عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-08-18, 05:59 PM   #4
أبو غريب الصبيحي
قلـــــم ذهبـــــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-04-24
الدولة: العاصمة "عـــــدن"
المشاركات: 4,389
Post

[align=right]دمعة علي خد فلسطين

بقلم إيمان مأمون

وانت تعد فطورك فكر بغيرك
*'‬لا تنس قوت الحمام*'‬
وانت تخوض حروبك*.. ‬فكر بغيرك
*'‬لا تنس من يطلبون السلام*'‬
وانت تسدد فاتورة الماء*.. ‬فكر بغيرك
*'‬من يرضعون الغمام*'‬
وانت تعود إلي البيت*.. ‬بيتك*.. ‬فكر بغيرك
*'‬لا تنس شعب الخيام*'‬
وانت تنام وتحصي الكواكب*.. ‬فكر بغيرك
*'‬ثمة من لم يجد حيزا* ‬للمنام*'‬
وانت تحرر نفسك بالاستعارات*.. ‬فكر بغيرك
*'‬من فقدوا حقهم في الكلام*'‬
وانت تفكر بالآخرين البعيدين*.. ‬فكر بغيرك
*'‬قل*: ‬ليتني شمعة في الظلام*'.‬

بهذه الكلمات استطاع* '‬شاعر الجرح الفلسطيني*' ‬الراحل محمود درويش أن يترجم معاناة الفلسطينيين بأسلوب ساحر جعلنا نبكي ألما* ‬وخجلا* ‬من أنفسنا بعد أن دعانا لمعايشة مأساة الشعب الفلسطيني الذي يفقد يوما* ‬بعد يوم أدني الحقوق الإنسانية التي من الممكن أن تتوفر لبشر في وقت ننعم فيه جميعا* ‬بتوفر سبل الحياة ومقوماتها*.‬
أعاد درويش طرح القضية الفلسطينية بعد أن صاغها بشعره متحديا* ‬احتلال أرضه حريصا* ‬علي زرع روح المقاومة في صدور شعبه راسما* ‬بقلمه* '‬الحلم الفلسطيني*' ‬كما أراد له أن يكون ليصف حلم التحرر في آخر قصائده* '‬حالة حصار*' ‬التي كتبها في يناير الماضي أثناء اشتداد الحصار الغاشم علي شعب* ‬غزة بقوله* '‬حررت نفسي بالكتابة توقفت عن رؤية الدبابات سواء كان ذاك وهما* ‬أو قوة الكلمات*'.‬
ساخرا* ‬بمرارة من الصمت العربي تجاه قضية فلسطين بقوله* '‬حلت كرة القدم محل فلسطين في قلب العرب*'.‬
اعترف درويش بفشله في الحب والزواج معللا* ‬ذلك بانتمائه إلي برج* '‬الحوت*' ‬متقلب العواطف فيقول*: '‬أحب أن أقع في الحب وحين ينتهي أدرك أنه لم يكن حبا*.. ‬الحب لابد أن يعاش لا أن يتذكر*'.‬
تزوج مرتين الأولي من رنا قباني* - ابنة أشقيق الشاعر الكبير نزار قباني - في واشنطن عام* ‬1977* ‬استمر الزواج أربعة أعوام ثم انفصلا ليتزوج في منتصف الثمانينيات من* '‬حياة الهيني*' ‬المترجمة المصرية لمدة عام ثم ينفصل لم أتزوج للمرة الثالثة ولن أتزوج انني مدمن علي الوحدة الشعر محور حياتي،* ‬ما يساعد شعري أفعله،* ‬وما يضره أتجنبه،* ‬كتب درويش في الحب معللا* ‬ذلك بأن القدرة علي الحب في مثل تلك الظروف* '‬مقاومة*' ‬أو شكل من أشكال المقاومة فكان ديوان* '‬سرير الغريبة*' ‬عام* ‬1998* ‬أول كتاب مكرس للحب كليا* ‬فيما اعتبره البعض تخليا عن القضية فرد علي النقاد بقوله* '‬يفترض أن نكون نحن الفلسطينين مكرسين لموضوع واحد تحرير فلسطين إلا أننا بشر نحب ونخاف الموت ونتمتع بأول زهور الربيع لذا فالتعبير عن هذا مقاومة،* ‬إذا كتبت قصائد حب فإنني أقاوم الظروف التي لا تسمح لي بكتابة قصائد الحب*'.‬
وعن الشاعر الكبير الراحل محمود درويش يقول الكاتب والمحلل السياسي د*. ‬محمد خالد الأزعر يبدو أن درويش أدرك أن كل فرد في* ‬المجتمع الذي يعاني الاحتلال عليه أن يقف علي ثغرة لتحميه ومحمود درويش اختار أن يقف علي ثغرة كبيرة جدا* ‬لمقاومة الاحتلال وللتعبير عن قضيته التي هي بالأساس قضية شعب بأكمله*.‬
يضيف د*. ‬الأزعر كان درويش* '‬حالة*' ‬عاش من خلالها الثورة الفلسطينية في بواكيرها الأولي وعبر عن نبضها وعايشها فمر بأكثر من مرحلة كان فيها صوتا* ‬قويا* ‬معبرا* ‬صادقا* ‬مسموعا* ‬حمل القضية بداخله وعبر عنها بكلمات اخترقت المساحات والحجب ووصلت إلي أبعد مدي حاملة معها هموم القضية الفلسطينية ومعبرة عن شجون وأحزان وآلام الشعب الفلسطيني*.‬
فاستطاع خلال الأربعين عاما* ‬الأخيرة أن يؤرخ بشعره للقضية الفلسطينية فوصف الصراع بأنه* '‬صراع بين ذاكرتين*' ‬وجعل من الشعر ديوانا* ‬للمأساة الفلسطينية*.‬
يشير د*. ‬الأزعر إلي أن درويش كان من الأشخاص القلائل الذين يحدث عليهم اجماع من البشر،* ‬فكان محل اعجاب لكثير من الكتاب والشعراء الروس والأمريكان وحتي الإسرائيليين لأنه استطاع أن يكون محل ثقة الجميع* .‬
ويعبر د*. ‬خالد عن تقصيرنا نحو قيمة هذا الرجل خاصة بعد أن ساءت حالته الصحية فيقول* : ‬في تقديري كان* ‬غياب محمود درويش بالجسد* ‬غيابا* ‬مفاجئا،* ‬وقد قصرنا في حقه لذا زلزلنا رحيله المفاجئ وغيابه في مرحلة نحتاج فيها إلي من يذكرنا بقضيتنا،* ‬ويجمع شملنا ويؤلف قلوبنا في هذا الوقت العصيب الذي يتصارع فيه الإخوة في فتح وحماس*.‬
ويضيف الحقيقة أن* ‬غياب القادة من هذا النوع يترك نوعا* ‬من أنواع اليتم ولو لفترة محدودة حتي يستوعب الناس صدمة الفقدان،* ‬وحتي يظهر من الجيل الجديد من يحمل الراية* ‬،* ‬لكنه ليس من السهل أن تجد* '‬محمود درويش*' ‬آخر يحملها*.‬
أما الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبدالقادر* ‬ياسين فيري أن درويش نزل بثقله لخدمة قضية شعبه من خلال عضويته في ركح القائمة الشيوعية الجديدة فابدع شعرا* ‬وأظهر القضية الفلسطينية بين ثنايا شعره ورغم أنه اغرق في الرمزية وما بعد الحداثة إلا أنه جعل الجماهير لا تكف عن أن تطرب من شعره*.‬
وأضاف ياسين فمنذ ديوانه الأول أوراق الزيتون عام* ‬1964* ‬ومحمود درويش يكرس شعره للقضية إلي أن* ‬غادر فلسطين المحتلة مطلع* ‬1971* ‬وحاول من خلال ذلك أن يوازن بين القضية والشكل الفني وغالبا* ‬ما عجز عن تحقيق ذلك التوازن* : ‬لأن القضية كان لها الشق الأهم،* ‬إلا أنه حين اقترب من قيادة المقاومة الفلسطينية في بيروت ابتداء من أواسط عام* ‬1972* ‬وجد نفسه في دوامة التهمت جزءا* ‬من جهده ووقته علي حساب القضية فالأمور في بيروت لم تكن مفرزة فرزا* ‬حادا* ‬علي النحو الذي كانت عليه في فلسطين المحتلة إلا أنه بعد أن استقال من منظمة التحرير الفلسطينية استطاع أن يجد تفرغا* ‬كافيا* ‬لشعره*.‬
الأديب الفلسطيني الكبير زين العابدين الحسيني روي لنا عن علاقة الصداقة القوية التي جمعت بينه وبين درويش فقال*: ‬تعرفت بمحمود في اليوم الأول لعودته من يوغسلافيا أوائل الستينيات،* ‬حيث سافر إلي هناك بعد مأساة النكبة ضمن وفد من الفلسطينيين أرسلتهم إسرائيل إلي هناك بعد أن أعلنوا انضمامهم إليها،* ‬لكنه عاد بعد ذلك وأعلن انضمامه للوطن الفلسطيني وتراجع عن موقفه السابق معللا* ‬ذلك بأنه كان حديث السن*.‬
يضيف الكاتب الكبير* : ‬كان محمود وقتها لا يملك شيئا* ‬ويعمل في كافيتريا ونمت بيننا من وقتها صداقة قوية ثم جاء للقاهرة وانضم إلي الثورة الفلسطينية التي كان يحتضنها بيت عون عبدالهادي الوزير الأردني السابق فكان منزله في جاردن سيتي ملاذا* ‬لأعضاء الثورة الفلسطينية التي كنت أنا ومحمود ضمن أهم أعضائها،* ‬نمت وطنية محمود في ذلك الوقت واستطاع أن يجعل من قضية بلاده قضيته الشخصية وبدأ يتعاظم دوره السياسي* .‬
إلا أنه استقال من منظمة التحرير الفلسطينية ومن عضوية اللجنة التنفيذية بها احتجاجا* ‬علي اتفاقية أوسلو وواجه بعد ذلك ظروفا* ‬مالية شديدة الصعوبة،* ‬ورفض كل ضغوط الرئيس الراحل ياسر عرفات لتوليته حقيبة وزارية في السلطة وفضل أن يعيش خارج دائرتها ليخدم قضيته بقلمه،* ‬وأعاد بعد ذلك إصدار مجلة الكرمل ليواصل مشروعه الابداعي الذي كان ولايزال بمثابة المعجزة*.‬
وعن شخصية درويش التي عايشها الأديب الكبير زين الدين الحسيني أشار إلي أنه كان شخصا* ‬مستقلا* ‬وكتوما وسريا ولا يتحدث عن نفسه فطباعه كانت أقرب لطبع الفيلسوف* .‬

صحيفة الأسبوع المصرية
[/align]
__________________
إن تاريخ الجنوب يروي لنا , أن أبناءه لا يلبثون وقت الشدة إلا أن يجمعوا صفوفهم
علي هيثم الغريب

لا بد من التضحية والفداء ليس كرهاً بالحياة بل تعبيراً عن حبنا لهذه الحياة التي أردنا أن تعيشها أجيالنا القادمة بسعادة وحرية وشرف وكرامة
عميد الاسرى العرب ( سمير القنطار)
أبو غريب الصبيحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس