هتكه الحكم فتسنى له إطفاء حرائق الجنوب؟

ثمة من يفضل أن يعتقد ذلك. في حين يوجد من يميل إلى تفسير آخر للوهن الذي أصاب الحراك: القبضة الأمنية التي أطبقها الحكم على المحافظات "المارقة".

التفسير الأكثر غرابة هو الذي ينظر للمسألة استناداً إلى فكرة أن الأيدي الإقليمية التي زرعت فتيل الأزمة ذات يوم، هي التي سيكون بوسعها نزعه هذه المرة، ضمن مقايضة سياسية غامضة مع النظام.

وأياً ما كان الأمر، فدينامية الجنوب اليوم تلفظ أنفاسها، لسبب أو لآخر. لا يهم، المهم أن هناك سر تم هتكه. المهم أن الحكم أدرك ماذا عليه أن يفعل، بغض النظر عن صوابية وأخلاقية ما يقوم به.

أمس 7/7. لكنه مضى ناعساً، ومطأطئ الرأس. صحيح، السلطات الأمنية أخضعت عدن لقانون طوارئ فائق الخشونة. إلا أن هذا ليس سبباً وجيهاً وكافياً لتبرير الحال الركيك والواهن الذي بدت عليه الفعالية التي دعت إلى إقامتها أمس هيئة تنسيق الفعاليات السياسية والمدنية بمدينة عدن.

في الواقع، لطالما كانت القوة هواية نظام الحكم العزيزة على قلبه. وحينما قرر الجنوب أن يغضب، كان الحكم يمارس هذه الهواية في صعدة، بذات الشغف-وأزيد- الذي مارسها به في ساحة الهاشمي يوم 2 أغسطس 2007.

بمعنى آخر: "القوة لعبة النظام ورياضته المفضلة"، بحسب تعبير الكاتب السوري ياسين الحاج صالح في مقال له نشر الأحد في جريدة الحياة بعنوان: "مبادئ لسياسة عقلانية معارضة في ظل شروط الكفاف السياسي".

في ظل شروط الكفاف السياسي جرى الحراك الجنوبي، وعليه أن يجري الآن وفقاً لهذه الشروط. على البلد بأسره أن يتحرك ولو في ظل شرط الكفاف المر، بل شديد المرارة.