عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-12-28, 01:50 PM   #9
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

الثورات العربية المعاصرة 2011 (الأخيرة) الشعوب توحَّدت ضد الاستبداد والفساد وحكم الفرد
د. عبدالمالك التميمي
د. عبدالمالك التميمي
إنَّ الكتابة التاريخية عن الثورات العربية لعام 2011 مغامرة كبيرة، وذلك لأن كثيراً من المعلومات والوثائق لم تظهر بعد، وعادة تحتاج إلى الوقت الكافي لظهورها. ولكن التبريرات لخوض هذه المغامرة هي أن وسائل الإعلام والاتصال المعاصرة قد وفرت قدراً كبيراً من المعلومات بالصوت والصورة في وقت الحدث، الأمر الذي يصعب الحصول عليه بعد سنوات في السابق، والأمر الآخر كوننا نتعامل مع التاريخ المعاصر ونعيش هذه المرحلة علينا كذلك أن نعتمد على الرواية الشفاهية بحذر حتى لا تغلب الذاتية على الموضوعية، وثالثاً هذه الكتابة أولية عن هذه الأحداث ولا بد من إثرائها والإضافة إليها مستقبلاً عندما يكشف النقاب عن وثائقها التي لم تتوافر في الوقت الحاضر للكتابة عن هذه الأحداث. الأمر المهم أن أحداثاً مهمة وخطيرة كهذه يجب أن تكتب وقائعها وتحليلها إذا توافرت المعلومات الأولية عنها، فالزمن يتحرك بسرعة والمعلومات تتدفق كالسيل، ولا يجب الانتظار حتى تكتمل.
المشترك في الثورات العربية المعاصرة هي أنها جميعها تنشد التغيير الجذري ضد الأنظمة الاستبدادية، وهدفها الحرية والديموقراطية وإقامة الدولة المدنية. ثورات كان العنصر الشبابي المتعلم أساسها وأغلبهم من أبناء الطبقة الوسطى.
والثورات التي تزامنت في خمس دول عربية رئيسية عام 2011، هي بمنهجية وعقلية وأساليب جديدة، رفعت شعارات واحدة مثل: «ارحل»، و«الشعب يريد تغيير النظام». كان الأساس في هذه الثورات إلغاء حاجز الخوف، وتحدي السلطات، رغم عنف السلطة وأجهزتها لمواجهتها!
إن قوى هذه الثورات قد رسَّخت مفهوماً جديداً للتعددية الفكرية والسياسية، ولا تمثل ايديولوجية واحدة أو حزباً واحداً، إن الثورات التي انتصرت قد أعلنت عن موعد الانتخابات العامة، وهي ملتزمة بها.
لقد طرحت هذه الثورات، بشكل غير مباشر، مفهوماً جديداً لوحدة العرب، وهي ضد الاستبداد، وتتجه نحو الحرية والديموقراطية وإقامة الدولة المدنية، على الرغم من خصوصية كل منها. كذلك، فإن موقف هذه الثورات يكاد يكون واحداً وثابتاً من قضية فلسطين، وهذا ما يفسره قلق إسرائيل من هذه الثورات ونجاحها. وقد وحدت هذه الثورات أهداف الأمة، ووضعت حدا للاستبداد وحكم الفرد، والايديولوجية الواحدة والحزب الواحد، وكشفت الفساد، وتعمل على إرساء أسس لمقومات جديدة، وتجديد المقومات الأساسية وتقويتها لبلدانها، ووضع منهج واستراتيجية جديدين للاستفادة من ثروات دولها، وتحقيق العدالة الاجتماعية. إن المشترك بين الشعوب العربية أكثر وأعمق من المختلف عليه، والمهمة الآن تتمثل في بناء الذات، وتقوية العناصر المشتركة وتفعيلها وتوحيدها.

خامسا: الثورة السورية
اندلعت الثورة من درعا (جنوب سوريا) ثم امتدت إلى معظم البلاد، لكنها تركزت في حمص وحماة وادلب وريف دمشق منذ مارس 2011.
كان النظام قاسياً في التعامل معها، واتبع أساليب غاية في العنف مع الثوار وأهاليهم، القتل والتعذيب والاعتقال والخطف. وكانت قوات الأمن والجيش وحزب البعث والمخابرات قد استمالت مع النظام، مع انشقاقات محدودة من الجيش تضامناً مع الثورة، هذا حتى نهاية نوفمبر 2011.
سوريا أهميتها وموقعها مهمان وحساسان ويرتبط ذلك بوضع إقليمي هناك بالنسبة لدول وقوى عديدة مثل إسرائيل وتركيا وإيران والعراق ولبنان، وسوريا التي تبلغ مساحتها حوالي ربع مليون كيلومتر مربع، وعدد سكانها حوالي عشرين مليونا يشكل العلويون الذين يحكمون البلاد نسبة %20 فقط من السكان، كذلك فإن حزب البعث يحكم سوريا منذ أكثر من نصف قرن دون أن يتمكن من تحرير الجولان السوري المحتل، ودون أن يكون هناك مجال للديموقراطية والتعددية والحرية والتنمية الحقيقية. وكان للنظام السوري دور سلبي في لبنان خلال الحرب الأهلية 1975 - 1990 وبعدها، وعلاقاتها مع جيرانها متوترة في أغلب الأحيان، نظراً لموقع سوريا المهم، وأهمية دورها الإقليمي فان مواقف القوى والدول المختلفة إقليميا وعربياً وعالمياً كانت متباينة في أوضاعها خلال الثورة.

الموقف العربي
اختلف الوضع في سوريا عنه في الدول التي اندلعت فيها الثورات، وذلك لأسباب أساسها إقليمي وبخاصة تركيا وإيران وإسرائيل، وتأخر الموقف العربي ما عدا بعض وسائل الإعلام العربية مثل فضائية الجزيرة القطرية التي لعبت دوراً مهماً في تغطية أحداث الثورات العربية في عام 2011، إلى أن وجدت الجامعة العربية نفسها محرجة عربياً وعالمياً أمام المجازر اليومية التي يرتكبها النظام في سوريا دون أن تحرك ساكناً، فتحركت في حدود النصح ومحاولة دفع النظام للإصلاح وهو غير قابل لإحداث الإصلاح ففاقد الشيء لا يعطيه، والنظام الذي لم يصلح خلال ما يقارب نصف القرن لا يمكن أن يصلح الآن، وبدأت الجامعة العربية على مستوى المندوبين ووزراء الخارجية بالتحرك وتقديم مبادرة لحل المشكلة السورية في أواخر شهر أكتوبر 2011، وأول نوفمبر، رفضها النظام السوري وحاول الالتفاف عليها لكسب الوقت ولكن الخيار أمامه كان محدوداً بأن يقبلها أو يفتح المجال للتدخل الدولي فقبلها على أمل المراوغة لكسب الوقت، في الوقت الذي كان يسقط العشرات من القتلى والجرحى والمئات من المعتقلين في المدن السورية، وكانت المبادرة العربية ترتكز على الأسس التالية:
«وقف القتل وسحب الجيش من الشوارع وإطلاق سراح المعتقلين والسماح للإعلام بالعمل في سوريا لتغطية الأحداث وإقامة حوار وطني برعاية الجامعة العربية في القاهرة بين النظام السوري وجميع أطياف المعارضة السورية، في الداخل والخارج خلال أسبوعين»(1). وقد سبق أن أعطت الجامعة العربية مدة أسبوعين للنظام السوري من دون أن يفعل شيئاً ثم أعطيت له أيام مع بدء تنفيذ العقوبات عليه تركياً ودولياً في نوفمبر 2011.

الموقف الإسرائيلي
لقد أعربت إسرائيل عن موقفها من الأوضاع في سوريا بأنها قلقة على ما يحدث لأنها لا تعرف إلي ماذا ستؤول إليه، ومن هي القوى القادمة في سوريا، ومن القراءة المتأنية للموقف الإسرائيلي، فإنها تبدو مطمئنة من نظام الأسد في سوريا، فلن تجد تحدياً منه عدا دعمه لحزب الله اللبناني، أما الجبهة السورية الإسرائيلية فهي هادئة منذ الاحتلال الإسرائيلي للجولان في حرب 1967.

الموقفان التركي والإيراني
لقد كان الموقف التركي خلال الثورة السورية إيجابياً، وهو من دون شك لحسابات سياسية تركية شرق أوسطية وأوروبية، فقد أعلنت تركيا بداية مطالباتها للنظام بالاستجابة لمطالب الشعب، ثم تطور الموقف في سبتمبر وأكتوبر 2011 إلى إدانة النظام في سوريا، ودعمها السياسي والإعلامي للثورة، أما الموقف الإيراني فقد كان ثابتاً بدعم النظام السوري على الرغم من القتل والتعذيب والاعتقالات اليومية منذ اندلاع الثورة وقبلها، والدوافع طائفية وسياسية، لأن تغيير النظام السوري يعني وضع حد للتمدد الإيراني في المنطقة العربية(2)، ويعني أنه حليف عربي أساسي لإيران، وقد تطور الموقف التركي من النظام السوري بفرض عقوبات، والتعاون مع الجامعة العربية منذ نوفمبر 2011.

الأقليات أثناء الثورة
الأقليات العرقية والطائفية في سوريا هي: العلويون، وهم في السلطة منذ خمسة عقود، والمسيحيون يتركز أغلبهم في شمال سوريا خاصة في حلب، ثم الأكراد، والدروز.
إن موقف المسيحيين من الثورة ملخصه عدم الاشتراك فيها ليس تعاوناً مع النظام القائم وقناعة به، ولكن خوفهم من سيطرة التيار الإسلامي، وبخاصة الإخوان المسلمين على السلطة بعد الإطاحة بالنظام، والقلق من إقصائهم، فالنظام العلماني والليبرالي أفضل لهم، وهو غير مضمون بعد الثورة من وجهة نظر أغلبهم.
وتأتي بعد ذلك الأقلية الكردية، وتتركز في شمال شرق سوريا خاصة في المدن الحدودية مع تركيا، ويبلغ عددهم حوالي المليون نسمة، وقد استخدم النظام البعثي السوري الورقة الكردية في نزاعه السابق مع تركيا باحتضان قيادة الحزب الكردستاني العمالي التركي إلى حين اعتقال زعيمه عبدالله أوجلان منذ عشر سنوات خلت، وجرت محاولات تحسين العلاقات بين تركيا وسوريا إلى أن قامت الثورة، في سوريا، وأصبح لتركيا دور إقليمي بارز فانحازت لدعم الثورة سياسياً وإعلاميا، واحتضنت السوريين الفارين من سوريا أثناء الثورة. ونظراً للتهميش الذي عانى منه الأكراد السوريون منذ تعاطفوا مع المطالب الكردية بالاستقلال لإقامة دولة كردستان في شمال العراق وجنوب تركيا. وأخطر ما مر به أكراد سوريا تجريدهم من الجنسية منذ تسلم حزب البعث الحكم، ولم تعاد لهم الجنسية إلا بعد الثورة 2011، وبموجب قانون التجنيس ومرسوم 49 لعام 2011، الذي أعادة الجنسية لعشرات الآلاف من الأكراد بعد 50 عاماً (3).

الآثار الاجتماعية
أفرزت الثورات العربية الخمس آثارا اجتماعية عديدة تحتاج إلى إمكانات وجهد ووقت لمواجهتها ومعالجتها، فأولا قضية الشهداء والجرحى والمفقودين، وهي تتفاوت من بلد إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى، لكنها أعداد كبيرة تركت انعكاسات سلبية على عائلاتهم وأقربائهم، وهذه القضية وحدها تشكل تحدياً كبيراً أمام النظام السياسي الذي أوجدته الثورات. ففي كثير من عائلات الشهداء كان الشهيد هو العائل الوحيد لها، وكذلك الجرحى والمعوقون الذين أصيبوا بنيران قوات النظام . ورعاية الذين تسببت الأحداث في إعاقتهم تحتاج إلى اهتمام خاص، والآثار المادية والنفسية لعائلات وأقارب المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم.
ثم تأتي قضية الاغتصاب لنساء أثناء الثورة من قبل أفراد في الأمن وجيش النظام السابق مثلما حصل في ليبيا وسوريا على سبيل المثال، وتأتي مع ذلك وبعده إشكالية المشردين والمهاجرين الذين اضطروا أثناء الثورة إلى مغادرة مناطقهم ودولهم إلى مناطق أخرى والى دول الجوار، وتركوا عملهم، وطوال فترة الثورة وبعدها بأشهر من دون مورد ومن دون تعليم لأبنائهم. كما أنه في ظروف الثورات والحروب تحدث فوضى ينتج عنها عدم استقرار، وتنشط السرقة والنهب من الممتلكات والأموال العامة والخاصة(4).
وإعادة النظام والأمن والعمل بالقانون ليس سهلاً، ويحتاج لإرادة وإدارة سليمة، ووقت كاف لضبطها.

تحديات المستقبل
وقد صاحبت تلك الأحداث كذلك عملية سرقة الآثار وتهريب بعضها خارج بلدانها، وهذه قضية أخرى تحتاج إلى جهد وعمل لإعادة الآثار إلى الدول وإلى أصحابها، ولا ننسى أن عملية تجارة السلاح وانتشاره أثناء الثورات وبعدها تعد مشكلة وتحديا آخر تنتج عنه آثار أمنية واقتصادية واجتماعية، ذلك كله يعني أن المسألة لا تقتصر على قيام الثورة وإسقاط الأنظمة الفاسدة التي كانت قائمة فحسب، ولكن التحدي الأكبر هو مواجهة المشكلات التي ذكرناها وغيرها مثل البطالة.
وتبقى البطالة إحدى مشكلات مرحلة البناء ـ أو إعادة البناء ـ فقد توقفت موارد وأجهزتها في فترة الثورة، وحدثت بطالة تمتد جذورها إلى مرحلة ما قبل الثورة، وهي بطالة من نوعين، بطالة الطبقة العاملة لتوقف عمل المؤسسات التي كانوا يعملون فيها، وبطالة الخريجين من المدارس والمعاهد والجامعات في الداخل والخارج، فهناك بطالة قسرية فرضتها ظروف الثورة وما قبلها وما بعدها وتتحمّل قيادة البلاد بعد الثورة مسؤوليتها، كذلك هناك المحاربون على كل الجبهات العسكرية وغيرها ستشملهم البطالة أيضاً ما لم يستوعبهم الجيش الوطني الجديد وقوى الأمن ومؤسسات الدولة في عهدها الديموقراطي الذي كافحت الثورة من أجل إقامته. هذه ليست كل الآثار الاجتماعية التي حدثت وتمتد جذورها إلى مرحلة ما قبل الثورة، فقد حدثت عملية هدم للمنازل أثناء الثورة، بعضها متعمّد وبعضها نتيجة المواجهة بين الثوار وقوات الأنظمة التي كانت قائمة، كذلك تأثرت مباني المؤسسات مثل المدرسة والمستشفى والمسجد، وتعاني، بعض العائلات في كل الدول العربية التي قامت فيها ثورات الربيع العربي من مشكلة المفقودين من أبنائها، حيث لم يعرف مصيرهم إن كانوا أمواتاً أم أحياء، وإذا كان قد عثر على بعضهم في سجون تلك الأنظمة فإن أعداداً منهم لا يزال مصيرهم غير معروف. لقد كانت هناك - ولا تزال - آثاراً جانبية أخرى مثل إثارة النعرات القبلية والطائفية التي لعبت عليها الأنظمة السابقة وهناك مشكلات حياتية يومية عاشها المواطنون أثناء الثورة، مثل قطع الماء والكهرباء ونقص حاد في المواد الغذائية والخدمات الطبية، وتوقف التعليم. وجاءت الثورات لتضع حدا لها في إطار ديموقراطي وتنموي شامل. ونتائج هذه المعركة السياسية والتنموية تحتاج لسنوات من العمل الوطني الدؤوب والمتواصل للوصول إليها وهي معركة الحياة برمتها لشعوب عاشت عقوداً وقروناً في ظل الدكتاتورية والتخلف.

القمع والتعذيب
هناك ظاهرة عاشتها الشعوب العربية أثناء الثورة، هي ظاهرة التعذيب الذي مارسته أجهزة الأمن والجيش التابعة للأنظمة الدكتاتورية، وأدى ذلك في كثير من الحالات إلى الموت، وقد شوهد ذلك على الفضائيات وعبر وسائل الاتصال الأخرى، وحصل الكثير من التعذيب ضد الثوار الذين اعتقلوا أو أقاربهم من دون أن يعرف عنهم أحد، وقد تكشف الوثائق والتحقيقات الكثير منها في المستقبل.
لقد مارست أجهزة الأنظمة القمعية تعذيباً نفسيا وجسديا ضد المعتقلين أفضى كثير منه إلى الموت، وتدل على وحشية تلك الأنظمة(5)، وتدل في الوقت نفسه على صدق الثوار في مبررات ثوراتهم. لقد تم تعذيب الأسرى وقتلهم ثم حرق جثث بعضهم. إن فاشية وجرائم تلك الأنظمة بلغتا حدًّا لا يطاق، وقد قامت قوات أمن تلك الأنظمة وما يسمى «بلطجيتها» و«شبيحتها» ومخابراتها بأعمال ضد كرامة الإنسان، وامتد ذلك إلى عائلات وأقرباء المعتقلين والثوار، وكان غباء الأنظمة وقياداتها عندما اعتقدوا أن العنف الذي مارسوه ضد الثوار ومؤيدوهم يقضي على الثورة، ويضع حدّا لها، ولم يدركوا بأن ذلك يزيد الثورة اشتعالاً ويترك آثاراً اجتماعية ونفسية عميقة في مجتمعهم لفترة زمنية طويلة. إن المشكلة تكمن في أن تلك الأنظمة الدكتاتورية لم تتعظ، ولم تستفد من تجارب التاريخ وأولئك الذين سبقوهم، لذلك يقعون في الأخطاء نفسها، ويلقون المصير نفسه.
التعذيب ظاهرة تختصر تخلف الأنظمة والأجهزة الأمنية التابعة لها والأمر هنا لا يقتصر على التعذيب أثناء فترة الثورة، بل دأبت الأنظمة الاستبدادية على ممارستها ضد معارضيها طوال فترة حكمها.

انتعاش تجارة السلاح
تنتعش تجارة السلاح أثناء الحروب والكوارث، ومن مصلحة الدول المصنعة للسلاح اشتعال الحروب في العالم، كذلك من مصلحة سماسرة تجارة السلاح والتجار في هذا المجال أن تستمر الحروب وأن تنشب حروب جديدة. ان قصة تجارة السلاح تاريخية في كل مرحلة، وتشمل جميع أنواع الأسلحة، ولا نريد أن ندخل في صلب هذه التجارة بصورة عامة، ولكن نقصر موضوعها على الحروب والثورات العربية المعاصرة. فقد استوردت الأنظمة الحاكمة في دول ثورات «الربيع العربي» 2011 أسلحة خفيفة وثقيلة بمليارات الدولارات، واستوردت دول عربية أخرى أسلحة متنوعة كذلك بمليارات الدولارات من الدول الصناعية لمواجهة هذه الثورات، والتدخل الأجنبي، كما تدعي.
كما قامت جهات بتزويد الثوار بالسلاح من سوق تجارة السلاح لمواجهة تلك الأنظمة والعمل على إسقاطها، وأيضاً فإن هذه الثورات بعد انتصارها بحاجة إلى بناء القوة العسكرية لتحمي نفسها من الداخل والخارج، وذلك باستيراد الأسلحة، وهي من دون شك ستكون بمليارات الدولارات. وقد بدا ذلك واضحاً في ليبيا مع بداية تجارة الأسلحة البريطانية، ثم من الدول الصناعية الأخرى لليبيا وغيرها، انظر التحقيق الشامل عن هذا الموضوع في مجلة التايمز (6)، أغسطس 2011. وتجارة السلاح وتهريبه عملية مستمرة، ولكنها تنشط وتنتعش أثناء الأزمات والثورات والحروب، وهناك أناس سعداء باستمرار مثل تلك الأزمات والحروب، يتمنون ألا تنتهي ويستخدمون كل الوسائل للترويج لهذا النوع من التجارة.
http://arabic-media.com/newspapers/kuwait/alqabas.htm
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس