عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-07-05, 02:48 PM   #1
الطائر المهاجر
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-24
المشاركات: 5,525
افتراضي إلى جنة الخلد يا نبيل الجنوب بقلم : احمد عمر فريد

إلى جنة الخلد يا " نبيل الجنوب "

بقلم : احمد عمر فريد
والآن باوجه رسالة واضحة بالمختصر .. باسمي وباسم الشعب والثوار من كل الفئات

لاترجعوا للخلف يالقادة ..مضوا شدوا الأزر... شدوا هممكم والعزائم واحذروا كثر الحنات

يامعشر القادة خذوا من وقتكم لول عبر ... من سبة الأخطاء كم راحت رجال مشنبات

ضاعت بلدنا يوم كنتوا ياحجر صكي حجر ... واليوم ماحاجة ولا داعي نعيد الذكريات

نبغى التسامح والتصالح والتكاتف والحذر.. من ذي يريد الشعب يبقى في الخطأ والسلبيات؟

لأننا لوما تكاتفنا وعانا بالبصر .. ماظن نتكاتف بساعات الليالي المظلمات

من كلمات الشهيد البطل / نبيل الخالدي ( ابو سيف ) .. رحمه الله



هالني وافجعني كثيرا خبر استشهاد الشاعر الثائر / نبيل الخالدي اليافعي ( أبو سيف ) أثناء مشاركته مع إخوانه من قبيلة بالحارث حربهم ضد قبيلة آل بو طهيف خلال الأيام القليلة الماضية . ولا أود أن أخوض هنا في أسباب الحرب, ومبرراتها مابين القبيلتين وما يمكن ان تتضمنه من أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية. لكني وقد فضلت التوقف عن الكتابة خلال شهر رمضان الكريم ماكان لي ان امرر القرار متجاوزا مثل هذا الحدث الكبير , ومن دون الحديث عن شهيدنا البطل وحادثة استشهاده ودلالاتها ومعانيها.
ان الحرب وسفك الدم في ( بيحان ) مابين " العرب – المسلمين" تنبئ على ان " الإسلام " بكل معانيه العظيمة قد غادر مرابعنا لهذا السبب أو ذاك أو انه قد اختطف منا دون ان نعلم ! كما ان استمرار سفك دماء المدنين في الضالع في هذه الأيام المباركة تؤكد على ان الحقد والغل والبغضاء قد سكنت قلوب المحتلين وتمكنت منها حتى في هذا الشهر الفضيل . وهي تدل أيضا على ان " المعضلة السياسية " الناتجة عن الاحتلال الذي أنتجته هذه الوحدة المقتولة اكبر بكثير من ان تسوى على طريقة جمال بن عمر وشاعرية الدول الراعية للمبادرة الخليجية ونتائج حوار صنعاء الوطني .
الشاعر الأصيل / نبيل الخالدي تعرفت عليه شخصيا في قمم " يافع " .. هناك ... في مأوى " الصقر والسافع " كما يحلو لأحبائي من أبناء يافع التغني بهذا الاسم الممتلئ بالفخر المستحق . ففي " زحمة " التجمعات الجماهيرية والتحضيرات الكبيرة التي كانت تسبق الكثير من المهرجانات كما هي العادة برز الشاعر نبيل الخالدي أمامي من بين الجميع , وأبى ألا أن يسجل حضوره في مثل تلك التجمعات بطريقته الخاصة . كانت قامته الفارعة وتفاصيل وجهه الدقيقة توحي بأنك أمام فارس أتى إلى الحاضر من زمن آخر ! كانت له شخصية فرسان القرون الوسطى في المظهر الخارجي , وكانت لها شخصية " فيلسوف إغريقي " إذا ما تحدث وعبر عن رأيه بصراحة وبساطة ودونما تكلف , كما كانت لها له شخصية " العربي الأصيل " القادم من الصحراء حاملا في جوفه كل قيم وشيم ونبل الأخلاق إذا ما تعامل معك كضيف .
نبيل الخالدي .. كان " فضاء واسع " يضم في داخله كل القيم الإنسانية النبيلة التي يود المرء في لحظات الانكسار ان تحضر أمامه لترفع من معنوياته إلى أقصى حدودها . فماكان لنبيل الخالدي على سبيل المثال أن يكذب .. حتى لو أراد ذلك ! وما كان لمثله ان يكره .. حتى لو كان الموقف أو الحدث يستوجب استدعاء شيئا من الكراهية وربما التذمر ! ..كان نبيل الخالدي يجسد بحضوره كل سمات وتطلعات الثائر الجنوبي " النقي " المنتفض على ماضيه و حاضره من اجل مستقبله كما يراه هو ومئات الآلاف من أمثاله وليس كما يراه أيضا عدد آخر من بيننا في صورة مغايره لا يحبذها الخالدي ولا يتصور حضورها في مستقبل الجنوب .
كان الخالدي إذا ما تحدث معي في هذه المناسبة أو تلك يمنحني الانطباع الراسخ على أن قيم التسامح والتصالح التي سرنا على دربها " محروسة " وساكنة في قلوب مئات ألالوف من أبناء الجنوب من أمثاله , لأن مثله ماكان ليمنحك الا شعورا راسخا بأن الجنوب ذا قيمة عظيمة تتجاوز المناطقية والقبلية والجهوية .. انها الوطنية لديه ذات معنى سحري يمكن ان تراه يشع في لحظات من بين عينيه الصادقتين ,ولأن هذا المفهوم العظيم السامي للوطن الذي يسكن بين جوانحه فلم استغرب ان اقرأ نبأ استشهاده على تراب شبوة الطاهرة وفي وسط أبناءها مدافعا معهم والى جانبهم على حقهم وشرفهم وكرامتهم ..لأن الوطن لدى " نبيل " قيمة نبيلة تتجاوز الجغرافيا والقبيلة إلى ماهو أعلى قيمة وأكثرا سموا .
وفي وجهة نظري الشخصية انه بسقوط نبيل الخالدي شهيدا على ارض شبوة يكون " هو وحده " قد اسقط - والى الأبد - كل تخرصات " توافه " الماضي والحاضر منا حول جدوى ومعنى وأهمية قيم " التسامح والتصالح " التي ما فتئوا يتحدثون عنها باستخفاف واستهتار لا مبرر له , فعلى كل هؤلاء المشككين بعد هذا القربان اليافعي العظيم ان يلقموا أفواههم حجرا قبل ان يهموا بالحديث التعسفي تفسيرا لحادثة شاذة تحدث هنا اوهناك بمنطق جهوي نتن . كما ان على كل من يهم بالحديث عن معاني المناطقية ان يستحضر إلى ذهنه فورا صورة الشاعر نبيل الخالدي مضرجا بدمائه الطاهرة التي نزفت على تراب شبوة من اجل الجنوب كما يراه نبيلنا الفقيد عليه رحمة الله لكي يردع نفسه ولكي يتقي الله في كل شهداء الجنوب الأبرار.
ان استشهاد نبيل الخالدي والى جانبه أبطال أتوا من ردفان والضالع إلى شبوة بتلك الطريقة وبموجب تلك الظروف السياسية والاجتماعية العصيبة يضع أمامنا ضرورة التمعن مابين معادلتين تسيران على وتيرة واحدة في سياق الثورة الجنوبية , حيث يمكن ان نعنون ونسمي المعادلة الأولى ب " ترتيبات القصر " في حين يمكن ان نسمي الثانية ب " ترتيبات القبر " !!! وما بين معاني المعادلتين توجد مساحة واسعة جدا ينتثر في جوفها الف سؤال وسؤال وجيه ! واذا كان الخالدي بطلا ل" المعادلة الثانية " .. فماذا يمكن ان نسمي أصحاب " المعادلة الأولى " ؟ فلربما وانه في هذه اللحظات التي اكتب فيها الآن , يجري " شيئا عمليا " على الأرض من لب المعادلتين .. ترتيبات للقصر .. وترتيبات للقبر .. حيث الفارق مابين هذا وذاك شاسعا ومؤلما وشاقا على النفس حتى ان أرادت الخوض في تفاصيله أو استنتاجاته .
وبقي علينا ان نعترف ونسجل بكل تواضع وفخر ان " قضية الجنوب " قدمت لنا في مراحل متعددة خيرة الرجال والشباب ... فوا أسفي عليهم , ولقد كان الشهيد نبيل الخالدي واحد من ابرز من قدمتهم ثورة الجنوب إلى جانب آخرين لا يمكن التحدث عنهم في مجرد " مقال " .. ولكن واحدا منهم بكل تأكيد كان زميله وزميلي الشهيد / محمد فضل جباري .. وبركان مانع وغيرهم وغيرهم ..رحم الله شهدائنا.. وعافا جراحنا .. وفك آسرانا .
__________________
الطائر المهاجر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس