[ابو خطاب]

لقد انتابني حزن لا حد له , وكأن غيوم الحزن والكآبة المتراكمة في سماء حياتي والتي كان بإمكاني فقط تأجيل هطولها بعد أن أخفقت في تبديدها , وجدت اليوم واليوم فقط الأرض الملائمة لتهطل عليها , آه كم ينفطر قلبي حزنا على وطن يتسرب من بين أيدينا كل ما ظننت أننا على وشك الإمساك بتلابيبه , وطن وئد في مقبرة تفاهتنا وسذاجتنا وجهلنا ونزواتنا , وطن ثوى عليه أبناؤه التراب بأيديهم , أين هذا الوطن الذي لم أحس به منذ صيحة الولادة ولا أمل أن احتضنه حتى شهقة الموت , رغم سحابة اليأس المحيطة بي سأظل أحلم بوطن ولن يعوقني قول حكيم إن الأحلام خلقت كي لا تتحقق ,وفي لحظات انتظار الحلم سأخلق لي وطنا بديلا بحاره من العبرات المنحدرة من قلمك الساحر وبره من رماد بوحك وسماؤه من صفاء مشاعرك , وطن لا شريك لي فيه سوى كائن ينبعث من أضلعي وحينئذ لن أقضم تفاحة الوهم لأكون خالدا في هذا الوطن , ولكي لا يُقذف بي مرة أخرى في وطن الضياع والسراب .

أنا الذي كنت أتفاخر دوما بأنني لم أنكث عهدا أبدا قطعته على نفسي , اعترف والاعتراف سيد الأدلة , إنني لم أفِ بوعدي ,هأنذا أعود للكتابة بعد أن تيقنت من عدم عودتي , فلاشيء أصبح يغريني للكتابة , ولا شيء يثير اهتمامي , ولا شيء قادر على تحريك مشاعري وإيقاظ ضميري , عدت لأسباب اجهلها , أحقا تجهلها , أم ينتابك الذعر من مجرد التفكير فيها , أم لأنك وجدت نفسك سطرا أو حرفا في مجلد النكبة أو الفجيعة , أم لأنك كنت جثة مرمية على قارعة النسيان دبت فيها آهات [ شروق ] دبيب الحياة .