عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-09-08, 10:33 PM   #9
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 41,841
افتراضي

شعب الجنوب بين فكين ( ثائر وسياسي )



12 ذو القعدة 1435هـ - 06 سبتمبر 2014 م 07:00 عدد القرائات 62
شعب الجنوب بين فكين ( ثائر وسياسي )

Share on emailShare on print



بقلم : وضاح السقلدي
ان ما عانى منه شعب الجنوب من حرب صيف 1994 م حتى الآن , فاق كل ما عاناه على مدى السنوات الماضية من تاريخه الحديث , بل ان شعباً من الشعوب العربية لم يعانِ مثل ما عاناه ويعانيه شعب الجنوب منذ ذلك العام وحتى اليوم .
وعلى اثر ذلك انتفض شعب الجنوب بثورة ابهرت العالم , وانتصب كالمارد واقفاً ضد الظلم والطغيان بجبروته وبمختلف انواع اسلحته وآلته العسكرية وبفساده المستشري في كافة مؤسسات الدولة , كمنظومة فساد متكاملة ومتجانسة ومتآلفة ومتعاونة , حاكمة سيطرتها على الدولة تدير البلاد والعباد .
وتجسد الحراك الجنوبي السلمي ليمثل رفض الجنوب وشعبه لتلك الاساليب التي مورِست ضد شعب الجنوب والجنوب , من اقصاء وتهميش وقتل بغير حق واعتقالات طالت ابناء الجنوب بدون مصوغ قانوني , ونهب لثروات ومقدرات وممتلكات الدولة والأفراد.
ان الحراك الجنوبي السلمي والذي مثَّل انبل وأعظم صور الثورة التحررية , بعدالة قضيته وسلميته وتضحيات ابناء الجنوب , سار بخطى ثابتة وواثقة نحو الهدف المنشود وهو استعادة الدولة , وإنهاء عقد الشراكة الصوري والغير قانوني والغير دستوري بحسب دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية , والمتعلقة بالاتفاقات الدولية ؛ ومن ثم ارتقى مستوى الحراك الجنوبي السلمي , ليواكب الاحداث كما يجب له ان يفعل بعد ان صعّد العمل الثوري , فكان لابد من تصعيد العمل السياسي , ليعملا بخطى واحدة ومتناسقة وعلى الأسس الذي ثبتها ورسخها الحراك الجنوبي السلمي , فكان الاعلان السليم في الوقت السليم بأن الحراك الجنوبي السلمي هو الحامل السياسي للقضية الجنوبية.
فكان من الطبيعي بعد تشكيل اي كيان او منظمة سياسية لابد من ايجاد برنامج سياسي واحد لتحقيق الاهداف , ومن الطبيعي ايضاً ان يواجه بتحديات وصعوبات ومعوقات , تتطلب تكاتف وتعاضد وتآزر كافة ابناء الشعب وبخاصة قياداته التي رفعها الشارع ؛ ولكن للأسف غابت عن تلكم القيادات الصورة الكبرى وركزوا وأنهكوا الشعب بالتفاصيل التي لا يجب النظر فيها على الاقل في هذه المرحلة , حيث دأبوا على ابراز انفسهم كقوى مؤثرة ظناً منهم بأنها الوسيلة الأمثل لحشد مؤيدين لهم , ومن ثم تنفيذ اجندتهم الخاصة بهم , فلم تكفهم الأجندة التي اعدها شعب الجنوب , وصنع منهم قادة كي ينفذوها , لكنهم اغرقوا الشعب الجنوبي في دوامة الصراعات التي اختلقوها وافتعلوها , وتجاوزوا شعب الجنوب , وأصبحوا " دكتاتوريين " على شعب بغير دولة .
لا تخطئوا بالظن بل تأكدوا ان هناك نوعان , النوع الاول اشخاص يعتبرون المصلحة الوطنية لها الاولوية على كل المصالح بما فيها الشخصية , والنوع الثاني اشخاص يعتبرون المصلحة الوطنية والمصلحة الشخصية وجهان لعملة واحدة , فلدية القناعة بأن ما المانع من تحقيق مصلحته الشخصية من خلال سعيه لتحقيق المصلحة الوطنية , وتجاهل انه في لحظةٍ ما قد يعرقل المصلحة الوطنية لأنه لم يحقق مصلحته الشخصية , وسيختلق اي اعذار , لأنه ببساطة انسان ولكنه اختار ان يكون من هذا النوع من الاشخاص .
كان في الماضي وحتى في بدايات الحراك كان النوع الاول هم الاكثرية , فرأينا كيف كان , وحتى استمراره فهو بسبب صمود الشعب وبسبب انه لازال ذلك النوع من الاشخاص بين ابناء الشعب ومن ابناء الشعب ولكن للأسف فقد مورِس ضدهم التهميش والإقصاء من قبل بعض القيادات الأخرى في إطار السبب الذي ذكرته آنفاً , وللأسف اصبح الان النوع الثاني هو الاكثر في صفوف القيادات , فعمدوا الى الاستمرار بأساليبهم السياسية لإبراز انفسهم على انهم هم القوى المؤثرة ليس فقط لكسب تأييد الشعب بل ان اطماعهم تجاوزت الى رغبتهم في كسب تأييد ودعم القيادات التاريخية في الخارج , وتناسوا ان " بعض " تلكم القيادات لديها نفس تلك العلة بل انهم اكثر خبرة منهم بها وتجربة , فقد استطاعوا اخفاء اعراضها عن الشعب لسنواتٍ طوال حتى اليوم .
فرأينا كيف استخدموهم لتحقيق مصالحهم الشخصية تحت مظلة المصلحة الوطنية , فعلى سبيل المثال عودتهم بل وتصدرهم المشهد السياسي في الجنوب واليمن , والحديث عنهم وعن منجزاتهم اكثر من الحديث عن شعب الجنوب وشهداءه وجرحاه بل اكثر من الحديث عن القضية الجنوبية نفسها التي اخرجتهم الى تحت الاضواء , وعن ايجاد حلول لها وتفعيل العمل السياسي ليوازي العمل الثوري .
لا توجد هناك دولة كي تتصارع تلك القوى والكيانات والتي بعضها تفرخ منها , لتكسب اكبر قدر من التأييد الشعبي لكي تنفذ اجندتها , فكما اسلفت فهناك اجندة واحدة اقرها شعب الجنوب , فأن كل ما يحتاجه هذا الشعب هو برنامج سياسي واحد يمثله ويعبر عنه في الوقت الحاضر ويلبي تطلعاته وآماله للمستقبل ومستقبل ابناءه ومستقبل دولته والأهم السعي الجاد والعمل المخلص لتحقيقه , فلا يريده حبر على ورق او للتنطع به في المجالس والمقايل والندوات والبيانات .
فللأسف ان ما يتم اليوم من تحالفات بين بعض القوى السياسية , والتي لو نظرنا الى برامجها السياسية نجدها متقاربة جداً والاختلاف قد يكون في الصياغة او ببعض التفاصيل الغير جوهرية ؛ فبالتالي فأن تلك التحالفات تهدف في الاساس الى كسب التأييد الشعبي , وتحييد قوى اخرى موجودة على الساحة , فكل تلك القوى لازالت محافظة على برنامجها السياسي بالإضافة إلى انها برغم تقارب برامجها السياسية فان لكل قوة من تلك القوى ايدلوجية ليست واضحة للأخرى وهذا في اعتقادي سيسبب لهم ازمة في المستقبل القريب , فكلنا يعلم خلفيات تلك القوى , وما تشابه تلك البرامج التي يسوقوها للشعب الجنوبي إلا دليل على انهم يُعلِبون ما يريد الشعب ان يسمعه , لان فيه ما لا يتناسب منطقياً مع خلفيتهم السياسية والأيدلوجية .
وهذا يؤكد ما ذهبت اليه في سعيهم لكسب التأييد الشعبي فقط ؛ وهذا النوع من التحالفات يتم في حالة وجود دولة ووجود صندوق انتخابي , وحتى في ظل الدولة فأن هذا النوع يمثل اضعف انواع التحالفات واقلها فرصة في الاستمرارية لأنه شبيه جداً بالتحالفات الانتخابية , وهذا ايضاً دليل على عدم رغبتهم في استمراره لان رغبتهم في كسب اعداد اكبر من الناس اكبر من رغبتهم في تحقيق مطالب الناس , وشخصنة الموقف السياسي , حيث يكون اما إرضاء للشخص نفسه او إرضاء لأشخاص آخرين ؛ وللأسف ان هذا النوع من التحالفات هو السائد الآن في الجنوب فتجد هذه الانقسامات التي تحدث والتشرذم سواء على مستوى الكيانات او حتى – وللأسف – على مستوى الشارع الجنوبي.
بينما ان من الافضل هو تشكيل التحالفات السياسية على أُسس سياسية لتنفيذ البرنامج السياسي وخاصةً ان هناك العديد من المكونات الجنوبية متقاربة ايدلوجياً , فهذا يمتاز بالاستمرارية والقوة , وحتى القوى التي لديها برامج سياسية , اغرقت نفسها في الحشد والتعبئة , وكأنهما من ضمن برنامجها السياسي ولم تعمل على تنفيذ برامجها ؛ فالى الآن كل الكيانات لم تتجرأ ان تعلن عن الذي حققته من برنامجها السياسي , فمثلاً على مستوى العلاقات الخارجية او الدولية لم يحققوا الدعم الدولي من اي دولة , والدولة التي اعتقد شعب الجنوب انها تدعمهم , لم تعلن صراحة عن هذا الدعم , بل ان القيادات الجنوبية انكرت هذا الدعم , بل انها عمدت على مهاجمة دول اقليمية شقيقة ولم تبقِ على شعرة معاوية ؛ وعلى مستوى الحقوق والحريات لازال شعب الجنوب محتل , ولازال المواطن يشعر بعدم المساواة ولازال يقتل ويسحل ويعتقل جهاراً نهاراً ولازال الصحفي يكسر قلمه ويكمم ويسجن ولم يقوموا بتطوير سلاح الاعلام وهو من اهم الاسلحة السلمية والعصرية ولازالت جهود الباحثين الحقوقيين المضنية متناثرة ؛ وعلى المستوى الاقتصادي لازال وضعه سيء جداً وكل يوم من سيء الى اسوأ , وعلى المستوى الاجتماعي لم يحققوا رفع مستوى التعليم , ولا ثقافة ولا رعاية صحية , ولا اسكان ولا تعمير ولا مواصلات .
هذا ليس برنامجي ولم اكتبه , هذا جزء من برنامجهم وهم كتبوه وهم اقروه ووعدوا الشعب بتنفيذه , فأنا احاججهم من كلامهم ومن بضاعتهم التي قدموها للشعب الجنوبي , ويريدون من الشعب الجنوبي ان يقدم التضحيات تلو التضحيات في سبيل استمرارهم في تنفيذ برنامجهم السياسي الذي اعدوه وهم في كامل قواهم العقلية .
من وجهة نظري .. ان على تلك القوى ان ترفع من كفاءتها السياسية وترتقي بالعمل السياسي بما يتناسب مع المكانة العظيمة التي وصل اليها الحراك الجنوبي وفعله الثوري , وان تمارس العمل السياسي بوعي سياسي ومقدرة وكما ينبغي , وليس كما تعتقد انها تمارس السياسة ؛ وان من انسب التحالفات اليوم هو التحالف السياسي لمواجهة مخططات النظام في الشمال لإفشال قضية شعب الجنوب وهدفهم السامي ؛ عبر ايجاد قوى سياسية في الجنوب من الجنوبيين تتبع النظام في الشمال , حتى يتفكك الحراك الجنوبي السلمي ويفقد شعب الجنوب هيئته وصورته السياسية , لأنها التي سيراها العالم وعلى اساسها سيتعاطى مع قضيتنا بجدية , لان المجتمعين الدولي والإقليمي لن يذهبا بطاولتيهما الى الساحات الجنوبية للتحاور مع الثوار , وإنما يحتاجا الى نخبة سياسية لديها مشروع سياسي , عمل على تصميمه وإعداده نخبة من المتخصصين في مجالات الاقتصاد والبحث العلمي والتنمية والحقوق والحريات والإعلام والأمن والدفاع والسياسة الخارجية .
خلاصة .. على القوى في الجنوب ان تعلم ان لديها عوامل مساعدة كثيرة لتنجحهم , منها انهم تشكلوا من القاعدة وافرزوا من الشعب بعد كل ما عاناه , فعليهم ان يرتقوا حتى يتشكل مناخ سياسي سليم يتبلور فيه كيان او كيانين سياسيين , لان هذا اقصى ما يحتمله الواقع السياسي في الجنوب , ويستطيعان ان يواجهان الكيانات السياسية التي تتشكل من القمة اي من السلطة لتنزل الى القاعدة كي تمثلها لانها في الغالب تخدم السلطة اكثر مما تخدم الشعب , وهذا ايضاً عامل سيسهل لهم التصدي لمثل هذه الكيانات , لكن كيانات السلطة ستستطيع ان تتحكم في الواقع السياسي في الجنوب , طالما وان الوضع كما هو عليه اليوم .
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس