عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-25, 11:58 AM   #4
قناص الجنوب العربي
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-07-24
المشاركات: 1,364
افتراضي

وثيقة تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب (4)


وعلى أساس من هذا القرار فإننا نشعر بأن خطوات عاجلة يجب اتخاذها لنقل كل السلطات إلى سكان الجنوب، بدون أي شروط أو تحفظات، طبقاً لإرادة الشعب المعبر عنها بتلك التضحيات الجسيمة.. لذلك فإن أول خطوة ملموسة هي وضع الخطوات المناسبة التي ستمكن شعب الجنوب من استعادة دولته.. و في رأينا أن هذه الخطوات تشمل:
أولاً: عدم الاعتراف باتفاقيات الوحدة التي لم تكن حتى محل مشاورات شعبية، سواء في شكل استفتاء أو من خلال التشاور مع القوى الوطنية الجنوبية في الداخل و الخارج.
ثانياً: عدم الاعتراف بنتائج حرب 1994م، وهذا ما جاء فعلاً في قرارات الجامعة العربية خلال فترة الحرب و قرارات مجلس التعاون الخليجي و قرارات الأمم المتحدة.
ثالثاً: عدم حل المجالس المحلية في المحافظات الجنوبية خاصة وإن أغلب أعضاءها قد أنضم للحراك الجنوبي السلمي حتى تتم انتخابات جديدة.
رابعاً: لابد من مشاركة بلدان مجلس التعاون الخليجي في مسألة فك الارتباط حتى تولد دولة قوية و في سلام مع جيرانها. بل إن المشاركة في معالجة المحنة التي يمر بها الجنوب اليوم تفرض على بلدان المنطقة التزاماً دينياً وأخلاقياً وقانونياً.
خامساً: لابد من وجود حكومة مستقلة في الجنوب حتى يستفتى الشعب عليها، لأن وحدة 22مايو 1990م ببساطة كانت مشروع نوايا حسنة وثقافة قومية وأممية وتعبيراً عن الثقة في أن النظامين في صنعاء و عدن يستطيعان العمل معاً من أجل المصالح المشتركة للشعبين ككل.. و لكن هذا المشروع لم يتحقق مع الأسف و ما حرب 94م التي شنت ضد الجنوب إلا دليل على ذلك.. و لقد جرت كثير من المحاولات من قبل بعض الجنوبيين لرفض أي اتحاد بين دولتين بدون أسس صحيحة.. و أكدوا أن الوحدة الاندماجية هي عامل معوق لمشروع الوحدة العربية نفسه. و الرئيس اليمني نفسه لم يكن يرغب حتى في توحيد وزارتين خوفاً من جيش الجنوب الفتاك الذي وصل إلى مأرب و ذمار عام 1979م و كادت صنعاء لولا التدخل العراقي أن تسقط بأيدي الجنوبيين و كان مقترحه أن تكون هناك وحدة كون فدرالية.. و اليوم فإنه يجب التوضيح أن مسألة هذه الوحدة متروك أمرها لشعب الجنوب نفسه و ليس لنظام صنعاء الذي دخل عدن بالقوة العسكرية.
سادساً: لابد من إرسال بعثة زائرة من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى الجنوب، و ينبغي أن لا يكون ضرورياً إذا أعترض النظام في صنعاء على ذلك أن تزور الجنوب كله.. لكن يمكن أن تزور المناطق المحررة سلمياً منه والتي تتمتع بحكم نفسها تحت السلطة المحلية.. إن النظام حتماً سيقول أن ذلك يشكل تدخلاً في الشئون الداخلية لسلطاته، و إن هذا القرار سيكون غير مقبول من جانبه، و نحن نقول إن كان ذلك غير مقبول، فهل سياسته في الجنوب مقبولة من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية..؟!وهل يحق للنظام الذي استولى على الجنوب بالقوة عام 1994م أن يحمل الجامعة العربية على تغيير موقفها والانصياع إلى رأيه؟.. و إن كانت الإجابة من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية بنعم فلماذا إذاً تتدخل بشئوننا نحن الجنوبيين؟!
فإذا كان النظام لا يرغب في أن يكون للمجتمع الدولي أي دور في تمكين شعبنا من فك الارتباط.. وبحكم إننا كنا دولة نتمتع بعضوية كاملة في الأمم المتحدة والجامعة العربية و دخلنا بشراكة مع دولة جارة بحكم ظروف كثيرة، و تريد هذه الدولة أن تخطط إلى فرض وحدة شكلية زائفة يرضى بها القوميون العرب، و يخفي خلفها هيمنته على جنوبنا الحبيب، و يحول دون وضع نواة سليمة لوحدة عربية قادمة بإذن الله لتحقيق أسمى أهداف الأمة العربية وأعزها على الإطلاق، فهل هذا يتوافق مع ميثاق الجامعة العربية والصكوك الدولية؟! لاسيما و أن نظام صنعاء يعمل منذ عام الحرب (1994م) وخلال وجود جيشه و أمنه في الجنوب للحيلولة دون تحقيق الأمن والاستقرار مستخدماً في مناهضتهما كل الوسائل القمعية والمؤامرات.. فهل الوحدة هي أن تنهب أراضينا وأملاكنا؟ هل الوحدة أن ترتكب المجازر ضد مواطنين عزل، و هي جرائم أبشع من جرائم شارون ضد الشعب الفلسطيني؟ هل الوحدة أن يأخذ أولادنا القُصّر إلى سجون صنعاء كرهائن حتى يسلم رموز الحراك أنفسهم للنظام ؟! هل الوحدة أن يفتي مفتين النظام من الشماليين بقتل أطفالنا و نساءنا والمسنين من أبناء الجنوب و إن الانفصالي هو مرتد عن الإسلام؟!(هناك وثائق تثبت ذلك).
كان قد قيل من قبل نظام صنعاء إن الحراك الجنوبي السلمي " فقاقيع " مرفوعة بروح الانفصال. دعونا نفصل الموضوع بواقعية، لو كان الحراك الجنوبي عبارة عن " فقاقيع " هل كان يمكن أن يسانده الملايين من أبناء الجنوب الذين خرجوا وصدورهم عارية منتظرين رصاص نظام صنعاء؟ ..لا، و هل مطلب "فك الارتباط" هو مطلب الرئيس علي سالم البيض و علي ناصر و العطاس؟ .. لا، بل كل الجنوبيين يريدون فك الارتباط. و كما نشهدكم على أن وسائلنا النضالية لم تكن لتخرج عن الوسائل السلمية المشروعة، و إن الحركة الشعبية الجنوبية لم يتعد حدود أهدافها إلى أي عبث ما بحقوق الشماليين المتواجدين في الجنوب قبل الحرب و الذين يشكلون مع أبناء الجنوب نسيجاً اجتماعياً ، أو حدود حسن العشرة التي اعتادوا أن يجدوها في بلادنا منذ سنوات طويلة و أصبحنا نشكل معاً أسرة واحدة.
ولا شك عندنا في أن المجتمع الدولي والجامعة العربية تشاركنا في الإقناع بهذه الحقائق التي لا بد أن تكونوا علمتموها ،توجد ملفات متنوعة حول الجرائم التي أقترفها النظام ضد شعب الجنوب ابتدءا من نهب الأرض و تشريد ملاكها الأصليين( أحد المتنفذين الشماليين نهب أرض مساحتها تساوي مساحة قطر و البحرين)و ردم شواطئ عدن و المكلا و بناء فُلل للمستوطنين الشماليين، الاستيلاء على منازل و مزارع المواطنين، قتل الناس في الشوارع – قبل الحراك الجنوبي – لإيجاد الهيبة لكل من هو شمالي، الاستيلاء على كل أملاك الدولة السابقة في الجنوب ( مبانيها ومؤسساتها و أوقافها و مزارعها و مصانعها و ورشها و غيرها) طرد و تعقيّد سبعمائة و خمسين ألف موظف جنوبي من السلك العسكري و الأمني و المدني بدون أي حقوق تذكر، رفض التحقيق في الجرائم التي تقترفها الأجهزة المنية في الجنوب و يظهر إفلاتها من العقاب جراء الانتهاكات التي تمارسها ضد الجنوبيين، و يقوم الادعاء العام كذلك بإغلاق أي تحقيقات بهذا الخصوص.. و مازلنا نطالب الهيئات الدولية بالتحقيق في كل الجرائم التي نفذت ضد أبناء الجنوب بما فيها جرائم حرب 1994م...
حيث كانت حرب الشمال ضد الجنوب عام 1994م حرب فريدة من نوعها، حرب غطتها كل القنوات الخليجية و العربية و العالمية و شهدها العالم كله و شهد تلك الجرائم اللاانسانية التي ارتكبت ضد سكان الجنوب و أهل عدن خاصة.. و هناك أدلة قوية على ارتكاب القوات الشمالية جرائم " إبادة جماعية " تمثلت في ضرب عدن بالصواريخ و الطائرات والمدفعية و قطع الكهرباء والمياه والاتصالات على السكان هناك .. وهذا يخالف اتفاقيات إعلان الوحدة بين الدولتين والاتفاقيات والمواثيق الدولية، بما في ذلك القتل المتعمد لأسر بأكملها و ضرب عدن بالصواريخ و الطائرات و المدفعية كان يهدف إلى إلحاق أقصى ضرر بالسكان و التدمير الكبير للممتلكات العامة و الخاصة، وإن هذه الانتهاكات تدعم إمكانية توجيه اتهامات على أساس " المسئولية الإجرامية الفردية " خصوصاً في حالات استهداف المدنيين في مدن وقرى الجنوب، ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية. و قد طالبنا حينها مجلس الأمن الدولي بأن يضع المسألة أمام الأعضاء للتصرف بموجب الفصل السابع وإحالة القضية إلى محكمة خاصة بجرائم الإبادة الجماعية (حينها لم تكن المحكمة الجنائية الدولية قد تأسست).. و إجراء تحقيق ذي صدقيه يتسق مع المعايير الدولية و بإشراف حقوقي دولي.. و قد قامت عدد من المنظمات الدولية و حقوق الإنسان بجمع الأدلة و البراهين من خلال الرصد و التوثيق وجمع المعلومات عن الضحايا من الأطفال و النساء و المسنين.
ونحن اليوم في نفس الاتجاه نطالب مؤسسات حقوق الإنسان العربية و الدولية و مؤسسات المجتمع المدني ممارسة الضغط على نظام صنعاء بعدم تكرار تلك الجرائم غير إلانسانية .. خاصة و إن الجرائم مازالت ترتكب ضد الجنوبيين و بشكل يومي وحث الجامعة العربية و المجتمع الدولي من أجل محاسبة المسئولين الشماليين و عدم إفلاتهم من العقاب.
بل لعلنا نؤكد إن هذا الأوان قد آن منذ زمن ما بعد حرب 94م حين سطت عصابات قبلية و عسكرية و أمنية عل أملاك و ثروات الجنوبيين سطواً مسلحاً في وضح النهار، و حين تسببت بالنكبة الجنوبية عبر سياسات نهب أرض الجنوب و تدمير مؤسسات الدولة فيه و إلغاء الحياة المدنية.. و الذي علل محاسبة هؤلاء بالتأكيد ظروف عديدة لعل في مقدمتها انحياز بعض الدول الأجنبية السافر لنظام صنعاء و هيمنة قرارها على الأمم المتحدة و دخول بلدان الخليج بمشاكل صدام حسين و إيران و العراق و غيرها.. و لذلك يحق لنا أن ننتظر موقف الجامعة العربية إلى جانب شعب ما فعل أكثر من أن يسأل الأمة العربية و المجتمع الدولي أن يسمح له بأن يعيش كبقية شعوب العالم، بعد أن وصل إلى قناعة تامة بأنه لا يستطيع أن يعيش إلا بوطنه الذي سلب منه بالقوة و في زمن ضعفه.. و باستعادة دولته التي دخلت بشراكة مع دولة جارة أخرى.
ونحن نرى أن الدول العربية و الأجنبية و مجلس التعاون الخليجي و الجامعة العربية و مجلس الأمن الدولي قد كان لهم موقف واضح من حرب 1994م.. و قد ذكرنا موقف مجلس التعاون الخليجي عندما أشار بيانه يوم 4-5 يونيو 1994م " أنه لا يمكن إطلاقاً فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية " و هناك قرارات دولية خاصة بحرب 1994م القرار رقم 924 و 631 لسنة 1994م، و كذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم 764 (1994م) ، ثم تقديم هذا التقرير وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 924(1994م) و يطلب التقرير من ضمن أمور أخرى إرسال بعثة تقصي الحقائق إلى المنطقة حال ما يمكن ذلك، و تقرير الأمين العام لمجلس الأمن الدولي رقم 817 (1994م) ثم تقديم هذا التقرير وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 931(1994م) و الذي طلب بموجبه المجلس من الأمين العام و مبعوثه الخاص متابعة المحادثات مع جميع الفرقاء تحت أشرفهما و السعي إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار و بحث إمكانية إنشاء آلية مقبولة للطرفين يفضل أن تشارك فيها دول المنطقة.. و كانت الولايات المتحدة الأمريكية من ضمن الموقعين على قرارات مجلس الأمن رقم 924 و 931 لسنة 1994م، بل و اعتبرت دخول القوات الشمالية إلى عدن خط أحمر و رفضت فرض الوحدة بالقوة.
وانطلاقا من هذا الموقف الدولي و الأمريكي يعتبر الوضع الحالي في الجنوب غير قانوني وإن نظام صنعاء شكل خرقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي و إن دخول عدن بالقوة والاستيلاء على الأملاك هناك قد يؤدي إلى رحيل السكان و هذا أيضاً مخالف لوثائق الأمم المتحدة ، و فضلاً عن ذلك إن المواثيق الدولية التي وقعت عليها الجمهورية اليمنية تحدد نصاً أن السيطرة على الأراضي الخاصة و العامة المرتبطة بالسكان يشكل مساً بالأملاك الشخصية مما يشكل خرقاً لنصوص تلك الوثائق، و الناحية الأخرى تتعلق بقانونية نهب الأرض في الجنوب على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان.. فالجنوب ليست أرض بلا مالك، واعترفت الأمم المتحدة إن النزاع في اليمن هو نزاع بين دولتين، فالجنوب كان دولة بذاته قبل إعلان الوحدة و الشمال كان دولة بذاته كذلك.. و الدولتين كانتا لهما عضوية في كافة المحافل الدولية و لذا من حق الجنوبيين أن يرفعوا قضيتهم أمام المجتمع الدولي، لأن الشراكة التي أعلنت بين الدولتين الجنوبية و الشمالية عام 90م تحولت عام 94م إلى احتلال الشمال للجنوب و ما يجري اليوم في الجنوب يؤكد ذلك الاحتلال و ما على الدولة الشمالية إلا تطبيق نص النظام رقم (43) من أنظمة لاهاي الصادرة عام 1907م ، و إن اليمن كعضو في الجامعة العربية و في منظمة الأمم المتحدة عليه التزامات تتطلب منه اتخاذ خطوات لتطبيقها خاصة قرارات مجلس الأمن و الجامعة العربية و التعاون الخليجي لعام 1994م.
في 24 يوليو 1994م برز استياء شديد في أوساط مجلس الأمن و الأمانة العامة للأمم المتحدة من تصعيد صنعاء قصف عدن بكافة أنواع الأسلحة مع إن عدن مدينة و ليست جبهة قتال، و شدد سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في اجتماع مع وزير التخطيط في حكومة صنعاء عبد الكريم الإرياني على أن قصف القوات الشمالية لعدن ليس من مصلحة صنعاء، بل قد تترتب عليه إجراءات من مجلس الأمن و إن ليس من مصلحة صنعاء اعتماد أسلوب الصرب مع البوسنة ، و أعرب مجلس الأمن عن قلقه إزاء استمرار قصف المدنيين في عدن ، و وجهت الولايات المتحدة الأمريكية أعنف تحذير لصنعاء في وقت استمر فيه القصف الشمالي على عدن .. و في بيان صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية اعتبر استمرار قصف عدن و للمرة الثانية خلال أسبوع و استمرار الهجمات على المدينة بمثابة " خرق " لقرار مجلس الأمن رقم (924) و حذر من أن استمرار العمليات العسكرية " قد يتطلب اهتماماً عاجلاً من مجلس الأمن"، و حذرت وزيرة الخارجية من اقتحام عدن و طالبت صنعاء وقف قصفها لعدن فوراً، و سحب منصات إطلاق الصواريخ و قطع المدفعية من محيط عدن.
ونقلت مصادر بريطانية عن السفير البريطاني سير ديفيد قوله للدكتور الإرياني أن قصف عدن " يترك انطباعاً يسهل المقارنة بين عدن و سراييفو"، مشبهاً الصرب بالقوات الشمالية، و لكن استمرار القوات الشمالية في قصف المناطق السكنية بمدينة عدن الذي راح ضحيتها مئات الأسر على رغم من النداءات الدولية تطالب بوقف إطلاق النار فوراً، و هذا يعتبر مخالف لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، و لو لم تكن سلطات صنعاء تخشى افتضاح حقيقة المجازر الوحشية التي أحدثتها في عدن من جراء القصف المتواصل على السكان و لمدة 70 يوماً لما قامت بمنع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي من زيارة عدن في منتصف عام 1994م، و نظراً لما كان الأخضر الإبراهيمي يوليه من الاهتمام الخاص بوقف إطلاق النار ليتمكن من زيارة عدن، بيد أنه لم يفلح في إقناع حكومة صنعاء بالعدول عن موقفها الرافض لوقف إطلاق الصواريخ على عدن، و عليه فإن اللجنة برئاسة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لم تتمكن من زيارة عدن و إجراء محادثات مع السلطات هناك.. و وصلت إلى المكلا- حضرموت حيث كانت المظاهرات تعم تلك المحافظة مستنكرة المجازر الجماعية التي ترتكب ضد المدنيين في عدن التي كانت تبعد مسافة سبعين كم من جبهات القتال.
وبعد دخول القوات الشمالية الجنوب استمر النظام يهدد باستخدام العنف و الإبادة ضد الجنوبيين، و قد نفذ وعوده فعلاً و ذلك بارتكاب عشر مجازر جماعية راح ضحيتها مئات القتلى و الجرحى وآلاف المعتقلين، كما تسببوا في موت بطيء لمئات الجرحى بعد أن رفضتهم المستشفيات الحكومية بأوامر عليا و كذلك ملاحقة المستشفيات الخاصة الذين يعالجون المصابين من المشاركين بالحراك الجنوبي السلمي.. و رفض تشييع الشهداء بموكب جماعي، على الأقل أسوة بفلسطين حيث تسمح إسرائيل بذلك النوع من تشييع الشهداء..وقد رفضت المحاكم المحلية النظر في الدعاوى المرفوعة من قبل المواطنين الجنوبيين الذين نهبت منازلهم و أراضيهم وأملاكهم، أو النظر في الجرائم الجنائية المرتكبة ضد المواطنين العُزل.
واليوم يواجه الجنوب حملة قمعية لا حدود لها و تشمل جميع أنحاء الجنوب.. و إلى حجب مواقع الانترنت الخاصة ب الحراك الجنوبي و مصادرة الصحف التي تتطرق إلى الحراك الجنوبي أو تذكر احتجاجه، و إطلاق الرصاص على أسرة رئيس تحرير صحيفة " الأيام " ومنعه من السفر إلى الخارج أو الخروج من منزله.. و قطع الاتصالات الهاتفية على أغلب المحافظات الجنوبية التي تشهد احتجاجات شبه يومية و تقييد التغطية الإعلامية للمظاهرات.. وإلى الاعتقالات الجماعية و تعذيب المحتجزين، و الحكومة اليمنية ملزمة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان و الاحتجاجات السلمية هي من الحقوق المكفولة دولياً.. كما أن هناك حملة عنف شنتها مليشيات الدفاع عن الوحدة التي شكلتها و ترعاها الدولة ، و تم تقسيم الجنوب إلى مربعات عسكرية و أمنية، و احتمال أن هذا العمل الذي تقوم به الدولة يؤدي إلى ارتكاب مجازر جماعية جديدة ضد الجنوبيين .. فالتحريض المباشر و تسليح مجاميع موالية للنظام هما جريمة تخضع للعقاب من قبل المجتمع الدولي.
أن النظام ملزم بالتقيد بالتزاماته القاضية باحترام حق شعب الجنوب في التعبير عن احتجاجاته بالطرق السلمية و التزاماته بموجب القانون الإنساني الدولي و القانون الدولي لحقوق الإنسان ، كما أن عليه ضمان حرية الجنوبيين في الدفاع عن أراضيهم و أملاكهم و من حقه أن يلجأ للقضاء المحلي للمطالبة بأملاكه المسلوبة، و إلى القضاء الدولي إذا تعذر ذلك.. و نحن نطالب النظام و السلطات القضائية بإجراء المحاكمات للمسئولين عن تلك الجرائم، لكن تبين لنا أن النظام السياسي لا يقوم و لا يرغب و لا يريد إجراء المحاكمات لتلك الجرائم.. و من هنا فلو كان النظام السياسي ليس مدفوعاً حقاً بروح الحرب و القمع لبلوغ أغراضه الخاصة هل كنت سأتكلم ضده في الجنوب؟ لا .. لو كان النظام السياسي وحدوياً فعلاً هل كنا سنتحدث ضده؟ لا.. مطلقاً.. و لكن بعد حرب 94م شعرنا أن ثمة عدواناً ضدنا يجري تنظيمه باسم الوحدة و تكتلات تتكون ضدنا في الشمال .. أما الوحدة الحقيقية سواء كانت مع الشمال أو مع أي قطر عربي فلا تهددنا، بل إنها على النقيض تجسد مشاعرنا الوطنية و نقاءنا العربي وروحنا الإسلامية.. بيد أن الوحدة التي يتحدث عنها النظام لها أهداف أخرى، إنها وسيلة للاستيلاء على أراضي الجنوبيين و لقمع الشعب و توجهاته الطبيعية و المشروعة، إن النظام لم يقل شيئاً للسيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية ، لم يقل على الإطلاق حول حقيقة أن هذه الوحدة التي يتحدث عنها النظام اُستخدمت و لازالت تُستخدم ضد سكان الجنوب و ضد ثقافة الوحدة العربية المنشودة.. وإن حفاظ النظام على هذه الوحدة بالقوة و سفك الدماء لم تتم لأن شعب الجنوب راضي عنها، و إنما لأن الشمال استولى على الجنوب في زمن استثنائي لن يتكرر أبداً.
إن وجود دعوات انفصالية في العراق أو السودان أو الساقية الحمراء و وادي الذهب هو أمر مختلف، لأن تلك المناطق تقع ضمن اختصاصات الأقاليم نفسها، و نفس الشيء ينطبق على بلدان أجنبية أخرى (كندا و اسبانيا) فيها مثل هذه الدعوات الانفصالية .. و لكن الدعوة إلى فك الارتباط من قبل شعب الجنوب هذا لأن الجنوب كان إقليم تحكمه دولة، و لم يكن يوماً ما شعب بدون دولة.
إننا يجب أن ننظر إلى الأشياء بواقعية، هل من أحد ضد الوحدات القطرية؟ طبعاً لا ..!! إن كل مواطن في المعمورة يتمنى أن تربط دولته بدولة جارة علاقات اتحادية أو تجارية و غيرها.. لكن لماذا يجب أن تتم الوحدة تحت تهديد المدفع؟ هل هذا متفق مع مصالح المجتمع الدولي والأمة العربية؟ طبعاً لا ..!! وعلى المنظمات الدولية والإنسانية أن تسأل نظام صنعاء من أجل من قامت هذه الوحدة ؟ و عن أي مصالح تدافع؟ و أي نوع من المصالح للجنوب فيها؟ و كما نعرف جيداً أن تلك المصالح تشمل مواصلة استغلال الجنوب بمشاعر العرب الوحدويين، و اللعب بالأمة العربية انطلاقا من هذه الآمال و الأحلام.. و قد نجح النظام الهمجي فعلاً في أنه جعل من عظام أطفال الجنوب "نقوس" بخور يوزعها على منازل القوميين العرب لكي يقفون إلى جانبه.
إن نظام صنعاء يقول أن سكان الجنوب راضي بهذه الوحدة التي تعمدت بالدم و مازالت تتعمد كل يوم بالدم، إذا لماذا من الضروري أن تتعمد الوحدة بالدم إن كان شعب الجنوب راضياً عنها؟ و لماذا لجأ النظام إلى تأسيس مليشيات مسلحة من المواطنين للدفاع عن وحدته المزعومة؟! .. إن كل ذلك مجرد تزييف لإرادة شعب الجنوب،وللإرادة الدولية حيث يستغل نظام الاحتلال شعار الوحدة لإقامة نظام غير وحدوي.. واليوم من ذا الذي يستطيع حصر عدد ضحايا هذا الصراع من أجل فك الارتباط؟ و لماذا كان من الضروري خوض حرب 94م التي راح ضحيتها – حسب إحصاء نظام صنعاء- أثنا عشر ألف قتيل و أكثر من مئة ألف جريح؟.. وان كان الجنوب قد سلم دولة وعاصمة ورئاسة من أجل الوحدة وأراد أن يثبت إخلاصه وذلك بتنازله ذاك من أجل تأسيس نواة للوحدة العربية تعيد شيء من الإحساس بها، الا ان نظام الاحتلال خيب أملنا جميعاً عندما عرفنا أن هناك أطماع همجية من قبل القوى الحاكمة في صنعاء,تريد الأرض والثروة ولا تريد الإنسان .. واليوم نقول نعم لقد دخل الجنوب كشريك بالوحدة مع دولة صنعاء و لكن لا يعني هذا أن الجنوب انتهى.. نعم لقد فقدنا – بنقاء عربي و حسن نية – دولتنا، إنما ماذا نفعل اليوم؟ لقد أنكبينا على النضال السلمي و كما أنشأنا دولة عام 1967م، لا يوجد أي سبب يحول دون أن نفعل نفس الشيء اليوم؟!.. أن نبني دولة تقوم لا على الشمولية و إنما على الديمقراطية والحرية والأمان وتوفير الخبز والدواء للناس.
واليوم ما من مواطن شمالي واحد يستطيع، دون أن يحدث انفصالاً عن الوحدة الحالية أن ينكر أن مصالحه هي فوق مصالح شعب الجنوب سواء في فك الارتباط أو في الوحدة، و أصبح حكم الجنوب يدار من قبل أشخاص موفدين عسكريين و أمنيين يعتبرون أنفسهم "عمالقة الوحدة العربية" مستعدين للتضحية بسكان الجنوب كله في سبيل أن يروا ثرواتهم تزداد و تتكاثر أملاكهم و تجارتهم غير المشروعة والقائمة على السطو والعنف والإجراءات الوحشية و المجازر الجماعية التي تقترفها السلطات الأمنية ضد أبناء الجنوب الأبرياء.
ونظام صنعاء لم ينكر على الجنوبيين أبسط حقوقهم الإنسانية فقط و إنما خلق أيضاً جواً من الرعب والاضطهاد إلى جانب وضع العقبات في طريق المعالجات المقترحة داخلياً و خارجياً.. إضافة إلى لجوئه إلى كل وسيلة للعنف والقمع.. ويقول نظام صنعاء و يكرر القول بأن انتفاضة شعب الجنوب عُمل على إذكائها من الخارج من إيران و غيرها، و ذلك غير صحيح، إذ أن انتفاضة الجنوب الكاسحة كانت تلقائية من قبل الشعب، و إن شعب الجنوب لديه ثقة كبيرة بنفسه أولا وبدول مجلس التعاون الخليجي و الجامعة العربية و الأمم المتحدة و يؤمن بأنها لن تتخلى عنه في كفاحه السلمي من أجل حقوقه المشروعة، و يريد منها أن تمارس ضغطاً مؤثراً على نظام صنعاء يحمله على فك الارتباط الذي يطالب به شعب الجنوب خاصة و إن تلك الإجراءات القمعية قد أوجدت إجماع جنوبي على أن هذه الوحدة وحدة مزيفة و مصطنعة يسيطر عليها نظام الجمهورية العربية اليمنية.
قناص الجنوب العربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس