وقال عليه الصلاة والسلام : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى » [رواه مسلم]
وقال صلى الله عليه وسلم : « من لم يأخذ من شاربه فليس منا » [رواه مسلم]
وأمـْر النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي الوجوب.
قال ابن تيمية : يحرم حلق اللحية، وقال القرطبي: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصها، وقال عبد العزيز بن باز: إن تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوز تركه.
وحلق اللحية ليس من الأمور الصغيرة كما قد يتوهمه البعض، بل ربما يكون حلقها أعظم إثما من بعض المعاصي الأخرى، لأن حلقها يعتبر من المجاهرة بالمعصية، وقد لا يعافى حالقها ولا يغفر له بسبب هذه المجاهرة لقوله صلى الله عليه وسلم : « كل أمتي معافى إلا المجاهرين »
إضافة أيضا إلى أن كراهية اللحية أو الاستهزاء بها وبأهلها يخشى على فاعله من الردة والكفر والعياذ بالله، لن من نواقض الإسلام الاستهزاء والسخرية بهدي النبي صلى الله عليه وسلم أو كراهية ما جاء به، وحلق اللحية قد ينم على كراهيتها والتخلص منها، وكراهيتها قد يكون أيضا سببا لحبوط الأعمال كما في قوله تعالى : { ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم } [محمد:28]
فليحذر المسلم من أن يحبط عمله، أو أن يخرج من الإسلام وهو لا يشعر.
فيا أخي الحبيب
يا من اعتدت على حلق لحيتك، تب إلى الله من هذا العمل واترك لحيتك كما خلقها الله لك واتبع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم الذي أمرك بها، ولا تعرض نفسك لسخط الله وعقابه بسببها، فكما أنك يا أخي قد أطعت الله في الصلاة والصيام وبعض الواجبات الأخرى فما الذي يمنعك من أن تطيعه كذلك في أمر اللحية؟
أليس الذي أمرك بكلا الحالتين هو الله جل وعلا؟ لماذا تفرق بين أوامره فتطيعه في أمر وتعصيه في آخر؟ أين تعظيم الله؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ لماذا هذا التلاعب بأوامر الشرع والاستخفاف بها؟!
إن الله قد ذم من يفعل مثل ذلك من أهل الكتاب فقال تعالى : { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة:85] فلا تعرض نفسك أخي الكريم لمثل هذا الذم، وتتشبه بهم، والتزم بجميع أوامر الله صغيرها وكبيرها تسعد في الدنيا والآخرة.
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالة إلى صاحب صالون الحلاقة
أخي صاحب صالون الحلاقة
إذا تبين أن حلق اللحية حرام كما هو واضح من الأدلة السابقة، فإن الأجرة على حلقها أيضا حرام، لأن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه، لذا فاحرص بارك الله فيك أن لا يكون صالونك هذا محلا لحلق لحى المسلمين ومكانا تباد فيه سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي تبرأ ممن رغب عنها بقوله : « من رغب عن سنتي فليس مني » ، وأن لا يكون صالونك هذا مكانا تنقض فيه عروة من عرى الإسلام وواجب من واجبات هذا الدين، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } [المائدة:2]
ولأن المال المكتسب من هذا العمل حرام سحت لا خير فيه، قال صلى الله عليه وسلم: "كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به".
فكن أخي الحبيب قوي الإيمان بالله قوي التوكل عليه ولا تسمح بحلق اللحى في محلك، وتأكد أن ربجك لن يتأثر من جراء ذلك بإذن الله، لأن الله تعالى يقول: { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق:3-2]
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه »
وثق أن الله تعالى لا يمكن أن يخلف وعده أبدا لمن صدق معه، لكن لا بد للإنسان من الصبر وعد الاستعجال.
واعلم أن المال الحلال وإن كان قليلا فهو خير من المال الحرام الكثير وبركته أعظم وأنفع لقوله تعالى : { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث} [المائدة:100].
وحتى لو فرض أن الربح انخفض قليلا فليس هذا مبررا لأن يلجأ المسلم إلى ارتكاب الحرام طمعا في زيادة ربحه، بل عليه أن يصبر على ذلك وأن يقتنع بما أعطاه الله ويرضى به لأن هذا قد يكون ابتلاء من الله تعالى له ليختبره وليرى مدى قوة إيمانه وتوكله عليه، وقد يوفقه الله ويبارك له بالقليل أو يفتح له أبواب رزق أخرى لم تخطر له على بال ويغنيه بها نتيجة توكله عليه وعدم ارتكابه للحرام.
فتنبه أخي لذلك جيدا واحرص على أن تكون ممن يصبر ويقتنع بالحلال ويرضى به ولو كان قليلا، وإياك إياك أن تجعل حب المال ينسيك ربك وينسيك دينك وينسيك مصيرك ومآلك فإن هذا المال الحرام سيذهب سريعا وسيبقى عذابه طويلا.
يقول ابن القيم: ثم تأمل لما صارت المرأة والرجل إذا أدركا وبلغا اشتركا في نبات العانة، ثم ينفرد الرجل عن المرأة باللحية، فإن الله عز وجل لما جعل الرجل قيما على المرأة وجعلها كالخول والعاني (الأسير) في يديه ميزه عليها بما فيه المهابة له والعز والوقار والجلالة، لكماله وحاجته إلى ذلك، ومنعتها المرأة لكمال الاستمتاع بها والتلذذ لتبقى نضارة وجهها وحسنه.
الجمال ليس في حلق اللحى
كيف يخلق الله رجلا ويميزه عن المرأة برجولته ولحيته التي فيها وقاره وجماله ثم لا يرضى بذلك ويذهب يغير خلق الله يتشبه بالنساء وبأعداء الإسلام ويتوهم أن في ذلك زيادة جمال له وأناقة ؟!
{ أفمن زُيّن له سوء عمله فرآه حسنا} [فاطر: 8].
وكأن جمال الإنسان وأناقته لا تتم إلا بحلق اللحية أو بتقصيرها وتخفيفها واللعب بها!! والله إن جمال الرجل وبهاءه وهيبته في إبقاء لحيته كما خلقها الله تعالى لأن الله أعلم بما يناسب الرجل لذا خلق له هذه الحية.
فكيف يليق بمسلم عاقل أن يرفض ما اختاره الله له؟ أهو أعلم بما يناسبه من الله { أأنتم أعلم أم الله} [البقرة:140]
ولو أراد الله للرجل أن يكون ناعما بدون لحية لم يعجزه ذلك، ولكنه ميز الرجل عن المرأة وكرمه وشرفه بهذه اللحية، ولكن بعض الرجال- هدانا الله وإياهم- لا يريدون هذا التكريم وهذا التميز، بل ويحاربونه، نسأل الله السلامة والعافية من ذلك.
فيا أخي المسلم
يا من تحلق لحيتك، كيف يهون عليك أن تفرط في لحيتك التي فيها وقارك ورجولتك وجمالك؟ والله لا يليق ذلك بك وأنت الرجل المسلم العاقل، ثم قل لي بريك: ماذا ينفعك حلقها؟ هل لك في ذلك أجر وثواب؟ هل لك في ذلك مصلحة دنيوية؟
لماذا تعرض نفسك للعذاب وأنت في غنى عنه؟ ولماذا تتعب نفسك، لأن حلاقتها كلها تعب وخسارة وإضاعة وقت ومال!
لماذا كل ذلك يا أخي؟ اترك لحيتك في وجهك كما خلقها الله لك ولا داعي لإتعاب نفسك، هي كم وزنها حتى تزيلها من وجهك؟! هل ثقلت عليك أو شوهت وجهك؟ لا أظن أن شيئا من ذلك يحصل بسبب اللحية.
العناد والمخالفة الصريحة
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب » ولكن بعض الناس يعارض قوله صلى الله عليه وسلم معارضة صريحة وقوية ويقول: لا يا رسول الله، لا سمعا لك ولا طاعة في هذا الأمر!! فيعكس الأمر فيحلق لحيته ويترك شاربه!!
فلماذا يا أخي هذا العناد؟ لماذا تخالف هدي نبيك صلى الله عليه وسلم؟ هل أنت في غنى عن هديه عليه الصلاة والسلام، وهل لك هدي خاص وسنة خاصة؟ والله يا أخي إنه شرف لك أن تكون من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم المطبقين لسنته.
ثم اعلم أخي الكريم أن القضية ليست قضية شعر فقط، إنما القضية قضية استسلام وخضوع لأوامر واتباع لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم واعتزاز به وانقياد لأوامره.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والله اعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين