عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-18, 10:51 AM   #13
حسان الجنوب
مشرف
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-23
المشاركات: 1,745
افتراضي


الحلقة الرابعة











في حلقتنا اليوم نتناول في حديثنا أحوال أهل السنة في بلاد فارس في الماضي والحاضر حتى اليوم.
إن المتابع لمأساة إخواننا السنة في إيران يجد أنهم يعانون صعوبات وتحديات كبيرة تتمثل في الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية والمذهبية إلى جانب محاربة الاقتصاد والتعليم والنمو السكاني،


ومحاولة طمس معالمهم في مناطقهم حتى ولو كانت على شكل مساجد ومدارس تاريخية،

بل حتى التاريخ نفسه لم ينج من هذا الطمس من حيث تزويره والتلفيق فيه وعزل أهل السنة عنه،


هذا عدا سياسة التصفية الجسدية لقادة السنة وعلمائها،

وهذا ما أيدته جمعيات حقوق الإنسان من تعرض أهل السنة إلى التصفية الجسدية، هذا بالإضافة إلى ما تقوم به محاكم الثورة من إصدار أحكام بالسجن والإعدام بحق المواطنين السنة في مختلف المناطق بلا ذنب ولا جريرة, ولكن بتهم ملفقة والله المستعان.










قبل الثورة،



نظرًا إلى النظام السائد آنذاك وهو النظام العلماني الملكي،
كان لا يهمه إلا قضية السلطة والحفاظ عليها،
لأجل ذلك ما كانوا يرون فرقًا بين السنة والشيعة،
ولم يكن للمذهب دور مؤثر في التوظيف وتفويض المناصب،
لأجل ذلك كان يوظف أتباع أهل السنة والجماعة في المناصب الحكومية،
كما كان هناك توظيف لأبناء السنة في الشرطة وقوات الجيش في مناصب عالية.
لأجل هذا كان القلق والبلبلة الفكرية بالنسبة إلى التمييز وعدم المساواة في النظام السابق في مستوى أدنى بل كان ضعيفا جدًا.






لكن بعد الثورة

ساد المذهب الشيعي وسيطر المذهبيون الشيعة على جميع مقاليد الحكم في البلاد،
وجل همهم وأهدافهم المذهب انصب على مذهبهم وترسيخ وتقوية دعائمه، لأجل ذلك واجه أهل السنة مشكلات مختلفة.









إن المشاكل والقيود التي يتعرض لها أهل السنة في إيران شديدة التداخل, ومرجعها ليس المذهبية وحدها وان كانت اكبر العوامل,

فجزء منها يعود لأسباب عرقية في دولة متعددة العرقيات مثل إيران, فجميع المسلمين السنة في إيران ليسوا من أصول فارسية فهم أما أكراد أو بلوش أو عرب أوترك,
أو لأسباب جغرافية فمعظم أهل السنة يقيمون على أطراف الدول التي تصل بينهما وبين دول سنية.







وتتمثل المشاكل التي يعانيها أهل السنة في عدة نواحي:



الناحية الدينية:


بدأت معاناة السنة من بداية عقد التسعينات أکثر فأکثر وکان النطاق يضيق عليهم يومًا بعد يوم. من الحوادث المؤلمة التي حدثت حينذاك و يجدر ذکرها في هذه العجالة:


تقييد حرية بناء مساجد الخاصة بهم: حيث لا يوجد مسجد سني في المدن الكبرى التي يمثل الشيعة فيها الأغلبية, مثل أصفهان وشيراز ويزد ,
وكذلك في العاصمة طهران التي يوجد فيها أكثر من مليون سني,

حيث تصطدم الأقلية السنة في الحكومة بان المساجد الشيعية مفتوحة أمامهم ويمكنهم الصلاة فيها
.وبناءًا على ذلك فإنه لا داع لبناء مساجد خاصة بهم,

يؤكد الواقع الذي يدحض هذه المزاعم خلاف ذلك لأنه يمنع قطعًا إقامة صلاة الجماعة لأهل السنة في مساجدهم وأما الفرادى فصحيح وإن كانوا ينظرون إليهم بازدراء وتحقير,
وهل يمكن للسنة أن يصلوا في مساجدهم وهو يدعون إلى عقيدتهم الصافية, فضلا عن إن مساجد الشيعة مليئة بالمنكرات مثل الصور المعلقة لمن يسمونهم بالشهداء هذا عدا التدخين العلني داخل مساجدهم والسباب والشتائم لأصحاب الرسول.








• من المعلوم أن أهل السنة في طهران يبلغ عددهم إلی أکثر من مليون نسمة ولکن ليس لهم مسجد يقيموا فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدين،- ومما يدعو للدهشة أن في إيران 76 كنيسا لـ 25 ألف يهودي وفي طهران وحدها مليون سني بلا مسجد.و من المعلوم أن طهران هي العاصمة الوحيدة في العالم حيث لايوجد فيها مسجد لأهل السنة-.



هذه الحاجة الملحة أجبرت سماحة الشيخ عبدالعزيز البلوشي رحمه الله النائب المنتخب في مجلس الخبراء الذي عهد إليه صياغة الدستور الإيراني بعد الثورة- والشيخ مفتي زاده, أن يقدّما طلبًا رسميًا إلی الخميني لرفع المشکلة التي يواجهها أهل السنة في طهران وقد وافق عليه زعيم الثورة بتخصيص مکان تبلغ مساحته عشرة آلاف متر مربع وعندما أراد أهل السنة البناء قام المتطرفين الطائفيين بالتصدي أمام ذلك المشروع النبيل و قامت السلطات الحكومية بمصادرة الأراضي,وحسابات المسجد بحجة إن مفتي زاده وهابي المذهب, وكان في وقته مؤتمر الطائف منعقدا فربطوا مفتي زاده به.ولم يسمحوا ببناء مسجد لأهل السنة في عاصمة إيران التي يسميها رجال الحکومة في إيران بـ أم القری للعالم الإسلامي.









قال زعيم الثورة (الخميني) في إحدى الحفلات:

إني لا أسمح للسنة أن يبنوا مسجدًا لهم في طهران ما دمت حيًا.

اضطر أهل السنة أن يواصلوا إقامة الجمعة في مدرسة للباکستانيين وفي السفارة السعودية،


حتی أجبر الحقد الدفين بعض المسئولين في الآونة الأخيرة أن يحولوا دون عبادة الله تعالی في عاصمة إيران وصار أهل السنة حياری من تلك الممارسات الطائفية ضد العبادة.



• و نظرا لأن أهل السنة يعتبرون أنفسهم مخالفين في بعض المسائل الفقهية للشيعة الإيرانيين الذين يغلب عليهم المذهب الاثنى عشري,
فان كل طرف يحاول الدعوى إلى أفكاره التي يؤمن بها وسط الطرف الأخر, وهنا تقول الأقلية السنية إنها تتعرض لفرض الأفكار الشيعية بالقوة في حين تمنعها الحكومة من تعليم مذهبها.

فالإيرانيون من السنة والشيعة يحملون فوق كاهلهم ميراثًا من الخلافات والعداء التاريخي والمذهبي,







ويزيد حالة المذهبية إن النظام الإيراني لم يفعل إلا ما يؤدي إلى تدعيمها رغم ظهوره في السنوات الأخيرة بمظهر التسامح,

فأحد المزارات الرئيسة في إيران قبر أبو لؤلؤه المجوسي,
ورغم أنه من عبدة النار

إلا أنهم يحتفون به لمجرد أنه قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه,

كما إن من عقائدهم سب الصحابة وتجريح كبرائهم, وشتم عرض الرسول صلى الله عليه وسلم متمثلًا في الطعن في أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها,


وغير ذلك من الأمور التي لا يمكن إن يقبلها المسلمون السنة.









• هدم المساجد والمدارس:

مثل مدرسة ومسجد الشيخ قادر بخش البلوشي ومسجد كيلان في هشت بر وأخر في كتارك جابها ر بلوشستان,
ومسجد في مشهد ومسجد الشيخ فيض في شارع خسروي.
في محافظة خراسان, الذي صار حديقة, ومسجد أهل السنة في مدينة يزد,
وفي عبادان مسجد الإمام الشافعي وكذلك في الأهواز حيث استولى عليه حرس الثورة كما إن مسجد أبان في مشهد صودرت الأرض المخصصة له وتم استيلاء عليه بعد السماح ببناءه,.


كما إن مسجد شيخ فيض الكبير في مشهد عاصمة إقليم خراسان والذي مضى عليه أكثر من قرنين هدم عام 1994م وکانت هذه الجريمة البشعة بأمر صريح من قائد الثورة (الخميني)،


وتحوّل المکان إلی منتزه عام. هذه الممارسة أثارت حفيظة أهل السنة في کافة إيران وخاصة في مدينة زاهدان حيث اجتمع الغاضبون في الجامع المکي (أکبر مساجد أهل السنة في إيران)
ليعربوا عن غضبهم من تخريب بيت من بيوت الله،
فما لبثوا أن فتح رجال الأمن نيران رشاشاتهم الثقيلة والخفيفة نحو الجامع ومن فيه من المسلمين العزّل وأسقطوا کثيرًا منهم بين قتيل وجريح ولا تزال آثار الرصاصات واضحة في جدران المسجد ومئذنتيه.


بعد حادث الهجوم الغاشم علی الجامع المکي ألقي القبض علی بعض کبار الأساتذة بجامعة دار العلوم التي تقع بجوار الجامع وقضوا سنوات في السجن.

بعد ثلاث سنوات من حادث استشهاد المصلين في الجامع المکي،

نجا سماحة الشيخ عبد الحميد (زعيم أهل السنة في إيران)


من محاولة اغتيال بالقنابل اليدوية، حيث اعترف الجاني بعد ذلك أن الاستخبارات الإيرانية أمرته بهذا الأمر ووعدته بعض الوعود.


وهناك أيضًا مسجد طوالش ومدرستها الدينية سجن بانيها ومديرها,

ثم استولوا عليها, وأما مسجد نغور والمدرسة الدينية فيها فقد تم هدمها أيضا في بلوشستان عام 1987م,







مسجد قباء والمسجد الجامع الكبير في تربت جام,

الذي استولى عليه الحرس الثوري لسنوات عديدة,

ومسجد الحسنين في شيراز أعدم خطيبه


وحولوه إلى محل لبيع الأفلام لسنوات عديدة,

هذا فضلا عن هدم كثير من المساجد الصغيرة الأخرى حيث تعتبر الحكومة الإيرانية تلك المساجد أما مساجد ضرار( بنيت لغير أهداف العبادة الخاصة) أو بنيت بغير إذن من الحكومة أو إن أئمة تلك المساجد لهم ولاءات مع جهات معادية.









من الناحية السياسية:
يعاني أهل السنة في إيران من التهميش السياسي إذ يعتبرون من المواطنين من الدرجة الثانية،

إذ نص الدستور على أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون من بين الشيعة الإثني عشرية، وقس على ذلك ما يخص الوزراء والمناصب الرفيعة في الدولة.


فقد نص دستور البلاد أن المذهب الرسمي هو الشيعي الجعفري الاثنا عشري ويجب أن يكون رئيس الجمهور من الشيعة، لأجل ذلك لا يستطيع أبناء السنة الترشح للرئاسة في أيام الانتخابات الرئاسية.



ومع أن الدستور لم يمنع توظيف أهل السنة في الدوائر واستخدامهم في المناصب،

ففي هذه السنوات الثلاثين لم يوظف من أهل السنة شخص واحد لمرة واحدة كنائب للرئيس أو كوزير في وزارة،
أو كنائب للوزير، أو كسفير للبلاد،
أو كرئيس لمحافظة من المحافظات و لا مدير بلدية ولا مدير دائرة و لا موظف كبير في إيران كلها مع أن ثلث سكان إيران من أهل السنة.








والأغرب من ذلك أن مشاركتهم أيضا ضعيفة في إدارة المحافظات التي الأغلبية فيها للسنة،

وأن التمييز الطائفي واضح في قضية توظيف نخب أهل السنة وتوليتهم المناصب. وإن كانت الأهلية تتوفر في أبناء أهل السنة لتولي منصب الرئاسة أو المناصب في الوزارات والدوائر، ولكنهم محرومون من التوظيف بسبب التزامهم بعقائدهم وآرائهم المذهبية.



كما أنه لا يوجد في طهران مركز أو مؤسسة رسمية لمتابعة قضايا أهل السنة إلا ممثلو أهل السنة في مجلس الشورى، و يبلغ عدد هؤلاء الممثلين نحو عشرين ممثلا من مجموع 280 ممثلا في مجلس الشورى الإيراني.

فالتقدير الحقيقي بالنسبة إلى عدد أهل السنة أن يكون لهم أكثر من أربعين ممثلا في المجلس،
والسبب في تقليل عدد ممثلي أهل السنة أن مجلس صيانة الدستور في الغالب يرفض صلاحية معظم المرشحين من أهل السنة من ذوي الخبرة والصلاحية على سبيل التعنت ومصادرة الحقوق. كما يتهم السنة في إيران الحكومة بإنجاح العناصر السنية الموالية لها وليست المعبرة عن مطالبهم.


بالنسبة إلى قوات الشرطة فلم يجر لأهل السنة توظيف فيها إلا في أوائل الثورة لمدة قليلة.

فليس لأهل السنة تواجد في القوات المسلحة حاليا، فنظرا إلى هذه التمييزات يعيش أهل السنة في نوع من القلق والاضطراب والانزواء.









الوضع الاقتصادي والاجتماعي لا تحظى مناطق أهل السنة بأي تنمية

وتعتبر من المناطق المتخلفة في إيران على رغم ما ترفعه إيران من شعار دعم المحرومين والمستضعفين فأين ذلك من مناطق أهل السنة في ذلك البلد.

وعلى المستوى الاجتماعي فتعاني مناطق أهل السنة في إيران من تيسير نشر المخدرات،
وخاصة المناطق الكردية إلى درجة أن المواطنين المحليين يصفون هذا الوضع بالوضع المنظم والمدعوم من قبل بعض الأجهزة الرسمية في هذه المناطق.


ولدينا أيضًا تحديات أخرى تتمثل في:

• حسب العديد من الروايات والتقارير فقد تعرض المسلمون السنة للعديد من مظاهر الاضطهاد فمنذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية في إيران,

حيث انقلب الخميني
على من ساعده من علماء السنة في الثورة وهو الشيخ احمد مفتي زاده,



فكان مصيره الاعتقال الذي استمر طيلة عقدين من الزمان,






كما حدث أيضا الشيخ محمد طاهر الخاقاني الذي واعده بان يعطي حقوق العرب ولكنه أيضًا اعتقل وتوفي تحت الإقامة الجبرية في قم.



• كما تعرض كثير من علماء السنة للاعتقال والتعذيب والقتل والاغتيالات في الشوارع,
كما عانوا أيضًا من التضييق في ممارسة الشعائر وفي المدارس وإقامة الصلوات,



وما يتعرض له علماء الدين السنة يتعرض لمثله الطلاب والشباب من المسلمين السنة في المدارس,

والجامعات بل وأثناء أدائهم للخدمة مثل أقرانهم من الشيعة في الجيش الإيراني ولا يوجد لون من ألوان التعذيب أو الإيذاء لم يتعرض له السنة في إيران,

فاغتيال علماء السنة

وتوقيفهم المتتالي والعشوائي مستمر حتى هذه اللحظة,
وقد بدأت أمواج الاضطهاد تترسب من المدن السنية إلى القرى.









• تلغيم أراضي أهل السنة:


حيث قامت الحكومة الإيرانية بتلغيم مساحات كبيرة من الأراضي البلوشيه المتاخمة لأفغانستان,

وتحديدا عند مرتفعات سلسلة جبال بير سوران,ودره غلاب,وغابة غزو,وأبار, آب شورك,


بحجة إنها مناطق لتهريب المخدرات,

واتخذت الحكومة من ذلك فرصة لتشويه سمعة المسلمين السنة وفرض المزيد من القيود والتضييق الاقتصادي عليهم فقد كانت هذه الأراضي مناطق رعى للمسلمين من البدو السنة,

وأدى هذا التصرف إلى تعرض عشرات منهم ومن مواشيهم للموت بشكل منتظم نتيجة انفجار الألغام.








إلى هنا نتوقف ونكمل الحديث عن التحديات التي تواجه السنة في إيران في لقائنا القادم إن شاء الله.

حسان الجنوب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس