عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-02, 09:22 PM   #2
أبو عامر اليافعي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-14
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 18,528
افتراضي

[align=center]استباحة أراضي الجنوب وتحويلها إلى غنيمة لعصابات البادية

نتيجة التفوق البشري للشمال المهاجم (أكثر من 12 مليون نسمة) مقابل مليوني نسمة سكان الجنوب، وتشرذم وحداته العسكرية كما أسلفنا الذكر، إلى جانب ضعف المعنوية عند غالبية سكان الجنوب المغمورين بحب الوحدة، في مقاومتهم للجيوش الغازية، فقد كانت تصوراتهم أن الحرب ستكون خاطفة ولن تدوم أكثر من بضعة أيام ، وبعدها ستشكل لجان للتفاوض لوقف إطلاق النار وتنتهي الأزمة، كما جرت العادة، إلى عناق الأخوة الأشقاء . وفي حالة أن تطول فترة الحرب الأهلية، فمن المؤكد أن تتدخل جامعة الدول العربية للوساطة لوقف الحرب، وفي حالة أن تتمادى أطراف الصراع في عنادهم ، ستتدخل الأمم المتحدة ويتخذ مجلس الأمن قراره الحاسم والملزم بإيقاف الحرب وعودة الوحدات العسكرية إلى مواقعها ، ثم تفضي الأمور بالجلوس على مائدة المفاوضات لإصلاح ذات البين.

هكذا كان اعتقاد أبناء الجنوب، ولم يكن بخلدهم أن أخوانهم في المحافظات الشمالية ستسمح لهم ضمائرهم الوطنية باجتياح أراضي المحافظات الجنوبية بتلك الأساليب الهمجية والحاقدة، فالذين رفضوا الدخول في الحرب من الجنوبيين ذهلت عقولهم حينما كانوا يشاهدون غارات النهب تداهم قراهم وتعبث بكل ما يقع تحت سيطرتها من ممتلكات عامة وخاصة، وكيف كان رجال القبائل والجنود يتسابقون لخلع أبواب المؤسسات الحكومية والمحلات التجارية لنهب محتوياتها؟، وكم هي الحالات التي اعتدوا فيها على انتهاك حرمات البيوت والمساجد والمدارس والمستشفيات؟؟، وكم كان استغرابهم عندما كانوا يشاهدوا ارتال السيارات والشاحنات الفارغة وهي تدخل مدينة عدن وبعض المدن الجنوبية بدعوى أنها محملة بالمواد الغذائية والمؤن الضرورية للسكان المحاصرين في بيوتهم وتقدم الأدوية والإسعافات الأولية للجرحى والمصابين؟، بينما كانت تلك القوافل من السيارات والشاحنات تشحن كل ما تصادفه في طريقها من معدات وآليات، وما تحتويه المكاتب الحكومية والمؤسسات الأهلية والمحلات التجارية الخاصة من أثاث وأجهزة وكل ما ثقل أو خف وزنه من ممتلكات أبناء الجنوب، ليتحول ثغر اليمن الباسم (عدن) في يوم 7/7/ 1994م المشؤوم إلى منظر حزين وكئيب، بدت فيه شوارعها ومبانيها الحكومية، وكأن قبائل المغول وجيوش التتار قد وصلت من أدغال آسيا الوسطى لتستبيح مدينة عدن، كما فعلت في مدينة بغداد في عصور خلت.

حقول النفط تصرف هبات ومكافئات للاستثمار الشخصي.

كان عدد الشركات النفطية التي حصلت على حق التنقيب عن خام النفط والغاز الطبيعي في الشطر الجنوبي خلال الفترة من 1938م، وحتى 1993م، (قبل الحرب) حوالي عشر شركات أجنبية، تمركز نشاط البعض منها في مساحة اليابس القاري والمياه المغمورة لمحافظتي حضرموت والمهرة في الجزء الشرقي، والبعض الآخر في اليابس من محافظات عدن ولحج وأبين، وفي المياه الإقليمية لخليج عدن في الجزء الغربي، بالإضافة إلى الجزء الأوسط لمحافظة شبوة.

والغريب في الأمر، أن أكثر الشركات انسحبت وتخلت عن امتيازاتها في التنقيب عن النفط دون أن تعرف الأسباب التي كانت وراء ذلك، إلا أن بعض المحللين يرجعون أسباب ظاهرة انسحاب الشركات النفطية إلى الضوابط التي كان يفرضها النظام السياسي لدولة الجنوب على الشركات كشروط قانونية تلتزم بموجبها الشركات أثناء مراحل عمليات الاستكشاف والحفر، ثم الإنتاج والتصدير(5) .



وبعد أن نجحت المخططات المرسومة من قبل الشركات النفطية الرأسمالية، للنظام القبلي/ العسكري في الشطر الشمال، واجتياح أراضي الشطر الجنوبي في 1994م كما أوضحنا سابقاً. فقد تدافعت وتسابقت الشركات النفطية العالمية بمختلف جنسياتها لتحصل على نصيبها من الكعكة الجنوبية، وخلال السنوات الماضية من عام 1995 إلى 2007م، بلغ عدد الشركات التي حصلت على امتيازات للتنقيب عن النفط في الجمهورية اليمنية بأكثر من 78 شركة حسب التقارير الرسمية والتصريحات الحكومية (6) ، اغلب الشركات حصلت على قطاعات نفطية تشغل مساحات واسعة من أراضي المحافظات الجنوبية وبخاصة في محافظتي حضرموت والمهرة.

الجدير بالذكر أن مساحة الجمهورية اليمنية، البالغة حوالي 555 ألف كم2 ، قد قُسمت إلى "حوالي 100 قطاعا بتروليا، و40 استكشافية و12 قطاعا إنتاجيا، وعدد الشركات النفطية العالمية العاملة في اليمن 28 شركة نفطية منها 9 إنتاجية و19 شركة استكشافية، كما توجد 50 شركة خدماتية للعمليات البترولية منها 22 شركة أجنبية عالمية و28 شركة محلية ؟؟. .(7) . (انظر خريطة رقم 1).

خريطة رقم (1) تبين ظاهرة تقسيم مساحة الجمهورية اليمنية إلى قطاعات نفطية منها 91 قطاعاً غطت كل مساحة اليابس والمياه البحرية الإقليمية للمحافظات الجنوبية، بينما لا تزيد عدد القطاعات في المحافظات الشمالية عن 9 قطاعات فقط.



(1)

المصدر:- الجمهورية اليمنية، وزارة النفط والمعادن، القطاعات النفطية في اليمن، انظر:- www.mom.gov.Ye/ar/ansec.htm-38k-


تحتوي القطاعات النفطية على أكثر من 30 حقلاً ، وبلغ عدد الآبار التي حفرت في هذه الحقول حتى مايو 2008م حوالي 2017 بئراً. حيث توزعت مساحة المحافظات الجنوبية إلى 91 قطاعاً نفطياً وهي تمثل نسبة 92 % من إجمالي القطاعات النفطية في اليمن.

وما نود التأكيد عليه في هذه السياق، هو أن هدف الشركات النفطية ، قد تحقق تماماً ، حينما وجدت ضالتها بزعامة يمنية تجهل سياسة الشركات الاحتكارية، حيث يشاع أن السلطة القبلية الحاكمة بعد انتصارها في جريمة حرب 94م، قد استغلت نفوذها بتوزيع العديد من القطاعات النفطية في المحافظات الجنوبية للمقربين والموالين لها ، ومنحت أفراد من الأسرة والعشيرة صلاحيات التفاوض والتعاقد مع الشركات بصورة شخصية ، فالشخص الذي يحضى بمكرمة الرئيس يحصل على قطاع نفطي في حضرموت أو شبوة، أو في أية محافظة جنوبية يريدها، بمساحة تقدر ما بين 5 - 10 آلاف كيلومتر مربع، يحق له عقد الاتفاقية مع الشركة الأجنبية على أن يتكفل بحمايتها، ويحصل مقابل ذلك على حصة المناصفة من إنتاج النفط أو عائداته بحسب الشروط المتفق عليها أثناء التوقيع، ولا يحق للحكومة ممثلة بوزارة النفط والمعادن، أو أية جهة أخرى أن تفرض عليه دفع الرسوم والضرائب المفروضة قانونيا، ويعد هذا التكريم كهبة لدوره وإسهاماته في الانتصار العظيم. وعادة ما يكون توقيع الشخص على الاتفاقية مع الشركة سرياً، وعندما تباشر الشركة عملها في التنقيب والإنتاج ، يدرج اسمها على أنها شركة محلية وليست أجنبية.

وخلاصة للحقائق المطروحة، يهمنا التأكيد على ما يلي:-

1- أن كمية إنتاج اليمن من النفط غير معروفة بصورة دقيقة ومضبوطة، لا من حيث الإنتاج اليومي ولا السنوي أيضا، بسب كثرة الشركات المتعاقد معها بطرق مختلفة، علما أن الشركات المتعاقدة مع وزارة النفط والمعادن للتنقيب على النفط هي 22 شركة فقط من أصل 78 شركة عاملة باليمن.

2- في 19 نوفمبر 2005 فاجأ الرئيس كل الخبراء الاقتصاديين والمسئولين الحكوميين وغيرهم يوم أعلن بأن النفط اليمني مرشح للنضوب بحلول عام 2012، وهذا الأسلوب التضليلي يقصد به خداع الشعب اليمني وإيهام أبناء الجنوب المنهوبة ثرواتهم، بأن ما تعلنه الشركات النفطية من اكتشافات جديدة،إنما هو دعاية تجارية فقط.

3- هناك تناقض فضيع بين التصريحات الرسمية التي يعلن عنها وزير النفط بأن إنتاج اليمن من النفط حوالي 320 ألف برميل يومياً، بينما جاء في صحيفة 26 سبتمبر مايو 2008 أن إنتاج النفط في اليمن قد ارتفع من 390 ألف برميل يومياً في العام الماضي إلى 440 ألف برميل يومياً في العام الحالي 2008، في حين ذكرت تقارير صحفية نُشرت خلال الشهر الماضي أن أحد المسئولين الحكوميين أكد أن اليمن تصدر أكثر من مليون برميل يومياً من النفط حسب ما جاء ذلك في تقرير مطول نشره حينها موقع (أخبار الساعة ) !

4- صرح وزير النفط المهندس خالد بحاح أن ما تم استغلاله من القطاعات النفطية في إطار الخارطة النفطية اليمنية لا تتجاوز نسبته 18% من إجمالي خارطة القطاعات في الجمهورية اليمنية (8) .

ولكن يبقى السؤال :- أين بترول اليمن؟؟ ومن الذي يستنزف حقول إنتاجه؟؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه قريباً، إن شاء الله تعالى.

------------------------
هوامش:

(1) اعترف الرئيس الجنوبي علي سالم البيض، في أول مقابلة له بعد 15 سنة من الصمت والتي أجرها معه في بيروت نبيل الحسيني مراسل شبكة أخبار الساعة، في 3 يوليو 2008، على أن محور (بغداد-صنعاء) كان وراء دافع الإسراع بقيام الوحدة، ويقول إن هذا المحور قد كان وراء كل المشاكل والمصائب التي حلت بالجنوب، وقال: (دعاني صدام حسين الرئيس العراقي واخبرني أن استخباراته اكتشفت مخطط يدور في الشمال من أجل دعم الزمرة للانقضاض على السلطة وإعادة استلامها).

(2) في أول انعكاف لعلي سالم البيض بعد عودته من زيارة أمريكا في 20 أغسطس 1993م، أشيع حينها أن سبب الانعكاف يرجع أساساً إلى تصعيد ظاهرة الاغتيالات السياسية التي يمارسها نظام صنعاء ضد أعضاء الحزب بخاصة وأبناء الجنوب بعامة، بالإضافة إلى اختلاف البيض مع الرئيس علي عبد الله صالح حول إصرار الرئيس على تخصيص نسبة 25% من عائدات النفط المنتج كاعتماد خاص للإنفاق على شؤون مكتبه وحراسته الخاصة (الحرس الجمهوري)، على أن تستقطع مباشرة دونما توريدها إلى خزينة الدولة بحسب اللوائح والنظم القانونية، ويحق له التصرف بهذه العائدات كيفما يشاء، وهو الأمر الذي رفضه النائب البيض بشدة واضطر تحت إصرار الرئيس إلى الانعكاف في عدن.

(3) على الرغم من حماس قيادة شطري اليمن على سرعة التوقيع على بنود وثيقة الوحدة في 30 نوفمبر1990م، وما تلاحقت بعدها من خطوات لمحاولة تطبيق وتنفيذ بنودها، إلا أن النوايا المبيتة والمؤامرات المحدقة والتي طبخت في بعض العواصم العربية والأجنبية، عصفت بكل الآمال والأحلام الوحدوية النبيلة ، فتحقق الهدف المرسوم بعدم تنفيذ بنود اتفاقية الوحدة لا قبل الحرب ولا بعدها، وهو ما ترتب عليه حتى اليوم من نتائج للحرب في نهب الثروة النفطية والغاز الطبيعي في المحافظات الجنوبية.

(4) فتوى الدكتور عبد الوهاب الديلمي في حرب 1994: "إننا نعلم جميعاً أن الحزب والبغاة في الحزب الاشتراكي المتمردين هؤلاء لو أحصينا عددهـم لوجدنا أن أعدادهم بسيطة ومحدودين ولو لم يكن لهم من الأنصار والأعوان مـن يقف إلـى جانبهم ما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوه فـي تاريخهم الأسـود ....أنهم أعلنوا الـردة والإلحاد والبغي والفساد.....هؤلاء الذيـن هـم رأس الفتنة إذا لـم يكن لهم مـن الأعوان والأنصار ما استطاعوا أن يفرضوا الإلحـاد علـى أحد......ولا أن يعلنوا الفسـاد ولا أن يستبيحوا المحرمات ولكن فعلوا ما فعلوه بأدوات هذه الأدوات هم هؤلاء الذين نسميهم اليوم المسلمين هؤلاء هم الجيش الذي أعطى ولائه لهذه الفئة.....وهنا لابد من البيان والإيضاح فـي حكم الشرع في هذا الأمر. أجمع العلماء أنه عند القتـال بل إذا تقاتـل المسلمين وغير المسلمين فإنه إذا تمترس أعـداء الإسلام بطائفة من المسلمين المستضعفين من النساء والضعفاء والشيوخ والأطفال ولكن إذا لم نقتلهم فسيتمكن العدو من اقتحام ديارنا وقتل أكثر منهم مـن المسلمين ويستبيح دولة الإسلام وينتهك الأعراض إذاً فقتلهم مفسدة أصغر من المفسدة التي تترتب على تغلب العدو علينا فإذا كان إجماع المسلمين يجيز قتـل هؤلاء المستضعفين الذيـن لا يقاتلون افكيف بمن يقف ويقاتل ويحمل السلاح هذا أولاً.... والأمر الثاني الذين يقاتلون في صف هؤلاء المتمردين هم يريدون أن تعلوا شوكة الكفر وأن تنخفض شوكة الإسلام وعلى هذا فإنه يقول العلماء من كان يفرح في نفسه فـي علو شوكة الكفر وانخفاض شوكة الإسلام فهو منافق أما إذا أعلن ذلك وأظهره مرتداً أيضاً".

(5) كان في الجنوب نظام سياسي يقوم على مؤسسات حكومية لها قوانين صارمة وضوابط في تنفيذ شروط التعاقد، بحيث لا يسمح للشركات الاحتكارية الرأسمالية أن تمارس أساليب الغش والخداع والتحايل، أو تتجاوز حدود السيادة الوطنية في التطاول وممارسة النهب باستخراج وتصدير كميات من الثروات الوطنية دون أن تكون لسلطة الدولة ممثلة بوزارة النفط والمعادن حق الأشراف ومراقبة الإجراءات العملية لتطبيقبنود الاتفاقية، والتي من أهم الشروط أن تحترم الشركات سيادة الأرض وحقوق الدولة والشعب في الحفاظ على البيئة من التلوث، والالتزام في ضبط كمية الإنتاج بما لا يخل بالمخزون الاحتياطي للنفط.

(6) انظر:- العديد من مواقع شبكة الانترنت: ومنها ( 1- خلفية تاريخية History، اتبعت الجمهورية اليمنية سياسة نفطية جديدة بتقسيم مناطق الجمهورية... www.ycomd.gov.ye/history/history.html-49k

(7) يحيى جابر، سبأ نت، 22 ابريل 2007،انظر:- وزير النفط : 80 % من مساحة اليمن لم تكتشف بعد في مجال النفط والمعادن، www.mom.gov.ye/ar/ansec.htm - 38k -

(8) انظر:- التقرير الرسمي الصادر عن البنك المركزي اليمني أن إنتاج النفط ارتفع خلال الفترة يناير – أكتوبر الماضي من العام الحالي إلى (65ر54) مليون برميل ، مقارنة ...
www.mayonews.net/ad/showdetails.php?id=1954 - 23k
[/align]
__________________
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا * * وَمَن يَخْطَبُ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
أبو عامر اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس