عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-10-21, 03:23 AM   #89
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 41,761
افتراضي

قراءة عميقة في أهمية بيان الانتقالي الجنوبي والسيناريوهات المحتملة

المصدر :المركز العربي للأنباء | خاص


كان بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الأخير بتاريخ 3 أكتوبر بمثابة نقلة نوعية في خطاب وسياسة الإنتقالي منذ تأسيسه في منتصف العام 2017، فبينما اعتبره البعض مجرد تهديد فقط، أكد آخرون ومنهم قيادات بالمجلس أن البيان يمثل خارطة طريق إستراتيجية للمجلس.

وجاء بيان الإنتقالي ملامساً لهموم الشعب وتطلعاته، إذ أن التحذيرات والدعوات التي أطلقها المجلس لم تكن سوى غيض من فيض بسبب السياسات والممارسات الخاطئة التي تنتهجها حكومة الشرعية منذ سنوات في عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحررة.

تلى ذلك البيان إلغاء فعالية مركزية كان ينتوي المجلس إقامتها في عدن بمناسبة الذكرى الـ 55 لثورة 14 أكتوبر، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة وقتها، فيما عده البعض بالإستسلام والرضوخ، إلا أن سرعان ما جاء الرد التوضيحي من عضو هيئة رئاسة المجلس الدكتور ناصر الخبجي والذي وضع من خلاله النقاط على الحروف.

خارطة عمل للانتقالي
أكد الخبجي في منشوره المطول على صفحته في فيس بوك أن السياسة مصالح ومتغيرة وليست ثابتة وأن الغاية تتعدد الطرق لبلوغها، وأوضح الخبجي أن السياسة : "محطات ھبوط وصعود تتأرجح ضمن المتغيرات، لكن الثابت ھي الثوابت الوطنية، فالجنوب اليوم لم يعد ذاك الجنوب ما قبل 2015، ومكتسباته الوطنية كثيرة، وبيده أوراق متعددة، والواقع تغير ولا يمكن العودة به إلى النقطة التي يتوھمھا الواھمين".

وألمح إلى أن الإندفاع والتهور سيصب في مصلحة الأعداء المتربصين، لافتاً أن التراجع خطوة ليس خذلاناً ولا ضعفاً وإنما يأتي في إطار التكتيكات لإبطال مخططات الخصوم، مؤكداً أن السھم يتراجع لكي يكون إندفاعه أقوى.

كما ألمح إلى أن هناك ضغوطات يتعرض لها المجلس الإنتقالي من شركاءه في التحالف العربي وكذا الخارج، حيث قال : "أي عمل سياسي لا بد أن يمر بتأرجح وفيه نوعاً من الضغوطات وھنا تكمن حنكة القيادة في التعاطي مع الأمور لتحقيق بعض المكاسب الوطنية الإضافية وتفويت الفرصة على الخصوم".

وبشأن بيان المجلس الإنتقالي الأخير، قال الخبجي إن : "بيان 3 أكتوبر يعتبر خارطة عمل للانتقالي لا يمكن التراجع عنه، لكن القيادة ھي من تحدد الوقت المناسب لتنفيذه والشعب الجنوبي يجب أن يكون سنداً لھذه القيادة التي تدرك حجم المسؤولية التاريخية وما يحاك من مؤامرات على مستوى رفيع من التكتيك لإدخال الجنوب في مستنقع الفوضى الخلاقة وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة".

ولفت إلى أنه : "من الممكن بل والمسؤولية أن تؤجل خطوة بحدود الممكن لأجل حقن الدماء التي يسعى إلى إراقتھا الخصوم، وحماية أھلنا وناسنا طالما نبحث عن وطن يكون الجميع شركاء فيه".

أولى الثمار
وتحققت أولى ثمار ومطالب الجنوبيين وعلى رأسهم المجلس الإنتقالي في القرار الصادر يوم 15 أكتوبر بإقالة رئيس الحكومة أحمد بن دغر وإحالته للتحقيق بسبب الفساد المستشري وإتهامه بالعجز في إحداث أي شيء للمحافظات المحررة بحسب ما جاء في ديباجة القرار الجمهوري.

لكن بالمقابل أبقى ذات القرار أعضاء الحكومة على ما هم ولم يطالهم ذلك التغيير، في تعد واضح على بنود الدستور اليمني والأعراف الدولية والمتعارف عليها في دول العالم، إذ أن إقالة رئيس وزراء يعني إقالة كافة أعضاء الحكومة معه، على أن يتم تعيين رئيساً جديداً ليقوم بتشكيل حكومة جديدة، وهو ما لم يتم باليمن الذي يختلف كلياً حتى في القرارات.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي صلاح السقلدي: "يبدو قرار الإقالة مقتصراً على رئيس الحكومة، وهذا يدل على عدم وجود جدية في موضوع مكافحة الفساد، فالفساد مستشرٍ بثنايا هذه الحكومة كلها وبالتالي فالإكتفاء بإقالة رأسها فقط* يشير إلى أن ثمة حسابات أخرى لا علاقة لها بمكافحة الفساد والإصلاحات".

وأضاف : "بل أنه حتى وأن تم فرضاً إقالة الحكومة كلها ولم تشمل الإصلاح ولا جهود مكافحة الفساد ولم تحدث هناك عملية تطهير شاملة بكل أجهزة الدولة فلا جدوى في مثل هكذا قرارات، كالقرار الأخير الذي هو ليس أكثر من ذر الرماد على العيون وإنحناءة مؤقتة لعاصفة الغضب الشعبي التي تقدم صفوفها المجلس الانتقالي الجنوبي قبل أن يتراجع خطوتين للخلف بشكل مفاجىء وغير معروف".

وقف التصعيد*
بالمقابل يرى الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور حسين لقور أن : "الحرب التي تدور اليوم على أرض اليمن والجنوب العربي تعكس ثلاثة صراعات في آن واحد صراع إقليمي وصراع يمني يمني وصراع جنوبي يمني وأصبحت متداخلة".

وأضاف : "وكون المجلس الإنتقالي قد أصبح طرفاً أساسياً في هذه الحرب صار لزاماً عليه أن يأخذ مواقفه بناءاً على ارتباطاته في هذه الحرب وعلاقاته خصوصاً مع التحالف".

وتابع بالقول : "كلنا يعرف الهجمة التي تتعرض لها السعودية وهي قائدة التحالف وجزء من هذه الهجمة بسبب تصديها للانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً .. ويبدو بأن الإنتقالي وضع هذا الأمر بعين الاعتبار وحرص على أن لا يكون هناك أي تصعيد ضد الشرعية الفاسدة في هذا الوقت بالذات ودون أدنى تراجع عن بيان 3 أكتوبر وهو يعكس حرص وإحساس بشمولية المعركة".

إقالة بن دغر ليست كافية
بدوره قال الناطق الرسمي للمجلس الإنتقالي سالم ثابت العولقي في حديث صحفي إن إقالة بن دغر دون الحكومة تعتبر "فهلوة"، مشيراً إلى أن الفساد الحكومي والإداري والمالي في اليمن عبارة عن منظومة متكاملة وليس محصوراً في شخص بعينه، وأكد أن هذا التغيير لا يعبر عن توجه حقيقي لمواجهة الفساد، وإبقاء الحكومة نفسها مؤشر واضح على أن هناك قوى تريد استمرار الفساد.

وبشأن إمكانية شغل أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي مناصب في الحكومة، أكد العولقي، أن المجلس لن يشغل أي تعيينات أو حقائب وزارية بل سيواصل الطريق لمكافحة الفساد وتفكيك منظومته، لافتاً إلى أن المجلس يطرح سياسات متكاملة لوضع حد للعبث والفساد والحفاظ على موارد البلاد ومنع هدرها وترشيد الإنفاق الحكومي وضمان الأمن وتوفير الاستقرار.

كذلك يرى الكاتب والناشط السياسي أحمد الربيزي : "إقالة بن دغر جاءت من الشرعية إثر ضغط المجلس الانتقالي وشعب الجنوب على الرغم انها ناقصة، فالفساد منظومة متكاملة، وحاولت الشرعية أن تحمّل "بن دغر" فسادها المنظم وجعلته كبش فداء، لكنها مهما حاولت التغاضي والتعامي إلا أنها كذلك أثبتت بكل وضوح الثقل الكبير لـ"الانتقالي" وأن بإمكانه إحداث الشيء الكثير، وهذا الأمر يعمق ثقة الناس فيه".

لم يحدد موقفه
ويرى الكاتب والمحلل السياسي منصور صالح، أن المجلس الإنتقالي وحتى الآن لم يحدد موقفه الرسمي من قرار إقالة بن دغر فقط دون حكومته، وأضاف : "لكن تقديري الشخصي أن هذا غير كافي لأن الفساد منظومة متكاملة وهذه الحكومة أثبتت فشلها وإقالة رأس الفساد وترك الجسد الفاسد والمترهل لن يغير في الأمر شيء".

وأضاف : "إقالة رئيس الحكومة وترك باقي الأعضاء هو محاولة للالتفاف على المطالب الشعبية لإقالة الحكومة وثانياً محاولة للالتفاف على الدستور الذي يشترط حصولها على ثقة البرلمان وهو أمر غير ممكن وبالتالي نرى تكراراً لما حدث حينما أقيل خالد بحاح واستمرت حكومته ومن ثم إجراء تعديلات فردية عليها".

وأشار منصور : "نتوقع استمرار تدهور الأوضاع إذ ليست هناك أي مؤشرات تشير إلى إمكانية حدوث طفرة أو تحسن اقتصادي أو تحسين لأوضاع الناس المعيشية خلال الفترة القريبة القادمة".

وبشأن موعد محدد لتنفيذ بيان المجلس، أوضح منصور : "ينبغي التذكير بأن المجلس في بيان 3 اكتوبر لم يحدد وقتاً لتنفيذ مضمونه وبالتالي لا يمكن القول إنه تراجع عن مدة محددة كان قطعها ولكن الجماهير كانت تتوقع تزامن هذا التصعيد مع أعياد أكتوبر".

وحول إلغاء فعالية أكتوبر، أكد أن : "التراجع عن الفعالية كان مرده تقدير الأوضاع المعيشية للناس وتجنبيهم أعباء الاحتشاد إلى عدن، وهذا ما نص عليه بيان إلغاء الفعالية ناهيك عن تجنب حدوث غضب شعبي باتجاه الحكومة وهو ما كان يمكن أن يخرج الأمور عن السيطرة وإتاحة الفرصة سانحة للقوى المتربصة لإثارة الفوضى والاخلال بالأمن والسكينة العامة".

سيناريوهات محتملة
ويرى منصور أن : "السيناريوهات المرتقبة خلال الأيام القادمة هي استمرار المجلس في ثباته على موقفه وتحول بيان 3 أكتوبر إلى خارطة طريق يجري تنفيذها وفق خطط مدروسة ومحكمة تتجنب الوقوع في الأخطاء وبحسب مقتضيات المرحلة مع مراعاة الظروف محلياً وإقليمياً ودولياً، وأما فيما يتعلق بالأداء فأداؤه مرتبط بأداء منظومة الشرعية بأكملها وهو أداء ضعيف وينذر بالفشل".

من جانبه يرى صلاح السقلدي أنه :* "ما يزال الانتقالي يتحدث عن ضرورة إقالة الحكومة بالكامل .. ولكن حتى الآن لم يتعدى موقفه حدود بيانه، ونستبعد أن يذهب بعيداً بخلافه مع الشرعية فهناك فرامل سياسية إقليمية تكبح توجه هذا المجلس، وهذه الفرامل أوقعته وما تزال في نوع من بعض الحرج الشديد مع جماهيره، نأمل أن يتجاوزها قريباً فالأوضاع المعيشية ما تزال في تدهور مريع يوماً بعد يوم".

يحسب له وليس عليه
وبشأن ما يثار حول تراجع المجلس الإنتقالي عن أهدافه المعلنة، قال أحمد الربيزي : "لم أرى أي تراجع في الأهداف التي رسمها المجلس الانتقالي الجنوبي أو على الأقل فأنني انظر إلى ما فعله المجلس الأنتقالي في 13 و 14 أكتوبر ليس تراجعاً لبيان 3 أكتوبر مطلقاً، بل أرى أن ما غاب عن النخب السياسية الجنوبية في الماضي من التأني والعمل السياسي بحكمة وعدم التسرع صار إرث سياسي استفاد منه "الانتقالي" واتخذ طريق "الحكمة" وهو الأصعب وأعني تجنيب شعب الجنوب أي صراعات مسلحة".

وأضاف في حديثه : "هذا يحسب لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي وليس عليه .. وفي الأخير مصالح شعب الجنوب هي من يجب أن يضعها الانتقالي في حساباته وأي خطوات يتخذها بتهور ولا يحسب حسابها ستنعكس على شعبيته بكل تأكيد".

وأكد الربيزي في ختام حديثه أن : "الانتقالي الجنوبي هو الثمرة السياسية لثورتنا السلمية التي انطلقت بأسم الحراك الجنوبي السلمي في 2007م والتي قامت على مبادئ لا حياد عنها وأهمها مبدأ التسامح والتصالح، ونبذ العنف الأمر الذي ظل متمسك به، وبه فوت الفرصة على من حاول الدفع بالأمور إلى ما لا يحمد عقباها".

فيتو دول إقليمية
وكان رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الإنتقالي اللواء أحمد سعيد بن بريك كشف في حوار صحفي قبل أيام أن هناك فيتو على المجلس من دول إقليمية، ودول ضمن مجلس الأمن، وأشار إلى أنه "وأمام هذا "الفيتو" كان لنا مراجعة مع سيناريو معدّ للمواجهة، في حالة تمّ رفضنا وعدم انصياعنا لهذا الضغط الذي شكّل علينا، يحقّق لهم أهدافهم التي كانوا يريدون تحقيقها".

وأضاف : "فضّلنا أن نغيّر التّكتيك، وتنفيذ بياننا في (3 أكتوبر) هو مطلب لشعبنا، من أجل عدم إذلاله في معيشته واستقراره، وهذا "ليس معيباً" فاكتشفنا أنّ شعبنا صدم مثل ما صدمنا نحن بمواقف مقابلة من قبل "الفيتو" الذي استخدم ضدّنا؛ فقلنا خيرها في غيرها، ونحن مازلنا متمسكين وغيرنا التكتيك وأقسمنا يميناً إنّ أهدافنا وخارطة طريقنا الذي حددناها في البيان لن ننأى عنها عاجلاً أم آجلاً".

ودعا بن بريك، إلى استمرار "العصيان" بجميع المؤسسات والمرافق في العاصمة عدن، وبقيّة المحافظات الجنوبية، والتّصعيد يكون على شكل مراحل إلى أن يستوعب الكلّ مبدأ الإدارة الذّاتيّة للمحافظات الجنوبية، تحت إطار المجلس الانتقالي الجنوبي.*

قرار السيطرة
بدوره يقول رئيس القيادة المحلية للمجلس الإنتقالي بالعاصمة عدن الدكتور عبدالناصر الوالي : "قررنا السيطرة على مؤسساتنا لأن شعبنا لم يعد يعاني فقط شعبنا بل يموت. هل نصمت.. لا .. هل نصبر إلى أن تنتهي الحرب ويسقط المشروع الإيراني؟. لا بأس. ولكن حتى ذلك الحين يجب أن يعيش شعبنا بكرامة وأن لا يكون شعبنا هو ثمن الحل والصبر".

وتحدث الوالي عن طبيعة تلك السيطرة التي فيما يبدو بأن المجلس عازم عليها خلال الأيام القادمة، إذ قال : "ندير مؤسساتنا ومواردنا بأنفسنا لكي نوقف النهب والإسراف ونستطيع أن نعيش بكرامة بدون تدخل سلطة الشرعية التي أثبتت عجزها بقصد أو بعدم قدرة، على طريق الحل النهائي بعد الحرب المتمثل في استعادة دولة الجنوب المستقلة كاملة السيادة بحدود 21 مايو 1990م".

وأختتم بالتاكيد أن : "بعد بيان 3 أكتوبر 2018م لا عودة إلى الخلف. نتوقف. نأخذ نفس عميق ثم نعود"، وهو الأمر الذي عده كثير من المراقبين بالسيناريو المقبل في المرحلة المقبلة، إذ أن توقف الإنتقالي أو الإستمرار في تراجعه قد يساهم في فقدان الكثير من قواعده الشعبية التي يراهن عليها المجلس.
20 اكتوبر 2018 24
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس