عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-02-16, 01:42 PM   #17
بو مبارك
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-03
المشاركات: 92
افتراضي خفايا التآمر على الجنوب الحلقة 3

بقلم / قلم حُر

مع تصاعد وثيرة الازمة وقبل الذهاب الى عمان نشطت وساطات يمنية – يمنية ، قام بها اشخاص كانوا في الغالب يبحثون عن دور ما . لذلك كانوا في رواح ومجيء ، بين صنعاء وعدن. بين الرئيس والنائب . ومن الافكار الملفتة والتي تعبر عن الموقف الفعلي لكل من الرئيس والنائب من الوثيقة. الاول كان يحث الوسطاء على اقناع البيض ضرورة التفاهم معه مباشرة ، على ترتيبات من وراء ظهر لجنة الحوار والوثيقة. في حين ابدى البيض معارضته لذلك وهو يقول في شهادة خاصة : " انا ضد هذه الاساليب والعمل من خارج لجنة الحوار وكذلك الطرق التي اتبعت في السابق . فالوثيقة موجوة وهي حازت على اجماع وطني ، ولهذا السبب تراجعنا عن النقاط ال18 لمصلحة هذه الوثيقة . وبإعتبارها وثقية الاجماع وهذا مصدر قوتها. ولست مع الالتفاف عليها بل مع اعطائها قوة جديدة، لتكون برنامجا لكل الجادين. ومن هو مؤمن بذلك عليه ان يقف على هذه الارضية. لست مع الاساليب الملتوية ويكفي البلاد ماعانته من متاعب الكولسة والعمل من خارج الهيئات . لذلك يتوجب العمل في وضح النهار وبعلنية ومن خلال الحوار . وهنا المدخل الفعلي لبناء تقاليد واسس ومرجعيات بناء الدولة الحديثة التي تؤسس على الوضوح والالتزام بالاتفاقيات ذات القوة القانونية وليس على اساس التقاء امزجة ومصالح الاشخاص" . وخلافا للدعاية التي عمل طويلا اعلام المؤتمر على ترويجها من ان تصلب البيض قاد الى المواجهة ، فهو في الشهادة الخاصة يبدي مرونة كبيرة حيال تنفيذ الوثيقة وتصلبا تاما حيال مسألة التئام هيئات الدولة في صنعاء بعد التوقيع. وهو يقول :" خلال 6 اشهر هززنا البلاد وتركناها تعيش على اعصابها وليس من المنطقي النظر للمسألة من زاوية تبسيطية ، لان البلاد لم تعد تحتمل الخلافات . فبالامس كانوا يقولون اين الازمة؟ ثم اعترفوا بها، وجاءت الوثيقة لتشخصها والان يشترطون العودة الى صنعاء. الى اين نعود؟ الى بيت الطاعة . ويضيف نؤسس العقد الجديد معا بطرق وخطوات نتفق عليها ، وربما احتاج الوضع الى تنفيذ تدريجي وتطبيع تدريجي " .
وهناك مسألة هامة جدا اثيرت من قبل المطبخ الإعلامي المؤتمر قبل الذهاب الى عمان وهي من شقين تتعلق بموضوع التراث النفطية . الشق الأول يتركز في أن القيادة الجنوبية تدفع الوضع نحو الانفصال بعد أن تأكدت من وجود اكتشافات نفطية هامة في منطقة حضرموت . الشق الثاني ، أنها قامت في الآونة الأخيرة بتحويل موارد العائدات النفطية الجنوبية (140 ألف برميل يومياً من حقل المسيلة) الى البنك المركزي في عدن بالإتفاق مع شركة كنديان أوكسي التي تستغل القطاع رقم 14 في وادي المسيلة في حضرموت . وعلى اعتبار أن هاتين المسألتين .خصوصاً وأن النقطة الأولى سوقت على نطاق واسع في المستويين المحلي والعربي والدولي ، وجرى استغلالها على نحو كبير من قبل إعلام المؤتمر وفي خطاب قيادته السياسية للتشهير ، بنوايا القيادة الجنوبية ومشروعها الإصلاحي الشامل .
يستدعي أمر النقطة الأولى العودة قليلاً الى الوراء ، إذ يشير تقرير سري أعده وزير النفط المرحوم صالح ابوبكر بن حسينون ، وقدمه الى مجلس الوزراء في مطلع عام 1993 ، الى عدد الاتفاقيات الموقعة مع شركات النفط بعد الوحدة . وهي الى حينه كانت 21 اتفاقية . ولايوجد في التقرير مايشير الى اكتشافات نفطية هامة من قبل هذه الشركات بل على العكس . وكان الاكتشاف النفطي الوحيد هو ما أشرنا إليه في القطاع 14 في منطقة عمل كنديان أوكس . وهذه القضية تعود الى ماقبل الوحدة اليمنية سواء لجهة التوقيع على الاتفاقيات بين الشركة وحكومة الجنوب أو مؤشرات وجود النفط بكميات تجارية في هذه المنطقة . ويكشف التقرير من ناحية أخرى عن تقديرات عامة لحجم الاحتياطي النفطي والذي تجمعع أوساط خبراء شركات النفط في اليمن أنه يتراوح بين 2 الى 2,5 مليار برميل في الجنوب والشمال مع الأخذ بعين الاعتبار أن التقديرات لا تشمل منطقتين هما القطاع رقم 11 في منطقة سر حرز الذي تستغله شركة "إلف" الفرنسية وتوقفت عن العمل به رغم امتلاكها للإمتياز ، منذ خريف 1991 على أثر خلافات الحدود السعودية ـ اليمنية . والقطاع الآخر رقم 38 الواقع في جزيرة سقطرى وتستغله شركة "بريتش ـ غاز" البريطانية . وهناك مجموعة من الوقائع التي تسجل على أن النفط لعب دوراً توحيدياً منذ اتفاقية المنطقة المشتركة في 5مايو1989 التي يعود الفضل فيها الى بن حسينون مروراً بالتقديرات للإحتياطي الجنوبي التي أبلغها البيض عشية الوحدة الى نظيره صالح . وحسب أكثر من شاهد أن الطرفين اتفقا على بقاء الأمر سراً . ومما قاله البيض في حينه أن إعلان المسألة يثبط من عزيمة الجنوبيين من التوجه نحو الوحدة . لأنه ستبرز غالبية تطالب بإستغلال هذه الثروة في نطاقها الجنوبي القليل السكاني ( 2 مليون أمام 12 مليون في الشمال ). وهنا يشار الى أن استفادة الشمال من النفط تفوق بما لا يقاس استفادة الجنوب من ونورد هنا الوقائع السريعة التالية : طاقة الجنوب على الإنتاج هي 180 ألف برميل يومياً ، في حين لا تتجاوز طاقة الشمال من حقول مآرب 120 ألف برميل يمياً . وتشير المعلومات أنها في طريق النفاد في حدود عام 2004 – حسب تقارير 1993 - .كما أن الاتفاقية الجنوبية مع شركة كنديان أوكسي تتيح شروطاً أفضل من الاتفاقية الشمالية مع شركة هنت الأمريكية في مآرب التي وقعت في ظروف أكل فيها الوسطاء وهم من المقربين من الرئيس القسط الأساسي من حصة الدولة . إن استهلاك الجنوب من النفط لا يتجاوز 12 ألف برميل يومياً ، في حين يتجاوز استهلاك الشمال 100 ألف برميل يومياً . إن طاقة مصفاة عدن على التكرير كانت تصل الى مائة ألف برميل يومياً ، في حين كانت مصفاة مآرب 10 ألف برميل يومياً . يضاف الى ذلك أن حجم المستفيدين من الشماليين بعد الوحدة من الوسطاء ووكلاء الشركات النفطية الأجنبية ، بل أن الاتفاقيات التي وقعت بعد الوحدة مع شركات نفط أجنبية في أراضي الجنوب ، عادت أرباحها الى شخصيات شمالية منها على سبيل المثال لا الحصر الشيخ الأحمر ( وكيل شركة المقاولين c.c.c التي يملكها حسين الصباغ وسعيد خوري والتي قامت بتمديد أنابيب نفط المسيلة الى ميناء الشحر ) وكذلك ويعتبر وكيل حماية للعديد من شركات النفطية والغازية من ( YLNG ) وتوتال غاز العاملتين في بلحاف ، وكذلك أحمد شميلة صهر الرئيس و وكيل شركة إلف . وعبدالله الحضرمي ( وكيل شركة إنرون الأميركية للغاز ... إلخ .
وهناك واقعة تعود الى فترة الاعتكاف الثاني للبيض في عدن وتحديداً في سبتمبر 1992 . في ذلك الوقت أثيرت مسألة هامة تتعلق باستئثار الشماليين بكل مقدرات البلاد الاقتصادية ، وهم في الغالب رجال أعمال يحتلون مواقع رئيسية في الحكم ومن الدوائر الصغيرة المحيطة بالرئيس . وجرت مصارحة في هذا الشأن بين الرئيس صالح ووزير النفط الشهيد بن حسينون الذي نقل له شكوى أصحاب رؤوس أموال جنوبية موجودة في الخارج وتطمح الى الاستثمار في البلد ، لكن النظام المركزي واستئثار رجال الاعمال الشماليين لا يساعد على ذلك ، بل لم يترك فرصاً مناسبة . ومن هنا لا بد من إعادة النظر بالمسألة ، لتحقيق نوع من التوازن الذي يزيل الحساسيات ويخلق مصالح اقتصادية فعلية تغطي كامل مساحة اليمن ، وتكون ضمانة أساسية لشد عرى ومن ذلك التوزيع العادل للثروة والمشاريع الاستثمارية . فكان رد الرئيس على ذلك بأن هذه الفكرة مثالية وما هو متوافر من مشاريع لا يتسع لكل الناس لذلك لا بد من العمل من داخل دائرة ضيقة ، على أساس اقتسام المشاريع بين مجموعة حضرموت في الحكم ( البيض ، العطاس ، بن حسينون ) وحلقة رجال الأعمال المحيطة بالرئيس . وقد رفض بن حسينون هذا المشروع ، وجرى الاتفاق على فتح مجال المنافسة التجارية البحتة من دون اعتبارات مناطقية أو عائلية أو قرب هذا المستثمر من الحكم أو بعده ، وتوزيع الثروة في صورة لا تستثني منطقة من اليمن . وجرى كذلك اخراج موضوع المنطقة الحرة في عدن من الثلاجة ، والاقلاع عن فكرة تحويل الحديدة الى المنطقة الحرة بدلاً من عدن . إلا أن الاتفاق سرعان ماسقط بعد الانتخابات التشريعية ليستمر العمل وفق التوجه القديم . فبأسم الوحدة بقيت مراكز الثروة والنفود في الشمال مرتكزة في أيدي الشماليين دون أن يتمكن جنوبي من اختراق الدائرة ، بل أكثر من ذلك أن الشماليين وسعوا دائرتهم باقتحام الجنوب ولم يتركوا لرجال الأعمال الجنوبيين لإلا النذر اليسير .
النقطة الثانية وهي تتعلق بتحويل واردات نفط الشمال الى البنك المركزي في عدن . ومن بعد ذلك القول أن شركة "كنديان أوكسي" سلمت بن حسينون مبلغ 370 مليون دولار . وبقيت هذه المسألة تثار حتى بعد أشهر على نهاية الحرب .من قبل الرئيس صالح في كثير من الأحاديث الصحفية ، وأنه بعد سيطرة قواته على الجنوب ، قرر إعادة النظر بالإتفاق مع الشركة الكندية . هذه المسألة ردت عليها كنديان أوكسي في حينه . ففي بيان أصدرته أوضحت أنه بسبب التصاعد الخطير في الأزمة اليمنية بين الشمال والجنوب ، قررت وضع حصة اليمن من موارد النفط المسيلة في بنك أجنبي تحت حراسة قضائية وقانونية الى حين يحسم الخلاف السياسي . وقد حولت هذه الأموال بعد نهاية الحرب الى البنك المركزي في صنعاء . وهي لا تصل عموماً الى عشر الرقم الذي تتحدث عنه سلطات صنعاء .
في خضم هذه المعمعة وما لم يتحدث عنه أحد بالتفصيل هو الخلاف الفعلي حول الغاز الذي يعتبر الثروة المستقبلية الفعلية . لقد أثيرت الضجة حول النفط لأسباب باتت معروفة ، الأول استغلاله كورقة سياسية ضد القيادات الجنوبية . الثاني ، تأمين مصدر ثابت يعوض عن نفاذ مخزون حقول مآرب عام 2004 وجرى في ظل هذا الجو التعتيم على اكتشاف الغاز بكميات تجارية إذ قدر الاحتياطي مابين 28-30 تريليون قدم مكعب ، القسم الأساسي منه في منطقة صافر مآرب والقسم الباقي في شبوة . الخلاف الأول بين وزير النفط بن حسينون وأوساط شركة هنت في الحكومة اليمنية . فالشركة تعتبر أن استغلال الغاز هو من مشمولاتها كونه يقع في منطقة امتيازها النفطي . وعلى الرغم من أن هنت باعت حقها في الامتياز النفطي لشركات أخرى ، وبقين موجودة في الميدان الإداري ، فقد أقر لها بهذا الحق بعد ضغوط عملية كبيرة . إلا أن الشركة تلكأت لدى الطلب منها أن تقدم عرضها لاستغلال الغاز للأجل الذي حددته الحكومة في 30 سنة . ولدى التقدم من شركات أخرى منافسة سارعت هنت وقدمت مشروعها اجمالياً يعود على الدولة بـ17 مليار دولار للمدة الزمنية المذكورة ، لكن شركة أنرون الأمريكية تقدمت بعرض أنسب منها بكثير إذ يعود بـ 30 مليار دولار بمعدل مليار دولار للعام الواحد في صورة اجمالية . وبسبب الفارق الكبير فقد مر مشروع انرون لكن الأوساط التي تقف داخل الحكم مع هنت لن تغفر للوزير بن حسينون تحديه لها وتعريض مصالحها للخطر ، خصوصاً وأنه تجاوزها في نقطة ثانية عندما قرر أن يمتد أنبوب الغاز من صافر الى رأس عمران في عدن للتسييل والتصدير الى الخارج ، في حين كانت تريده أوساط الحكم أن يمتد الى ميناء الحديدة في الشمال ، والاكتفاء بأنابيب داخلية للإستهلاك المحلي في الجنوب . إن قعقعة السلاح واجتياح الجنوب حالة دون قرارات بن حسينون وتم تحويل أنبوب الغاز الى بلحاف محافظة شبوة لعدة أعتبارات منها أن أرض الجنوب جميعها محتلة والثاني أن محافظة شبوة بيئة خصبة لزرع الفتن بين القبائل على اعتبار قاعدة فرق تسد والثالث أنه أقرب طريق الى البحر من ناحية التوفير أما بالنسبة للشركات فقد تم اعطاء عقود الغاز لعدة شركات وجميعها مع شراكات في رؤوس الحكم وهي "توتال الفرنسية ، وهونداي الكورية ، وانرون الأمريكية، YLNG اليمنية الحكومية " . حالت إدارة بن حسينون لوزارة النفط من تسليط الأضواء على محاولات نهب هذه الثروة . فهو امتياز بفضيلة الصدق والعمل بصمت والسباحة في أحيان كثيرة عكس التيار معرضاً سمعته لشتى الأقاويل . لكنه ترك خلفة انجازات كبيرة وسجلاً يشهد بنظافته الأعداء قبل الاصدقاء .
وبالعودة إلى وثيقة العهد والاتفاق يصف العميد مجاهد أبو شوارب أحد مهندسي التوقيع على الوثيقة في العاصمة الاردنية ، اللقاء الذي حصل في 20فبراير في قصر رغدان بحضور الملك حسين ، بأنه يشبه المواجهة الأخيرة التي تسبق إعلان الطلاق وفك الشراكة . ويكتسي هذا التقرير أهمية خاصة ، لأنه جاء من رجل على خبرة ودراية بتفاصيل الأزمة السياسية التي بدأت تتجمع عناصرها وعطياتها منذ الأشهر الأولى للوحدة . وأن أي مؤرخ لهذه الأزمة لابد وأن يتوقف مطولاً عند دور العميد في نزع فتيل الانفجار أكثر من مرة وتقريب وجهات النظر بين البيض وصالح . فهو لم تنقطع رحلاته المكوكية ما بين صنعاء وعدن الى حين اكتشف أنه لم يعد هناك أمل لأن قرار الحرب قد أتخذ ويومها أصدر بيانه الشهير مع الشيخ سنان أبو لحوم ، وقرر المغادرة الى الخارج .
حرص الملك حسين على استضافة التوقيع في عمان لإعتبارات كثيرة . وأولها أن ذلك يساعده في فك طوق العزلة المضروبة حوله بعد أزمة الخليج الثانية ، من خلا توجيه رسالة ضغط الى المملكة العربية السعودية ، خصوصاً وأنه ربح معركة استضافة اللقاء ، فبدلاً من أن يجري التوقيع في مقر الجامعة العربية ، ويقع الاتفاق اليمني في الإطار العربي الشامل ، فإن الملك يشاطره الرئيس صالح ، تمكن من إدراج الاحتفال ضمن سياسة المحاور . فهو قبل أن يقرر أن بوابته الى الخليج هي معاهدة السلام مع اسرائيل ، كان يسعى الى مراكمة أوراق ضغط ضد السعودية التي تشعر بحساسية خاصة وتاريخية تجاه الموقف في اليمن . وحسب أوساط أردنية مقربة من الديوان الملكي فإن الملك حسين كان يعرف مسبقاً أن الوثيقة لن تأخذ مجراها الى التنفيذ ، وتجمعت لديه معطيات خاصة ، منها ما تراكم من خلال اتصالاته مع الرئيس صالح ومن استطلاع للموقف الأمريكي الفعلي من كل من البيض وصالح ونظرة الإدارة الأمريكية الى موقع الأزمة اليمنية في صلب الترتيبات اللاحقة في المنطقة على صعيد مشروع السلام ، واتجاه التغيير لدى إدارة كلنتون يضاف الى ذلك أن الملك حسين استقى معلومات عبر تقارير استخباراتية أردنية ، نشطت في عدن أكثر من صنعاء ، وتكونت لديها حصيلة معلومات تفيد أن قادة الجنوب ذهبوا بعيداً في دراسة خيار فك الشراكة الوحدوية بدعم من المملكة العربية السعودية . وبما أن صالح قد سمح لحليفه القديم الى جانب العراق ، بأن يدخل الأزمة من بابها الواسع ، فإن العاهل الأردني لم يوفر فرصة في لعب هذه الورقة على نحو ذكي ومدروس . لذلك غطى اعلامه على نحو تبريري فشل لقاء عمان ، مركزاً على شعور الملك بالخيبة والمرارة منجراء فشل وساطته ، وانفجار الأزمة على نحو عسكري خلال استضافته احتفال التوقيع .
لم تكن القيادة الجنوبية تتوهم أن حفل التوقيع في عمان سيضع حداً للأزمة ويدفع الوثيقة الى التطبيق الفوري ، بل سيساهم في تعقيد الموقف ويكون المحطة الأولى في تراجع الرصيد الشعبي الذي كونته من خلال الالتفاف حول مشروعها . وكان بإمكانها أن تتفادى "كمين عمان" وتظل متمسكة بموقفها الذي يدعوا الى ترك لجنة المتابعة تنجز المهمة المناطة إليها لإعداد الترتيبات الكاملة للتوقيع . وألا تخضع لاسلوب الابتزاز الذي اتبعه الطرف الآخر من خلال التصعيدين الإعلامي والعسكري وضغوط الشروط . إلا أن تحلي هذه القيادة بحسن النوايا وركونها الى الضمانات العربية والدولية وهي هنا مصرية وأردنية وعمانية وأمريكية وأوروبية ، من أن التوقيع على هذه الوثيقة سيلزم صالح وجماعته ويضعهم على المحك ، أفقدها ورقة ضغط أساسية . فبمجرد التوقيع على الوثيقة في عمان ، خلع صالح بذلة الحوار ، وأرتدى ملابس الميدان ، وكانت الإشارة الأولى من مديرية زنجبار ، عندما قام لواء العمالقة الشمالي المتمركز هناك ، بتفجير الموقف عسكرياً ، الأمر الذي بدأ للعيان وكأن المسألة لا تخلاج عن سياق مسرحية مرتبة يلعب أدوارها بهلوان بارع في الرقص على كافة الحبال .
بو مبارك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس