تقرير| الجنوب.. ذاكرة مشروخة بالقتل والتعذيب والانتهاكات لحقوق الإنسان
تقرير| الجنوب.. ذاكرة مشروخة بالقتل والتعذيب والانتهاكات لحقوق الإنسان
صدى عدن/ خاص/ علي الصبيحي:
في الجنوب في تلك البقاع المحرقة .. صور شتى للقتل والتعذيب والقهر والإبادة لأرواح أزهقت وخلدت لنا ذاكرة مشروخة بأجسام ّأصبحت أشلاء مبعثرة هي بقايا وآثار لعدو قاهر نزل بها في دار أمنها وسكونها نزول القضاء النافذ فسلب منها الحياة دون جرم منها سوى أن أصحابها حملوا قلوبا يملؤها اليقين بالله والثقة به ونادوا بعيش كريم وظلوا ينادون بالخلاص مجاهرة ويستغيثون حتى وهم يسمعون طلقات المدافع والبنادق فلم يجدوا مغيثا ولم يسمعوا مجيبا وعندما تقطعت بهم الأسباب وأعوزتهم الوسائل لم يبق لهم إلا سبيل الموت وفي الموت راحة البائسين والمنكوبين من شقاء الحياة وبلائها .. إلا أنهم تركوا من بعدهم أرامل ضعفاء وشيوخا كبارا يتجرعون كؤوس القهر في كل يوم آلاف المرات بسبب صمت العالم الذي لم يبك لبكائهم ولم يوقف تلك الأيادي الظالمة التي هتكت حرماتهم وأعراضهم ولم ترحم صغيرا ولا عطفت على شيخ كبير .
شهد الجنوب ويشهد تصعيدا غير مسبوق في انتهاكات حقوق الإنسان وخروق لقواعد القانون الدولي الإنساني ضد المدنيين الجنوبيين منذ صيف حرب 1994م حيث ذكرت تقارير حقوقية رصدها ناشطون في الجنوب خلال الفترة ( 1 يناير 2013م إلى 31 ديسمبر 2013م فقط بأن عدد القتلى من الجنوبيين176 قتيلا بينهم 10 أطفال و3 نساء . وأشارت التقارير إلى أن القوات العسكرية والأمنية والمليشيات اليمنية المسلحة لازالت تواصل ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في الجنوب بما فيها أعمال القتل وجرائم الاغتيال والتفجيرات والقصف للمدن والقرى وتدمير البنية التحتية وفرض الحصار والعقاب الجماعي على المدنيين الجنوبيين منذ انطلاق الحراك السلمي الجنوبي عام 2007م والذي خرج مطالبا باستعادة دولته المسلوبة وإعادة كرامته المهدورة على أرضه .
وأكد ناشطون حقوقيون من أنه وعلى الرغم من التزام الحراك الجنوبي بخيار النضال السلمي، فقد توسعت أعمال العنف ضد الجنوبيين المحميين بموجب القانون الدولي، حيث قابلت السلطة اليمنية ذلك بالاستخدام المفرط للقوة في محاولة منها لإخماد حراكهم السلمي، وازدادت أعمال القتل خارج نطاق القانون والاغتيالات السياسية ضد المدنيين والعسكريين والأمنيين الجنوبيين، وأرتكبت المجازر الجماعية والتدمير والتهجير للكثير من مناطق الجنوب.
منوهة إلى أن العام 2013 الذي شهد مرحلة جديدة ومتطورة من مراحل النضال الجنوبي والمتمثلة في انطلاق هبة شعبية في عموم مناطق الجنوب بتاريخ 20 ديسمبر 2013، هدفها سيطرة أبناء الجنوب على أرضهم وثروتهم، والتي دعا إليها حلف قبائل حضرموت (3) وتبنتها جميع القبائل والأطياف الجنوبية، وذلك على خلفية اغتيال الشيخ سعد بن أحمد بن حبريش شيخ أكبر قبائل محافظة حضرموت الغنية بالنفط، الذي اغتيل بتاريخ 2 ديسمبر 2013. وأكدت قيادة الهبة الشعبية في جميع بياناتها تمسكها بالخيار السلمي وأنها لن تحيد عنه حتى تحقيق أهداف الهبة الشعبية مع احتفاظها بحقها القانوني والمشروع في الدفاع عن النفس.
من جانبها ناشدت منظمات حقوقية جنوبية وناشطون ناشدوا المجتمع الدولي، وبخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، وكذلك المنظمات الدولية للتدخل العاجل من أجل وقف أعمال القتل الجماعي التي تنفذها تلك قوات، والعمل على وضع حد لهذا التدهور الخطير وغير المسبوق في أوضاع حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في الجنوب.
ولفتت المنظمات إلى أن تلك الانتهاكات الموثقة تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني وتتطلب تقديم المسئولين عنها للمساءلة. موضحة بأن أساس القانون الدولي الإنساني هو أن على الأطراف أن تميز في كل الأوقات بين المقاتلين والمدنيين، ويجب ألا يتعرض المدنيين أو الأعيان المدنية إطلاقاً لهجمات. ويحظر القانون الدولي الإنساني أيضا العقاب الجماعي للسكان المدنيين، وتنفيذ أعمال عقابية ضد السكان المدنيين انتقاما لتصرفات الآخرين، وكونها تعد جرائم حرب.
و تأتي تلك الجرائم في ظل صمت دولي وعربي مطبق، مما شجع القوات العسكرية والأمنية اليمنية على اقتراف المزيد منها.