المجلس الإنتقالي والطموحات
تكر الأحداث صعودا وهبوطا فيما يتعلق بالحرب التي تدور رحها في الوطن ، ورغم تعب المتحاربين -وزهقهم- فالحروب مثل الاعاصير تجتاح غضباتها لساعات، وتترك اثرها الجائحي لسنوات بل لعقود طوال . والحروب تهزم فينا التسامحات والصبر والحوار، ومن ضحايا الحروب هي الحكمة .
من يرقب الوضع في اليمن، يشعر ان هذه الحرب كانت بين قوى متساوية او متعادلة فطالت واستطالت ، ولو كانت بين قوي وضعيف لحسمت خلال اسابيع او اشهر .
واسوى الحروب واشدها ضراوة هي التي يقبل بها المتحاربون في ان يخوضونها، في قصف متبادل للمدن او المناطق السكنية، فصنعاء وتعز وعدن بل وذمار طالها القصف ، كما طال القصف ايضا قرى الحدود السعودية بل طال القصف نجران وجيزان وعسير بل الرياض وجدة .
حرب اليمن ستدخل عامها الرابع، دون اي مؤشرات واضحة على حسمها لصالح طرف من الاطراف ، لكنني اسمع الهمس، والهمس ربما اقوى الاصوات . الهمس يتمحور حول وجود حوار غير معلن وقد تصل ومن خلاله قد تصل الاطراف الى تسويات شجاعة ومؤلمة .
والتسويات وحسب تصوري سوف تشمل وضع الجنوب و- المجلس الانتقالي - الذي برز اليوم كقوة جديدة على الساحة، وبعد ان تغيرت ملامح وخارطة الاحزاب، فبعضها في طور الضمور، على ان المجلس الانتقالي اليوم يمثل كتلة وطنية عريضة، بقضية ومشروع واحد هو إيجاد حل للوطن الجنوبي .
وفي يقيني ان من شروط وقف اطلاق النار واعلان الهدنة والوصول الى تسوية هو وضع الجنوب، الذي وان لم يمثل في هذه المحادثات كطرف مهم في التسوية فهو الحاضر في هذه الحوارات الغير معلنة .
وهنا اتوقع ان الشروط التي سوف تتمسك بها كل المكونات الشمالية الثلاثة وهي ، أنصار الله والمؤتمر وحزب الاصلاح، بما فيهم الحكومة الشرعية ، هي ان لا ينسلخ الجنوب من خارطة الوطن.
هناك من يقول لقد تحقق الاجماع وانتصر الجنوب تحت علم الشطر الجنوبي، وهي فرصته السانحة في ان يصبح الرقم الصعب وان ينتزع الحق الابلج ، إلا ان هناك من يردد ان ورقة الجنوب ستكون هي الاقوى ولكن دون ان يتحقق - فك الإرتباط - .
هنا على المجلس الأنتقالي ان يرحل طموحاته وان يجزء مشاريعه ويجدولها . فمطلب اعلان -اقليم جنوبي - هو الاقل طماحا، بعد سنوات الحرب الظالمة، والنصر الجنوبي المُبين. وعن - الاقــالــيم - فلقد فرضت الحرب اليوم اهمية تقبل اعلان الاقاليم التالية . الأقليم الشمالي، وعاصمته- صنــعاء - . الأقليم الأوسط ، وعاصمته - تــعز -. الأقليم الجنوبي، وعاصمته -عــدن - .
على ان الحكم الذاتي يختلف من دولة اتحادية او فيدرالية ألى اخرى، هناك - روسيا الفيدرالية - وهي الاعظم مساحة في العالم وتتكون من قوميات عديدة تحت مسمى جمهوريات ، وهناك مقاطعات- كندى - وهي التي اعتقد ان نظام حكمها يصل ويرقى الى مرحلة شبه تسيير تام لحكم نفسها ، وتمتلك وتسيطر -المقاطعات- على كل ثرواتها السيادية ، وهناك - المانيا الاتحادية - بجمهورياتها الإتحادية .
فهل تقبل -اليمن- تسويات حكم ذاتي؟ بإعلان ثلاث جمهوريات اسوة بروسيا الفيدرالية وألمانيا الإتحادية وجمهورياتها تحت مسمى اليمن الاتحادي .
أن قبول المسميات والأقاليم اوالمقاطعات هي ثقافة - محمودة - بل ومبشرة وواعدة وجديدة علينا، فهي ليست حاضرة في وعينا وثقافتنا وتاريخنا السياسي، ولكنها الابقى والاحوط لمنع المركزية المقيتة .
إذا لم تستطع أمراً فدعه**وجاوزه إلى ما تستطيع ُ
فاروق المفلحي
|