عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-03, 02:58 PM   #14
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي


عبد الباري عطوان
2010-12-02 15:56:25| المشاهدات(334)








شبكة صدى عدن \ عدن \ 2 / 12 / 2010


بقلـــــم :عبد الباري عطوان
أعترف مسبقا بأنني لم اشعر بأي تعاطف مع القادة والمسؤولين العرب، الذين فضحت وثائقموقع ويكيليكس مواقفهم المزدوجة، وعمليات الخداع التي يمارسونها لتضليل شعوبهم، كماانني لم اصدق نفيهم، او محاولتهم تخفيف، او تبرير، ما ورد في هذهالوثائق.
وظيفة اجهزة الاعلام الحقيقية ليست حمايةالسلطات الحاكمة، والتستر على سياساتها الخاطئة، وانقاذها من الاحراجات التيتواجهها، خاصة اذا كانت هذه السلطات ديكتاتورية قمعية فاسدة، واذا كان من يتولى فضحازدواجية معاييرها ومواقفها المتناقضة هو حليفها الامريكي.
الانظمة القوية الواثقة من نفسها، المستندة الىدعم شعوبها، والمرتكزة على حكم المؤسسات الدستورية المنتخبة لا تخشى من الوثائقالمسربة، لان ما تقوله في السر، هو ما تؤكده في العلن امام البرلمانات، وفي الاجابةعلى اسئلة الصحافة المستقلة.
فلم يكن من قبيل الصدفة ان يحتل الزعماء العربنصيبا كبيرا، بل النصيب الاكبر، في هذه الوثائق الامريكية المسربة، لأن هؤلاء ضعفاءامام الادارة الامريكية ومسؤوليها وسفرائها، اقوياء فقط على شعوبهم. فالوحدةالعربية تحققت للأسف في الفضائح والتآمر على اذلال شعوبهم.
الوثائق المسربة لم تعرض ارواح مواطنين للخطرمثلما زعمت وتزعم الادارة الامريكية، وانما عرضت وجود انظمة منافقة تدور في الفلكالامريكي لهزات عنيفة، اما الذين يمكن ان تتعرض ارواحهم للخطر حقيقة، فهم العملاءالذين خانوا الامانة، وتعاونوا مع المشاريع الامريكية والاسرائيلية ضد مصلحة بلادهموشعوبهم.
لا جديد في معظم هذه الوثائق بالنسبة الينا،فالحقائق التي تضمنتها يعرفها معظم المواطنين العرب، فمن كان لا يعرف ان انظمةالاعتدال العربي تتآمر مع امريكا في حروبها السابقة في افغانستان والعراق، والمقبلةضد ايران؟
وهل ان فساد حامد كرزاي وحكومته بحاجة الىوثائق وتقارير السفراء الامريكيين لاثباته؟
الجديد الذي فاجأنا، وصدمنا في الوقت نفسه، هوالتحريض العربي الرسمي لامريكا على 'قطع رأس الافعى' الايرانية مثلما ورد على لسانالعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتحريض مسؤولين آخرين في الاماراتوالبحرين على استعجال الضربات العسكرية لايران.
ما هي مصلحتنا كعرب ومسلمين في التورط في حربدموية مع ايران، او اذكاء نيران الصراع العربي الفارسي، او السني الشيعي في وقتنعيش فيه اسوأ مراحل ضعفنا وانهيارنا على الصعد كافة؟
لماذا نخوض حربا، او حتى ندعم حربا ضد ايرانلمصلحة امريكية اسرائيلية صرفة، خاصة بعد ان رأينا وسمعنا، بالصوت والصورة، النتائجالكارثية للحربين الاخيرتين اللتين ساندتهما حكوماتنا، باملاء امريكي، في كل منالعراق وافغانستان، وهي نتائج كارثية بكل المقاييس؟
* * *
الحكام العرب الذين طالبوا وحرضوا واستعجلواالهجوم الامريكي، وربما الاسرائيلي على ايران، هم انفسهم الذين فعلوا الشيء نفسهبالنسبة الى العراق، وكانوا دائما ضد رغبات شعوبهم في الحالتين، لانهم وبكل بساطةغير منتخبين وغير ديمقراطيين، ويعتمدون بشكل اساسي على الولايات المتحدة الامريكيةللبقاء على كراسي الحكم ولأطول فترة ممكنة.
لا نتردد لحظة في القول، ودون اي خجل، بانالزعماء المسلمين الذين يكرههم الزعماء العرب، ويتآمرون ضد بلدانهم، هم الاكثرشعبية في الاوساط العربية. ولنأخذ السيدين رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي،وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله كمثالين في هذا المضمار، فبينما يخرج مئاتالآلاف لاستقبال السيد اردوغان عندما يحط الرحال في بيروت، نجد زعماء عرباً يزورونلبنان متسللين وسط غابة من السرية والحراسة المشددة.
آخر استطلاعات الرأي التي اجريت في المنطقةالعربية (حسب صحيفة الغارديان البريطانية عدد يوم امس الثلاثاء) اكد ان 88' منالمستطلعين العرب يعتبرون اسرائيل التهديد الاكبر لأمن بلدانهم، وجاءت بعدها امريكابنسبة 77' بينما احتلت ايران مرتبة متدنية لا تزيد عن 10'.
وحتى اذا افترضنا ان ايران هي مصدر التهديدالحقيقي، فانه لا توجد دولة عربية، او حتى دول عربية مجتمعة، تملك القدرات العسكريةالكافية لشن حرب ضد ايران رغم انفاق مئات المليارات من الدولارات على شراء صفقاتاسلحة امريكية متطورة. ثم من حقنا ان نسأل اولئك الذين يريدون ان يقطعوا رأس الافعىالايرانية، ولكن ماذا لو ظل رأس الأفعى وفشلت محاولات قطعه كيف سيتعاملون معها بعدذلك؟
لا نعرف ماذا دهى حكام العرب هذه الايام بحيثباتوا لا يرون الحقائق من منظار مصالح شعوبهم، فالعاهل السعودي الملك عبدالله بنعبد العزيز الذي طالب بقطع رأس الافعى الايرانية رفض، عندما كان ولياً للعهد، مطلبالسيدة مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية السابقة بوجود قوات امريكية دائمة على ارضالمملكة لحمايتها من العراق ورئيسه في ذلك الوقت صدام حسين، وروى لها طرفة بليغة عنذلك البدوي الذي اشتكى مراراً من مهاجمة الذئب لقطيع اغنامه، وعندما 'نصحه' الخبراءباستقدام كلاب حراسة قوية لحماية القطيع وافق فجاءت النتائج كارثية، فبعد ان كانالذئب يلتهم رأساً من الغنم كل يوم او يومين، بات عليه ان يذبح ثلاثة رؤوس يومياًلاطعام كلاب الحراسة. السيدة اولبرايت فهمت المغزى ولكنها لم تستسغ هذهالرواية.
الشيء نفسه فعله الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولةالامارات (رحمه الله واسكنه فسيح جناته) عندما طلب منه الامريكان السماح لهم بتواجدقوات على ارض الامارات للتحرش بايران وافتعال أزمات معها، فكان رده الرفض الكامل،وقال للجنرال الامريكي الزائر في حينها: ماذا لو هربتم بعد ذلك وتركتمونا لوحدنا فيمواجهة ايران مثلما هربتم من الصومال؟
***
تظل الوثائق المنشورة ناقصة، فلم نر اي وثيقةحقيقية عن حرب لبنان الاخيرة، ولا عن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ولم نسمع عنالمواقف من حصار قطاع غزة، واغتيالات المسؤولين في حركة حماس، او عن تسميم الرئيسالراحل ياسر عرفات، او عن عراق صدام حسين، او اغتيال الشهيد محمودالمبحوح.
اسرار كثيرة نتحرق شوقاً للاطلاع عليها، ومعرفةكل جوانبها، فمن غير المنطقي ان تظل اسرائيل الخطر النووي الاكبر في المنطقة ومصدركل حروبها 'محصنة' من الفضائح، فهل هناك رقابة خفية متعمدة، ام ان المسألة مسألةوقت فقط؟ سننتظر قبل اصدار اي حكم.
زمن كتم الاسرار، والانتظار ثلاثين او خمسينعاماً لمعرفة ما جرى طبخه في الغرف المغلقة من وراء ظهر الشعوب قد انتهى او فيطريقه الى الانتهاء. لا يوجد شيء اسمه ارشيف اليكتروني آمن، مهما كانت الاجراءاتالامنية المتخذة لحمايته. كما انه سيكون من الصعب على الادارة الامريكية الحالية،والادارات اللاحقة تجنيد العملاء من المستويات كافة.
السؤال الاكبر والمحير، هو عن اسباب اصرار حكامعرب على ان يتعرضوا للدغ من جحر الافعى الامريكية المرة تلو الأخرى؟
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس