تغطية احداث وفعاليات الجنوب لشهر مايو 2016م وانعكاساتها على على الصحافه والاعلام

[علي المفلحي]

الجنوبيون ومعضلة التخوين:
يهدف ابرازنا لهذه المعضلات الحد منها، والوقوف ازائها ، والوصول بها الى مركز القرار السياسي والعلمي الاكاديمي حتى يقوموا بصقل المجتمع والطلاب على تجاوز هذه السلبيات، ومعالجتها وفق برامج علمية...
تبدو مشكلة توزيع التهم والتخوين عميقة في المجتمع، فمجرد ان تختلف مع شخص حتى يضعك في أقرب خانة، فأن كنت ذا لحية، فأنت داعشي قاعدي، وان كنت منتنمي للتيار العلماني، مباشرة سيلحقك بالتيار الماركسي الاشتراكي ، وان كنت في النظام السابق لا يجد حرجا في وضعك في خانة الخلايا النائمة، واتباع عفاش والحوثي.....
تلغى زميلي بلاغا من ادارة الشرطة من خصمه الذي خاصمه في أرضيه، وجاء في دعوى الخصم، بأن هناك داعشي قام بالهجوم على أرضيتي والاستيلاء عليها، ( وزميلي ذا لحية كثة ).. يبدو الأمر مقرفا حينما يفجر المرء في الخصومة ليبلغ التهم الجارفة والخطيرة والمضرة........
من السهولة بمكان تحريك طقم بدعوى ان هناك خلايا نائمة ودواعش، ومن السهولة بمكان تهييج المجتمع على شخص ما بدعوى الخلايا النائمة....
أزمة التخوين ليست وليدة اللحظة في المجتمع الجنوبي، ولكنها قديمة مرتبطة بمعضلة المؤامرة، وهي نتاج الفكر الماركسي الاشتراكي.....
عانينا كثيرا من هذه الثقافة، وتم قتل وسحل وتعذيب أمة كثيرة من البشر لازلنا الى اليوم نعاني ثمارها السيئة، وجاءت الوحدة المشؤمة لتغذي هذه الأمراض قصد تفتيت المجتمع الجنوبي، وسهولة السيطرة عليه...
في المراحل الانتقاليه تلجيء العقول الراقية الى مبادىء التصالح والتسامح، والقبول بالآخر وعدم نبش الماضي، وصنع أدوات حقيقية للحفاظ على النسيج العام لللمجتمع.....
وقفت قريش في منأوة النبي صلى الله عليه وسلم ما يزيد على عشرين عاما، وكانت مصدر الغلق والشغب والحروب والتحريض، وعندما فتح مكة لم يحاسب أحدا، بل قال كلمته المشهورة ( اذهبوا فأنتم الطلقاء...)*
وقف الشيطان يائسا حين رأى جحافل الكفر تندثر، وصناديد الطغيان تتهاوى، ولكنه اعتمد خيارا آخرا يبدو أكثر فاعلية في قلب الانتصارات هزائم والمكاسب مآتم، ولذا نبه المعصوم لهذه الخطط البديلة المحرقة بقوله ( ان الشيطان قد أيس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش فيما بينهم ..)*
عند التعمق في عمق تاريخنا المعاصر سنجده عبارة عن محارق متجدده يغذيها التحرش الطائفي والمذهبي السياسي..قام عليها شياطين الأنس والجن ( يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا)*
وصول الشيطان الى هندسة الحروب وتغذيتها، وصب الزيت على النار، يبدو سهلا في مجتمع غير محصن على المستوى العلمي والأكاديمي، فالعقلية الاكاديمية ما زالت أسيرة المرض، فلا تجد ذلك الصوت الحقيقي الذي يخرج من شغاف القلب، ليكون منهجا علميا وثقافيا لأمة ترنو الى الحياة، وتنأى عن الموت المعجل....
المطالبة بفك الأرتباط استحقاق جنوبي ، ومطلب شعبي، قام عليه الإجماع وأيدته الأدلة الدامغة، وإيماننا بهذا المطلب لا يعني اجتثاث من يخالفنا، أو النيل ممن لم يقف معنا، أو الظلم والسطو على أخواننا الشماليين، فالغلو الشطط في رفع الحق يعجل بنتكاسته، ويسرع بسقوطه في مهاوي الفشل ....
ثقافة قبول الآخر ثمرة تعليم وتربية، وإعداد وتخطيط على مستوى القطاعيين العام والخاص، والتوجه المؤسسي، الحكومي والشعبي ..
فالقضايا المخلة بنسيج المجتمع يجب ان نضع لها برامج وورش، ونعد لها دراسات ورئ جتى لا نغرق فيها في الحاضر كما كنا فريستها في الماضي .....
د.عبد المجيد العمري