عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-02, 09:53 AM   #20
الزامكي
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-10
المشاركات: 2,807
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عهد الشعيبي مشاهدة المشاركة
تحية من القلب للجميع وللوطن ولمشاعل الحرية والإستقلال على الارض الجنوبية الثائرة..
طلبي بسيط ولكن لامر مهم ,, الطلب هو المساعدة في تجميع مقالات وكتابات
وتصريحات وحوارات المناضل الدكتور محمد حيدرة مسدوس تحت هذا العنوان ..
قدر الامكان كاملة منذو سنوات ما بعد الإحتلال وحتى اليوم ..

أرجو التفاعل مع كامل تقديري وتشكراتي
__________________________
الاخ ابو عهد صباح الخير.......رسالة مسدوس لرئيس اليمني عند عوته لليمن من عمان عام 1995 ميلادية ركزوا على ما جاء فيها في ضروف غاية بالصعوبة...
شاكر لهذه الفتة الطيبة منكم و اتمنى من الشباب بان ينصفون التاريخ كما ينبغي علينا بغض النظر عن الاختلاف في ما يطرحه الوالد مسدوس منذ فترة طويله و لكن التاريخ لا يعفينا من ذلك و للامانة العلمية و التاريخية بان هذا الرجل كانت لدية نظرة علمية ورؤية تختلف تماماً عن بقية القادة الجنوبيين و بسبب هذه النظرة حاول البعض فترة الحزب تشويهه بمدسوس في الحزب و حتى بعد الحرب و احتلال الجنوب لم يسلم منهم و لكن أثبتت الايام عكس ما كانوا يفكرون به و في مقر عملي التقيت رجل و خبير روسي و كان استاذاً للمكتب السياسي ووصفه لي وصف يصعب عليه قوله لكم عبر العام و انا هنا اتحدث معكم من زاوية اخر و ليست لها علاقة او ارتباط بعلاقتي العائلية بهذا الرجل و لكن انطلقت من قناعات الاستاذ الروسي الذي كان يدرسهم الماركسية في القصر الجمهورية بعدن فترة حكم الحزب للجنوب و قال لي كلاماً كبيراً عنه على كل حال اخي ابو عهد بامكانك تعود لموقع الحوار فترة اصلاح مسار الوحدة و ستجد بعض كتاباته و من يرغب يعرف الخال علية يعود لجريدة بريد الجنوب التي كانت تصدر من الخارج و ستجدون ما ترغبون و المهمة تقع على الدكتور رفيق للبحث عنها و من يهتم باطروحات مسدوس و بافكارة و اليك نص رسالته لرئيس علي صالح عند عوته لليمن من عمان عام 1995.
عنوانها:الحرب ألغت الوحدة السياسية بين سكان شطري اليمن وأدت الى احتلال, للشمال للجنوب بالقوة والغت الوحدة الطوعية بين البلدين
تكشف الوثيقة الهامة التي ننشرها هنا بنصها الكامل(( لابد أن ندرك جيدا تاريخ إرسالها و ماهو اليوم حاصل على الواقع)).الوثيقة تكشف عن جملة من الأخطار التي خلفتها الوحدة على سكان الجنوب بسبب السيطرة الشمالية بقوة الحرب على المقدرات السياسية والأقتصادية وضم دولة الجنوب وإلغاء تاريخها و ابعاد أبنائها . وتطرح الوثيقة جملة هامة من العناوين حول اختلاف نظرة و تصورالجنوبيين للوحدة عن تصور الشماليين لها. و اول قضية هامة وأساسية في هذا الميدان أن الوحدة حصلت بين شطرين (بلدين معترف بهما في العالم) ولم تحصل بين حزبين(الاشتراكي والمؤتمر) وبالتالي فانه يترتب على ذلك منظومة من الضوابط المختلفة كليا عن تلك التي سادت بعد نهاية المرحلة الانتقالية في ابريل 1993 , واستمرات بعد الحرب.ذلك أن الهدف الأساسي من المرحلة الانتقالية لم يتحقق و هو دمج الدولتين و بدلا من البحث في الاسباب فان الشماليين لجئوا الى خيار الحرب و القوة المسلحة لفرض تصورهم للوحدة وبالتالي كان ضم الجنوب.. هذه الوثيقة-الرسالة موجهة من شخصية جنوبية بارزة و كانت في بداية 1995 عند عودتة لصنعاء و هم في احلى اعراسهم بالنصر, انه القيادي البارز في الجنوب و نائب رئيس الوزراء لدولة الوحدة د.مسدوس, وهنا يكشف في رسالتة التي بعثها لرئيس صالح عند عودتة مباشرة من داخل صنعاء , بعد سلسلة من المشاورات و القاءاتة مع رسل العقيد صالح قبل العودة و الضمانات التي طرحت و جرى التخلي عنها و فيما يلي نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الفريق علي عبدالله صالح المحترم
رئيس الجمهورية تحية وبعد
اكتب اليكم هذه الرسالة وأوجزها على النحو التالي:
1- بعد كل ماحصل كنت اعتقد بأن في حكمة يمانية يمكن أن تحصل و تحافظ على الوحدة السياسية بين الشطرين و تحول دون تحويلها الى وحدة ضم و إلحاق كتحصيل حاصل لنتائج الحرب. وبسبب هذا الاعتقاد دفعت الى عودة جميع العسكريين من سلطنة عمان وأرسلت عدة نقاط مع العقيد سالم علي قطن كانت في تقديري تشكل الأساس للخروج من الأزمة و إخراج الوحدة اليمنية الى بر الأمان الدائم و قد عرفت من العقيد سالم علي قطن بعد عودته إلى صنعاء و من د.علي حسن الأحمدي عبر الهاتف بأن تلك النقاط مقبولة و على أساس ذلك أعددت وثيقة وأحضرتها عند عودتي كانت في تقديري تشكل المخرج من الأزمة و أخراج الوحدة اليمنية إلى بر الأمان و لكني للأسف بعد عودتي قد وجدت عكس هذه الحكمة عند الجميع فنحن لدينا قضية و طنية و ليست قضية ذاتية ولو كانت المسألة ذاتية لكنت قد بقيت في صنعاء أثناء الأزمة والحرب وأنا في أعلى منصب حكومي بين الجنوبيين المتواجدين في صنعاء و من المقربين من رئيس الدولة(منكم)وكذلك كنت اعرف جيدا بأن موازين القوى العسكرية لصالح صنعاء بالكامل اذا ما اتجهت الأزمة نحو الحرب وكنت ادرك بأن الحرب هي تدمير للوحدة السياسية بين سكان الشطرين و هذا ما كنت اعمل من أجل تجنبه .أما النقاط المرسلة مع العقيد سالم علي قطن فقد كان اهمها التالي:أ- إلى أي مدى يمكن تأمين مستقبل سكان الشطرين دستوريا في الوحدة كحل موضوعي للأزمة؟
ب-إلى أي مدى يمكن للرئيس ان يدرك خطورة نتائج الحرب على الوحدة السياسية بين الشطرين؟
2-إن من يدعي السياسة لابد وأن تكون لدية قضية وهذه القضية ليست القضية الذاتية وإنما هي قضية الناس الذين يمثل مصالحهم المادية و المعنوية أسوة باخوانهم الأخرين في الوطن. أما اذا كان الامر على خلاف ذلك فانه لايجوز لأحد ان يدعي السياسة لأن ذلك كذب على الناس و خداع للنفس.فكم تكون السياسة قذرة عندما تعتمد المغالطة الوطنية او عندما تكون من دون قضية حيث أن بعض المسؤولين في السلطة لازالوا متأثرين بكتاب(الأمير) الذي كان يعتمد المغالطة الوطنية في القرون الوسطى ولا يدركون بأننا اليوم على أبواب القرن الواحد والعشرين الذي تغيرت فية وظيفة السياسة من القدرة على إخفاء الحقيقة الى القدرة على كشفها و تقديمها للناس,حيث أخذت السياسة اليوم طابعا علميا بدلا عن طابعها الذاتي القديم القائم على المكر و الخديعة, وأصبحت تسير بشكل حتمي نحو الحقيقة.ولذلك فأننا نتمنى للسلطة ان تدرك مسبقا نتائج ماتفعلة حيث أن الناس يقعون في الخطأ ليس لأنهم يريدون أن يكونوا خاطئين وإنما فقط لأنهم لم يدركون مسبقا نتائج أفعالهم.
3-إنه اذا كانت الوحدة الايطالية و الوحدة الألمانية والوحدة الأمريكية قد تمت بالقوة فان هذه الوحدات قد كانت استجابة لتطور الإنتاج الوطني و ضرورة موضوعية لوحدة السوق الوطنية من أجل استيعاب فائض الانتاج الوطني ,ثم ان هذه الوحدات وغيرها من الوحدات التي تمت بالقوة العسكرية قد تمت في عصر القوة العسكرية و نظام الدكتاتوريات , وليس في عصر القوة الاقتصادية و نظام الديمقراطيات وحقوق الإنسان , حيث ان عصر القوة العسكرية قد كان ما قبل ظهور أي مرجعية دولية تحتكم اليها الشعوب غير القوة . فقد كان ذلك العصر ماقبل ظهور الأمم المتحدة و ما قبل تشابك العالم اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا الى درجة العضوية . هو عصر جديد ينفي عصر القوة العسكرية و بديل له بالضرورة , وبالتالي لايمكن تركيب زمن العصور الوسطى على العصر الجديد.
4-إن جميع الوحدات التي تمت بالقوة المشار اليها اعلاه بما فيها ,انظمام ألمانيا الشرقية الى الغربية الأخير لم تقم عبر حوار وحدوي كما حصل في اليمن , ولم تقم عبر دستور جديد وتسمية جديدة لدولة الوحدة وعلم جديد ونشيد وطني جديد وعملة جديدة , وعبر اتفاق على دمج دولتين في دولة واحدة كما حصل في اليمن قبل الأزمة و الحرب , ومع كل ذلك فان هذه الوحدات المشار إليها أعلاه قد أصبحت قائمة على آلية الفدرالية, حيث عرف التاريخ نوعين من آلية الدولة , هما الآلية المركزية و الآلية الفدرالية.
5-إن مفهوم الوحدة اليمنية لايعني وحدة الأرض الجغرافية, لأن مثل هذه الوحدة الجغرافية موجود منذ أن خلقها الله و ستبقى الى ماشاء الله, وإنما يعني الوحدة السياسية بين السكان المالكين لهذه الأرض . والوحدة السياسية للسكان المالكين لهذه الارض مرهون بوحدة وتوازن مصالحهم المادية والمعنوية, فأن الحرب الأخيرة قد دمرت وألغت مثل هذه المصالح , وبالتالي فانها بذلك ألغت الوحدة السياسية بين سكان الشطرين , ولهذا فانه لابد من الاعتراف بهذه الحقيقة والعمل على معالجتها في اطار الوحدة اليمنية وليس من خلال الضم والالحاق.
6- إن يوم 22 مايو 1990 هو يوم تدشين قيام الوحدة و ليس يوم قيامها ,حيث أن قيام الوحدة من الناحية العملية هو وظيفة الفترة الانتقالية و مبرر وجودها و وقد سميت بالفترة الانتقالية لأنها تعني الانتقال من دولتي الشطرين الى دولة الوحدة وكان يفترض أ يكون يوم نهاية الفترة الانتقالية هو يوم استكمال قيام الوحدة, ولكن ذلك لم يحصل للأسف فقد ظل الجيش جيشين و الامن أمنين و الشرطة شرطتين و كل وزارة وزارتين و القضاء قضاء ين والمناهج الدراسية منهجين و العملة عملتين و الاقتصاد اقتصاديين و الإدارة إدارتين....الخ وظلت كافة أجهزة و مؤسسات الدولتين وكافة المنظمات الجماهيرية والاجتماعية وغيرها مشطره ولكون كل شي خلال الفترةالانتقالية لم يتوحد غيرالعلم والنشيد والتمثيل الخارجي الذي أعلن يوم تدشين قيام الوحدة فانة قد كان على الجميع أن يطالب بتوحيد أجهزة و مؤسسات الدولتين قبل المطالبة بالانتخابات ولكن ذلك لم يحصل للأسف ايضا,فهذه هي الحقيقة بعينها , ومن يخالفني هذه الحقيقة علية يقول لماذا جاءت الفترة الانتقالية وما هي وظيفتها و ماذا تم فيها؟ فالوحدة من الناحية القانونية يمكن اعتبارها قامت, ولكنها من الناحية العملية لم تقم بعد.
7-إن ادخال الشعب في الانتخابات في ظل و جود دولتين بلباس دولة واحدة و في المقدمة وجود جيش دولة الشمال و جيش دولة الجنوب قد كان خاليا من العقل و خاليا من المسؤولية الوطنية بالنسبة لاصحاب السلطة و بالنسبة لاصحاب المعارضة و مع ان النتيجة في الانتخابات جاءت شطرية رغم وجود المسؤولين في المحافظات الجنوبية من المحافظات الشمالية, الا أن هذه النتيجة لم تلفت انتباه أي من القوى السياسية لكون غاية الجميع في السلطة هي السلطة وليس غيرها.
8-إن هذه الغاية زائد إصرار الحزب الاشتراكي على تحزيب الوحدة السياسية بين الشطرين ممثلين بدولتين , زائد المؤتمرات القبلية و الاحداث الامنية التي حدثت أثناء الفترة الانتقالية وغيرها , قد شكلت جميعها العوامل الذاتية الى جانب العوامل الموضوعية لاجهاض اندماج الدولتين في دولة الوحدة خلال الفترة الانتقالية .
9-إنه بسبب تعثر اندماج الدولتين في دولة واحدة خلال الفترة الانتقالية وأدت الى كارثة الحرب و إعلان الانفصال , ولكونه لم يتم توحيد الدولتين في دولة واحدة فقد ظلت أجهزة و مؤسسات الدولتين قائمة حتى جاءت الحرب وأدت الى حل أجهزة ومؤسسات دولة الجنوب السابقة بالقوة وتحويل الوحدة السياسية بين الشطرين الى ضم الجنوب الى الشمال كتحصيل حاصل لنتائج الحرب.
10-لكون الحزب الاشتراكي قد أعطى الوحدة طابعا حزبيا و قد حزب الأزمة أيضا فانه جعل عامة الناس و بعض القوى السياسية في الداخل والخارج تعتقد أن الأزمة ليس أزمة الوحدة ولذلك فقد كانت دوافع الحرب مختلفة ,فالبعض قد خاضها ضد الحزب الاشتراكي و قياداته لتصفية حسابات سابقة و البعض قد خاضها من أجل السيطرة على الجنوب ولكنة اتضح للجميع ألان بأن الأزمة أزمة الوحدة وأن الحرب قد أدت الى ضم الجنوب الى الشمال كتحصيل حاصل لنتائج الحرب و هذه هي مشكلة السلطة مع الواقع و مع العالم بالتأكيد.
11-إن جميع القوى السياسية اليمنية بسبب طابعها الشطري لا تنظر ولا ترى المشكلة مع الواقع و مع العالم هي مشكلة ضم الجنوب الى الشمال كتحصيل حاصل لنتائج الحرب بدلا عن الوحدة السياسية بينهما , وإنما فقط تنظر الى السلطة و الديمقراطية على حد قولها , وهي لا تدرك بأن بنا سلطة الدولة مرهون بالوحدة السياسية بين الشطرين وبأن الديمقراطية السياسية التي تطالب بها مرهونة ببناء سلطة دولة الوحدة , وتحويل المجتمع اليمني الى المدنية حتى لاتكون هذه الديمقراطية التي تطالب بها مثل ديمقراطية الصومال ورواندا وببوروندي.
12-إن القوى السياسية اليمنية بسبب طابعها الشطري قد اصبحت جميعها تعمل ضد الوحدة اليمنية بدون إدراك, وذلك من خلال تجاهلها لطبيعة المشكلة مع الواقع ومع العالم . فهي بسبب طابعها الشطري والمناطقي لا تنظر إلا لذاتها و لا تتاثر إلا بسكان مناطقها و لكونها جميعا تقريبا من المناطق الشمالية فقد أصبح مستقبل سكان الجنوب لدى هذه القوى على هامش إصلاح واقع سكان الشمال وهذا المدمر لمستقبل الوحدة اليمنية بكل تأكيد.
13-إنني على يقين بأن هنا بعض القوى الدولية والإقليمية المعادية للوحدة اليمنية تزين الأمور للسلطة وتوهمها بان الحرب قد حسمت الأمور ولم يبقى سوى الاستمرار على تثبيت نتائج الحرب وذلك من أجل أن تصبح الوحدة بالقوة , وبالتالي يصبح ذلك أساس لأي حركة انفصالية قادمة وضياع الوحدة , كما ان هناك بعض القوى الدولية تدرك الطابع الشطري للقوى السياسية و تعمل على إشغالها بموضة الديمقراطية بدلا عن النظر الى إصلاح الوحدة السياسية بين الشطرين للهدف ذاته .حيث أن سكان الجنوب قد أصبحوا الآن يكفرون بالوحدة , وهذا ما يوفر الظروف لميلاد حركة انفصالية وبالتالي حتى وان كانت هناك إمكانية لقمعها فإنها ستشكل بداية لمشكلة مستعصية في مستقبل اليمن بكل تأكيد.
14-إننا لابد أن ندرك بأن الحركة الوطنية في الجنوب التي سحقت وسرق تأريخها و هي جعلت سكان الجنوب يعترفون بأن الجنوب هو الجنوب اليمني و ليس الجنوب العربي , كما كان يطلق علية في عهد الاستعمار و في عهد دولة الجنوب العربي , وهي التي خلقت لديهم القناعة بالوحدة السياسية بين الشطرين , وبالتالي لا بد أن ندرك بأن ما يجري منذ أنتها الحرب يقنع سكان الجنوب بصواب ما كانوا يعتقدون و ليس بصواب ما جاءت بيه الحركة الوطنية اليمنية لهم, حيث أصبحوا يحسون وكأنهم في غابة وحوش وسائرون الى مصير مجهول – فهل السلطة تعرف ذلك ؟؟؟و هل القوى السياسية اليمنية جميعها تدرك بأن ردود الفعل لدى سكان الجنوب تختلف من حيث المبدأ عن ردود الفعل لدى سكان الشمال ؟؟؟ لقد مضى على نهاية الحرب عام ونصف و لأزل البعض يعيش حالة نشوة نصر لكنة مع الأيام سيتلاشى بتدريج و كما سبق وأن، قلت اعلاة بأن سكان الجنوب سيكفرون بالوحدة و هذا سيوفر ظروف لميلاد حركات تحررية في المستقبل.
15-إن العالم بأسرة يعرف بأن ردود الفعل لدى سكان الجنوب تحمل طابعا سياسيا يتعلق بالوحدة السياسية بين الشطرين. أما ردود الفعل لدى سكان الشمال فتحمل طابعا اجتماعيا يتعلق بإصلاح الحكام و استبدالهم.فهل السلطة تدرك ذلك؟؟وهل السلطة وجميع القوى السياسية اليمنية تدرك بأن هناك فارقا مبدئيا كبيرا بين مفهوم الوحدة اليمنية و بين مفهوم الوحدة الوطنية؟؟
16-إن جميع القوى السياسية اليمنية بسبب طابعها الشطري تعتقد بأن الوحدة السياسية بين الشطرين هي:إذابة كيان في كيان على طريقة القرون الوسطى ,وهي لذلك تحاول أن تجعل مفهوم الوحدة اليمنية و مفهوم الوحدة الوطنية واحدا , وأن الحل هو في إسقاط السلطة أو استبدالها بالتدريج.
17-إن الوحدة اليمنية تعني الوحدة السياسية بين الشطرين , أما الوحدة الوطنية فتعني الوحدة الاجتماعية لسكان الوحدات الإدارية ,وبالتالي فان كانت القوى السياسية اليمنية تدرك ذلك و تتجاهلة ,فانها كما أسلفنا قوى شطرية و ليست وحدوية , وإن كانت لاتدرك ذلك فانها لاتفهم السياسة, وبالتالي حرام ان تقدم نفسها الى ,الشعب بأنها قواة السياسية.
18-أذا كان تاريخ المملكة المتوكلية و تاريخ الجمهورية العربية اليمنية من بعدها يبين بأن هناك مراعاة ثابتة لبعض مناطق جنوب الشطر الشمالي سابقا في السلطة والثروة بسبب كثافتها السكانية و بسبب بعض الحساسيات المذهبية للحفاظ على الوحدة الوطنية , و مساحتها الجغرافية لا تتجاوز كثيرا مرمى المدفع,و لم تكن دولة ولم تدخل في حوار مع صنعاء من اجل الوحدة ,و لا زال سكانها يعتقدون بأنهم مظلومون, فكيف يمكن أن يتم تجاهل تأمين مستقبل سكان الجنوب في السلطة و الثروة الذين كانوا دولة و لديهم ثلاثة أرباع الأرض و الثروة ودخلوا في وحدة سياسية مع سكان الشمال؟ ثم كيف يمكن أن تكون هناك مراعاة للحفاظ على الوحدة الوطنية,ولا تكون هناك مراعاة للحفاظ على الوحدة اليمنية,التي هي كما أسلفنا تعني الوحدة السياسية بين الشطرين؟مع العلم بأن بريطانيا وهي نظام استعماري قد منحت السلاطين والشائخ الجنوب حكم مناطقهم.
19-إننا نؤمن إيمانا عميقا بالوحدة بين الشطرين,وقد ناضلنا من أجلها منذ عهد الاستعمار البريطاني الذي رفضنا فيه واقع التشطير, ولكن ما نلاحظه الآن هو ضم و إلحاق وليس وحدة سياسية بين شطرين كانا دولتين.وهنا فارق مبدئي كبير بين الوحدة السياسية و بين الضم والالحاق, . فالوحدة السياسية ليست أبدا إذابة كيان في كيان, وإنما هي تعني بالضبط وعلى وجه التحديد إيجاد كيان جديد يضم الكيانين على قاعدة تأمين مستقبل سكان الشطرين دستوريا في الوحدة.أما إذابة كيان في كيان فتعني ضم الجنوب إلى الشمال, وبالتالي ضياع مستقبل سكان الجنوب في السلطة بسبب قلة, عددهم , وضياع مستقبلهم في الثروة بسبب أثار النظام السابق في الجنوب الذي أمم الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و حرم ظهورها بين سكان الجنوب و حول ثروة الشعب إلى ملكية الدولة و حول سكان الجنوب إلى فقراء يعيشون فقط على مرتباتهم من قبل الدولة,في حين أن النظام في الشمال كان على عكس ذلك تماما بما في ذلك ملكية القبيلة و حدودها.
20-أن تحويل الملكية الخاصة الى ملكية الدولة و تحريم ظهورها بين سكان الجنوب سابقا , وتحويل سكان الجنوب الى موظفين مع الدولة , هو الذي جعل الموظفين في الجنوب اكثر من الموظفين في الشمال.ولهذا على أساس ما سبق أعلاه فانه لا بد من الادراك بأنه كلما تركزت السلطة و المال في الشمال و تركز الفقر في الجنوب و غيّب عن السلطة ,كلما أصبحت الوحدة اليمنية ضائعة و أصبحت في خطر بالضرورة.و من هذه الزاوية فانه من البديهي في اطار توزيع و تمليك أراضي الدولة العقارية و الزراعية .و في اطار نظام الخصخصة الجديد بأن يكون الجنوبيون أحق من غيرهم باعتبارها ثروتهم , وهذا مايجب على السلطة و على جميع الاحزاب السياسية ان تدركه . فنحن يمكن لنا وبكل سهولة أن نجامل السلطة و نصلح أمورنا الشخصية معها ,ولكن مثل ذلك هو على حساب مستقبل الوحدة و مستقبل الوطن و خداع للسلطة ذاتها , وعلى حساب الضمير الإنساني.
21-إن قضية الشمال والجنوب ليس ذات أهمية,فقط من وجهة نظر العلاقات الاشتراكية التي كانت تقتضي بأن يكون كل شيء للدولة , والدولة هي رأسمال الجميع. أما من وجهة نظر العلاقات الرأسمالية التي تخطتها اليمن الآن وفي المستقبل و التي تقتضي بأن يكون له حقه والدولة ليست مسئولة عن الجميع,فان مسألة الشمال والجنوب تصبح مسألة جوهرية في نظر سكان الجنوب و في نظر العالم,شأن الملكية الخاصة إلى حد كبير.وقد أصبح العالم وسكان الجنوب يدينوننا بضياع دولة الجنوب التي كانت رأسمالهم ونتحمل مسئولية ذلك تاريخياً و وانسانيين و اخلاقياً وستكون وصمت عار في جبين قيادات الجنوب على على مداء التاريخ الجنوبي.
22-إن السلطة لا زالت تصر على إن الوحدة قد عمدت بالدم.وهذا يعني بأن الوحدة قد أصبحت وحدة بالقوة, وبالتالي فأنها ليست الوحدة السياسية الطوعية التي أعلن عن قيامها في 22 مايو 1990 , وإنما هي وحدة 7 يوليو 1994 . ومن هنا فأن الحرب وإعلان الانفصال قد شكلا انقلابا على وحدة 22 مايو 1990 , وحولا الوحدة السياسية التي وعدنا بها سكان الشطرين إلى وحدة ضم كتحصيل حاصل لنتائج الحرب. صحيح بأن هناك آلاف الشهداء قد سقطوا في الحرب, ولكن هناك مقابل لهم أضعافهم, وجميعهم خسارة على الوطن من الجانبين.
23-إن البعض يعتقد بأن تكريس الضم وطمس أي هوية للجنوب بما في ذلك تاريخ الثورة وأرشيف الدولة التي كانت في الجنوب هو الذي يرسخ الوحدة اليمنية, ولكنهم لم يدركونا بأن مثل ذلك هو الذي يرسخ الهوية الجنوبية أكثر فأكثر في نفوس كل سكان الجنوب وكل أبناء الجنوب بدون استثناء مهما حاول البعض منهم أن يتكتم على ذلك.
24-إن ما يؤكد بأن الحرب و إعلان الانفصال قد شكلا انقلابا على وحدة 22 مايو 1990 , هو ما قيل أمام الشيخ أحمد بن جلال ألعبيدي من أن وثيقة العهد والاتفاق قد أغلقت الأبواب أمام الرئيس ولم يبقى سبيل غير الحرب, وأنه لا بد من تدمير الوحدات الجنوبية المتواجدة في المناطق الشمالية ونقل المعركة إلى الجنوب.أما الاجتماع السري الخاص الذي عقد في صنعاء بعد التوقيع على وثيقة العهد و الاتفاق في الأردن, فقد توصل إلى خلاصة مفادها بأن الرئيس قد أدخل نفسه و أدخل الجميع معه في كارثتين هما:::قبوله بمساواة الفرع (الجنوب)بالأصل(الشمال) , وقبوله بوثيقة العهد والاتفاق, وانه قد أصبح لا يوجد أي سبيل غير استخدام القوة لإسقاطهما, وهذا الذي حصل بالفعل . و في تقديري بأن ذلك يمكن أن يكون مبررا من وجهة نظر العلاقة مع الحزب الاشتراكي اليمني , ولكنه من وجهة نظر الوحدة السياسية بين الشطرين قد كان عبثا كبيرا بهذه الوحدة, خاصة وأن الأصل قد أصبح اليوم في الثروة و في التطور, وما عداهما هو الفرع في كل بلدان العالم.
25-إن أي وحدة بين دولتين عضوين في الأمم المتحدة و, حتى وإن كانتا في شعب واحد,فان هذه الوحدة في ظروف الأمم المتحدة و في ظروف الديمقراطية الدولية وحقوق الإنسان, وفي عصر القوة الاقتصادية وتشابك العالم اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا الى درجة العضوية ...الخ لا يمكن أبدا أن يكتب لها النجاح و لا يمكن أن يكتب لها الاستمرار و البقاء الدائم و الثابت إلا في ظل آلية غير آلية الضم, وذلك بسبب أن ضم الأقل إلى الأكثر بالقوة العسكرية و نظام الديكتاتوريات,ولذلك فان الشعار المطلوب رفعه من قبل جميع الوحدويين اليمنيين في الشمال والجنوب هو ((لا للضم و لا للانفصال, نعم للوحدة بين الشطرين)).
26- إن العيب الشرعي و الجوهري الأول والأساسي للوضع القائم هو تحويل الوحدة بين الشطرين من وحدة سياسية طوعية الى وحدة ضم بالقوة كنتيجة للحرب. و هذا هو الذي خلق المشكلة مع الواقع ومع العالم بكل تأكيد.أما العيب الثاني للوضع القائم فليس في الفساد كما يشاع ,وإنما في إشاعة الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية قبل أوانها لأنها لا تسمح للحاكم بالمحاسبة, حيث أن الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية ملازمة للطبقات و المجتمع الطبقي فقط.فلا يجوز أن تكون اليمن حقل تجارب للديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية قبل أوانها .فأبجدية الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية تبدأ بإزالة السلاح الناري من المجتمع و تنظيم حملة , فلم يحصل و لا يمكن أن يحصل إدخال أي مجتمع مسلح في الديمقراطية السياسية والتعددية الحزبية قبل إزالة السلاح الناري بالضرورة.
27-إن التكوينات القبلية و المناطقية و المذهبية و الشطرية في أي مجتمع لا ينفيها حتما غير التكوينات الطبقية فقط, وطالما أن التكوينات الطبقية لم تظهر بعد في ا��مجتمع اليمني ,فان الوعي في هذا المجتمع لا يمكن بالضرورة ان يكون وعيا وحدويا ,وإنما هو لا زال محكوما الى حد كبير بالوعي القبلي و المناطقي والمذهبي و الشطري ,ولا يمكن أن يكون على غير ذلك , ولهذا فان أي أحزاب سياسية تظهر على مثل هذا الواقع لا يمكن أن توجد لها أساس اجتماعي غير هذه التكوينات ,ولا يمكن لها بالضرورة إلا أن تمثل مصالح هذه التكوينات بصرف النظر عن نواياها , وبالتالي فان الخروج من الأزمة و إخراج الوحدة اليمنية الى بر الأمان الدائم لا يمكن أن يكون عبر الأحزاب والحزبية و أنما عبرالحلول الوطنية التي تؤمن المصالح المادية و المعنوية لسكان الشطرين بالضرورة.
28-إن الوحدة بين الشطرين قد حملت أمراضها معها عندما تحزبت وأعطي لها طابع حزبي بدلا عن طابعها الموضوعي كوحدة سياسية بين الشطرين ممثلين بدولتين عضوين في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية , وحملت أمراضها معها عندما اشترطت الوحدة بالديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية قبل أوانها.
29-إن الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية في أي مجتمع قبلي و مناطقي و مذهبي و شطري مثل اليمن , لا بد وأن تتقاطع مع ديمقراطية القبيلة العفوية و تحولها الى فوضى تمنع قيام سلطة الدولة , وتعرقل قيام الوحدة ,وتجهض قيام الديمقراطية السياسية ذاتها . فلو نظرنا بمسؤولية وطنية الى واقع الشطر الشمالي سابقا, فأننا سوف نجد بأن سكان شماله , هم قبائل و يعتمدون على القبيلة في السلطة . أما سكان جنوبه(المناطق الوسطى) فهم شبه مدنيين و يعتمدون على الحزبية المناطقية للوصول الى السلطة و الانتقام من القبيلة .و بالنسبة للجنوب سابقا فقد وصل بكامل مناطقة الى المدنية و شبة مدنية , ولكن قواة السياسية قد صفيت وأصبح بدون قوى سياسية فاعلة ,بدءاً بالحرب الاهلية التي فازت بها الجبهة القومية أثناء الاستقلال الوطني في الجنوب وسحقت فيها بقية الحركة الوطنية هناك , ومرورا بأحداث الرئيس قحطان الشعبي و أحداث الرئيس سالمين و أحداث الرئيس علي ناصر محمد , وانتهاء بالأزمة الأخيرة التي أدت الى كارثة الحرب و إعلان الانفصال , وحاليا تجري المحاولة لسد الفراغ بالقبيلة وبالأحزاب الدينية معا..وهناك العديد من القبائل و السكان يقولون انه مادام الحكم في اليمن قبليا فانه من الأفضل و من الأشرف لنا بأن يحكمنا سلاطين الجنوب وليس قبائل الشمال.
30-لقد برهنت الحياة بأن الحزبية ملازمة للطبقات و المجتمع الطبقي فقط , وهذا يعني بأن المجتمع اليمني لا زال ما قبل الحزبية في الحياة السياسية,لكونه لا زال في مراحل ماقبل ظهور الطبقات في سلم التطور الاجتماعي.و في تقدير بأن ظاهرة المنظمات الخيرية الأخيرة هي دليل على ذلك , ودليل على أن وظيفة الأحزاب الطبقية و الاجتماعية لم تظهر بعد, و بالتالي فان محاولة حل التناقضات القبلية و المناطقية و المذهبية و الشطرية عبر الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية هي بمثابة صب الزيت على النار, ولذلك بسبب ان القبيلة الأكبر و المنطقة الأكثر و المذهب الأكثر و الشطر الأكبر , سيحكم الأقل كل في مستواه,على هذه القاعدة, وليس على القاعدة الطبقية و الاجتماعية التي تقتضيها قواعد الديمقراطية السياسية.
31-إنه لاشك بأن الديمقراطية السياسية تقتضي خضوع الأقلية لحكم و قرار الأغلبية ذات طابع طبقي واجتماعي , وليس ذات طابع قبلي أو مناطقي أو مذهبي أو شطري كما هو حاصل في اليمن .ثم أن الأقلية و الأغلبية في التناقضات الطبقية و الاجتماعية متغيرة و غير ثابتة,على ضوء تغير الظروف و على ضوء السياسات التي تعالج هذه الظروف,حيث يمكن أن تتحول الأقلية بموجبها الى الأغلبية , وتتحول الأغلبية الى اقلية .أما في التناقضات القبلية و المناطقية و المذهبية و الشطرية فان الأقلية و الأغلبية ثابتة لا تتغير.فالديمقراطية السياسية جاءت كحل للتناقضات الطبقية والاجتماعية فيما يخص سلطة الدولة, وليس كحل للتناقضات القبلية و الشطرية و المناطقية و المذهبية بالضرورة.
32-لقد انتشر الوعي القبلي و انتشرت الحزبية المناطقية بعد اعلان الوحدة بصورة لم يسبق لها مثيل .حيث اصبح العرف القبلي يحل محل النظام والقانون في الجنوب , واصبح يترسخ اكثر فأكثر في الشمال ,فالقبيلة هي بطبيعتها انفصالية و العرف القبلي لا يوحد الشعوب,بالتالي لا يمكن له أن يوحد اليمن فمن يدعي القبيلة و يعتز بها لا يمكن له ان يكون وحدويا و لا يجوز له أن يدعي الوحدة اليمنية. أما التعددية الحزبية فهي لا تقل خطرا عن ذلك,لكون ظهور الأحزاب قبل ظهور الطبقات و المجتمع الطبقي يجعلها بالضرورة ذات طابع قبلي و مناطقي و مذهبي و شطري مهما حاول أصحاب النوايا الطيبة.
33-إنه لا يمكن أن يوحد اليمن غير آلية جديدة تقوم على أساس النظام والقانون , ولكن النظام والقانون يتطلبان سلطة دولة , وسلطة الدولة لا يمكن أن تقام إلا عبر وسائل الاكراه القانونية لردع و تربية المخالفين وليس عبر الديمقراطية السياسية بالضرورة ,حيث ان الحاكم لا يستطيع أن يمارس الإكراه((حتى وان كان هذا الإكراه قانونيا))لردع وتربية المخالفين و بناء سلطة الدولة وإخضاع مراكز القوى لسلطة الدولة , إلا خارج الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية.و ذلك بسبب أن الفاسدين و المافيا و مراكز القوى و عددهم غير قليل سينحازون في الانتخابات لصالح خصوم الحاكم من أجل إسقاطه و الانتقام منه,ناهيك عن المخالفين بدون وعي الذين لا يمكن أن يكونوا مع الحاكم في الانتخابات وإنما سيكونون مع خصومة, و هؤلاء بالتأكيد ستكون نسبتهم عالية لغياب الوعي القانوني لديهم , و عدم تعود المجتمع على النظام والقانون الذي لم يأت بعد. وهكذا سيجد الحاكم نفسه مضطرا الى ترك الأمور فالتة من أجل سلامة شعبيته للبقاء في الحكم ,فالديمقراطية السياسية القائمة على التعددية الحزبية و التبادل السلمي لإدارة سلطة الدولة هي ملازمة للطبقات و المجتمع الطبقي , وهي عبارة عن أسلوب لإدارة سلطة الدولة وليس أسلوبا لبناء سلطة الدولة بالضرورة.
34-إننا حتى اذا ما افترضنا بأن الديمقراطية السياسية القائمة على التعددية الحزبية و التبادل السلمي للسلطة صالحة في كل مكان و زمان فان صعود أي من أحزاب المعارضة الى السلطة عبر الانتخابات في أي بلد من البلدان المتخلفة مثل اليمن سوف يجد نفسه بالتأكيد عاجزاً عن أن يفعل شيئا,لكون أدوات التنفيذ موالية للحكام المهزومين في الانتخابات و ليس موالية بعد للقانون, حيث ان مسؤولي الجيش و الأجهزة الأمنية و أجهزة الشرطة وغير ذلك هم عادة من مناطق الحكام المهزومين في الانتخابات ومن أصحابهم و من أصدقائهم و من أصحاب المصالح المشتركة معهم....الخ وهذا هو ما يؤكد بأن الديمقراطية السياسية القائمة على التعددية الحزبية و التبادل السلمي لإدارة سلطة الدولة , هي نتاج للمدنية و للوعي القانوني و ليست المدنية و الوعي القانوني نتاج لها كما ترى ذلك الحركة السياسية اليمنية.فالمجتمع الطبقي هو الذي يخلق التعددية الحزبية وليست هي التي تخلقه بالضرورة.
35- إن من يخالفني هذه الحقائق الواردة أعلاه علية أن يدحضها بالحجة و ليس بالرفض.فانا متأكد تماما بأن كل هذه المسائل الواردة أعلاه هي مسائل موضوعية وليست ذاتية وهي لذلك مسائل حتمية لا مفر منها مهما قاومها الناس بقوة الإرادة. صحيح أن موازين القوى الذاتية و قوة إرادة الحكام تكبح فعل الحتميات و تمنعها لفترة من الزمن, ولكنها لا يمكن مطلقا أن تلغيها, ولهذا فأنه لا بد من ترك الشطارة السياسية تجاه أزمة الوحدة اليمنية , وتجاه مسألة الديمقراطية السياسية و التبادل السلمي للسلطة و لابد من العودة الى الحكمة و أمانة الضمير في الوطن كله,حيث أن الشطارة السياسية في الإطار الوطني لا تجوز من حيث المبدأ إلا في المجتمع الطبقي فقط أما في المجتمع القبلي و المناطقي و الشطري ...الخ مثل اليمن ,فان مثل هذه الشطارة السياسية ستكون لصالح طبقات و فئات اجتماعية على حساب طبقات و فئات اجتماعية أخرى. لأن مثل هذه الطبقات و الفئات الاجتماعية لم تظهر بعد, وبالتالي فان هذه الشطارة في أخر المطاف ستكون لصالح الغير بالضرورة, وذلك بسبب تشابك العالم الى درجة العضوية.
36-أن ترك الشطارة السياسية بعدم السير نحو الانتخابات قبل معالجة أزمة اليمن, حيث ان السير نحو الانتخابات بدون معالجة أزمة الوحدة هي السير نحو الخطأ بكل تأكيد .كما أن ترك الشطارة السياسية يتجسد أيضا في التخلي عن الاعتقاد بأن القوى السياسية التي كانت تقود دولة الجنوب السابقة قد انتهت, وبالتالي فان الحرب قد حسمت الأمور ولم يبقى غير تثبيت الأمر الواقع,فلا بد من الإدراك بأن من حمل قضية و عبر عنها سياسيا سوف يكسب أصحاب هذه القضية, وسوف يصبح هو صاحب التأثير و الثقل فيهم مهما كانت محدودية تأثيره و ضعفه ,ومهما كانت قوة وإرادة غيره.
فالمسائل كما أسلفنا حتمية لا مفر منها مهما قاومها الناس بقوة الإرادة , ولهذا فان الحل الوحيد الذي لا غيرة لتأمين مستقبل الوحدة اليمنية و إخراجها الى بر الأمان, وبناء سلطة الدولة التي يجب أن تكون سلطة النظام و القانون هو فقط في التالي:::
أولا:تأمين الوحدة اليمنية دستوريا من الضم والالحاق , الذي جاء كتحصيل حاصل لنتائج الحرب ,وتأمين مستقبل سكان الجنوب دستوريا في السلطة و الثروة , اذا كانت الوحدة في نظر السلطة هي وحدة بالقناعة و ليس بالقهر , وهذا هو الامتحان الحقيقي للسلطة و المعارضة تجاة الوحدة اليمنية بالفعل لا بالكلام, وتأمين الوحدة دستوريا من خطر الانفصال الذي قد يحدث في المستقبل بكل تأكيد.
ثانيا:تعليق الديمقراطية السياسية و التعددية الحزبية لمدة عشر سنوات باستثناء الصحف غير الحزبية و باستثناء حق الإضراب و التظاهر و حق تكوين المنظمات الجماهيرية و الاجتماعية , وذلك حتى يتم بناء سلطة الدولة وفرضها على كامل تراب اليمن , وعلى الحاكم و المحكوم.
37-إن هذه الورقة تحتوي على مضمون الوثيقة المشار اليها أعلاه و التي احضرتها عند عودتي , وهي تتطابق مع محضر لقائنا في سلطنة عمان مع الوفد الذي جاء من صنعاء الى مسقط بعد الحرب مباشرة برئاسة عبد العزيز عبد الغني و عضوية كل من عبد الوهاب ألأنسي و علي محسن الأحمر و آخرين .ففي هذا اللقاء الذي لا زال محضرة مع سلطنة عمان كان الوفد الذي جاء من صنعاء متمسكا بمواصلة الحوار في الداخل بدلا عن الخارج و على ضوء ما اتفق عليه طلبنا تأخير العقيد سالم علي قطن الذي جاء ضمن الوفد من صنعاء من أجل ترتيب إعادة العسكريين تحت إشرافه, ومن أجل إعطائه النقاط المشار إليها أعلاه.
38- إن ما جاء اعلاة ليس فقط انه يتطابق مع محضر لقائنا في سلطنة عمان , وإنما هو تعبير عن قناعة جميع الجنوبيين في الداخل و الخارج بدون استثناء ولا يمكن بالضرورة أن تكون قناعاتهم خلاف لذلك حتى وان تكتموا على ذلك. فالقضية ليست قضية سلطة ومعارضة ,و إنما هي قضية وحدة سياسية بين شطرين كانا دولتين ,وبالتالي فان كل من تبقى من السياسيين الجنوبيين في الداخل او الخارج هم في الواقع ليسوا معارضة سياسية كما هو حال القوى السياسية الأخرى ,حيث أن لا يمكن موضوعيا و منطقيا أن تنطبق عليهم صفة المعارضة ,و ليس من مصلحة الوحدة السياسية بين الشطرين ان تنطبق عليهم صفة المعارضة السياسية ,فهم من الناحية الموضوعية و المنطقية اما ان يكونوا شركاء في الوحدة وأما ان يكونوا خارج السياسة فقط,فليس من المعقول لأي قيادة ان تقود دولة وتعلن توحيدها مع دولة أخرى حتى وان كانتا في شعب واحد ان تقوم بهذا العمل و من ثم تتحول هي الى معارضة لسلطة دولة الوحدة ,و كيف يمكن ان يحدث ذلك؟؟ وهذا هو الخطأ النظري الذي وقع فيه بعض منظري الحزب الاشتراكي اليمني و تمكنوا من جر الحزب اليه,و هكذا أجهضت الوحدة في معركة الحزب دون إدراك.
39-إن ما هو مطلوب موضوعيا و منطقيا , وما هو مطلوب وطنيا من السلطة ,هو أن تدرك بأن الوحدة اليمنية هي وحدة سياسية بين سكان الشمال و سكان الجنوب , وليست وحدة حزبية بين الحزب الاشتراكي اليمني و المؤتمر الشعبي العام ,أو بين شمال الشمال و جنوبه(المناطق الوسطى)كما يريدها البعض.
40- إن الهبوط بالوحدة اليمنية الى منزلة الوحدة الوطنية ,و اعتبار مشكلة سكان الجنوب الذين دخلوا في و حدة سياسية مع سكان الشمال هي نفس مشكلة المظلومين من سكان الشمال حسب منطق المعارضة هو أمر غير واقعي و غير منطقي و لايمكن أقناع سكان الجنوب بهذا المنطق,وهو منطق يهدف الى حصر المشكلة في الحكام من أجل الإطاحة بهم أو استبدالهم بالتدريج و هذا الحل الذي تراه المعارضة هو بمثابة علاج لغير المرض.
41- إن أكثرية سكان الجنوب كانوا متأثرين بالحزب الاشتراكي وموالين له , ولكن ذلك ليس حبا فيه, وإنما لأنهم كانوا يرون فية صورة الدولة التي كانت رأسمالهم ولكنهم حاليا يقولون بأن الحزب قد خانهم و قد تخلى عنهم و أصبح حزب المعارضة السابقة للنظام السابق في الشمال و ليس حزبهم, أما الأقلية من سكان الجنوب المعادين للحزب فقد صفوا حساباتهم معه أثناء الحرب وبعدها, وبالتالي فان الجنوبيين بصورة عامة يمكن لهم بعد الان أن يقبلوا بأي تصرف تجاه الحزب الاشتراكي, ولكنهم لن يقبلوا مثل ذلك تجاه الجنوب حتى و ان تكتموا على ذلك.
42- أن صنع القرار السياسي الخاص بشؤون الدولة و المجتمع من قبل الحزب الاشتراكي قد انتهى تماما مع إعلان قيام الوحدة بين الشطرين, والحزب من جانبه لم يهتم بذلك رغم انه هو الذي حزب الوحدة, وإنما ظل يهتم فقط بحياته الداخلية و علاقاته بالأحزاب الأخرى , وبالتسكين الوظيفي لاعضائه, وذلك بسبب أن أكثريته الساحقة أصبحت من المعارضة السابقة للنظام في الشمال ومع ظهور الأزمة الأخيرة التي أدت الى كارثة الحرب وإعلان الانفصال زج الحزب بكامل طاقته من اجل تحزيب الأزمة و نجح في ذلك تماما, و لكن مع قيام الحرب انتفت الحزبية من الأزمة وأخذت الحرب طابعها الموضوعي كحرب بين مؤسسات دولة الشمال السابقة و مؤسسات دولة الجنوب السابقة بعيدة كل البعد عن الحزبية, ولهذا فان الحرب وإعلان الانفصال ليس لهما علاقة بالحزبية, ولا داعي لتحزيبها, اذا كان أصحاب السلطة بالفعل دعاة وحدة دائمة و ثابتة بين الشطرين
43- إن الوحدة اليمنية ليست إذابة كيان في كيان و إنما هي وحدة سياسية بين كيانين أما إذابة كيان في كيان فهي ضم وإلحاق بالضرورة ولهذا إنني على يقين تام بأنه بعد كل ما حصل لا يوجد ولا يمكن ان يوجد أي حل لتأمين مستقبل الوحدة و إخراجها الى بر الأمان الدائم , و بناء سلطة النظام و القانون غير الحل الوارد أعلاه فقط حيث أنه بدون هذا الحل فأن البديل هو المزيد من الركود و عدم الاستقرار, وبالتالي تمزيق اليمن لا محالة. فالوضع القائم في نظر سكان الجنوب و في نظر العالم بالنسبة للوحدة اليمنية هو عبارة عن وحدة ضم بالقوة وليست و حدة سياسية بالقناعة بين شطرين كانا دولتين, وهي بشكلها الحالي غير مقبولة لدى العالم و لدى سكان الجنوب مهما كانت المجاملات الدولية للسلطة و مهما كانت حيلة وشطارة السلطة تجاه سكان الجنوب.
44- أن الأيام القادمة ستفرض بالضرورة اصطفافا جنوبيا من أجل إصلاح مسار الوحدة أو الدخول في مؤامرة مع المعارضة للإطاحة بالسلطة وبعد الإطاحة بالسلطة الله أعلم كيف يمكن ان تكون علية اليمن و كيف يمكن أن تكون علية مصير أصحاب السلطة و لهذا فأن أفضل الطرق لإنقاذ الوحدة وإنقاذ أصحاب السلطة هو الحل الوارد أعلاه فقط.
45-إن السلطة بإمكانها أن تقدم على هذا الحل الوارد اعلاة من خلال حوار سياسي مع الجنوبيين في الداخل و الخارج و على رأسهم من هو منهم في السلطة و اذا ما فعلت ذلك سواء عبر حوار او من دون حوار فإنها سوف تؤمن مستقبل الوحدة و سوف تتمكن من بناء سلطة الدولة و فرضها على كامل تراب اليمن و سوف تدخل التاريخ من اوسع ابوابه.
46-إنه طالما وأن الإنسان لا يمكن ان يصل الى المعرفة المطلقة لكافة الأشياء ,فأن التفكير و البحث الدائمين فيها هما وظيفة العقل الذي أكرم الله الإنسان به وهذا التفكير و البحث الدائمان و المستمران في مشكلات المجتمع هم أمر ضروري و موضوعي و منطقي , وإلا ركدت وماتت حركة الحياة الاجتماعية في المجتمع و وبالتالي فان الذين يسخرون, من التفكير والبحث في مشكلات المجتمع هم كارثة المجتمع و هم الأغبياء الحقيقيون , لأنهم لا يستطيعون أن يبرهنوا بأنهم قد وصلوا الى نهاية المعرفة حتى في شؤون أعمالهم اليومية فقط و هذه السخرية عادة مايصاب بها المنتصرون في الإحداث العسكرية و الإحداث الإدارية
47-إن المنتصر في الاحداث العسكرية و الاحداث الادارية كقاعدة عامة يكونون أكثر بعدا عن فهم الحقيقة , بينما المهزومون يكونون أكثر فهما لها بالضرورة ولكي يفهم المنتصرون الحقيقة فانه بموجب هذه القاعدة العامة لا مناص لهم من هزيمة لكي يفهموا الحقيقة حيث انه كقاعدة عامة تقريبا لا يفهم الحقيقة في الاحداث الاجتماعية غير المهزوم فلا يمكن للانسان في الاحداث الاجتماعية و الادارية ان يفهم الحقيقة الا عبر الهزيمة و ليس عبر النصر اذ أن المنتصر كقاعدة عامة تقريبا لايرى حجم أخطائه , و بالتالي فان كل منتصر لا بد له من هزيمة لكي يفهم الحقيقة, وهكذا دواليك الحياة وحتى يصل جميع الناس في الاحداث الاجتماعية الى فهم الحقيقة . فهل يمكن للسلطة قي اليمن ان تكون استثناء و تفهم الحقيقة و تقبل بها دون المرور بالهزيمة؟!
اخيراً اقول لكم سعادة الرئيس بان الجنوب كان دولة و ليس جزاء من اليمن و لكن نتيجة لشعارات القومية العربية و خداعنا بالوحدة العربية , اليوم الجنوب يدفع ثمنها... أتمنى بان تحتفض بها لتاريخ..
لكم تحياتي محمد حيدة مسدوس صنعاء بتاريخ 20 مارس 1995.

الزامكي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس