( صدى عدن ) متابعات :
كتب - عبدالله الشوحط* ( القدس العربي )
التعتيم اﻻعﻼمي المفروض من اﻻعﻼم العربي حول القضية الجنوبية لم يسبق له مثيﻼً ويكاد يكون شامﻼ لوﻻ بضع اطﻼﻻت خجولة وجدت مساحة في بعض الصحف والفضائيات العربية من باب رفع العتب. كما لم تكن أفضل حاﻻًعند الكتاب والمفكرين العرب الذين كان من الواجب عليهم منحها وقتا لسبر اغوارها واستجﻼء خلفيات جذورها التاريخية لعلهم يستشفون في تفاصيلها ما قد يجعلهم يؤمنون بعدالتها ويلتمسون العذر ﻻصحابها إذا ما طالبوهم بكسرجدارالصمت المطبق حولها وطرحها للتداول والنقاش كي تأخذ نصيبها من الزخم اﻻعﻼمي وتستقي من ينابيع افكارهم الخﻼقة رؤى علمية وحلول عملية من شأنها تبصير شعب الجنوب بسبل إستعادة حقوقهم المغتصبة كاملةً واشعارهم بانهم جزء أصيل من اﻻمة التي يحملون شرف اﻹنتماء إليها ويتحملون أمانة الدفاع عن حق شعوبها في تقريرمصيرها والتصدي بسﻼح الكلمة الحرة لكل معتد يحاول انتزاع هذا الحق المشروع بمعزل عن هويته القومية ومسوٌغاته العدوانية مهما كانت عناوينها براقة وشبيهة بذريعة الوحدة التي يرفع الشماليون’ قميص عثمانها’ لتشريع احتﻼل الجنوب باعتباره حسب ما يدّعون مجرد جهة من جهات اليمن اﻻربع وﻻ خيار امام شعبه غير اﻻستسﻼم والتسليم بحكم الطبيعة الجغرافية وندب حظهم العاثر الذي ساقهم الى جنوب ﻻ شمال له غير اليمن.!!
ربما يكون لحساسية انتقاد الوحدة دور في تغاضي اﻹعﻼم عما شابها من اخطاء وتجاوزات لئﻼ يبدو وكأنه يحرض الجنوبيين على فرط عقدها! وهو مبررمنطقي ومفهوم فيما لو انها ما زالت قائمة مثلما ارادها ان تبقى وتستمر أولئك الذين ضحوا بدولتهم وبﻼدهم في سبيل تحقيقها وتسريع إبرام صفقتها!
أما وقد ارتكب الطرف الشمالي خطيئة اﻻنقﻼب على شريكه الجنوبي واقصى ممثليه الموقعين على اتفاقياتها من السلطة! فان نسخة الوحدة اﻻصلية بمعناها الوطني وبعدها القومي باتت غير موجودة منذ اجتياح الجنوب في حرب عام 94م وما يسوقه تجارها حاليا هي نسخة ‘مزورة’ عنها ﻻ تستحق أي قداسة تمنع تشخيص اخطائها وكشف عملية استغﻼلها واتخاذها وسيلة رخيصة للنهب واﻻستئثارالمتلبس بلبوسها وتقديمها للمجتمع الجنوبي بصورة ﻻ تشبه الصورة الجميلة المطبوعة في اذهانهم عن الوحدة مما هالهم بشاعة العبث بمقدراتها و استثمارها باساليب همجية دعتهم للتشكيك في انها لم تكن سوى’كمين’ نصبه طرف لﻼيقاع بالطرف اﻻخر في مكامن مخططاته الرامية لتفكيك دولته وانتزاع عوامل قوته قبل تقرير إخراجه ﻻحقاً من مولد الوحدة بﻼ شيء من حمصها توطئةً ﻻبتﻼع الجنوب وطمس هوية شعبه التاريخية ومحاولة محوها من الذاكرة الجنوبية عبر تعميم نمط الحكم الشمالي المتخلف في بﻼدهم واستهداف معالمها ومنجزاتها الحضارية طيلة 24 عاما هي سنوات الوحدة العجاف وعمر نظام حكمها القبلي الفاسد الذي جاء اسوأ خلف لسلفٍ كان أقل سوءاً من خلفه وكان سببا في تبديد أحﻼم الجنوبيين الوحدوية وتحويلها إلى كوابيس مرعبة لم تترك امامهم سبيﻼ للخﻼص من جحيمها سوى باشعال انتفاضة شعبية عارمة مازالت احداثها تدور وتستعر في جميع مدن الجنوب وساحاتها امﻼً في ان يرى العالم حشودهم المليونية ويصغي ﻻصواتهم وهي تستصرخ ضمير أحراره وتطالب وسائل اعﻼمه أﻻ يخذلوهم أكثر مما مضى .!!
ما يتمناه الجنوبيون من وسائل اﻻعﻼم ليس اكثرمن التفاتة مهنية بحتة تنهي مسلسل الحصار والتعتيم المضروب حول القضية الجنوبية.. وتستجيب لنداءات جمهورها الجنوبي وتثبت لهم ان اﻻعﻼم الحر ما زال موجودا ويستطيع القيام بواجبه نحوهم وتعويضهم عن سنين النسيان من خﻼل نفض الغبار عن ملفها العتيد وبدء استعراض حيثياتها من ألفها إلى يائها أمام محكمة الرأي العام ﻹصدارحكمها العادل سواءً ببطﻼن الدعوى أو بقبولها وإدانة المتهمين.!
لكن هذا ﻻ يعني مطالبة اﻻعﻼم باﻻنحياز الى جانبهم والتجني على خصومهم بدون وجه حق بقدر ما يعني تذكير اﻻسرة اﻻعﻼمية بحق شعب الجنوب الطبيعي في تسليط الضوء على سوء اوضاع بلدهم المحتلة وتغطية فعاليات انتفاضتهم الشعبية ونقل صورة حيّة عن وقائع حشودها المليونية وتوثيق جرائم القتل واﻻنتهاكات الوحشية المرتكبة ضد ناشطيها العزل واستنكارها وفق ما تقتضيه أعراف المهنة وتقاليدها العريقة! لكن تحقيق كل ذلك يقتضي حضور اعﻼميين ﻻيخشون في قول كلمة الحق لومة ﻻئم إلى قلب الحدث لمعاينة الوضع
في الجنوب ميدانيا ومﻼمسة أحوال مواطنيه الحياتية والمعيشية واستطﻼع آرائهم حول مستواها قبل الوحدة وكيف غدت بعدها.
حينها فقط يستطيع اﻻعﻼم المنصف ان يعكس نبض الشارع الجنوبي وان ينقل عنهم فصول القصة الحقيقية لمأساة بﻼدهم كما رواها أبطالها الحقيقيون! وليس مثلما ينسج خيوطها ويرويها المراسلون الشماليون في تقاريرهم اﻻخبارية التي دائما ما يتقصد معدوها شيطنة ردات فعل الجنوبيين العفوية ويتحاشون ذكر اسبابها الحقيقية خشية ان تصبح الوحدة ومفسدوها في قفص اﻹتهام ومخافة تجاوز خطها اﻷحمر الذي يتنافس مراسلو وسائل اﻹعﻼم فيما بينهم حول التقيد بمحظوراته وتبني سياسات ومواقف انصاره وإعادة تسويقها اعﻼميا في قالب حيادي سرعان ما يعري أنحيازهم الواضح ومحاوﻻت تشويه مكونات الحراك الجنوبي وتوصيفها باﻻقلية اﻻنفصالية متجاهلين حشودها المليونية المغيبة عنوةً عن اثير شاشاتهم حتى ﻻ يشاهد المجتمع الدولي أعدادها القياسية ويدرك حقيقة موت الوحدة في الجنوب وتقرير احقية شعبه في المطالبة برحيل من يحتل بﻼدهم تحت عنوانها فقط .!!!
اﻻخوة متصفحي شبكة صدى عدن اﻷخبارية نحيطكم علماُ ان :
* التعليقات المنشورة ﻻ تعبر عن رأي " صدى عدن " وإنما تعبر عن رأي أصحابها
* نعتذر عن نشر أي تعليق يحمل تجريح وألفاظ نابيةأضف تعليقااﻻسمعنوان التعليق
|