[خط الوسط]

كنت وأنا في العشرينات من عمري أتردد في بعض الأيام للمقيل وجلسات القات بصحبة بعض الأصدقاء على منزل أحد الأخوة الذي عاد إلى القرية بعد أن عاش في الغربة كل حياته وفيها ولد ، وقد كان أكبر منا سناً ويحمل بعض الأفكار المتحررة نوعاً ما ( أفكار إجتماعية وسياسية ) والتي لا تتناسب مع مجتمع القرية المحافظ والتي تسوده الأعراف القبلية الأصيلة ويعرف الجميع بعضهم بعضا.

فكان يأتي إليٌ بعض الأشخاص المحبين ناصحاً ومعاتباً ومستنكراً ذهابي إلى ذلك المقيل وينصحني ويقول أنه لا ينبغي لمثلي أن يجالس تلك الشلة وذلك الشخص الذي كان البعض لا يحبونه بناءًا على إشاعات تقول أنه وشلته يتعاطون الخمر آخر الليل بعد التخزينة.
( ولا أدري إلى حد اليوم هل كانت تلك الإشاعات صحيحة أم لا )

فكنت أقول للناصحين أنني أذهب لذلك المجلس بعد صلاة العصر وأخرج عند صلاة المغرب ، وأقول لهم بأنها جلسة قات عادية وأنني لم ألاحظ عليهم شيئاً مما يشاع عنهم سوى أنهم كانوا قبيل أو بعد المغرب يلعبون الورق ( البطة ) لعدة ساعات وكل واحد يذهب إلى بيته وأنا شخصياً لم أكن ألعب معهم
وكنت أردد دائماً بأنه لا يهمني ما يقول الناس طالما وأنا واثق من نفسي أنني لا أقوم بإي خطأ

ودارت الأيام وذهبت إلى الغربة وذلك الشخص جرى تطفيشة من القرية وذهب للعيش في صنعاء
ولكني لم يأخذني وقت طويل لإكتشف بعد مراجعة سريعة أن عدم إهتمامي بكلام الناس وبرأيهم فيني خطأ كبير وأن ذهابي مع تلك الشلة مع عدم مراعاة ما يُشاع عنهم كان خطأ لا ينبغي عليٌ فعله
وأن مجرد ذهابي إلى موطن الشبهات حتى ولو لم أعمل ما يعيب يعتبر بحد ذاته خطأ إن لم يكن ذهابي من أجل المناصحة.. .

الشاهد من القصة أنه لا يجب أن نكتفي بالقول أننا على حق ونحن واثقون من أنفسنا ومما نعمل ( وطز ) في الآخرين وما يقولونه
لا فذلك خطأ وسوء تقدير.
ولو أسقطنا ما ورد أعلاه على الحراك الجنوبي فسنجد أن رأي الناس كالرأي المحلي والأقليمي والدولي في الحراك شئ ضروري وبالغ الأهمية وله إنعكاساته سواءً كان رأياً إيجابياً أو سلبياً
فإن كانت نظرة العالم ووسائل الإعلام في الحراك إيجابية فيجب الحفاظ عليها ناصعةً من أي تشويه
وإن كانت النظرة سلبية فيجب أن تعقد الندوات والحوارات الجادة لتدارس هذه المعضلة الرئيسية وأخذ ما يُشاع عن الحراك من أشياء على محمل الجد والعمل الجاد على تصحيح النظرة لدى الأخرين عن الحراك وإظهاره بالصورة الناصعة التي يجب أن يراها الجميع على حقيقتها وكما يحب أصحابها لا كما يريدها أعداءها.

وتصحيح الصورة لا يتأتى إلا بترشيد الخطاب الإعلامي الحراكي وإجراء مراجعة شاملة وتقييم عميق لإداء وسائل الإعلام المناصرة للحراك ، وأين أحسنت وأين أخفقت وأين أساءت
ولماذا لا تنقل عنها وكالات الأنباء أخبار الحراك الجنوبي ؟
أسئلة كبيرة يجب الإجابة عليها بعمق وبصدق مع النفس ومع الحراك ومع القضية الجنوبية العادلة التي وللأسف الشديد أساء إليها القريب قبل البعيد.

شكراً .. وتحيتي للجميع