عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-22, 12:29 PM   #8
صقر الجزيرة
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-05-25
المشاركات: 17,893
افتراضي

الضبع ضبعان!

بقلم : بدر قاسم محمد



يشاع في الموروث القصصي الشعبي أن حيوان الضبع الضاري ذو عنق مسمْرة صلبة غير مرنة..وصلابة عنقه هذه تُسلط وجهة رأسه في الاتجاه الأمامي عنوة ولا تُمكنه من الالتفات إلى اليمين أو اليسار , وبحسب هذا التوصيف الشعبي لحيوان الضبع نقول :- ما بالك عندما يكون هذا الضبع الحيوان الضاري ضبعان! أي اثنان في واحد على طريقة شامبو برت بلس! بالتأكيد سيظل هذا الحيوان الخليط "ضبعان" يسير بعنقه المسمْرة بالاتجاه الأمامي بشكل آلي في خط مستقيم لا علاقة له بالاستقامة الأخلاقية الإنسانية بقدر علاقته باستقامة الطريق الدموي الأحمر ,الهدف الماثل أمامه تاركا أثر وعلامة على جبين البشرية لا يُمحى.

ومن المؤكد أن هذا الضبع ضبعان إذا ما أُطلق له العنان باتجاه الضالع الصمود ليقتل ويفترس سيظل يعمل بنفس ضراوة وآلية فتاوى تكفير الجنوب في حرب صيف 1994م وخصوصا فتوى الشيخ عبد الوهاب الديلمي سيء الصيت بخصوص الحرب على الجنوب أرضا وإنسانا حينها ,والتي منها ,أي الفتوى ,(إذا تمترس غير المسلمين بمسلمين فإنه يجوز قتل المسلمين في سبيل قتل غير المسلمين) .

ولأن الضبع ضبعان مُسمر العنق فلسان حاله يقول أمرني سيدي لا أرجع ) فهو لا يزال يسير على منوال الفتوى الديلمية ويعتبرها سارية المفعول من تاريخ صدورها إلى يومنا هذا ,ونحن هنا ربما قللّنا من فضاعة الأمر في الضالع اليوم حينما أوردنا التشبيه بين الحدثين ,حدث قصف الجنوبيين في حرب صيف1994م الحرب المعلنة و حدث قصف الضبع ضبعان للضالع اليوم الحرب الغير معلنة , تشبيه يأخذ شكل تلطيفي غيبي للنظرة الاستعلائية الضبعانية الصنعانية باعتبار أن الضبع ضبعان يعتبر الأطفال والنساء من أبناء الضالع مسلمين يجوز قتلهم على سبيل الضرورات التي تبيح المحظورات , بينما مشهد وطريقة القتل توحي بأن الضبع ضبعان أخرجهم من دائرة الإسلام ووضعهم في دائرة القصف والعدوان المباشر بدون المبرر الشرعي "التمترس بهم " ,لهذا نعتذر عن تنميقنا صورة الضبع ضبعان قليلا .

لا يوجد تفسير عقلي آخر يُخرج المشهد في الضالع اليوم عن هذا السياق سياق الحرب التكفيرية المعلنة على الجنوب أرضا وإنسانا المستمرة من الأمس القريب إلى يوم هذا ولا يوجد عاقل واحد على سطح هذه الكرة الأرضية يعتبر الجنوب بالتوصيف الشمالي الضيق أرضية لمشايخ ومتنفذي الشمال مضافة بالضم والإلحاق عنوة إلى أرضيتهم الشمالية لا بالمعنى الجغرافي ولا بالمعنى الديموغرافي فالجغرافيا تنكر هذا والديموغرافيا أيضا .

إن هذا القصف الحيواني الغير إنساني للأطفال والنساء في الضالع لـمن المحزن أن يلتقي بالصمت الشعبي المخيف في الشمال ومن المفجع في نفس الوقت أن يلتقي بالتشفي والرضاء بل والمجاهرة بتأييد استمراره من بعض الساسة والنخب السياسية والأحزاب في الشمال ,هذا التأييد الإعلامي الذي لمسناه من بعض القنوات الحزبية لِما تشنه مدفعية وصواريخ الضبع ضبعان من قصف لهو سقوط أخلاقي وإنساني أوقد نار الفراق الإنساني بيننا وبين الإنسان الشمالي وأخشى أن يقضي على علاقة التعايش البشري تحت سماء هذا الكون بعد أن قضى على علاقة التعايش الوحدوي السياسي ولا أعتقد أن هناك أي إمكانية للتعايش الاتحادي السياسي اليوم أبدا على الإطلاق.

وجواب الضبع ضبعان بأن ما يقوم به في الضالع اليوم من قتل وتنكيل - لا يقره دين ولا شرع ولا حتى قانون وضعي- هو عمل وطني ! -لن أقول هو خير دليل- بل هو شر دليل على شر واقع معاش وشر تجربة مريرة عاشها شعب الجنوب الأبي . بل ويرسم قاعدة وطنية شمالية مفادها: قتل الجنوبي عمل وطني وفريضة إسلامية ! .

لهذا جُل ما يرجوه الإنسان في الجنوب اليوم هو استعادة الدولة وفك الارتباط بعد أن فك ارتباطه بالشمال حكومة وشعبا الواقع المعاش والتجربة المريرة .
صقر الجزيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس