عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-21, 11:17 AM   #6
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

في صنعاء.. رصاصات غدر ودماء كريمة
اليمنيون في انتظار ما ستعلنه الحكومة اليمنية من التفاصيل؛ لترد على من وقف خلف جريمة مستشفى العرضي، فمحاربة أمثال هؤلاء القتلة المأجورين المعتوهين، باتت واجبا قوميا تمليه أسس العدالة
لا يعرف الأغبياء الذين نفذوا عملية مهاجمة وزارة الدفاع ومستشفى العرضي العسكري بصنعاء، وعاثوا فيهما فسادا وتخريبا وتقتيلا مجانيا وإرهابا؛ أنهم إنما دقوا ما أجزم أنه أخطر وأكبر مسامير نعش تنظيمهم الإرهابي، وآخرها حسب ظني في اليمن، إذ عُرف عن اليمنيين عبر تاريخهم الحضاري الطويل، أنهم ليسوا على علاقة وطيدة من أي نوع مع مثل هذا الفكر الضال المنحرف، أو أساليب هذه الأعمال الجبانة الخسيسة، التي لم تحترم أبسط المبادئ الإنسانية، وحقيقة لم أجد في قواميس كل لغات العالم ما أستطيع من خلاله وصف ذلك الجرم الشنيع، الذي حدث بين ردهات مستشفى العرضي ومبنيي وزارة الدفاع بصنعاء في الخامس من ديسمبر 2013، فقد كانت جريمة هزت أركان المجتمع اليمني والعالم بأكمله، ولن تقبلها المجتمعات اليمنية قبل العالمية قطعا، فمجتمع مسلم يغلب عليه التكوين القبلي المسلح كالمجتمع اليمني، يحترم نيران السلاح ويقدر تأثيره وجبروته، مرت عليه مؤخرا ثورات شعبية وتغيرات سياسية كبيرة مختلفة، لم يُقدم على تنفيذ مثل تلك المذابح الوقحة التي سجلتها كاميرات مستشفى العرضي العسكري، وإن مجتمعا له هذه الصفات الأخلاقية يتمتع برباطة الجأش، لا يمكن له أن يرتضي مثل ذلك العمل المشين، ولا يمكن بالتالي أن يؤوي بين ظهرانيه بعد اليوم قتلة ومجرمين، انكشفت سلوكياتهم المنحرفة وبشاعتهم لكل العالم، وفضحت كاميرات صغيرة بأعين كبيرة بغضهم لكل ما هو إنساني.
لقد قبل اليمنيون فكرة قبول أعضاء كثير من التنظيمات السياسية أو الإرهابية كالقاعدة، وغيرها من التنظيمات المشبوهة من باب تحقيق التعددية، أو نصرة الدين أحيانا، كما فهموا أو أُفهموا تواصلا مع طبيعته المتدينة، وعاملتهم بكرم الضيافة وغير ذلك مما توجبه الأعراف القبلية، أو سعيا خلف الأحلام السياسية المدغدغة، أو بسبب الفقر المتفشي، الذي أجبر بعضهم على قبول إيواء مثل هؤلاء الوحوش البشرية، والتعاون معهم مقابل ما يسدون به جوع البطون، لكن هذا المجتمع على تنوعه المتحضر منه والقبلي، يواجه الآن أكبر تحدياته على الإطلاق، وهو ما وضعه فيه أولئك القتلة بعمليتهم الإرهابية الشنيعة تلك، وسواء أكانوا أفرادا ينتمون إلى تنظيم إرهابي، أو تنظيم سياسي فإنهم بجريمتهم الحقيرة قد أجهزوا على ربيع شجرتهم في أوساط اليمنيين قاطبة، وأظن أن التحديات التي يواجهها المجتمع اليمني كافة لا تخرج عن خيارين اثنين كما أرى؛ فإما الاستمرار في إيواء العناصر الإرهابية المشبوهة والتشكيلات السياسية المنحرفة والدخيلة بكل ما فيهما من شذوذ على فكر المجتمع اليمني؛ وتحمل نتائج وإثم من ذهبت حياتهم غدرا بغير ذنب، أو القيام بشن حرب وحملات ملاحقة لا هوادة فيها مع الحكومة؛ للقبض على كل منتمٍ يعثرون عليه في محيطهم لتلك التنظيمات، وكل من يثبت تورطه في تلك المجزرة، وكل من يفكر في تخريب اليمن، وتسليمهم إلى العدالة لتحاكمهم على ما اقترفت أيديهم، لغسل العار الذي ألحقته تلك العناصر بسمعة الشرف والمواثيق القبلية والمجتمع اليمني المعتدل بطبعه، وأكاد أجزم من واقع معرفتي بالمجتمع اليمني، أن المنفذين لتلك الجريمة إنما قد وضعوا أنفسهم موضع الخصم والطريدة منذ الطلقة الغاشمة الأولى من فوهات بنادقهم الضالة، وأغلب الظن أن رجالات الفكر و"مشيخات" القبائل اليمنية بانتظار ما ستعلنه الحكومة اليمنية من التفاصيل، لترد على من وقف خلف تلك الجريمة على طريقتها، فمحاربة أمثال هؤلاء القتلة المأجورين المعتوهين، باتت واجبا قوميا تُمليه أسس العدالة والكرامة وفضيلة التعايش الاجتماعي، الذي يميز المجتمع اليمني، وتحتمه أبسط القيم والأخلاقيات الإنسانية، ففي اليمن رجال عظماء قادرون على انتشاله من مستنقع الإرهاب، والذهاب به بعيدا باتجاه الدولة الحقيقية الآمنة، وأما مناظر القتل الهمجية تلك فإنها لن تغيب عن ذاكرة العالم والمجتمع اليمني، وستبقى ظاهرة كوصمة خزي وعار على جبين مقترفيها، وسيتذكر العالم صورة الوحش يرمي على المستجيرين قنبلة نذلة، وصورة أب يحتضن طفلته احتضان وداع مؤلم، وستحفظ الأجيال مشهد الطبيبة "سمية الثلايا" وهي تؤثر على نفسها جريحا أصابته رصاصات جبانة، لتكتب باستشهادها فصلا خالدا وعظيما في اليمن والتاريخ الإنساني، وضربا من ضروب الشجاعة التي لا مثيل لها للمرأة اليمنية، ونُصبا تذكاريا ملهما سيؤرق حياة المجرمين الذين خططوا للجريمة وأرواح من نفذوا المذبحة، ويقول لهم بصوت أكثر شجاعة: ألا تبت أيديكم وبعدا لكم أيها المجرمون أينما كنتم وتب.
http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...rticleID=19414
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس