عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-23, 03:42 AM   #626
السّلامي
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2009-12-21
المشاركات: 129
افتراضي أحداث المعجلة وارتباطها بالقاعدة سيناريو داخلي أم خارجي

قرأت معظم التعليقات الواردة على الموضوع المتعلق بالربط الإعلامي لعناصر القاعدة بالحراك الجنوبي. وأجمالا فأن كل الملاحظات تستخلص أن مجزرة المعجلة والتي راح ضحيتها أطفال ونساء مدنيين تدخل ضمن الصراع القائم بين السلطة المحتلة من جهة وبين شعب الجنوب ممثلا بطليعته السياسية الممثلة بالحراك والمشايخ والتي أعدها النظام كسيناريو ليلحق بالحراك تهمة احتضانه أو ارتباطه بالقاعدة. ومن وجهة نظري فأن الحرب على القاعدة مشروع عالمي لقوى التحالف ولا يمكن تبسيطه بأنه وسيلة يستخدمها هذا أو ذاك لتصفية حسابات داخلية أو محلية. من هذه الزاوية فأن الاستنتاج المبني على تبسيط الأمور على هذا النحو من قبل القلقين من أبناء الجنوب يأتي من المعاناة التي ألحقت بشعب الجنوب نتيجة للخذلان الذي تعرض له هذا الشعب من دول العالم الخارجي منذ استقلاله وحتى اليوم. ولكن السياسة في عالمنا اليوم ليست على هذا النحو من التبسيط. فكلنا يدرك أن موقع ومصير جنوب اليمن يهم كل العالم ويدخل ضمن أولويات سياسة الغرب الدولية لجعله مكانا أمنا وصديقا للغرب.

أن ما يبدو لنا أعلاميآ بأن العالم الخارجي يقف مع النظام ليست الحقيقة وما يبدو لنا أن النظام يخدع العالم الخارجي ليجيرهم على أعدائه الداخليين مفهومة للخارج كما أن العالم الخارجي يعرف النظام أكثر مما نعرفه نحن فهو من صنعه كنظام تحت الوصاية وحقق للخارج تبعية وطاعة مبتذلة على حساب تطلعات شعبه بما فيها التفريط بالسيادة.

أول ما عانوه شعب الجنوب هو فشل الوحدة لأن الخارج لم يباركها تخوفا من عقيدتها ونزعتها القومية التي نادي فيها عبدالناصر، ولأن استمرارها كان سيفرز نظام وطني قد يتعارض مع سياسة الغرب في اليمن وفي العالم العربي ناهيك عن الخطر الذي يمثله وجود نظام خارج عن السيطرة على بوابة باب المندب ولذلك جاءت حرب 94 لتضع نهاية للوحدة التي ظلت الحلم المنشود للنخب السياسية القومية في الجنوب العربي وفي اليمن ولتعطي درسا للجنوبيين بأن إفراطهم في تغليب العواطف على المصالح لن يمنحهم إلا الوبال. انتهت الحرب لصالح النظام العميل وبقت اليمن تحت الوصاية وسمي رئيسة بفارس العرب.

تم احتواء وتقييد نشاط السياسيين الجنوبيين في الشتات وبقوا هم وشعب الجنوب
أندر كنترول. لقد فقدوا الدولة المدنية والنظام وكل ما بنوه خلال الثلاثة العقود من عمر دولتهم الفتية وحولهم نظام الطالح ريوس ثلاثة عقود ليعودوا كغيرهم تحت وطأة النظام القبلي المتخلف (هكذا تعاقب الشعوب الذي تسلم مصيرها للنخب السياسية المستوردة والبعيدة عن ثقافة المجتمع وتاريخه السياسي)

لكن ذلك العقاب يستهدف تكوين الوعي لتصحيح المسار فلا يستطيع العالم الخارجي أن يقف ضد إرادة الشعوب إلى الأبد ولا بد من خلق سياسة تحقق التوازن بين ما يحصل علية الخارج من اطمئنان لنظام الحكم وبين ما يحصل عليه الشعب من حقوق سياسية وتنموية وتطور.

هنا فشل نظام الصالح وأصبح طالح على المستوى المحلي فلم يتحقق ذلك التوازن. فالحوثيون فجروا صراعا داخليا يعارض سياسات النظام في الصميم وكون عبر الستة الحروب تحالف قبلي مناهض لسياسات نظام الحكم الداخلية والخارجية ويهدده بالانهيار. والجنوبيون زادت معاناتهم وتهميشهم ودنست كرامتهم عندما تعامل معهم النظام كمواطنين من الدرجة الثالثة وحتى الناس وأحزابهم السياسية في الشمال على دين ملوكهم يتعاملون مع الجنوبيون على أنهم انفصاليون وشيوعيون وخارجين عن ملة الوحدة وفي أسفل درجات المواطنة. لذلك ثأر الجنوبيون وتصاعد حراكهم وبشكل مذهل جعل كل العالم غير قادر على السيطرة عليه .

أصبحت اليمن المرشح رقم واحد في العالم للقب الدولة الفاشلة الآيلة للسقوط. ولكن العالم الخارجي بما فيه الإقليمي لا يريد السقوط المفاجئ الذي سيؤدي باليمن إلى وضع خارج عن السيطرة كالصومال .
لذلك الجوار الإقليمي والعالم على دراية بكل الأمور ولكنهم يريدون تغيير النظام بأقل التكاليف ويريدون ضمانات من أن القوى الصاعدة إلى الحكم ستحافظ على علاقة طيبة مع الغرب وحلفائه من دول الجوار. والحوثيون ليسوا كذلك ولا بد من أضعافهم في الشمال للتقليل من فرص وصولهم بنسبة كبيرة إلى سدة الحكم في الشمال.

وشعب الجنوب مؤهل لاستعادة وطنه وبناء دولته الديمقراطية ولكن قياداته لم تتوحد بالشكل الكافي ولا تشمل بوضعها الحالي كل أشكال الطيف السياسي المعبر عن فئات المجتمع الجنوبي.
وما يخيف المجتمع الدولي هو سعي القاعدة لركوب نضال الجنوبيين وقطف الثمرة أو لإيجاد موقع قدم لها في الجنوب. وبالرغم من أن التاريخ السياسي للجنوب وهويته المتحضرة لا تكون بيئة مثلى لنشاط القاعدة غير أن التطمن للمستقبل لا يبنى على الأماني في السياسة الغربية ولذلك جاءت الضربة الأستباقية لخلايا القاعدة في أبين. للأسف النظام والقاعدة وجهان لعملة واحدة ضحكوا على الأمريكيين ومدوهم بمعلومات خاطئة وورطوهم بقتل الأبرياء.

من حقنا أن ندين العملية لأنها استهدفت المدنيين ونطالب بالتحقيق الدولي فيها سواء نفذها الأمريكان أو القاعدة أو النظام أو كلهم مجتمعون. لقد تلقت أمريكا صفعه من استمرار ثقتها بدور النظام في التعاون معها في حربها على الإرهاب ولذلك يبدو أنها استجدت الجزيرة والنظام لإنقاذ سمعتها وتصوير أن القاعدة كانت في الموقع من خلال نقل خبر ذلك العميل الذي جاء من الزاهر على ما يبدو ومعه خمسون من إتباع النظام ليخطب بصفته قاعدي ويهدد أمريكا وبذلك تكون أمريكا قد وجدت لنفسها تبرير ليس عندنا وإنما للمساءلة التي سيتعرض لها المسئولون عن تلك العملية من قبل الأمريكيين أنفسهم (عودوا وأقر أو ما كتبته نوفاك عن الحدث)

الحقيقة التي لا غبار عليها هو أن الأمريكيين حتى وأن ورطهم النظام سيعترفون بخطاهم ولكنهم لن يسكتوا عن معاقبته. والحقيقة أن الأمريكيين ليسوا مغرمين بصالح بل حملوه المسئولية عندما هنئوه بنجاحها ( في الواقع حملوه فشلها لأنها شملت عدد كبير من المدنيين ونجا منها أصحاب القاعدة بوشاية وصلتهم من النظام نفسه)

في الأخير لا يجب وضع أنفسنا بالزاوية التي يريد النظام أن نكون بها ويحول صراعنا معه إلى صراع ضد أمريكا. فلا يوجد أي منطق في علم السياسة يجعل أمريكا أو الخارج يقف ضد شعبنا فهم يعرفون أن إرادة الشعوب قوة لا تقهر إذا ما قادتها طليعة تعرف مصالح شعبها ومصالح شعوب العالم وشعبنا الجنوبي حتما سينتصر بإرادته وبتوفيق من الله تعالى وأما نظام صالح الطالح فمصيره سيكون كمصير نظام صدام لأنه لم يعد ينفع لا لشعبه ولا لمصالح وسياسات العالم الخارجي في المنطقة.

فلا داعي للتخوف في غير محلة فالأرض أرضنا منذ الاف السنين وستعود السيادة لنا عليها رغم أنف العالم كله وعلينا أن نتوحد ونوحد شعبنا الذي سيمتلك وحدة حق تقرير مصيره بإذن الله وبكامل الدعم الدولي.

وأرجوا أن لاأكون قد خرجت كثيرآ عن الموضوع المتداول أو أكون قد أقضبت أحد بتفاؤلي بالمستقبل فالتفاؤل مفتاح الصابرين ، وأن الله مع الصابرين.

نترحم على أرواح الشهداء الذين سخروا دمائهم الزكية فداء للجنوب ونسأل الله أن يسكنهم فسيح جناته آمين.

التعديل الأخير تم بواسطة السّلامي ; 2009-12-23 الساعة 04:56 AM
السّلامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس