عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-23, 02:47 PM   #7
طائر الاشجان
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-23
المشاركات: 695
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدفع الجنوب مشاهدة المشاركة

نسيم الديني
من سيقرر مصير الجنوب ؟


القضية الجنوبية هي مفتاح لمعرفة مستقبل اليمن.
مجتمع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الذي دخل الوحدة، دخل بثقافته الحية، بسلوكه اليومي المختلف، كل منطقة فيه تحترم المنطقة الأخرى في تعبيرها عن نفسها، في عاداتها، وتقاليدها، وأسلوب حياتها.
كان لعدن هويتها المدنية المنفتحة، التي لم تفرضها على الروح المحافظة لحضرموت، ولا ألغت حضرموت وعدن عادات يافع أو شبوه. مثلما لم تفرض دبي ثقافتها على ابو ظبي، وعكس ما فعلت صنعاء مع كل اليمن.

وفي الدولة التي جمعت الجنوبيين وعبرت عنهم، وهي كانت دولة فقيرة ماديا، بقت الصراعات محصورة بين السياسيين، ولكن ماكان مرتبط بشئون الناس، بقي ثابتا أيا كان الرئيس أو من يحكم. فكانت التعاونيات تعمل في لحج كما تفعل في المهرة. تحاول خدمة المواطنين بما يتوفر لها من إمكانيات.

وحين قامت الوحدة، التي أصرت قيادة دولة الجنوب ان تكون اندماجية، كان الجنوبيون يأملون في استمرار تقدم حياتهم، بالتعاون مع إخوانهم في الشمال، خاصة وأن وجدانهم كان ممتلئا بالأحلام الوحدوية التي تربوا عليها في البيت والشارع والمدرسة. ولقد فرحت كل بيت وإنسان في الجنوب بالوحدة، لان القرار السياسي حينها حقق مافي ذلك الوجدان الوحدوي.
وللأسف فلقد كان ذلك القرار، أخر القرارات السياسية التي عبرت عن أحلام الناس، فدخلت دولة الوحدة في صراعات وحروب، ووجد الجنوبي نفسه يفقد كل يوم.

وبعد حرب 94، أصبح الجنوبي بلا ظهر، لأنه كان قد تجاوز الاحتماء بالقبيلة، وانتقل إلى دولة المواطنة، وليس كما في الشمال وحتى الان حيث لاتقف الدولة إلا مع من له قبيلة.
كانت الأحياء في المدن تديرها لجان شعبية، وفي القرى تعاونيات لازالت بعض معالمها قائمة حتى اليوم، ولكنها معطلة كأنها شاهد حي على مأساة البلاد.

لقد وجدت نفسي طالبة في المرحلة الثانوية، أمام قرار غير منهجي الدراسي وألغى طريقتي في التعليم، ووجدت صديقتي نفسها تسير في شارع يفقد كل يوم هويته، بيعت مؤسساته التي كانت ملك الشعب، قلعت أشجار الحارة، وصار لكل الأماكن ألعامه أسماء مختلفة تذكر بيوم الحرب التي عندهم هي يوم النصر، والاهم من هذا انه لم يعد بإمكان المواطن الجنوبي ان ينال حقه في التوظيف أو في تحقيق أي مصلحه دون وساطة أو رشوه، وهو كان متعودا ان يسجل اسمه للحصول على منزل يدفع قيمته بالتقسيط، وينتظر بكل ثقة حتى يتم الاتصال به ولو بعد سنوات طويلة، المهم شعوره بالانتماء لوطنه الذي يساوي بين أبنائه في الإمكانيات.

هذا الشعب الواحد، بهويته وأحلامه ومعاناته، هو الذي يجب الاستماع له اليوم.
لقد عانى طويلا، ولم يكن يسمع له أحد، وقدم مايقارب ألف شهيد، ومئات الجرحى، وهو مصر على الاستمرار حتى ينال حقه في تقرير مصيره الذي حرم منه.

وتنص المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، واستنادا لهذا الحق لها ان تقرر بحرية كيانها السياسي، وان تواصل نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

كما تكفل نفس المادة، حقوق الشعوب في ثرواتها، وتقول انه لا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
وهذه المادة لكافة الشعوب التي لم تمارس بعد حقها في تقرير مصيرها، أو تلك التي حرمت من ذلك.

وهذا مالايفهمه ثوار الشمال، فهم لايستطيعون حتى الان فهم ماهي القضية الجنوبية ولا حتى من هم الجنوبيون.
ولا ادري ان كان يعي الجنوبيون هذا، فأبناء الشمال أو الثوار كما يسمونهم، ليسوا مدركين ماذا تعني القضية الجنوبية، فليكف أبناء الجنوب "الأقلية"، انتظار هذا الشعب. ومع ان الإدراك غير المعرفة، فهنا لايوجد إدراك ولا معرفه أصلا.
فالجنوب بالنسبة لهم هو ساحل ومطعم.. يريدون أرضا ولكن لايريدون شعبها.
قد أكون صلفة في التعبير، ولكنها الحقيقة المرة.

ويعول الجنوبيون في الداخل، على القيادات السابقة التي في الخارج، ان تعمل على توحيد صفها لدعم الداخل، من اجل الوصول إلى تقرير المصير، فلايحق لأي طرف ان يفرض رأيه ورؤيته، سواء كان جنوبيا أو حتى الثورة أو الدولة في الشمال.
فلاوصي على الشعب الجنوبي إلا نفسه.


تطرقت أيتها الماجدة إلى الحديث عن سلسلة الفوارق بين طبيعة الحال في كل من الجنوب العربي ونظيره اليمن على الصعيدين الرسمي والشعبي ، وأنا هنا فقط لأضيف بعض الحقائق كإطار لهذه اللوحة الرائعة التي رسمها قلمك مشكوراً .

كلنا على علم بالمواجهات العسكرية التي شهدها الشريط الحدودي بين البلدين في سبعينيات القرن المنصرم ، ونعلم أن الهزيمة كان يُمنى بها الجانب اليمني ، ويبقى أثر الهزيمة عارٌ مدى الدهر في معتقد أبناء البيئة الصحراوية كما هي لدى الجمل ، فلا يمحو الدم إلا دمٌ مثله ، ولا الإهانة إلا مثيلتها ، وهي صورة نمطية لها جذور تمتد إلى حرب البسوس وداحس والغبراء ، وتتطابق معها في روح الفعل ورد الفعل ، وما شهده الجنوب العربي أثناء حرب صيف 94م وما يشهده اليوم من مظاهر التنكيل والوبال لشعب الجنوب على يد اليمنيين حكامهم ومحكوميهم إنما يعكس الضغينة والحقد القابع في حنايا ضلوعهم تجاه هذا الجنوب المتفوق أبناؤه في كل خصائص الحياة من حيث الثقافة والوعي ، ومعايشة روح العصر ، وما تفردت به أرضهم الطيبة من ريادة غير مسبوقة في المنطقة بشتى مناحي التطور الإنساني ، ما جعلهم يفاخرون شعوب الأرض ، وما جعل جارهم اليمني يتوقد حسداً وغيرة ، ويعمد إلى تشويه صورة أبناء الجنوب ، والبحث عن مداخل لهذا التشوية تارة عرقية ، وطوراً دينية معززة بفتاوى تجيز إبادتهم ، وهنا نقف على سفح الهمجية التي تظهر اليمني مجرداً من كل أنواع الفضيلة ، وقد انسلخ من آدميته وتحول إلى وحش كاسر ، ، ولجأ إلى أدواته المتخلفة في صراع البقاء .

إن على الجنوبيين ألا يغفلوا جانب مراجعة الماضي ، وتدارس الأحداث ونتائجها ، من واقع تاريخهم القريب والبعيد ، ليصلوا إلى خلاصة مفادها أن مستقبل أجيالهم تحدق به الأخطار ، ما لم يضعوا حداً ونهايةً حاسمة لما تسمى الوحدة التي هي في الحقيقة مدفن يُراد به التهام الجنوب بما فيه من بشر وشجر وحجر .

تحياتي
طائر الاشجان
__________________
طلائعُ ثوّار الجنوبِ تآزروا ... وساروا على دربٍ عليهِ تَدَرّبوا
ألا إن شعبي اليومَ أمضى عزيمةً ... وحربُكَ للمُحتلّ يا صاح واجِبُ

التعديل الأخير تم بواسطة طائر الاشجان ; 2011-09-23 الساعة 02:53 PM
طائر الاشجان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس