[ابو عهد الشعيبي]

أثارت رؤية السلطان القعيطي التي أخرجها للنور قبل أيام بالتزامن مع إعلان موقفه المؤيد لقضية شعب الجنوب, وتطلعاته , أثارت جدلاً واسعاً بين أوساط النخبة الجنوبية من المثقفين والصحفيين الجنوبيين بمختلف مشاربهم وعلى كل المنابر التي يرتادونها للتعبير عن أرائهم من الاحداث والتطورات المتعددة المرتبطة بقضية وطنهم وثورتها التحررية السلمية ..

وبقدر ما عكس هذا الجدل إهتماماً ننشده وتفاعلاً لا بد منه تجاه هذا التطور الهام وفي توقيته الحساس إلا أن هذا التفاعل في بعض جوانبه لم يكن إيجابيا وهي سنة الحياة بالطبع , وفي سياق هذا الجدل برزت آراء لم تتعاطى مع الحدث بشكل مسؤل وحصيف , تمثل ذلك بما ذهب إليه البعض من حشر للموقف والرؤية معاً في سلة واحدة ,مستغلين هذا الحدث للتذكير بحقب التاريخ وما كان لها من سجلات وملفات في عهد السلاطنات والمشائخ , بل أن هناك من تعمد التشهير وزرع التوجسات والتخوفات بين أوساط الناس من شكل القادم بوجود مثل هذا إذا ما مكنته الثورة من قيادتها إلى جانب الرئيس البيض ,فصوروه ايضا وكأنه انما أراد من خروجه في هذه اللحظة وبهذه الرؤية دعم تيار الفيدرالية بشكل غير مباشر مرددين ذرائع منها أن المتحزبين ( دعاة الفيدرالية ) أفضل بحكم انهم ينشدون الحرية الكاملة للشعب في المستقبل عن طريق سعيهم لإعادة بناء دولة عصرية وحداثية ( جمهورية وتعدديه حزبية وسياسية ) مقابل دعوة السلطان لإعادة السلطنات, الأمر الذي أعتقدوا به ميول الكثير لتأييد المتحزبين في إطار احزاب المعارضة اليمنية ..

لست هنا بصدد الرد على أحد فلكلاً رايه , فما أريده من خلال هذه السطور هو التصويب والإرشاد إلى ما ينبغي علينا كجنوبيين منتمين لهذه القضية باخلاص التركيز عليه في شأن هذا الحدث البارز دون الإنسياق وراء متاهات وخزعبلات من يحاولون التصيد وإشاعة البلبلة والتشكيك حتى لا تستفيد قضيتنا من مواقف الهامات الكبيرة أمثال القعيطي وغيره .

إلى ذلك أقول فلنعانق جميعنا موقف السلطان من قضية شعب الجنوب وقد كان موقفاً واضحاً صريحاً وضوح الشمس مع الشعب ومع الإستقلال والحرية والكرامة , وهو ما نحتاجه وتحتاجة ثورتنا من كل الشرفاء وبخاصة في هذه اللحظة الفارقة , أما مسألة الرؤية بكل تفاصيلها فأمر آخر ومعايير الموقف منها ليست التي يجب أن تكون من الموقف ! , فما ابداه هذا الغيور لقناعاته وتصوراته لشكل النظام السياسي وما اعتقده لأجل ذلك من واقع تجربته الكبيرة وخبرته العريقة انما هو جهد محمود يشكر عليه نتفق معه جزئياً أو كلياً أو نختلف انما يندرج ذلك في السياق الطبيعي للتباين بين الناس فيما هو شانهم وقضاياهم , , وحتى يكون المعيار الحقيقي لتباينا هو حساب مصلحة الجنوب دون سواه فانه من المعيب ومن الخطأ الإساءه لشخص الرجل أو النيل من موقفه الكبير والمشرف لمجرد أن رؤيته تحمل مفاهيم وتوجهات لا تتفق معنا , ولا بد من التفريق بين الأمرين ( الموقف والرؤية ) فالموقف من القضية قناعة شخصية له وملكه وحده ولا يستطيع أحد منا منعه من إبداءه متى أراد أو إنتقاص مستواه وحدوده أو حتى التحفظ عليه كما كان إلى قبل أيام ,ولأن موقفه هو ما يهمنافقد كان ابياَ رافداً وداعماً لتوجهات شعبنا وتطلعاته ..

أما الرؤية فهي وجهة نظر منه وتندرج ضمن حق الإجتهاد المكفول لكل أفراد النخبة الجنوبية بكل الوانها ومشاربها الفكرية المتنوعة والمتعددة , وما تضمنته ليس قرءان كريم ولا هي ملزمه أو إجبارية على التوجه العام لثورتنا ومنهجها وعناوينها وأهدافها الثورية ورسمها للمستقبل ولا على الافراد ..

وليكن هذا لسان حالنا دائماً أهلاً بكل صاحب رؤية وبكل صحاب فكر تجاه كل ابناء الجنوب من السياسيين والمثقفين والحكماء والعقلاء , وما أحوجنا لهذا فالقعيطي برؤيته اليوم وبالامس قدم من قدم وغداً لا شك ان الكثير سيتفاعلون لخدمة وطنهم بطرح أفكارهم وآرائهم على طاولات الاخذ والرد والحوار والبحث مع الجميع , وفي وجود كل هذا وهو حق للجميع وواجب عليهم يبقى الفصل في كل شيئ ورد في رؤية هذا الشخص أو ذاك يخص مستقبل دولة الجنوب في الامور الاساسية والسياسية والإتجاهات العامة من حق الشعب الجنوبي فهو بإرادته من سيقرر هذا الأمر أو الآخر أو يرفض هذا أو ذلك ,شكل النظام ونوعه ودستوره والخ , ومن منا يستطيع أن يقول أن هذا الحق لغير الشعب ؟؟؟!

بلا شك أن هذه مسائل الكل متفق على انها من شان الشعب وحده , ولأجل سير الأمور في سياقاتها السليمة فلنبتعد عن زرع الخلافات وخلق الصراعات في حدود هذا الإجتهاد ( الرؤية ) المقدمة من السلطان غالب وليس من المنطق أن يحاول البعض الإيحاء بانه انما اجاء مستأثر ولديه طموح وأنه يريد أن يعيدنا إلى عصر السلطنات والمشيخات والإمارات والممالك ,فالرجل أجتهد فيما قدم ونشكره على ذلك حتى وأن كان طامح لأمور لا توافق رغباتنا كأفراد !

أن موقفه من القضية ومكانته الإجتماعية والسياسية الكبيرة في المجتمع الجنوبي وفي الاقليم وعلى المستوى الخارجي الدولي هو ما يهمنا وهو ما نعول عليه , الموقف الذي لا بد أن يستفيد ويكسب منه شعبنا وثورته الإستقلالية في ضروفها الراهنة الحرجة والمعقدة على مختلف المجالات والاصعدة , فهي بحاجه لمن يصِلها للعالم بكل مؤسساته وحكوماته كما هي عليه بكل ما هو شانها على الارض , وكما عبر ويعبر عنها شعبنا بثورته السلمية وإرادته الحرة وتضحياته الباهضة منذو 5 اعوام ,بعد أن تعثرت كل مساعينا إلى بلوغ هذه المستويات والجهات خلال السنوات الماضية , واصبح طوق الحصار والعزل مفروضاً عليها بسبب عجزنا وفشلنا المتراكم منذو سنوات ..........