عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-16, 11:34 AM   #21
فتحي بن لزرق
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-27
الدولة: عدن المحتلة
المشاركات: 1,103
افتراضي

  • . خلفية

يبلغ تعداد اليمن السكاني 22 مليون نسمة، وهي جغرافياً أكبر بقليل من فرنسا، وتقع في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وعلى الجانب المقابل لها في البحر الأحمر يقع القرن الأفريقي (الصومال، جيبوتي، إريتريا، أثيوبيا). ويُقدر البنك الدولي نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي اليمني بنحو 520 دولاراً عام 2003، مما يجعلها أحد أفقر البلدان في العالم. وفي ذلك العام، كان ترتيب اليمن 151 من 177 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية.[1] وثلاثة أربع اليمنيين يعيشون في مناطق ريفية.
في عام 1962 وضع انقلاب مسلح حداً لحُكم الإمام الزيدي، ومعه انشأت الجمهورية العربية اليمنية، وأشار إليها كثيرون باسم اليمن الشمالي. ونشبت حرب أهلية في الستينيات تدخلت فيها مصر والسعودية إلى جانبي الجمهورية وجانب الإمام على الترتيب. وما كانت تُدعى حينها جنوب اليمن، كانت محمية بريطانية، إلى أن حققت استقلالها تحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاشتراكية في نوفمبر/تشرين الثاني 1967.
الوحدة والانفصال

تشير الروايات التاريخية القرآنية إلى اليمن كوحدة جغرافية واحدة، رغم تواجد مختلف الممالك والإمارات بمختلف المسميات على أرض اليمن إلى أن قامت القوى الاستعمارية، ومنها البرتغال والدولة العثمانية وبريطانيا، باحتلال أجزاء مما يُعرف حالياً باليمن. وعلى امتداد القرن العشرين، كان من يعيشون في مختلف النظم السياسية يعتبرون أنفسهم يمنيون، وأنهم جزء من "التاريخ القديم لبلاد العرب السعيد"[2] وهو ما مثل القاعدة الشعبية لاتحاد الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وفي عام 1989 سحب السوفيت الذين كانوا يدعمون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عناصر الدعم العسكري السوفيتية، وأحلوهم باستشاريين، وقطعوا المساعدات، مما أدى إلى بدء الحكومة في برنامج التحرير السياسي والنظر في الوحدة مع الشمال.[3] وفي الوقت نفسه، واجهت الجمهورية العربية اليمنية بدورها الضغوط الاقتصادية وكانت حريصة على تطوير حقول النفط حول منطقة شبوة، في أراضي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.[4] وأعلن الزعيمان، علي سالم البيض وعلي عبد الله صالح، الوحدة بين الجمهوريتين في 22 مايو/أيار 1990، تحت مسمى جمهورية اليمن. وبدأ اليمن في السير على مسار التعددية السياسية وعقد انتخاباته الأولى في عام 1993. وبدلاً من أن تعزز الوحدة، عززت الانتخابات من الشقاق بين جنوب اليمن، الذي صوت أغلبه لمرشحي الحزب الاشتراكي اليمني، وشمال اليمن، الذي دعم ناخبوه مرشحي حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي، وحزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس صالح.[5] وتدهورت العلاقات بين الحزب الاشتراكي وحزب المؤتمر الشعبي، وكانا قد شكلا ائتلافاً بعد عام 1990، نتيجة للاختلافات في السياسات، منها سرعة ومجال الاندماج بين الجيشين المنفصلين، والإصلاحات البيروقراطية والقضائية، وإجراءات مكافحة الفساد والإرهاب.[6] وأشعل هجوم على وحدات الجيش الجنوبي المتمركز في الشمال – يُزعم أن قبائل شمالية شنته – فتيل الحرب الأهلية في الفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 1994، وانتهت بهزيمة الجنوب.[7]
وبعد حرب 1994، أحالت السلطات في صنعاء إلى التقاعد قسراً الكثير من الضباط العسكريين وموظفين عامين من الجنوب، ليحل محلهم شماليون. ويرى الكثير من أهل الجنوب في الهزيمة بداية تدهور حاد في مقدراتهم الاقتصادية وبداية تهميش أوسع للجنوبيين في اليمن المتحد الذي يهيمن عليه الشماليون، رغم أن اقتصاد اليمن الجنوبي الاشتراكي كان بالفعل في حالة تدهور حاد قبل الحرب الأهلية بكثير، وسوء إدارة الاقتصاد كان أحد العوامل الأساسية الدافعة بجنوب اليمن نحو الوحدة.[8] الضرر الذي ألحقته الحرب والنهب بالمصانع والصناعات لم يتسن مطلقاً تعويضه أو إصلاحه، ويزعم الجنوبيون أن الرعاية الاقتصادية للجنوب والتنمية النفطية في أرضهم مرقت بهم دون أن تصيبهم لينال نصيب الأسد منها أهل الشمال.[9] وطبقاً لروايات الجنوبيين، فإن عقود الأراضي والنفط في الجنوب نالها شماليون مقربون من الرئيس في أغلب الحالات، وأرباح حقوق استغلال نفط اليمن في الجنوب ملأت جيوب الشماليين.[10] وصار نحو مائة ألف ضابط وموظف جنوبي متقاعد لا يتلقون معاشهم إلا لماماً.[11] ويبدو أن تجميد المعاشات والرواتب سياسي الدوافع في أغلب الحالات، ولا يتم إلا بعد مشاركة الفرد في احتجاج سياسي.[12] هذه المظالم الاقتصادية تكمن في صميم احتجاجات الجنوبيين.
قوات الأمن

في اليمن أجهزة أمنية عديدة، مسؤولة أمام مختلف فروع السلطة التنفيذية. واختصاصاتها متداخلة، مما أدى إلى حيرة المواطن إزاء أي من الهيئات الأمنية مسؤولة عن هذا أو ذاك من انتهاكات حقوق الإنسان.
وتم إنشاء الأمن المركزي بموجب قرار رئاسي في عام 1980، وكُلف بمسؤوليات منها ضمان سلامة الممتلكات والأفراد، إلى حراسة الحدود ومكافحة الإرهاب.[13] والأمن المركزي يتبع رسمياً وزارة الداخلية بشكل مباشر.[14] وهذا الجهاز تورط كثيراً في استخدام القوة ضد المتظاهرين الجنوبيين.
كما يخضع لوزارة الداخلية قسم التحقيق الجنائي، المسؤول عن الجرائم غير السياسية، وتخضع لها أيضاً وحدة منفصلة لمكافحة الإرهاب. إلا أن التحقيق الجنائي ووحدة مكافحة الإرهاب قاما باعتقال أشخاص يُزعم أنهم مجرمون سياسيون. والتحقيق الجنائي مسؤول عن الكثير من الاعتقالات بحق المتظاهرين والناشطين الجنوبيين على المستوى المحلي.
الأمن السياسي هو جهاز الاستخبارات الداخلي اليمني، وأنشئ بقرار 121 لعام 1992 تحت مسمى الجهاز المركزي للأمن السياسي. وصلاحياته الخاصة بالاعتقال والاحتجاز مشتقة من هذا القرار وليس بموجب أي قانون آخر، ومراكز الاحتجاز الخاصة به ليست من مراكز الاحتجاز الرسمية، كما هو وارد في الدستور اليمني.[15] وجهاز الأمن السياسي مسؤول بشكل مباشر من الرئيس علي عبد الله صالح. ويبدو أن الأمن السياسي مسؤول بالأساس عن اعتقال الزعامات والمنظمين المشتبهين للحراك الجنوبي، وكذلك المثقفين وغيرهم من كبار الشخصيات المشاركة في الحراك، الذين يتجاوز تأثيرهم المستوى المحلي.
الأمن القومي، المُنشأ بموجب قرار 262 لعام 2002، يُحضر بالأساس التحليلات ويقدم المشورة للحكومة. وأدى التنافس على الصلاحيات بينه وبين الأمن السياسي إلى أن أنشأ الأمن القومي مراكز الاحتجاز الخاصة به في مطلع قرن الحادي والعشرين، وهي بدورها أماكن احتجاز غير مُعلنة ومن ثم فهي خارج إطار القانون اليمني. وسلطاته الخاصة بالاحتجاز والاعتقال مشتقة بالمثل من القرار فقط وليس بموجب أي قانون.[16] وهذا الجهاز يبدو أنه لا يلعب دوراً كبيراً في رد الدولة على الحراك الجنوبي.
الجهات الأخرى التي قال الشهود إنها متورطة في قمع الاحتجاجات واعتقال واحتجاز الناشطين، منها الشرطة العسكرية، والحرس الرئاسي، والمخابرات العسكرية، ومختلف وحدات الجيش، ومنها الدفاع الجوي.
ولا يشرف القضاء اليمني إشرافاً فعالاً على قانونية الاعتقالات وأعمال الاحتجاز. والأمن القومي والأمن السياسي على الأخص لا يلتزمان بمتطلبات قانون الإجراءات الجنائية اليمني لعام 1994، التي توجب ألا يُجري المسؤولون أعمال الاعتقال إلا بناء على أمر توقيف، وإخبار المشتبهين بالتهمة المنسوبة إليهم في ظرف 24 ساعة من الاعتقال، والإفراج عن السجناء الذين انتهت محكومياتهم.[17]
المحكمة الجزائية المتخصصة أُنشأت بموجب قانون صادر عام 1999، وتم إنشاءها بالأساس للنظر في جرائم مُعرفة في القرآن ومشمولة بقانون العقوبات، مثل جريمة الحرابة، بالإضافة إلى جرائم أخرى غير واردة في القرآن، ومنها اختطاف الأجانب والإضرار بمنشآت النفط وسرقة الجماعات المسلحة لوسائل النقل، والعضوية في تنظيم مسلح يسعى لمهاجمة الممتلكات العامة أو المواطنين، ومهاجمة أعضاء القضاء أو اختطاف مسؤولين أو أفراد من أسرهم. وفي عام 2004 وسع قانون جديد من صلاحيات المحكمة لتشمل جرائم مبهمة فضفاضة التعريف ضد الأمن القومي.[18] والمحكمة، مثل أغلب هيئات القضاء في اليمن، ليست مستقلة، ومحاكماتها لا تفي بالمعايير الدولية للعدالة والإنصاف.[19]

Previous باسم الوحدةملخصI. التوصياتII. منهج التقريرIII. خلفيةIV. عن الحراك الجنوبيV. الاستخدام غير القانوني ...VI. الاحتجاز التعسفي ...VII. الرقابة على الصحافة ...VIII. احتجاز بعض الأكاديميين ...شكر وتنويه

Next
[1] البنك الدولي، اليمن، http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/COUNTRIES/MENAEXT/YEMENEXT/o,,menuPK:310170~pagePK:141159~piPK:14110~theSiteP K:310165,00.html (تمت الزيارة في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2008).

[2] انظر: Joseph Kostiner, “Yemen. The Tortuous Quest forUnity, 1990-94,” The Royal Institute of International Affairs, Chatham HousePapers, (Royal Institute of International Affairs, London: 1996), صفحة 2.

[3] السابق، صفحة 7.

[4] انظر: Joseph Kostiner, “Yemen,” p.11. See also: KlausEnders et al., “Yemen in the 1990s: From Unification to Economic Reform,” International Monetary Fund, Occasional Papers 208, http://www.imf.org/external/pubs/nft/op/208/index.htm (تمت الزيارة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009)، صفحة 4.

[5] انظر: Brian Whitaker, The Birth of Modern Yemen (2009), e-book published at www.al-bab.com/yemen/birthofmodernyemen (تمت الزيارة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2009)، صفحة 137.

[6] انظر: Joseph Kostiner, “Yemen,” صفحات 65 إلى 74.

[7] انظر: Human Rights Watch/Middle East, Yemen: HumanRights in Yemen During and After the 1994 War, vol. 6, no. 5, October 1994, صفحة 6.

[8] انظر: Brian Whitaker, The Birth of Modern Yemen, صفحات 16 إلى 22. ثمة وصف معاصر للأوضاع الاقتصادية في عام 1990 يصف الحال في جنوب اليمن قبيل الوحدة كالتالي: "لقد انهار الاقتصاد فعلياً، فالمزارعون رفضوا تسليم الطعام بالأسعار البخسة التي نالوها، ولأسابيع كان الطعام الوحيد المتوفر في سوق عدن هو البطاطس والخبز والبصل. وكانت متاجر الحكومة خالية..." انظر: Liesl Graz, “South Yemen Waits for Unity,” Middle East International, March 16, 1990

[9] انظر: Ginny Hill, “Yemen: Fear of Failure,” ChathamHouseMiddle East Programme Briefing Paper, November 2008 صفحة 5.

[10] انظر: “Troubled Yemen,” The Economist (London), June 2, 2009

[11] انظر: Brian Whitaker, The Birth of ModernYemen, صفحة 216.

[12] مقابلات هاتفية لـ هيومن رايتش ووتش مع جمال شنيطير، مُدرس، شبوة، وعلي بن يحيى، موظف في سلك التعليم، شبوة، 12 يوليو/تموز 2009.

[13] قرار جمهوري رقم 107، وزارة الداخلية، 1980، منشور على موقع قوات الأمن المركزي، www.yemencsf.org (تمت الزيارة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2009).

[14] وزارة الداخلية، اللائحة التنظيمية لوزارة الداخلية، 1995، www.police-info.gov.ye/laws/Min01.htm (تمت الزيارة في 19 أغسطس/آب 2008).

[15] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع قاسم، محامي، صنعاء، 2 سبتمبر/أيلول 2008. طبقاً للمعلومات التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش فإن أماكن احتجاز الأمن السياسي غير مصرح بها بموجب الدستور. الدستور اليمني يحظر الاحتجاز "في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون" دستور جمهورية اليمن، 2001، مادة 48 (ب).

[16] رئيس جمهورية اليمن، "قرار جمهوري بشأن إنشاء جهاز الأمن القومي لجمهورية اليمن"، 6 أغسطس/آب 2002. مادة 5.2 تنص على أن لضباط الأمن القومي صلاحيات ضباط الضبط القضائي الخاصة بالاعتقال. المادة 84 من قانون الإجراءات الجنائية اليمني ورد فيها المدعين العامين والمحافظين وضباط الشرطة وآخرون بصفتهم "ضباط الضبط القضائي"، وتنص أيضاً على أن جميع الضباط الممنوحين صلاحيات الضبط القضائي بموجب القانون يمكن إضافتهم إلى القائمة"، رئيس جمهورية اليمن "قرار جمهوري بشأن قانون رقم 13 لعام 1994 بشأن الإجراءات الجنائية"، مواد 84 إلى 89.

[17] قرار جمهورية بشأن قانون رقم 13 لعام 1994، بشأن الإجراءات الجنائية.

[18] قرار جمهوري رقم 391 لعام 1990 بشأن المحكمة الجزائية المتخصصة، مادة 3، وقرار جمهوري رقم 8 لعام 2004، بشأن المحكمة الجزائية المتخصصة، مادة 1.

[19] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محامي لمتعاطفين مع المتمردين الحوثيين [تم حجب الاسم بناء على طلبه]، صنعاء، يوليو/تموز 2008. أورد المحامي تفصيلاً كيف رفضت المحكمة الاستماع إلى شهود الدفاع، وكيف قبلت المحكمة مزاعم الادعاء، مثل خطط تسميم مياه صنعاء، دون دليل على ذلك.

فتحي بن لزرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس