عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-17, 02:34 PM   #2
ابو شريف الحدي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-10-24
المشاركات: 521
افتراضي

من الحسني إلى السفير اليمني في ليبيا
ظاهرة اللجوء السياسي.. ظروف طبيعية أم موضة جديدة ومصالح شخصية؟!





شاكر احمد خالد [email protected]
12/16/2008
الخطوة الجديدة للسفير اليمني في ليبيا اللواء الركن الدكتور حسين علي حسن صالح بطلبه اللجوء السياسي في بريطانيا ستضاعف مخاوف وشكوك الحكومة اليمنية تجاه أبناء المناطق الجنوبية لدى تعيينهم في المناصب الدبلوماسية. فالحادث يعد الثاني من نوعه، بعد حادثة السفير اليمني السابق في سوريا احمد الحسني.
ورغم عدم توفر إحصائية دقيقة بعدد أبناء المناطق الجنوبية ممن يشغلون مناصب السلك الدبلوماسي والبعثات الدبلوماسية في الخارج. غير أن مواقع الكترونية، كانت قد أشارت بعد حادثة السفير الحسني، إلى ما أسمته مشروع يجري تنفيذه على مدى سنوات في وزارة الخارجية يهدف إلى التخلص من أبناء المناطق الجنوبية العاملين في السلك الدبلوماسي.
ومع تصاعد النشاط الاحتجاجي في بعض المناطق الجنوبية والإعلان عن العديد من المطالب، تأسست لجنة تحضيرية باسم المسرحين الدبلوماسيين من أبناء المناطق الجنوبية، تقضي مهمتها الأساسية كما قالت، بحصر المطالب والمظالم التي يعانوها.
ينتمي حسين صالح إلى مديرية جحاف في محافظة الضالع. وتقول بعض سيرته الذاتية أنه كان أحد القيادات العسكرية السياسية في الشطر الجنوبي سابقا، حيث شغل منصب مدير الدائرة السياسية للقوات المسلحة بوزارة الدفاع حتى تحقيق الوحدة اليمنية، كما كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، وعقب الوحدة عين، نائبا لمدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع حتى حرب صيف 94م. حاصل على الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية من أكاديمية (لينين) السياسية بموسكو. تم استدعائه من ليبيا على خلفية الاتهامات اليمنية للزعيم الليبي معمر القذافي بدعم حركة الحوثي في صعدة. إلا أنه ما لبث أن عاد بعدها لتسلم مهماته من جديد في 10 يونيو2007. وقبل تعيينه سفيرا لدى طرابلس كان عضوا في مجلس الشورى وعضوا في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام.
وبتأكيد طلبه اللجوء السياسي في بريطانيا خلال الأسبوع الماضي، أعاد التذكير بخطوة مماثلة جرت في شهر ابريل من عام 2005م قادها السفير اليمني السابق في سوريا احمد الحسني. ليصبح الحسني منذ ذلك التاريخ، أحد قيادات المعارضة اليمنية في الخارج. وهو ينتمي جغرافيا إلى نفس المناطق التي يتحدر منها سفير اليمن في ليبيا.
ولم يصدر عن اللواء حسين صالح أي تصريحات صحفية من جانبه تفسر خلفيات أكثر للدافع وراء طلبه اللجوء السياسي في بريطانيا. لكن مصادر صحفية قالت بأن السبب الذي دفعه إلى ذلك هو تعيين وزارة الخارجية دبلوماسي آخر إلى جانب منصبه والذي شكل ضغوطا عليه في أداء مهامه، وأنه كان قد قدم استقالته من المنصب قبل طلب اللجوء السياسي.
وطبقا لذات المصادر فإن اللواء حسين وصل بالفعل إلى الأراضي البريطانية قبل أيام والتقى فور وصوله عددا من اليمنيين المعارضين في بريطانيا، وفي مقدمتهم زميله السفير السابق في دمشق احمد الحسني الذي يقوم بمهمة الأمين العام للتجمع الديمقراطي الجنوبي المعارض.

لماذا بريطانيا؟
وتثير هذه الحادثة تفسيرات وتحليلات سياسية مختلفة، خصوصا وأن طلب اللجوء السياسي في لندن تحول في السنوات الأخيرة إلى ما يشبه الظاهرة الإعلامية للمعارضين السياسيين من أبناء المناطق الجنوبية. فإلى جانب حادثتي اللجوء لسفيري اليمن في سوريا وليبيا، استقبلت المعارضة اليمنية في الخارج وفي العاصمة البريطانية لندن على وجه التحديد، طالبي «لجوء سياسي» آخرين، كان من أبرزهم الصحفي خالد سلمان، وممثل الغرفة التجارية في محافظة الضالع حمزة صالح مقبل اللذان كانا ضمن وفود مرافقة للرئيس صالح.وانفتحت شهية المواقع الالكترونية المحسوبة على ما بات يوصف بـ»الحراك الجنوبي» للحديث عن طلبات لجوء سياسي أخرى. لكن تبين لاحقا، عدم صحة بعض تلك المعلومات.
وأكثر التساؤلات المطروحة في هذا الموضوع هي حول ما إذا كانت الظروف الموضوعية تقتضي فعلا الحق لطالبي اللجوء السياسي، أم أن الأمر أصبح مجرد موضة جديدة ومصالح شخصية. ففي مقابل تشكيك أوساط سياسية وإعلامية مهتمة، بالظروف التي يحيط بها طالبو اللجوء قراراتهم ومواقفهم هذه. مشيرين على وجه التحديد إلى اقتصار الأمر على فريق معروف في السلطة من أبناء المناطق الجنوبية، وهو الفريق الذي ناصر الرئيس علي عبد الله صالح في حرب صيف 94م. وكذا بالإشارة أيضا إلى حقائق أخرى من بينها المصلحة الشخصية لطالبي اللجوء، بدليل أن هذه المواقف والقرارات جاءت متأخرة ومتزامنة في العادة مع انتهاء فترة العمل والمنصب.
هناك فريق سياسي آخر، يرى بأن الحراك الذي تشهده بعض المحافظات الجنوبية والمعبر عن حالة السخط الشعبي في تلك المحافظات، بالإضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية التي أعادت تفعيل دور معارضة الخارج، قد دفعت أولئك وغيرهم من المعارضين السياسيين للتفكير بطلب اللجوء السياسي.
وإذا كانت الحكمة السياسية تقتضي المعارضة من الداخل، نظرا لارتباط معارضة الخارج في الوعي الشعبي بالخيانة. غير أن مصادر سياسية تؤكد بأن المعارضة في الداخل تظل محصورة بسقف معين ومعرضة للعديد من الأخطار.
وترى مصادر إعلامية تابعة لما يعرف بالحراك الجنوبي، أن خطوة السفير اليمني في ليبيا من شأنها تعرية السلطة القائمة وفضح أساليبها في حكم البلاد وبالذات المناطق الجنوبية والشرقية. وتعلق قائلة أن الخطوة متأخرة «ولكن أن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي».
بينما اعتبر مراقبون، بأن هذه الخطوة من شأنها أيضا مضاعفة المخاوف والشكوك في هاجس الحكومة اليمنية من أبناء المناطق الجنوبية لدى توليتهم المناصب الحكومية. ومن المعروف أن حركة الاحتجاجات المتصاعدة مؤخرا في المناطق الجنوبية، كانت قد دفعت النظام إلى إتباع سياسة «الاستيعاب والاحتواء» المعروفة، وذلك عبر منح القيادات البارزة في الحركة مناصب حكومية رفيعة وامتيازات أخرى. وبرز الهاجس الحكومي مبكرا لخطوة السفير حسين صالح، حين لوحظ تركز هذه الامتيازات والمصالح الممنوحة في العاصمة صنعاء.
ويبدو الهاجس الرسمي أيضا من خلال الرد على الخطوة الأخيرة للسفير اليمني في ليبيا. فقد أكد مصدر مسؤول فضل عدم الكشف عن هويته لـ»مارب برس» بأن السفير حسين صالح اسلتم مستحقاته لشهر 12 وطلب إجازة لمدة 3 أشهر بحجة أن زوجته مريضة في إحدى مستشفيات بريطانيا، مشيرا إلى أن آخر تواصل له مع وزارة الخارجية كان قبل خمسة أيام على نبأ اللجوء.


الرد الرسمي كان جنوبيا
غير أن الرد الرسمي الآخر الذي مثلته تصريحات نائب وزير الداخلية اللواء الركن صالح حسين الزوعري، وهو من أبناء المناطق الجنوبية، أعاد التذكير بالردود الرسمية السابقة على حادثة لجوء الحسني. فقد طالب الزوعري من الحكومة البريطانية عدم منحها حق اللجوء السياسي لمن وصفهم بالجواسيس والخونة، الذين قال بأنهم تنكروا لشعوبهم وأوطانهم ، وقال بأنهم مثلما خانوا وطنهم، فأنهم بالطريقة نفسها سيخونون بريطانيا وحكومتها وشعبها.
موضحاً أن الشعب والوطن والتاريخ لن يغفروا لمن وصفهم برموز الارتزاق والعمالة. معربا في ذات الوقت عن ثقته في حكمة المملكة المتحدة البريطانية في «التعاطي مع مثل هذا الأمر بروح المسؤولية استناداً إلى العلاقات التاريخية والتعاون التي تجمع بين البلدين الصديقين اليمن وبريطانيا والتي لن تغير فيها مثل هذه الأمور شيئاً.»
لكن حقائق الأمور التي جرت مسارحها في المنطقة خلال السنوات الأخيرة تقول شيئا آخر. فبريطانيا التي استعمرت جنوب اليمن على مدى 129 عاما. عاد إليها الحنين الاستعماري القديم. وبحسب كثير من المراقبين فإنه ومن خلال الدور الأمريكي المتعاظم في المنطقة، وتفشي عمليات القرصنة البحرية في المياه القريبة من خليج عدن، عاد النفوذ البريطاني الطامع بالمنطقة من جديد.
ويؤكد هؤلاء المراقبون أن التسوية الأمريكية البريطانية في الظروف الحالية تقتضي منح الأخيرة نفوذ واسع في منطقة القرن الأفريقي واليمن نظرا لعدة عوامل من بينها حتمية الشراكة الدولية في اقتسام النفوذ وتركز المصالح البريطانية في ذات المنطقة.
وإلى جانب تقارير صحفية متتابعة تؤكد على الدور المحوري الذي تقوم به القوات البريطانية المتواجدة حاليا في المياه الإقليمية بزعم مكافحة القرصنة. تشير تصريحات عدة محذرة من هذا الدور البريطاني الجديد.
وانضم الشيخ عبد المجيد الزانداني في الأسبوع الماضي إلى قائمة المحذرين من عودة الاستعمار البريطاني إلى اليمن. ونسبت إليه تصريحات خلال حفل أقيم في منطقة أرحب يؤكد فيها بأن ظاهرة القرصنة وراءها دعم خارجي يهدف إلى عودة الاستعمار وخاصة من قبل بريطانيا التي دائما ما تردد أن من يملك البحر يملك الأرض.
ونظرا لما توفره القوانين البريطانية من امتيازات لطالبي حق اللجوء السياسي وعوامل أخرى خاصة بالحالة اليمنية، كانت الأراضي البريطانية قد استقبلت منذ حرب صيف 94م عدد من المعارضين السياسيين. واعتقد سياسيون يمنيون أن توقيع اليمن والمملكة العربية السعودية لاتفاقية جدة الحدودية بين البلدين العام 2000م كفيلة بإهالة التراب على معارضة اليمن في الخارج.
غير أن حركة الاحتجاجات المتصاعدة في بعض المحافظات الجنوبية وتطورات أخرى، فاجأت المراقبين والمتابعين. وعاد معها أيضا زخم المعارضة في الخارج. وسلطت حركة الاحتجاجات هذه الأضواء على التغطية الإعلامية البريطانية للأحداث، حيث وصفت بعض الأوساط اليمنية هذه التغطية بـ»غير المحايدة».
وغيرة مرة، أحيطت التحركات البريطانية للسفراء والدبلوماسيين وغيرهم داخل الأراضي اليمنية بالعديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام. آخرها كان قبل نحو أسبوعين بعد أن منعت السلطات الحكومية السفير البريطاني بصنعاء من زيارة الضالع والالتقاء هناك بقيادات أحزاب اللقاء المشترك في المحافظة.


حوادث مماثلة واخرى تم تكذيبها
إذا كان السفير اليمني السابق في سوريا، قد فتح ملف اللجوء السياسي للنقاش، مذكرا بدور المعارضة اليمنية في الخارج. فإن المؤشرات الحالية تؤكد بأن الوسط السياسي والإعلامي سيشهد حوادث مماثلة. ففي الأسبوع الماضي، تردد أن عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام وممثل إحدى الدوائر الانتخابية في محافظة الضالع وهو علي شايع قد طلب اللجوء السياسي في لندن. لكنه نفى ذلك، وقال: لقد توجهت إلى قريتي «حماده» بمديرية الأزارق من محافظة الضالع عقب انتهاء جلسات مجلس النواب بغرض قضاء إجازة عيد الأضحى بين الأهل والأصدقاء ومواطني دائرتي الانتخابية، ولم أعلم بموضوع اللجوء إلاّ من خلال بعض المواقع الإخبارية. مؤكدا أن مثل هذه الأخبار الكاذبة هدفها النيل من سمعته ووطنيته ووحدويته.
وتكرر ذات الأمر بداية السنة الحالية مع سفير اليمن في مملكة النمسا وهو أحمد علوان ملهي العلواني، من أبناء محافظة عدن. لكن السفير العلواني نفى الأنباء التي ترددت حول عزمه الانضمام إلى المعارضة اليمنية في لندن، وقال :»إن المزاعم مفتعلة بهدف الترويج» لما تبثه مثل تلك المواقع التي استمرأت نشر الأخبار الكاذبة عن اليمن، وتتخذ من لندن مقرا لها».
فيما صدقت الأنباء بشأن الدبلوماسي اليمني السابق في السفارة اليمنية بكندا وهو عبد العزيز احمد قايد. وبعد الأنباء التي كانت قد أكدت طلبه اللجوء السياسي من السلطات الكندية بسبب خلافات شخصية مع سفير بلاده في العاصمة الكندية. بعث هو برسالة مؤثرة إلى الأستاذ عبد القادر هلال بعد استقالته المشهورة. وتحت عنوان «بنت الصحن وأخواتها.. إن يسرق فقد سرق اخ له من قبل»، أشارت الرسالة أيضا إلى تلك الخلافات التي دفعت به بعيدا عن المنصب الدبلوماسي.
أما الحادث الأهم في قصة اللجوء السياسي، فقد فجرها السفير السابق لدى دمشق احمد الحسني في ابريل عام 2005م. والحسني من مواليد محافظة أبين، وهو محسوب على التصنيف المعروف بـ»الزمرة» الذي مثله الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، وكان قد شارك بفعالية في حرب صيف 94م ضد قوات الحزب الاشتراكي. لكنه برر طلب اللجوء السياسي في بريطانيا، احتجاجا على ما وصفه بالتفرقة التي تمارس ضد المواطنين المنتمين للمحافظات الجنوبية. ووصف الأراضي الجنوبية بأنها «وطن استبيح واحتلت أراضيه ونهبت ثرواته».
ولم يكد عام 2005م ينتهي إلا ومسئول حكومي آخر من أبناء المحافظات الجنوبية يفجر مفاجأة أخرى لا تقل عن مفاجأة الحسني. فقد أكد حمزة صالح مقبل صحة الأنباء التي تحدثت عن طلبه اللجوء السياسي في أمريكا والانضمام إلى معارضة الخارج، وهو كان ممثل الغرفة التجارية في محافظة الضالع، وضمن الوفد المرافق لرئيس الجمهورية في زيارته لواشنطن آنذاك. ونسبت إليه تصريحات قال فيها « اتخذت قراري هذا، بعد أن وجدت استحالة العيش والتعايش والعمل مع النظام القائم، وممارسة الحياة الطبيعية في الوطن، وقررت الالتحاق بالمعارضة في الخارج.» مؤكدا أن السلطة ما زالت تحكم المناطق الجنوبية بعقلية القبيلة، وليس بناء على الأعراف والمواثيق، التي عقدت عند توقيع ميثاق الوحدة في 22 مايو 1990.
وأثار الصحفي ورئيس تحرير جريدة «الثوري» السابق خالد سلمان ضجة إعلامية واسعة بطلبه اللجوء السياسي في لندن منتصف نوفمبر 2006م. ومرد الضجة الإعلامية الواسعة كانت بسبب مرافقته لرئيس الجمهورية ضمن الوفد الإعلامي إلى مؤتمر لندن للمانحين.
وأرجع سلمان قرار اللجوء السياسي في لندن بسبب انتهاك حقوقه ومضاعفة جرعات التهديد، خصوصا بعد مثوله أمام المحاكم في عدة قضايا. وقال «انسداد الأفق في اليمن، ومضاعفة جرعات التهديد، والبحث عن فضاء حرية مجاله الحيوي خارج نيابات الصحافة وفرق الاغتيالات الجوالة كان من ضمن الأسباب التي دفعتني إلى طلب اللجوء السياسي.» مؤكدا انه كان على مرمى حجر من الاغتيال، وأن من يعيش في اليمن ويعمل في حقل المعارضة لا يبارحه هاجس التصفية..<
ابو شريف الحدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس