[عبدالسلام بن عاطف جابر]

جنوب اليمن حتى قيام الساعة

8 يوليو 2011

كثر الحديث عن الهوية الجنوبية , و كثر الخوض فيها , حتى ظهر لي أن من يتناولها لا يفهمها على حقيقتها , وما أتحد عليه كل المتناولين لها أننا لسنا يمنيين . و أصبح كل من يريد ركوب موجة الحركة الوطنية الجنوبية يتحدث عن الهوية الجنوبية , و يتشدق بعدم يمنيتنا و أننا جنوب عربي , و ينسى أننا منذ أكثر من ثمانية ألآلاف سنة نحن يمنيون و الجنوب العربي منذ خمسين سنة فقط .

و المضحك في هذا الأمر أن كل من تورط بسفك دماء الجنوبيين , و شارك في تدمير الجنوب الأرض و الإنسان , خلال فترة حكم الحزب الاشتراكي المقبور , و ختم تاريخه الدموي بجهله و فشله بمجرد سماعه نوايا لإزاحته من منصبه, بادر ببيع الجنوب لنظام صنعاء بمسمى الوحدة اليمنية و لم يستمع إلى نصح الأشقاء و الأصدقاء , نسمعه اليوم يقول خدعونا باليمننة و شاركنا في يمننة الجنوب , سبحان الله كيف يكون الجهل و الغباء الفكري و السياسي و كيف هو الضعيف الفاشل لا يتعلم و لا يعي ما يقول . و ما أعظمك يا شعب الجنوب كيف صدق رسول الله فيك أنك أرق قلباً و أللين أفئدة فمازلت تعفوا و تصفح و ترفع صور مثل هؤلاء .


و هنا أقدم هذا السؤال : - لماذا كل الجمهوريات على سطح الكرة الأرضية لم تتخلى عن مسماها خوفاً من دولة أخرى مجاورة لها تحمل نفس الاسم ؟؟؟
جمهورية روسيا البيضاء ( بيلاروسيا ) و تقع شرق روسيا الاتحادية و ترتبط معها باتحاد كونفدرالي منذ 1996. وجمهورية كوريا الجنوبية . لماذا لم يغيروا أسم دولهم خوفاً من الاحتلال بدعوى عودة الفرع إلى الأصل . و جنوب السودان خلال فترة النضال التي جاوزت الخمسين عاماً ظل اسمه جنوب السودان حتى اليوم , و خلال أيام سيعلن دولته المستقلة عن السودان !!!


علينا أن نعي حقيقة اليمن و الذي يعرفه الجميع أنه مسمى جهوي للبلاد يمين الكعبة كما هو حال الشام مسمى جهوي للبلاد شمال الكعبة ( الركن اليماني و الركن الشامي من الكعبة المشرفة ) فكما تسمى بلاد الشام و بلاد السلاف و البلطيق و الترك و القوقاز و البلقان , و كل مسمى من هذه المسميات تقوم فيه عدة دوَّل مستقلة تحترم بعضها البعض و ترتبط فيما بينها بعلاقات بعضها متميزة وبعضها سيئة , تسمى بلاد اليمن بهذا الأسم .


و علينا أن نعي أن بلاد اليمن قامت فيها قبل الإسلام دولٌ كثيرة , إمَّا دولةً واحدة حكمت بلاد اليمن و حكمت الجزيرة و بعضها أمتد إلى خارج الجزيرة العربية , و في بعض العصور قامت فيها عدة دوَّل بنفس الوقت , و بعد الإسلام قامت في بلاد اليمن الكثير من الدول و الأمارات بعضها كان يدين بالولاء للعباسيين و بعضها كان مستقلاً عن مركز الخلافة . وكانت كل تلك الدول قبل الإسلام و بعد الإسلام , لا تسمي نفسها باسم اليمن , فلم يذكر المؤرخون أن هناك دولة قامت في البلاد اليمنية تسمَّت بمسمى دولة اليمن , حتى بداية القرن العشرين عندما سمَّى الزيود دولتهم ( بالمملكة اليمنية المتوكلية ) .

و قد حاولت المملكة المتوكلية اللعب على ورقة الوصاية على بلاد اليمن من خلال مطالبة الأمام يحي بالسيادة على جبل يام جنوب نجران في عام 1932 و كان رد المغفور له الملك الموحد عبد العزيز آل سعود أن المملكة المتوكلية ليس لها حق أدعاء ملك اليمن , فاليمن مسمَّى جهوي و ليس مسمَّى دولة , و كذلك كانت الوفود السعودية المفاوضة في ذلك الحين , فكانت هذه الحجة الدامغة هي التي أسكتت الأمام و الوفود الأمامية و ردتهم عن غيهم .

و علينا أن ندرك أن حجة توحيد البلاد اليمنية , حجة ساقطة تاريخياً , و اليوم بلاد اليمن موزعة بين أربع دول عربية ولا يمكن تجاهل هذا الوضع , الجزء الأكبر من بلاد اليمن يقع في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و تليها المملكة العربية السعودية و التي وحدت الجزيرة العربية ففيها جزء من بلاد الشام و الحجاز و نجد و اليمن , و يقع الجزء الثالث من بلاد اليمن في الجمهورية العربية اليمنية و الجزء الأخير يقع في سلطنة عمان .

إن بلاد اليمن هي كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله (اليمن أصل العرب من ليس من اليمن ليس عربياً) و كما كررها ولي عهده الأمين الأمير سلطان حفظه الله , و علينا أبناء جنوب اليمن أن نفتخر بذلك مهما كان مسمى دولتنا, و مهما كانت الجنسية التي نحملها , و هويتنا ستبقى أننا أصل العرب و بها نفخر .

و إذا فشل جنوبي الحزب الاشتراكي المقبور في الحفاظ على كيان الدولة التي سلمها لهم المستعمر البريطاني , و اندفعوا نحو الوحدة مع (ج . ع . ي) و فشلوا كذلك في إدارة الحق الجنوبي في الشراكة , فهذا لا يعني انسلاخنا من تاريخنا و حاضرنا , و علينا السعي إلى تلبية طموح الشعب الجنوبي ببناء دولة في جنوب اليمن أو الدخول في وحدة مع أي دولة عربية مجاورها نجدها قادرة على تحقيق أماني و طموح الجنوب في الرفاهية و الاستقرار , بعيداً عن التفكير في المناصب و الحكم , و سنبقى أصل العرب و سنبقى كما قال فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم اللين القلوب و أرق الأفئدة و أهل الحكمة و الأيمان .


عبدالسلام بن عاطف جابر
8 يوليو 2011