لحشود المليونية التي تدفقت إلى عدن وسخرت من عناء السفر لم تكترث بمآسي الماضي فاستعذبت بشوق مسافات الطريق, وتوقفت لجبروت شموخها لحظات الزمان تلتقط صورا تتجلى فيها أسمى معاني الإرادة الحرة التي لاتعرف الإنكسار , وفي المكان صاحب صوت الرعد لمعان البرق فاهتز جدار الصمت العربي والعالمي وهطلت أمطار أقلام حرة وصدعت بالحق هامات عزفت معاني رائعة المباني , فهذا الكاتب والمفكر العربي : محمد حسنيين هيكل صور مايحدث في الجنوب قائلا: (إنه ثورة تحرريه شئنا أم أبينا ولا يمكن تجاهلها حتى وإن أراد البعض ذلك تنفيذا لأجنداته الخاصة ,وأضاف في تصريحات صحفية نشرتها الصحف المصرية : ما حدث في عدن من حشد جماهيري للحراك الجنوبي شيء مذهل سيفرض نفسه على اليمن والإقليم والعالم وقد اثبت الحراك الجنوبي انه الأقوى على الساحة الجنوبيه والأكثر شعبية ولن يستطيع الحوار اليمني المزعوم تجاوزه اطلاقآ) وأضاف : (نصيحتي للحكومة اليمنية التجاوب مع مطالب أبناء الجنوب قبل ان تتجاوب معهم إطراف خارجية ويفرض على اليمن تقبل الأوامر من الخارج ) ..
أبدعت ياهيكل الصياغة.. نعم إنها ثورة تحررية شاء من شاء وأبى من أبى , ويخطىء من لازال جاهلا متجاهلا, وعار على من صار قفلا مغلاقا منغلقا على أجندته الخاصة , نعم هي ثورة أرقى من أن تكون حقوقا مطلبية تحل بجرة قلم جاف بعيدا عن حقيقة العطاء الثوري والتضحيات الجسام , هي ثورة جسدها الواقع بعنفوان إرادة شعبية مؤمنة بقوة الحق ومنطق العدالة في نيل التحرير والإستقلال الذي تقره شرائع السماء و قوانين الأرض .. هي ياهيكل ثورة تسمو في الوقت نفسه فوق مستوى التوسل وطلب التجاوب من الإحتلال اليمني, تفرض ولاتستجدي لأنها توقن أن العبيد هم فقط من يطلبون الحرية أما الأحرار فيصنعونها.. وهي ثورة تحررية تؤمن إيمانا راسخا أن الحوار الذي يثرثر به الإحتلال اليوم يحمل في طياته عوامل زيفه وبطلانه و لايقوم على أسس ومعايير وضمانات تحقيق الحق بصيغة ناجزة وتامة غير منقوصة فهو دون أدنى شك إلتفاف مفضوح على قرار شعبي بات محسوما ومترجما في واقع الجنوب لاتعنيه مقتضيات وبنود المبادرة الخليجية التي أعدت سلفا لحل أزمة أطراف سياسية وقوى قبلية ومتنفذة في صنعاء.
الأربعاء 16 يناير 2013 12:56 طالعنا المناضل أحمد بن فريد في رائعته حديث الأربعاء بمعاني عظيمة معنونة ب إنهم يصنعون التاريخ في عدن ).. مستشعرا من خلالها صرير القلم الواعي بعمق الألم المتمثل في ضرورة إستجابة أحد القادة الجنوبيين دون تسميته للإرادة الشعبية المتوحدة على هدف التحرير والاستقلال لتحقيق الإصطفاف التاريخي إنطلاقا مما أسماه بن فريد نصا: ( تعبير "جميع" الأطراف الجنوبية الفاعلة التي لم تحضر لقاء الرياض عن رضاها عن مضمون تلك الرسالة وعن إمكانية اعتمادها كمرجعية للدخول في ترتيبات هذا اللقاء التاريخي المنشود).. وقال نصا : (اليوم بات الجنوب (كل الجنوب) أقرب من أي مرجلة سابقة في تاريخه السياسي إلى تحقيق "لحمة وطنية" متماسكة وصلبة وتاريخية.. ولم يتبق إلا أن يتحرك أحد القادة تحركا عمليا يتجاوز من خلاله "كبرياءه".. و"حساباته الخاصة".. في مسيرة لم الشمل وهندسة الاصطفاف الجنوبي الذي يمكن أن يواكب ما يقدمه شعب الجنوب من عمل ميداني خرافي.. لأنه من العيب ومن الخزي ألا يقدر وألا يستثمر بما يستحق )
فعلا لابد أن يتجاوز المار بشؤم على صفحات التاريخ حالة الكبرياء والغرور والحسابات الخاصة وينخرط في مسيرة لم الشمل وهندسة الإصطفاف الجنوبي وإلا فإن الخزي سيلحقه عاجلا أم آجلا , إن ثورة الجنوب أسمى من أن ترتهن لدعم إيراني , والحشود الأسطورية بجبروتها وصمودها في يوم التصالح والتسامح أسمى وأرقى من أن تتلقى فتات إيران عبر مكتب من تكرر إقراره في أكثر من حدث بتلقي الدعم الإيراني والإقرار حجة على المقر.. وهي كذلك ثورة لاتستعدي أي دولة بقدر ما تنشد التحرير والإستقلال واستعادة دولة ترسي استقرارا آمنا لدول الجوار والإقليم والعالم.
,
إنها إرادة حرة تشاطر رغيف الخبز بعضها بعضا, هي التي أخرجت المسيرة الخرافية والحشود المليونية, فخرج عن صمته ونطق كفرا سفير أمريكا فاتهم شعبا حرا عزيزا وقال هراء مؤسسا بذلك سابقة خطيرة في استهداف واغتيال الحرية , إين كان سعادة السفير عندما سالت الدماء وفاضت أرواح الشهداء تلو الشهداء ؟ هل من العدل قلب مبدأ (ولاتز وازرة وزر أخرى ) رأسا على عقب؟ كذلك هي ثورة الجنوب التحررية تبصر من بقي أعمى كي يمعن النظر ويعتبر, وتطرق أذنا كي تسمع أصم, فهي اليوم من نصر إلى نصر فإرادة شعب الجنوب العظيم حرة لا تنكسر.
وإذا افترضنا جدلا أن السفير الأمريكي يعي أو لايعي مايقول , لابد لنا من وخزة ضمير مفادها : أن حل لعبة الكلمات المتقاطعة من خلال عبارات متشابهة ومعلومات ناقصة عن التاريخ والجغرافيا والسياسة لاتحتاج في الأصل إلى عبقرية, غير أن بعض الهواة أنفسهم مازلوا يتلذذون باللعب إشباعا لعشوائية رغباتهم الأنانية على حساب حروف وطن ونداء شعب جسد ذروة ثورته التحررية ..
لابد من وخز ضمير من يستثمر كل شيء لمصلحة الشتات وحب الذات الساقطة إلى مستنقع الفخر والغرور بصور ضخمة تعلق, وأيادي نقية و شقية تصفق, وعشوائية تقود إلى إنصاف حلول مهرولة لمصلحة حروف متقاطعة, الأمر الذي يثير عدة تساؤلات:هل يكون القفل أهم من الباب وهل يعقل أن تكون السياسة أهم من الوطن ؟ هل فعلا ينتظر البعض توصيلهم من قبله إلى عدن ولسان حاله يقول أوصلوني إلى عدن وهل لنا أن نقرأ تصريح السفير الأمريكي بعمق ؟ وهل سنتوقف بشموخ أمام ما سطره هيكل كي نتغلب على من يسعى لأجندة خاصة؟ لماذا كانت الحشود مليونية في عدن وكانت في المكلا مليونية مجزأة الأحرف ؟ هل فعلا يعتقد المار على صفحة التاريخ بشؤم أن ثورة الجنوب عبارة عن صور ومال وقناة وحسب ؟ متى ستصفو النيات كي تتحقق الأمنيات؟ أم لايستقيم أن يكون الزرع والحصاد في نفس اليوم لأن دائما فترة نمو ؟ هل الثورات إنقلاب حقيقي على عبودية الصنم والأصم ؟
أن يوم الإنتصار مسبوق بلحظة دخول باب الإنتصار ولن يكون هذا إلا بكسر الأقفال والمغاليق وتجاوز المعاليق,, وترك من يبتغي العودة إلى باب اليمن في آخر الطريق ..
اقرا المزيد على شبام نيوز :
http://shibamnews.com/articledetails...#ixzz2IC3qOM5s