عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-25, 12:09 AM   #8
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

لا يموت الذئب .. ولا تفنى الغنم (6/58)





خرجت أنا والعميد عبدالوهاب عبدالباري من مكتب وزير التربية والتعليم في (مدينة الشعب) حيث قرر العميد أن نلتف من الخلف عبر دغل الأشجار التي لم يشذبها أحد منذ سنوات لنتجنب لقاء الطلاب – الثوار – وما قد ينتج عن مثل ذلك اللقاء من حوادث لا يحمد عقباها.

حين رآني ابتسم قال لي: "هاه، الخطة محكمة"، قلت له: لا أنا في وادي وانت في وادي آخر، رويت له أنني التقيت الرئيس علي ناصر محمد عام 68، مختبياً في ظل تلك الشجرة (وأشرت إليها) وحيداً ساهماً، متفكراً وكان قدم استقالته كمحافظ للحج فتبرأ من السلطة ولخم يصعد إلى الجبل مع رفاقه اليساريين الثائرين على قحطان الشعبي، فتبرأ منهم، وتستطيع أن تقول العكس أنه تقرب من رفاقه بالاستقالة واقترب من السلطة بعدم الصعود إلى الجبل، وقد سألت علي ناصر وهو غارق في حبوته، ما رأيك في أصحاب الجبل؟ فانتفض وهو يقول لي: عملاء.. عملاء، قلت له: أم أنها الثورة تأكل أبنائها، ومضيت (كانت إجابته بالون اختبار لغرضي من السؤال) لأنه ما لبث أن لحق بي ليقول لي بصوت هامس، إذا التقيت أحداً منهم في يافع فبلغهم تحياتي، وقل لهم إننا رفاق درب واحد ومصير واحد. قلت للعميد: وأظن أن هذه الشجرة المباركة هي التي أوحت لعلي ناصر بفكرة الوسطية وسياسة: لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم، وهي السياسة التي جعلت منه شوكة الميزان في صراع الأضداد على امتداد عقد ونيف من السنين العاصفة.

قلت للعميد: أملى أن تجد شجرتك المباركة، فتجنح إلى السلم والاعتدال، أجابني بصوت كله استنكار: أنا.. الله يسامحك، والله ما يبرد قلبي إلا إذا تكسّرت النصال على النصال.

مقابل وزارة التربية عبر الشاعر الرئيسي القادم من (عدن الصغرى) باتجاه (جولة كالتكس) حيث مفترق طرق (عدن – الشيخ عثمان) توجد غابة أشجار (الطاري) في منطقة (الحسوة) وهي أشجار عجيبة يتم جرحها بسكين فتفرز عصارة لبنية بيضاء حلوة لا تلبث أن تتفاعل مع الجو، فتتحول إلى خل صاف خلال فترة يوم أو يومين. هناك قرر العميد أن ننيخ ركابنا ونقيم معسكرنا لمراقبة الموقف على الطبيعة، وكان من عادة العميد أن يحمل معه في حقيبة السيارة كيساً كبيراً من الفحم وجالوناً من البنزين وكمية كبيرة من التبغ الخام إضافة إلى (مداعة) (أرجيلة) يمنية، وقد قام بإشعال النار وتعمير (البوري) وأخذ يقرقر بسلام وعيناه تمسحان مداخل ومخارج الوزارة بانتظار العاصفة.
سألته عن الخطة.. فأجاب: ليس الآن، هذا وقت العمل لا الكلام.

فإلى الغد.
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس