عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-15, 11:53 AM   #10
بنت عدن
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2007-09-27
الدولة: عدن
المشاركات: 63
افتراضي

حكاية الصياد محمد بن أحمد دعيس
في عام 1968م يكتب كوكريل في العدد 15 من مجلة «عدن» الصادرة عن شركةBP مصافي البريقة عن هذا الجانب من التاريخ الشعبي، وهو يقدم لنا رجل البحر العجوز محمد بن أحمد دعيس ذلك الرجل الذي كان يطوف يوميا حول منازل عمالBP لبيع سمكه والذي كانت له مكانة بين الناس، فقد تجاوز عمره في ذلك الوقت 125 سنة، فقد ولد قبل أن تصدر تشريعات بتسجيل المواليد فهو كان يذكر الاتفاقية التي تمت بين حكومة عدن البريطانية في عهد بريجيدير جاي بلير المقيم السياسي في عدن من عام 1882م وحتى 1885م وبين شيخ قبيلة العقارب في عام 1883م.

كان ميلاد محمد بن أحمد دعيس في قرية البريقة القديمة وقد كانت في ذلك الزمان تضم ما يقارب 8 أكواخ صغيرة، أما أسرته فقد جاءت من منطقة المخا لتعيش مع سكان عدن الصغرى الأصليين وبالرغم من أن سكان هذه المنطقة كان دخلهم من صيد السمك إلا أن صيدهم في تلك الأيام الغابرة لاستهلاكهم المحلي، وكان العديد منهم يمتلكون قطعان الأبقار والماشية، كان أحمد في بداية حياته يسوق ماشية أبيه ليرعاها بين الأشجار والنباتات التي تنبت في البريقة، وعندما جاءت جماعات أخرى من الصيادين لتستقر في هذا المكان انقلبت القرية لتصبح في صيد دائم لمواجهة متطلبات معيشتهم مستعملين في صيدهم سلالاً كانت تصنع من غصون الشجر، كذلك استخدموا شباكا تحاك باليد وغيرها من الشباك الطويلة.

في ذلك الزمان كان والد محمد يمتلك قاربين وقد اعتاد أن يذهب مع أبيه للصيد وأحيانا يرافقه إلى عدن لبيع ما صاد من الأسماك في سن الثامنة، وبعد عدة محاولات بائسة لإرساله إلى كتاب القرية لتعلم القرآن الكريم أعطيت له شبكته الخاصة به وبدأ يعرف طريقه للعمل في صيد الأسماك في المياه بين القرية وضريح الولي السيد الغدير، وعلى طول الساحل ومن بعد بدأ الصيد في قارب صغير وسنه 17 عاما. وعن جانب آخر من حياة ذلك الصياد يقول كاتب الموضوع: «إن لمحمد قصصا طريفة يحكيها عن حياته في القرية حين كان في ريعان شبابه كما أن لديه من المعتقدات والخرافات التي كانت تستحوذ بشدة على عقول الناس في الأيام السالفة.. ومن ذلك أن أول سمكة يتم صيدها كانت تقدم قربانا للولي السيد الغدير كذلك خمس من كمية الصيد المجففة والجاهزة للتصدير.. كل تلك القرابين تقدم إلى القائم بشؤون الضريح وذلك إما لبيعها وصرف ثمنها على ما يحتاجه الضريح أو لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين وأنه قبل أن يستقل الصياد قاربه في رحلة الصيد يتضرع إلى الولي لكي يبارك له ويحفظه وقد قال محمد إن روح الولي قد أنقذت حياته مرارا كثيرة حين كان قاربه ينقلب به لرداءة الجو.

إن ما يتم صيده ينقل غالبا على قارب إلى عدن لبيعه غير أنه أحيانا ولكي يتحصل على ثمن أكثر يجذب قاربه إلى الحسوة ثم منها يحمله على عصا ويجري به إلى بئر أحمد أو الشيخ عثمان لبيعه هناك.

إن من عادات أهالي عدن الصغرى إكرام المسافرين وإذ يذكر محمد أنه ما إن يقترب الغريب من القرية حتى يقابله صبي مرحبا به مقدما له ما يروي عطشه من لبن الماعز ففي هذا يرى القرويون إزعاجا لهم.

وخلافا عن المناوشات ضد قبيلة المقوري التي كانت تسكن الوادي الصامت فإن قطاع الطرق الأشرار كانوا أحيانا يغيرون على المنطقة ففي إحدى المرات وكان ذلك في شباب محمد اقبلت جماعة مكونة من أربعة أشخاص للنهب والسلب وتركوا جمالهم في المكان الذي يقع عليه الآن ناديBP وقد كان وصولهم ليلا فقتلوا بعض الناس ممن كانوا يستريحون هناك ثم شاهدوا في الطريق صيادا حاملا صيده الذي انعكس عليه ضوء القمر مما جعلهم يظنون أن ما يحمله فضة فأطلقوا عليه بنادقهم ولكنهم أخطأوه وعندما جرد الصياد حسامه من غمده وهجم عليهم وبعد صراع مرير خارت قواه واستولوا على سيفه وما إن هم النفر بقتله حتى استغاث بالولي طالبا العون والنجدة فأرسل عليهم وحشا غريبا مخيفا ليساعد الصياد وفر بعدها قطاع الطرق خائفين ،واستطرد محمد في قوله إن هؤلاء النفر المغيرين قد اشتبكوا فيما بعد في صراع فيما بينهم قتل من جراء ذلك اثنان وفر الآخران إلى تلال منطقتهم».

تزوج محمد بعد سن 45 من العمر، وأنجب 4 من الأولاد غير أنهم توفوا وهم في حوالي الثانية عشرة والثالثة عشرة من العمر، وفي سن 55 سنة أنجبت له زوجته طفلة وأصبح بعدها بسنوات الجد الأكبر في البريقة، وفي عام 1911م وظف كبحار في خدمة القبطان برايس من الفرقة 48 وكان يعيش في الخليج الأمامي في عدن وكانت في حوزته مجموعة من الرسائل كان قد استلمها ممن قام بخدمتهم وكلها تشهد على المهارة والخبرة التي يتمتع بها وأحد تلك الخطابات كان من الملاح الجوي بورتال الشهير بخبرته كقائد في السلاح الجوي الملكي أثناء الحرب العالمية الثانية
بنت عدن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس