عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-08-28, 12:22 PM   #3
شيخان اليافعي
مشــرف عـــام
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-27
الدولة: كندا
المشاركات: 3,023
افتراضي


الجزء الثالث

هناك من يرى بان الحق في تقرير المصير ينطبق على المناطق المتنازع عليها بين دولتين أو أكثر، كما هي الحال بالنسبة إلى الصحراء الغربية المتنازع عليها بين كل من الجزائر والمغرب منذ عقود عدة، أو إقليم الكشمير المتنازع عليه بين كل من الباكستان والهند، ولحل مثل هذه القضايا يطرح مبدأ الحق في تقرير المصير لإنهائها وبالتالي التوصل إلى حل سلمي، يرضي سكان الأقاليم قيد النزاع، وكذلك الأطراف المتنازعة عليها. ولكننا نرى أن مثل هذه الرؤية، وبالرغم من جدواها، إلا أنها لا يمكن أن تقتصر على مثل هذه الأقاليم دون سواها من المناطق والأقاليم والشعوب التي كانت تتمتع بالسيادة ضمن محيطها الجغرافي كما هي الحال بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني مثلا، والذي يطالب بالحق في تقرير المصير. إذ لا تتنازع الدول على ارض فلسطين بقدر ما يتنازع عليها شعبين، الأول هو الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والسيادة الفعلي قبل الاحتلال، والثاني هو الشعب اليهودي المحتل لأرض فلسطين، والقادم من أوروبا واسيا وأفريقيا وأمريكا، وقد فرض وجوده بالقوة، بعد أن شن حربا عدوانية تفتقر للشرعية ومخالفة تماما للقوانين الدولية٠
وهنا يمكن الإشارة إلى الجزائر التي احتلتها فرنسا عام 1830، والتي كانت مستقلة قبل هذا التاريخ. وحين طرحت القضية الجزائرية على مجلس الأمن من قبل 14 دولة عضو في الأمم المتحدة لأول مرة عام 1955، عارض المندوب الفرنسي ذلك على أن هذه المسالة تقع ضمن الاختصاص الداخلي لفرنسا، باعتبار أن كل جزائري يعتبر مواطنا فرنسيا له كافة حقوق المواطنة الفرنسية. إلا أن عدد الدول المعارضة للقرار الفرنسي والمؤيدة لحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، اخذ يتزايد يوما تلو الآخر، بسبب الممارسات العنصرية الفرنسية تجاه الشعب الجزائري واعتماد سياسة الإفقار الاقتصادي والثقافي، وهي نفس السياسة التي تمارسها اليمن تجاه أبناء الجنوب بعد الاحتلال. وبعد مفاوضات طويلة اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا تعترف فيه بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير والاستقلال في عام 1957، وأكدت هذا الحق مرة أخرى عام 1961، إلى أن توصل ممثلو جبهة التحرير الوطنية الجزائرية إلى اتفاق مع الحكومة الفرنسية في 21/02/1962، وتم إعلان حق الجزائر في تقرير مصيرها وطلب من الشعب الجزائري الإجابة على سؤال: "تريد للجزائر أن تصبح مستقلة".. وكانت نتيجة الاستفتاء أن 99% من الأصوات الصالحة أجابت بالإيجاب، وعلى هذا الأساس وقع ديغول، في العام ذاته، تصريحا رسميا يعترف فيه بالجزائر كدولة مستقلة ذات سيادة٠
وبناء على ما تقدم، فان ليس لنظام صنعاء الحق في أن يرفض السماح لأبناء الجنوب من تقرير المصير، بحجة أن ذلك يعتبر من شؤونها الداخلية، لان الوجود اليمني في الجنوب يعود بالأساس إلى خرق متعمد للقانون الدولي العام، وعليه، فان استمرار بقاء القضية الجنوبية دون حل، يعد خرقا واضحا لميثاق الأمم المتحدة الذي يعترف بحق تقرير المصير لكل الشعوب, والاسراع في منح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة الوارد في قرار الجمعية العامة رقم 1514 (د-15) المؤرخ 14 كانون الأول / ديسمبر1960, من اهمية لضمان حقوق الإنسان و مراعاتها على الوجه الفعال، وأيضاً عدم تطبيق نظام صنعاء قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 924 و931 بتاريخ 1 و 29 يونيو 1994م،, واللذان يؤكدان بعدم شرعية الاتحاد بالقوة, وهذان القراران يشكلان حجر الزاوية في نضال أبناء الجنوب لاستعادة حقوقهم الوطنية والتاريخية, كما يعتبر إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية وإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الصادر من الجمعية العامة عام 1960، ويقف عائقا أمام تقدم السلام والتعاون الدولي٠
لعل ما يعيب المعارضة الجنوبية في السابق، كونها لم توحد صفوفها، وقد تعددت الحركات والتنظيمات السياسية المطالبة باسترجاع حقوقها، فحتى وان كانت هذه التنظيمات نشطة وفاعلة، إلا أنها لم تكن موحدة وظلت تفتقرالى التنظيم أو الزعيم, حتى جاءت جمعيات المتقاعدين العسكريين والامنيين والمدنيين والمسرحين قسراً, بقيادة العميد ناصر علي نوبة ورفاق دربه من العسكريين, الذي يجب عليهم مواصلة النضال دون هوادة ومهما كانت التضحيات, لتحويل الهزيمة الى أنتصار٠
وتكمن المشكلة عند الجنوبيين، في عدم تبني قضيتهم في المحافل الدولية أو الإقليمية أو الإسلامية، ولا حتى في المحافل العربية، وبالرغم من أنهم علقوا الكثير من الآمال على أشقائهم العرب في تبني قضيتهم الجديرة بالاهتمام، إلا انه لا يوجد بلدا عربيا واحدا حاول الأخذ بأياديهم، وطرح قضيتهم على أي من المحافل المذكورة، فحالت الأوضاع العربية المتردية، والغطرسة اليمنية المشبعة بالأفكار العنصرية والشوفينية والقبلية المتخلفة، إلى أن الملايين من أبناء الجنوب، منذ تاريخ الاحتلال حتى يومنا هذا، تحت رحمة نظام صنعاء القمعي، وعلى الرغم من ذلك، فان تشبثهم بهويتهم الجنوبية، وإصرارهم على مقاومة سياسة الاحتلال اليمني الجائرة، يزداد يوما بعد يوم. وبالتالي فان هذا الشعب، يمتلك كافة المقومات الحضارية والثقافية، والمقاييس الوطنية والإقليمية والتاريخية والجغرافية والقانونية، التي تأهله إلى أن يختار وضعه الدولي دون تدخل جهة أجنبية، وان هذا الاختيار، يبرر له الأساليب والوسائل المعتمدة في مواجهة الحكم العنصري القبلي المتخلف اليمني، وذلك من خلال كافة الاشكال المشروعة المشارة سلفاً٠
والمفارقة العجيبة، هي أن بعض القيادات الجنوبية فشلت في قيادة الجنوب قبل خدعة 22 مايو 1990م, ووجدت أبواب المؤتمر الشعبي العام, مفتوحة على مصرعيها لاستقبال وترتيب أوضاعهم, ليمارسوا تجديد نشاطهم السياسي, من خلال المشاركة في تشكيل لجان, بهدف تأديب الجنوب والجنوبيين على خلفية فشلهم٠
لذلك نقول, أن من فشل بالامس لن يحرز نجاح اليوم, فالقطار الجنوبي تحرك, ولن تجدي نفعاً أية قوة في أيقافه حتى وصوله أخر محطة له, وعلم الجنوب يرفع مجدداً محل علم خدعة 22 مايو 1990م المزور في دار الرئاسة في عدن٠
الدكتور فارس سالم الشقاع
الامارات العربية المتحدة / أبوظبي
26-8-2007
شيخان اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس