http://siyasapress.net/default.asp?p...70&NewsID=3325
القيادة كفاءات وليست استحقاقات يا قيادات الحراك
القيادة كما يعرف الجميع تدريب و تدرج في المراتب و ليست قفزاً فوق الحواجز أو بالوراثة . و في كليات الجامعة يُلزم الطالب بتدريبات عملية خلال مرحلة الدراسة , فالمهندس مثلاً يذهب إلى شركات المقاولات و يبدأ بالاختلاط مع العمال ثم يكلف كمراقب عمال ثم مشرف , فإذا تخرج من الكلية يكون جاهز من الناحية العلمية كمهندس , و مدرب ليقود مئات الأفراد من العمال و من عليهم من مراقبين و مشرفين .
فإذا كان هذا التدريب لازم و إجباري لا يتم حصول الطالب على شهادة التحرج إلاَّ به , فكيف يكون التعامل مع من يتقلد مناصب حكومية . و بالعودة إلى التاريخ القريب (الاستقلال في 1967) تأكد للجميع أن سبب فشل السلطة كان تقلد مناصب الدولة شباب لم يسبق لأحدهم إدارة قرية و معظمهم بدون الحد الأدنى من التأهيل العلمي و كما يقول البعض أن قيادات كبيرة كانوا لا يستطيعون القراءة و الكتابة بالعربي .
لكن في الاستقلال الأول كانت بريطانيا قد أهلت الجنوب ليصبح دولة , من حيث النظام الإداري و تشكيل الإدارات وتشكيل الجيش و الأمن و عندما سلَّمت بريطانيا الجنوب قررت تسليمه للجبهة القومية لأنها التنظيم الوحيد الذي قبل استلام البلاد بالشروط البريطانية , و لم تكن الكفاءة أو السيطرة على الأرض سبب تسليمهم البلاد . و لكن الأهم في الأمر أن أجهزة الدولة الإدارية و العسكرية و الأمنية كانت موجودة على أعلى مستوى للتنظيم و الكفاءات .
و اليوم سلطة صنعاء لم و لن تؤهل الجنوب بنظام إداري و عسكري و أمني كما فعلت بريطانيا , و لكنها تسحب أطقمها الإدارية و الأمنية و العسكرية من مديريات الجنوب بالتدريج , حتى تصل البلاد إلى الفراغ المدمر , و اليوم نجد عشرات المديريات و بعضها مراكز محافظات كما هو الحال في أبين قد أفرغت من الأطقم الإدارية .
السؤال الآن : -
أين قيادات الحراك الجنوبي الذين يطالبون بالانفصال و استعادة دولة الجنوب , لماذا لا يتحركون و يسيطرون على المديريات التي وقعت في دائرة الفراغ ؟؟ أليسوا كفاءات كما يقولون !! أليست السيطرة على الجنوب و حكمه مطلبهم كما يقولون !! لماذا لا يبادرون كما بادرت الجماعات الإسلامية بالسيطرة على محافظة أبين ؟؟ هل هدفهم تحرير وطن كما يقولون أم أنَّ هدفهم رواتب و ميزانيات للقيام بذلك ؟؟؟
من وجهة نظري أن هؤلاء من قيادات الحراك في الداخل أصبحوا مرتبطين بالقيادات الجنوبية السابقة بالخارج , و هم ليسوا رجال استقلال ولا رجال فدرالية , و لكنهم مرتزقة لمصالح شخصية بحته , و هم يتصارعون على قيادة الحراك من أجل ذلك , فمنهم من يرتزق بتصدره صفوف الحراك للحصول على تحويلات المغتربين , و منهم من هو مكتفي بتحويلات ديناصورات الجنوب , و منهم من يرتزق من خلال تعميق الانفلات الأمني ليعمل في قطع الطريق على المواطنين . و بذلك هم ينفذون أجندات شخصية لأنفسهم و أجندات شخصية لتلك القيادات , و لا يحملون أي هدف قومي بين أضلعهم .
و فشل هذه الشخصيات في التوحد في كيان سياسي واحد أو حتى جبهة توحد كياناتهم الهزيلة , أو حتى مبررات مقنعة للتفريخ الدائم لمكونات الحراك يثبت وجهة نظري أنهم مرتزقة مصالح شخصية . و المراهنة على هذه القيادات يعتبر عته فكري و فشل للمجتمع بكامله , و هذا الفشل الجنوبي يدفع المجتمع الدولي و الإقليمي إلى الأخذ بخيارات الحل المرضية لمصالحهم و للطرف الشمالي ( سلطة و معارضة ) دون أي حساب لردة الفعل الجنوبية , فمهما كانت ردة الفعل فليس لها أي ثقل على الأرض لأنها صادرة من شعب ممزق , و القيادات المرتزقة مستعدة لعقد صفقات ارتزاق شخصي مع أي طرف يمني شمالي أو إقليمي أو دولي . و الخاسر الوحيد من هذه الصفقات و الحلول المفروضة هم اليمنيين الجنوبيين و ستذهب كل تضحياتهم من شهداء و جرحى و معتقلين و مشردين بثمن بخس .
في الختام نؤكد على أن شباب الجنوب أمام خيار الحفاظ على حاضرهم و مستقبلهم أو ضياعهما , و لا يتم ذلك إلا بالعمل التطوعي و السيطرة على المديريات النائية في محافظات الجنوب , و إدارتها إدارة صحيحة بدون أي سقف سياسي ( وحدة – فدرالية – استقلال ) و بدايتهم في هذه المديريات النائية المستقرة نسبياً بسبب تركيبتها الاجتماعية والقبلية , يعطيهم الحد الأدنى من الخبرة المطلوبة التي تؤهلهم لإدارة غيرها من المديريات المضطربة , و يؤهلهم لإدارات محافظات بكاملها , بل حتى إدارة المحافظات الجنوبية بالكامل , و حينها يستطيعون ترجمة مطالب الجنوبيين ونقل صورة واضحة للمجتمع الدولي عن حل القضية الجنوبية الحل المرضي للجنوبيين كافة أكان الحل تصحيح مسار الوحدة أو فدرالية أو استقلال الجنوب .
د. أحمد اليافعي