عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-01, 05:32 PM   #92
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 41,889
افتراضي

الانتقالي يكسر القيود المفروضة ويصل بقضية الجنوب الى طاولات العالم ويجعلها محط إهتمام الدول العظمى

ساكتب بعجالة عن التحولات السياسية في مسار القضية الجنوبية منذ تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي..
(1)

طويلا ظلت القضية الجنوبية مهمشة لدى المجتمع الدولي حتى أثناء ما كانت الثورة الجنوبية ومسيرات الحراك الجنوبي في قمة زخمها، نتيجة للقيود السياسية الخارجية التي فرضها الاحتلال الشمالي على الجنوب منذ 1994م، والواقع الذي كان مفروضاً وتعاملت معه الدول كواقع يحمي مصالحها أنذاك.

لكن التغيرات الجذرية التي حدثت جراء الحرب الثانية التي شنتها مليشيات الشمال على الجنوب، أنتجت واقعاً لم تكن كل قوى الشمال مجتمعة تتوقعه، فأرادت ان تلعب هوايتها في تبادل الادوار وإبقاء الجنوب أسيراً لتصرفاتها المعادية على أرض وشعب أراد الدخول بوحدة سلمية لغرض النهوض فتم اعادته بالوحدة اليمنية الى القرون الحجرية.

واليوم لم تعد قضية الجنوب تلك القضية التي ظلت سنوات حبيسة في جغرافية الجنوب وحاضرة في مسيرات الشعب الجنوبي السلمية. بل انتقلت مباشرة بعد تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان سياسي جنوبي يمثل القضية الجنوبية وتطلعات شعبها الى طاولات القرار الدولي واهتمام الدول العظمى.

فوجود المجلس الانتقالي الجنوبي ليس اعتباطياً ولا ديكورياً مثلما تحاول بعض الاقلام المأجورة او السطحية تصويره، بل هو وجود حقيقي لتخطي الحواجز والاسوار التي تم وضعها لإبقاء القضية الجنوبية محدودة الحضور، بل وجود الانتقالي هو لمصلحة دولة التحالف العربي والمجتمع الدولي.

ولهذا اتخذت قوى الشمال واحزابه والساقطين من الجنوبيين في حضيضها، مهاجمة المجلس الانتقالي الجنوبي وقياداته لمحاولة ارباك الشعب الجنوبي الذي يعتبر هو الرهان الأساسي في انتصار المجلس الانتقالي للقضية الجنوبية وتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة دولته.

صحيح هناك عمليات التفاف من قبل شخصيات داخل مكتب المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث، وهناك محاولات ايجاد ذرائع لإقصاء القضية الجنوبية وممثلها الحقيقي المجلس الانتقالي الجنوبي من أي حل سياسي قادم، لكن لن يستطيع العالم كله تجاوز القضية الجنوبية المحمية بقوة الحق بإرادة الله ثم ارادة شعب الجنوب، وكذلك محمية بالتغيرات والاسباب الموضوعية التي انتجتها التطورات .

(2)

وبالمجمل.. لم يكن أي سفير لا قبل ولا بعد الحرب يعير الجنوب وقضيته اهتماماً، ولكن مع وجود المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية بات العالم أمام حقيقة واقعة لا مفر منها بأن للجنوب كيانا سياسيا هو المسؤول عنه وحامل قضيته.

وبغض النظر عن العديد من المواقف الدولية الداعمة للجنوب والغير معلنة لاسباب تخص شؤون الدول سواء من سفراء ووزراء خارجية دول اقليمية وعالمية، اعلن السفير البريطاني في لقاءه برئيس المجلس الانتقالي بالعاصمة الاردنية الاربعاء 29 اغسطس أن موقف بريطانيا متفهم لضرورة حل قضية الجنوب حلً عادلاً، وأهمية وجود الجنوبيين ضمن المشاورات وجولة المفاوضات القادمة.

السفير البريطاني عبر عن احترامه للمجلس الانتقالي الجنوبي في تحركاته لإستعادة حقوقه السياسية وحل قضيته العادلة، مشيراً إلى إن الجنوب تعرض لتمييز غير عادل منذ 1994م.

هذه الحقوق السياسية الجنوبية هي كيان الجنوب كجغرافيا وشعب وثروة وكيان سياسي ( المجلس الانتقالي الجنوبي ) تشكل جميعها مفهوم ( دولة الجنوب ) وهي الشروط الواجب توافرها في إقامة أي دولة على وجه المعمورة .

(3)

وبوضوح...

يمكنني القول: تنني لا أبالغ في التفاؤل، ولا أدعو للتساهل أمام الاخطار المحدقة بالقضية الجنوبية، وتحركات اعداء الجنوب في الشمال او في الاقليم، ولكني مؤمن إيماناً مطلقاً ان الأمور تغيرت وان الجنوب لم يعد هزيلاً وضعيفاً كما كان لا عسكريا ولا سياسيا.

فعسكرياً لدى الجنوب قواته التي تمكنت من تحريره وقادرة بإذن الله على حمايته، وسياسيا لدى الجنوب قيادة سياسية وكياناً منظماً يمثله وسيستوعب كل المؤمنين بالجنوب وقضيته وتحقيق هدفه في استعادة دولته.

ان كان ما يجري من تدرج سياسي دولي نحو القضية الجنوبية، هو شعوراً بأن القضية الجنوبية وجغرافية الجنوب لم تعد تلك الواقعة تحت تصرف الشمال الباغي الذي دمر الجنوب أرضاً وأنساناً.

(4)

اشارة مختصرة:

لا يمكن للمجتمع الدولي ان يقف طويلاً حجرة عثرة أمام إرادة شعب الجنوب، وليس ذلك لقوة الارادة الجنوبية فقط، بل ايضاَ لموضوعية التطورات التي جرت وتجري اليوم في الجنوب والشمال والمنطقة عامة، والاهم من ذلك هي العوامل الجيواستراتيجية والمصالح الدولية التي ترتبط بالجنوب وجغرافيته ارتباطاً وثيقاً .
يقع الجنوب على أهم ممر مائي في العالم، تتداخل فيه مصالح العالم، والتي لن يجازف احد في الاضرار بها، والذي لو حدث لربما نشهد حرباً اقليمية او عالمية مباشرة بدلا من الحرب الغير مباشرة الجارية حالياً.

كل الصراعات والحروب اليوم، هي حروب ( المصالح ) ولن يفرط المجتمع الدولي بمصالحه التي تتركز في الجنوب، ولن يذهب لمعاداة شعب الجنوب بعد ان تغيرت الامور، لأجل ما تسمى ( وحدة يمنية) فشلت في مهدها بشكل ذريع، وبقيت شكلياً عندما كانت مصالح العالم تقتضي ذلك، وولم تعد اليوم عوامل بقاء تلك الوحدة اليمنية الفاشلة موجودة نتيجة لتغيرات جوهرية في الخارطة السياسية وخارطة المصالح لا مجال لذكرها هنا.

(5)
الخلاصة:

ستدخل القضية الجنوبية الأمم المتحدة بعد ان توفرت عوامل حضورها واقعياً محليا وسياسياً محليا وخارجياً، وستفشل مخططات إعاقة طريق المجلس الانتقالي، وسيفشل من يتوهمون ان بامكانهم تكرار سيناريوهات ماضية في تزوير إرادة الشعب الجنوبي. صحي قد يتسببون بتأخير او تأجيل حضور القضية الجنوبية لكنهم سيفشلون حتماً في تزوير ارادة القضية او قبول حلول متنقصة.

سيتم النظر للقضية الجنوبية دوليا باهتمام لكون مساحات التحرك أمام التحالف العربي والامم المتحدة في اليمن عامة، بدأت تضيق وتتقلص ومعها تتضائل الخيارات. وذلك ليس فقط لأن شعب الجنوب مصراً وعازماً على إكمال تحقيق تطلعاته وبلوغ هدفه في استعادة استقلال دولته، بل أيضاً لأن وضع الجنوب اليوم بات يرتبط بمصير وبقاء دول التحالف العربي لا سيما دول الخليج التي لا مخرج لها إلا من الجنوب والنظر لوضعه السياسي والجغرافي والمخاطر العدائية الايرانية المحدقة به خاصة مع بقاء مليشيات ايران مسيطرة على غالبية جغرافيا الشمال.

ما أريد قوله هنا، ان موقف المجتمع الدولي سيتغير تجاه الجنوب وقضيته، وان هناك مخاطر حقيقية بات يشعر بها الجميع سيكون من اللازم مواجهتها، من تأمين الملاحة الدولية وحماية مصالح العالم الامن والسلم الدوليين والتي تقع نقطة ارتكازها في الجنوب ( عدن وباب المندب والشريط الساحلي الجنوبي الطويل) .

#اديب_السيد
30 اغسطس
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس