عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-02-02, 11:37 PM   #15
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 41,826
افتراضي

لعناية لجنة تحديد الأقاليم..الجنوب ليس قضية جغرافية



30 ربيع الأول 1435هـ - 31 يناير 2014 م 02:00 عدد القرائات 230
لعناية لجنة تحديد الأقاليم..الجنوب ليس قضية جغرافية

Share on emailShare on print



د. عيدروس نصر ناصر*

يضع الكثير من السياسيين الشرفاء في كل اليمن وفي الجنوب على وجه الخصوص، أيديهم على قلوبهم وهم ينتظرون ما سيتمخض عنه جبل "لجنة تحديد الأقاليم" التي صدر بها قرار الرئيس هادي وشكلها برئاسته ليس فقط لأن على قرارها سيتوقف مستقبل وطبيعة العلاقة بين أطراف العملية السياسية وطرفي المشروع الوحدوي في اليمن، بل ولأن أي هفوة تقع فيها اللجنة يمكن أن تكون سببا في استمرار الأزمات التي أدت إلى الحروب والمآسي والانقسامات التي عاشتها اليمن على مدى ثلث قرن من الزمن بل ولأن أي هفوة ترتكبها اللجنة قد تضاعف من عوامل الانقسام الوطني وستدفع الكثير من الجنوبيين المؤيدين لخيار الدولة اليمنية الاتحادية الواحدة إلى الذهاب باتجاه مؤازرة المطالبين بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية التي جرى تدميرها في العام 1994م في حرب كان الرئيس هادي قائدا بارزا فيها ووزير دفاع فيها.

طوال فترة انعقاد أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي أنهى أعماله بطريقة دراماتيكية يوم 25 يناير 2014م وحتى قبل انعقاد أعمال المؤتمر ظل السياسيون ومن ثم المشاركون في أعمال المؤتمر يرددون "أن حل القضية الجنوبية حلا عادلا هو المدخل لحل كل قضايا اليمن" واتضح من خلال أحاديث ومواقف الكثير من القائلين بذلك أنهم لا يعرفون ما هي القضية الجنوبية ولا ما هو الشعب الذي يتحدثون عنه ، أعني الشعب الجنوبي، وأن الكثير ممن يعرفون القضية لا يأبهون كثيرا لعوامل وأسباب نشوء هذه القضية، ولا يضعون في الاعتبار تطلعات الملايين ممن تعنيهم القضية ويرغبون في أن يكون حلها مدخلا للتعبير عن طموحاتهم الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وعندما نتحدث عن الشعب الجنوبي، فنحن لا نستحضر كائنا خرافيا من عالم الغيب، ولا نتحدث عن كيان مصطنع غير موجود على الأرض بل إننا نعني ذلك الشعب الذي دخل في مشروع وحدوي طوعي توافقي مع شقيقه الشعب في الشمال لينقض عتاولة النهب والسلب على هذه المشروع ويئدوه بعيد 3 سنوات فقط من إعلانه ويحولونه من مشروع تشاركي قائم على التراضي والاتفاق والندية إلى مشروع غنيمة قائم على الغلبة وثنائية المنتصر والمهزوم، والناهب والمنهوب، وبعد ذلك لم يكن صعبا المجيء بثلة من الهامشيين وإشراكهم في نهب الجنوب واستباحة حقوق وأملاك وثروات أبنائه، ليقال عنهم بأنهم ممثلو الجنوب في "دولة الوحدة" القائمة على الضم والإلحاق والاستباحة والاغتصاب.

إن القضية الجنوبية بهذا المعنى ليست قضية مساحة جغرافية يتنازع عليها طرفان أو أكثر من طرفين، كما إنها ليست فقط قضية منطقة تعرضت للاحتلال من قبل جيش وافد أتى إليها بقوة الدبابة والمدفعية والصاروخ، بل إنها قضية كيان سياسي له كل مقومات الدولة التي حضيت بعضوية كل المنظمات الدولية والإقليمية من مجلس الأمن، ومنظمته الأم (الجمعية العامة للأمم المتحدة) إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكافة المنظمات القارية والإقليمية السياسية والاقتصادية والثقافية، ولسنا بحاجة إلى القول بأن هذا الكيان السياسي كان له علمه ونشيده وعاصمته وعملته وكافة رموزه السيادية، وكل تلك الرموز والمقومات هي ما جرى محو بعضها بفعل الاندماج الأحمق في العام 1990م، واستكمل محو ما تبقى منها بعد الحرب التي قضت على كل أمل في بناء كيان يمني متماسك سليم البنيان معافى الجسد خالي من العاهات والأوبئة والإعاقات.

اليوم وبعد انتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي ربما نجح في معالجة الكثير من القضايا التشريعية والسياسية والدستورية، تبقت القضية الجوهرية التي ما انفك المتحاورون يؤكدون على مدى أكثر من عام بأنها المدخل لحل كل قضايا اليمن، تلك هي القضية الجنوبية، والتي أثبت المتحاورون (أو معظمهم) إنهم لا يدركون أبعادها ولا خلفياتها وهو ما جعل الكثير منهم يقف حائرا أمام ذلك التناقض الفج بين ما يسمعه من السياسيين من أقوال وتصريحات لا تحمل أي تقدير لمعاناة المواطنين وبين ملايين يخرجون باستماتة على مدى ست سنوات متواصلة يرفضون الانصياع للحرب ونتائجها ويتمسكون بمطالبهم السلمية التي يرونها مشروعة منطلقين من الاعتبارات التاريخية والسياسية الحاضرة في الذاكرة والمعروفة للقاصي والداني.

يمكن للجنة تحديد الأقاليم أن تصيب هدفها إذا ما أخذت بالاعتبار مطالب الشعب في الجنوب ونظرت إلى هذه المطالب بجدية وبدون استعلاء أو تجاهل ومن ثم مقاربة هذ المطالب بقرار يجذب إليه المزيد من المطالبين بفك الارتباط واستعادة الدولة، أما الإصرار على تقسيم الجنوب وتحويله إلى إقليمين أو أكثر فإنه سيغدو سببا في تفكيك اليمن كل اليمن وسيسحب معه الآلاف من أنصار الدولة اليمنية الاتحادية الواحدة إلى صف المنادين بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية.

الدولة اليمنية الفيدرالية بإقليمين (إقبيم شمالي وإقليم جنوبي) يمكنها أن تعيد الاعتبار للجنوب الواحد الموحد الذي انخرط طوعا في الدولة اليمنية الواحدة ولم يجبره أحد على ذلك، وهذه الدولة الفيدرالية ستكون عامل استقرار وتنمية وتماسك للداخل اليمني، وعامل استقرار وتعاون بين مختلف دول الإقليم والعالم ذي المصالح المرتبطة باستقرار اليمن ونهوضه، أما الإصرار على تمزيق الجنوب والشمال إلى ستة أقاليم أو أكثر، وتقسيم الجنوب إلى إقليمين أو أكثر فإنه سيكون عاملا لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار ليس فقط في الجنوب بل وفي عموم اليمن وفي المحيط العربي والإقليمي، ذلك إن الجنوبيين الذين يرفض غالبيتهم البقاء في إطار الدولة اليمنية الواحدة حتى الفيدرالية بإقليمين سيرفضون بكل تأكيد أي تفكيك للجنوب إلىى أقاليم مختلفة، ومن أجل إقناعهم بوجاهة الدولة اليمنية الواحدة ومصلحتهم فيها لا بد من الاستجابة لمطالبهم التي في مقدمتها الحفاظ على وحدة الجنوب وإبقائه كيانا واحدا ومن ثم البرهان على أفضليات الدولة الاتحادية التي يمكن (إذا ما أخلصت النيات في بنائها) أن تكون عامل استقرار ونهوض وتنمية وازدهار لكل اليمنيين.

برقيات:

* فوجئ اليمنيون بقرار المحكمة العليا للجمهورية القاضي بإعدام الأسير الجنوبي أحمد عمر المرقشي العبادي، وعنصر المفاجأة يأتي بسبب عدم مثول المذكور أمام أي محكمة، في وقت تتجه الأنظار نحو تطبيق قرارات مؤتمر الحوار الوطني القاضية بتحقيق مصالحة وطنية وعدالة انتقالية تساعدان على تحقيق الوئام وانتزاع عوامل التوتر ودفن الضغائن.

* انتقل إلى رحمة الله الكاتب والأديب والمؤرخ والناشط السياسي اليساري عبد الرحمن سيف اسماعيل صاحب العديد من الكتابات الأدبية والتاريخية وعضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، . . نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه ورفاقه الصبر والسلوان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

* يقول الشاعر الفيلسوف المرحوم عبد الله البردوني:ب



يا عروس الحزن ما شكواك من أيّ أحــــزانٍ و من أيّ البلايا؟

ما الذي أشقاك يا حـــسنا؟ و هل للشـــــقا كالناس عمر و منايا؟

هل يموت الشرّ؟ هل للخير في زحــــمة الشر سمات و مزايا؟

كيف تعــــطي أمّنا الدنـيا المنى وهي تطوي عن أمانينا العطايا؟
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس