عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-06-28, 09:26 PM   #28
صقر الجزيرة
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-05-25
المشاركات: 17,893
افتراضي

كيف نستقبل شهر رمضان؟



01 رمضان 1435هـ - 28 يونيو 2014 م 05:00 عدد القرائات 55


كيف نستقبل شهر رمضان؟


( صدى عدن ) متابعات :

من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زمانًا ومكانًا، ففضل بعض الأمكنة على بعض، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل فى الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة ، فهو الشهر الذى أنزل الله فيه القرآن { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى? وَالْفُرْقَانِ ? فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى? مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.


وعن واثلة بن الأسقع رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام فى أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان) رواه أحمد.


وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه } متفق عليه.


ليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس، ولكنه شهر جهاد وعبادة وعمل لذا ينبغى لنا أن نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكرم، وكيف لا نكون كذلك فى شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.

ينبغى لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة فى جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات , وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لنكون من الفائزين (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).


وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) وأن نحافظ على فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات فى رمضان وغيره عملا بقول الله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) أى حتى تموت وقوله تعالى : (قُلْ إن صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).

ينبغى أن نستقبل هذا الشهر الكريم بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا لا تقليدا وتبعية للآخرين، وأن تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم والاستماع المحرم والأكل والشرب المحرم لنفوز بالمغفرة والعتق من النار، وينبغى لنا أن نحافظ على آداب الصيام من تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل وتعجيل الفطر إذا تحققنا غروب الشمس والزيادة فى أعمال الخير وأن يقول الصائم إذا شتم "إنى صائم" فلا يسب من سبه ولا يقابل السيئة بمثلها بل يقابلها بالكلمة التى هى أحسن ليتم صومه ويقبل عمله، يجب علينا الإخلاص لله عز وجل فى صلاتنا وصيامنا وجميع أعمالنا فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحًا وابتغى به وجهه، والعمل الصالح هو لخالص لله الموافق لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .


ينبغى للمسلم أن يحافظ على صلاة التراويح وهى قيام رمضان اقتداء بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وخلفائه الراشدين واحتسابًا للأجر والثواب المرتب عليها قال - صلى الله عليه وسلم - : "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه. وأن يقوم المصلى مع الإمام حتى ينتهى ليكتب له قيام ليلة لحديث أبى ذر الذى رواه أحمد والترمذى وصححه.


وأن يحيى ليالى العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار اتباعًا للسنة وطلبا لليلة القدر التى هى خير من ألف شهر، ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وهى الليلة المباركة التى شرفها الله بإنزال القرآن فيها وتنزل الملائكة والروح فيها، وهى الليلة التى من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وهى محصورة فى العشر الأواخر من رمضان فينبغى للمسلم أن يجتهد فى كل ليلة منها بالصلاة والتوبة والذكر والدعاء والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار لعل الله أن يتقبل منا ويتوب علينا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار ووالدينا والمسلمين، وقد كان النبى - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا ليله وشد مئزره وأيقظ أهله ولنا فى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، وشد المئزر فسر باعتزال النساء وفسر بالتشمير فى العبادة.

وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان والمعتكف ممنوع من قرب النساء .

وينبغى للمسلم الصائم أن يحافظ على تلاوة القرآن الكريم فى رمضان وغيره بتدبر وتفكر ليكون حجة له عند ربه وشفيعا له يوم القيامة وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل فى الدنيا ولا يشقى فى الآخرة بقوله تعالى "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى".


وينبغى أن يتدارس القرآن مع غيره ليفوزوا بالكرامات الأربع التى أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : "وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فى من عنده " رواه مسلم.


وينبغى للمسلم أن يلح على الله بالدعاء والاستغفار بالليل والنهار فى حال صيامه وعند سحوره فقد ثبت فى الحديث الصحيح أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: "من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فاغفر له"، حتى يطلع الفجر رواه مسلم فى صحيحه.


وورد الحث على الدعاء فى حال الصيام وعند الإفطار وأن من الدعوات المستجابة دعاء الصائم حتى يفطر أو حين يفطر وقد أمر الله بالدعاء وتكفل بالإجابة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [سورة غافر :آية 60] .

وينبغى للمسلم أن يحفظ أوقات حياته القصيرة المحدودة، فما ينفعه من عبادة ربه المتنوعة القاصرة، والمتعدية ويصونها عما يضره فى دينه ودنياه وآخرته وخصوصًا أوقات شهر رمضان الشريفة الفاضلة التى لا تعوض ولا تقدر بثمن وهى شاهدة للطائعين بطاعاتهم وشاهدة على العاصين والغافلين بمعاصيهم وغفلاتهم.


وينبغى تنظيم الوقت بدقة لئلا يضيع منه شىء بدون عمل وفائدة فإنك مسئول عن أوقاتك ومحاسب عليها ومجزى على ما عملت فيها.

وهو الشهر الذى فرض الله صيامه، فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة:183).

وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم، من صامه وقامه إيمانًا بموعود الله، واحتسابًا للأجر والثواب عند الله، غفر له ما تقدم من ذنبه، ففى "الصحيح" أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، وقال: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال أيضًا: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه). ومن أدركه فلم يُغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام، وأمَّن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بدعوة من أفضل ملائكة الله، يؤمّن عليها خير خلق الله.


وهو شهر العتق من النار، ففى حديث أبى هريرة رضى الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: (وينادى مناد: يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة) رواه الترمذى.


وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين، ففى الحديث المتفق عليه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)، وفى لفظ (وسلسلت الشياطين)، أي: أنهم يجعلون فى الأصفاد والسلاسل، فلا يصلون فى رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه فى غيره.


وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى فى شىء من العبادات كما يتجلى فى الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر:10).


وهو شهر الدعاء، قال تعالى عقيب آيات الصيام: {وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} (البقرة:186) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) رواه أحمد.


وهو شهر الجود والإحسان؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم -كما ثبت فى الصحيح- أجود ما يكون فى شهر رمضان.


وهو شهر فيه ليلة القدر، التى جعل الله العمل فيها خيرًا من العمل فى ألف شهر، والمحروم من حرم خيرها، قال تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر} (القدر:3)، روى ابن ماجه عن أنس رضى الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم).
صقر الجزيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس