[احمد الخليفي]

لقاء الرياض هل هو مفيدا ام مضرا للجنوب؟
بقلم:ابوعامر اليافعي



ان اول سؤال يتبادر للذهن وكل من تابع لقاء الجنوبيين بأمين عام مجلس التعاون الخليجي هو هل اللقاء كان مفيدا للجنوب وقضيته ام كان مضرا ؟
الاجابة على السؤال بأنه مفيد او مضر مباشرة تعتبر اجابة ساذجة لا ترتقي للفعل السياسي ولا تمت للعقل الواعي بصلة .
فلو اردنا تحليل فعل او حدث ما لابد ان نستوعب كل الظروف المحيطة به ومعرفة مقدماته وأسبابه ثم الكشف عما وراءه والتوقع المنطقي لنتائجه .

نحن نعلم تماما ان المكونات الجنوبية متعددة ومنقسمة ومختلفة وبالتالي فأننا بكل تأكيد لن نتوقع ان يكون الحضور الجنوبي في لقاء الرياض يشمل كل تلك القوى والمكونات الجنوبية ولهذا وبرغم ذلك فان الحضور الجنوبي في لقاء الرياض كان حضورا نوعيا رائعا فلم يجتمع هنالك جزء من حكام دولة الجنوب فقط ولم يحضر زعماء الجنوب السابقين من سلاطين ومشائخ فقط ولم يحضر رجال الاعمال الجنوبيين فقط بل حضر كل هؤلاء وهو مؤشر جيد بان الجنوبيين المختلفين والمتصارعين سابقا والمختلفين التقوا واللقاء بينهم بحد ذاته مكسب كبير فكيف الحال ان كانت نتيجة اللقاء اجماع على الهدف العظيم للشعب الجنوبي .
اللقاء الجنوبي الجنوبي في الرياض بحد ذاته وفي قضية الجنوب المركزية له اهمية كبيرة وكون ان يتفق الكل وهم بحجم المنشئ المختلف لدليل على ان الجنوبيين لديهم الحس الواحد تجاه المصير المنتظر .

في هذا اللقاء تجسد مبدأ التسامح والتصالح بأنصع صوره وفي هذا اللقاء ظهرت الاصالة الجنوبية الحقة فالعطاس عل سبيل المثال وحسن باعوم وصالح عبيد احمد هم من النظام الذي قام بمحاربة السلاطين والمشائخ " القعيطي والكثيري والعولقي والعفيفي والفضلي والهبيلي وغيرهم " وهذا مكسب جنوبي كبير .
الشيء العجيب ان رجال الاعمال الجنوبيين آووا ونشطوا وتحركوا بكل قوة في مجال ليس هو مجالهم وفي بلاد من الصعب الحديث فيها عن السياسة لرجل اعمال نعم اذهلنا هذا الامر جميعا بل انه الاكثر اهمية في عمق معانيه .
لماذا هو ذلك ؟
لان رجال الاعمال في المنطقة العربية عامة ودول الخليج خاصة ينظرون الى السياسة بخوف شديد ولا يتجرؤون على اقتحامها لان ادوات القوة لديهم في الانظمة العربية ضعيفة اذا ماقورنت باماكانات انظمة الحكم .
وهنا يبرز السؤال الهام وهو هل رجال الاعمال مقدرين نتيجة موقفهم هذا ام لا ؟
لأنه من المستحيل ان يتصرفوا هكذا بدون ان يكون هنالك موافقة مسبقة من نظام الحكم في السعودية ولايمكن ان يغامروا بأموالهم في صدام مع الدولة الذي هو امر صعب على المواطنين فيها فما بالنا بمن هم مقيمين بها او مجنسين حديثا .
ان كانت السعودية ضد ما قرره ابناء الجنوب في هذا اللقاء ومنهم رجال الاعمال فكيف يجرؤ رجال الاعمال بشكل خاص جدا ان يكونوا على خلاف ماتريده البلاد التي يعملون فيها ويوجد بها كل ممتلكاتهم وعمل السنين الطويلة .
صاحب المال لايمكن ان يقحم نفسه بأمور سياسية حتى وان بدت له كاملة الضمان فما بالنا بقضية تواجه تحديات وصعوبات جمة.
بمعنى هل مواقفهم هذه برضى السلطة السعودية ام لا ؟
الجواب البديهي انه من المستحيل ان يقرروا شي بعيدا عن موافقة الدولة السعودية والا لاعتبرناهم مجموعة من الحمقى وضعوا انفسهم ومايملكون في مهب الرياح .

نأتي الى الجانب الاخر وهو دول الخليج والسعودية خاصة ما الذي استجد حتى تقوم بهذا العمل وتستدعي الجنوبيين الى اللقاء بأمين عام مجلس التعاون الخليجي والحديث عن قضية تعتبر من الوجهة الدبلوماسية قضية داخلية ؟
هل كانت مليونية 30 نوفمبر هي السبب ؟
هل كان الشعور بفشل المبادرة الخليجية لرفض الحراك الجنوبي الاشتراك في الحوار اليمني ام محاولة لإيجاد قوى جنوبية تشارك في ذلك الحوار؟
هل كان اليأس وفقدان الامل بأجنحة النظام في صنعاء في تكوين دولة حقيقية ؟
هل هو تغيير في تكتيك دول الاقليم من العداء للحراك وتجاهله الى احتوائه؟
هل هو محاولة من دول الخليج للالتفاف على الحراك الجنوبي بطريقة غير مباشرة؟
هل هو تكوين جبهة جنوبية في الجنوب لمواجهة ايران كما يقال وهل هنالك خطر ايراني فعلي في الجنوب ؟
هل جاء هذا اللقاء بإيعاز من دول الغرب وواشنطن بالذات ؟ وان كانت الاجابة نعم فما المستجد حتى يغير الغرب موقفه من القضية الجنوبية ؟

كل هذه الاسئلة او بعضها او واحدا منها يمكن ان يكون سببا حقيقيا لهذا اللقاء ولكن ما الذي نخسره في قضيتنا من هذا اللقاء ؟
لا يوجد اي خسران فالجنوبيون في لقاء الرياض طرحوا موقفا واحدا هو نفس موقف وإرادة الشعب الجنوبي .
اللقاء هذا هو الاول من نوعه من قبل دول الخليج وهو في الحقيقة اعتراف اقليمي وربما وراءه او دافعه اعتراف دولي وإلا كيف يمكن لدول الخليج ان تناقش شخصيات سياسية عن قضية هي وفق المعايير الدولية قضية داخلية ؟
ليس هذا فقط بل انها لا تناقش مظلمة حقوقية مع اولئك السياسيين بل قضية تمس وحدة وطن بنظر الجمهورية اليمنية ؟
وكيف يمكن لدول الخليج ان تناقش قضية لدولة اخرى هم بأنفسهم اصدروا مبادرة لم يشيروا فيها الى تلك القضية ؟
هل استبعاد القضية الجنوبية من المبادرة الخليجية اعتراف بأنها قضية سياسية بين دولتين ولهذا لم يتم حتى الاشارة اليها وانه حان الوقت لمبادرة اخرى بين الشمال والجنوب ؟
كل الدلائل تقول ان الجنوب وقضيته كسبا مكاسب كبيرة في هذا اللقاء بغض النظر عما وراء اللقاء وماهو خلف الكواليس لأنه مهما كانت تلك الامور فلن يخسر الجنوب شيئا بل كسب مواقف جديدة طالما تمنى ان تحدث من قبل .

كنا سابقا نتمنى ابسط المواقف وابسط اللقاءات واليوم كانت في مستوى عالي وليس من دولة خليجية واحدة بل من دول الخليج كافة عبر ممثل عنها جميعا .
صحيح ان عبداللطيف الزياني ليس من يقرر الموقف الخليجي ولكن ايضا يعبر عن مواقف مجلس التعاون بشكل او بآخر.

بقي الان ان ننتظر ما سيتمخض عنه اجتماع المجلس الوزاري لدول الخليج العربية ومن ثم موقف قمة مجلس التعاون الخليجي القادم لأنه بكل تأكيد مطلوب من الزياني تقريرا مفصلا وافيا عن هذا اللقاء ومن ثم اعلان الموقف الخليجي من قضية الجنوب.