[أبو عامر اليافعي]

بلغني ايها الملك السعيد ذو الراي الرشيد .. ان الحزن استشرى في ارض تسمى بلاد الجنوب فشى باهلها في كل القلوب كمثل السرطان لايدع مدينة ولا قرية ولا بيت الا ويتربع فيه مليا كأنه يامولاي كُتب عليهم ان يحيوا في بكاء ونواح ولقد اعتادت ابصارهم مراى الموت والجراح .. ويقال انه تقام في بلادهم كل يوم جنازة تعقبها جنازة ومع كل جنازة يموت اخرون لجنازات اخرى ونحيب اعلى .. ويودعوا - عادةً - كل من رحل منهم بكلام جميل بانه بطل وانه نجمة في السماء تضيء لهم الامل ويواسوا انفسهم بان يعملوا احتفال شبيه بالمهرجان ثم ينفض القوم ويحين الاوان للعودة الى بيوت الاحزان وكأن ما حصل قد حصل مقدر ومكتوب ولا منه هروب .. ويمضوا في دروب الموت ووادي الفوت بلا سلاح ولا كفاح ودمائهم مهدورة وقتلهم مباح ..يقال انها تنتهك الحرمات ويعتقل الرجال بالمئات وسجانهم مرتاح وفي ثبات ونبات ويخلف صبيان وبنات وبكل مناسبة يفرج عن واحد ويعتقل مكانه الف واحد ولكنهم لا يبالوا ويرددوا دائما " السجن للرجال" و" الموت للابطال".
يقال ان الظلم عليهم شامل والقهر متكامل ولكن المذيع من باب اليمن يؤكد بان البلاد في سلام وكل شيء تمام وعلى مايرام واعلن على الملاء ان دمائهم ليست دماء ولا دموعهم دموع او بكاء لانهم الزنادقة والهراطقة والفئة المارقة والمشاغبة فعدتهم صغيرة وثورتهم حقيرة وكل يوم لهم مسيرة حسب اخبار الجزيرة .. ويقال انهم في نضال سلمي على طريق وهمي وكثرة لديهم الاسماء وطغت فيهم الامزجة والاهواء فلا تصادم السلاح بالسلاح ولا اصاب االاخر الجراح ولا زهقت له ارواح لان نضالهم كلام وسلاحهم السلام .. تلك هي الحكاية وكل الرواية فلا انبلج الصباح ولا الديك صاح ولا المؤذن نادى حيّ على الكفاح .