عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-25, 11:53 AM   #1
قناص الجنوب العربي
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-07-24
المشاركات: 1,364
افتراضي وثائق تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب

وثيقة تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب.. (1)


قبل 22 مايو 1990م كانت الجنوب تشكل دولة كما كان حالها قبل آلاف السنين, فمن عاد وثمود والاحقاف وحضرموت وكِنده وقتبان وأوسان وحمير, حضارات ما قبل الإسلام إلى سلطنات ومشيخات {منذ القرن الثالث عشر وحتى عام 1967م}، ثم إلى إتحاد الجنوب العربي {1959-1967 } ثم إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية (1967-1972) ثم إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية(1972-1990). كل هذه الحضارات والدول قامت على بقعة جغرافية واحدة تسمى (الجنوب العربي). بعد ظهور المد القومي ثم المد الاشتراكي في أسيا وأفريقيا تمركزت الأحزاب العربية التي تدعو إلى القومية والوحدة العربية (حركة القوميين العرب، البعث، الناصريين والماركسيين الاشتراكيين) وتوحدت تحت لواء أحزاب مركزية تمتد من الشام والقاهرة وبغداد إلى عدن.
ومنذ ذلك الحين رفعت بعض الأحزاب القومية شعار الوحدة بين الجنوب العربي والجمهورية العربية اليمنية إيمانا منها بالوحدة العربية ومنطلقة من برامجها التي اعتبرت فيها الوحدة بين الجنوب العربي واليمن كجزء أساسي موجة ضد الأنظمة التقليدية في المنطقة.. إلا إن طرحها هذا لم تقابله أي استجابة من قبل الجمهورية العربية اليمنية. فكان مواطنيها يأتون إلى الجنوب ليحصلوا على كافة حقوق المواطنة – شريطة أن يكونوا اشتراكيين – والمواطن الجنوبي في الجمهورية العربية اليمنية قبل عام 1990م، هو مواطن أجنبي ويحصل على وثيقة "مقيم" شأنه شأن الأجانب.. كان الاشتراكيون يحاولون بناء دولة موحدة على مستوى الجزيرة العربية والجنوب العربي واليمن، وذلك وفق إيديولوجية الاشتراكية العلمية التي لا حدود لها، فدعموا الجبهة الوطنية ( حوشي) لتغيير النظام في اليمن (الشمال حاليا) والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي.. وبدأت الحروب بين ما سمي بالجنوب والشمال منذ عام 1972م. والشيء المؤكد في حرب 1972م وحرب 1979م أن الأولى لم ينتصر فيها الجنوبيون ماعدا احتلالهم لمدينة قعطبه، بسبب أن قادة تلك الجبهات الشمالية كانوا من الجنوبيين الهاربين من النظام في عدن. لذا كان الانتصار على الشمال صعباً، ولكن حرب 1979م وبعد هروب الجنوبيين من صنعاء إلى البلدان العربية والأجنبية نتيجة معاملة النظام السيئة معهم وبغياب – حرب الجنوبي ضد الجنوبي – اكتسحت القوات الجنوبية حدود الجمهورية العربية اليمنية خلال ساعات قليلة ووصلت إلى مأرب و يريم و لولا تدخل العراق وليبيا لسقطت صنعاء خلال أيام...
غير أنه بعد ضعف النظام الاشتراكي في الجنوب وانهيار المعسكر الاشتراكي وعدم إصغاء الجنوبيين لبعضهم البعض والحشد الذي شهدت صنعاء ل"الأفغان العرب" وتوطد الحكم المشيخي- المذهبي المتخلف في اليمن ( الجمهورية العربية اليمنية)، أصبح النظام في صنعاء مهتماً بالحصول على السيطرة على الأراضي والثروات الواقعة في الجنوب وليس في منطقة عسير ونجران الذي كان الأئمة يدّعون أنها جزء من اليمن بحكم المذهب وليس بحكم التاريخ.. علاوة على أن الحزب الاشتراكي الذي رفع شعار "الوحدة اليمنية" منذ تأسيسه عام 1978م قد تهالك ودُمر من داخله, وأصبح مناسباً – في عقيدة الجمهورية العربية اليمنية - أن يحتل الشمال الجنوب من خلاله لكونه يكتسب المشروعية الوحيدة لتوقيع أي اتفاقات مع أي دولة أجنبيه كانت.. وقد يستفاد منه كتوجه وحدوي للسيطرة على الشعب الجنوبي.. ولا ننسى إن أبنا الجنوب الذين تشبعوا بالفكر القومي العربي، كان توجهم صادقا ويمكن من خلال إن يحققوا الوحدة بين الدولتين – في صنعاء وعدن- لإرساء دعائم التوجه العربي في الوحدة ولو على جزء يسير من الوطن العربي الكبير. وفي وقت مبكر بعد عام 1986م – حرب الأخوة الجنوبيين – أبرم أول أتفاق للتنقل بين الشمال والجنوب بالبطاقة الشخصية والسير في الإجراءات الوحدوية التي توقفت بعد حرب 1979م. من الناحية القانونية والدستورية لم يكن للحزب الاشتراكي الحق في إبرام أي اتفاقيات تخص السيادة والهوية مع دولة أخرى أو قوى خارجية ولم ينص دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على ذلك، ولم يستفتى الشعب في الجنوب.. بيد أنه في أيام عز القوة المتطرفة في الشمال ووجود نصف الجيش الجنوبي هارباً في صنعاء وتوافد "الشباب العرب – الأفغان" الذين كانوا يقاتلون الاستعمار الروسي في أفغانستان الذي بلغ عددهم في ذلك الوقت مئة ألف مقاتل برئاسة الزنداني والديلمي سار نظام صنعاء باتجاه الوحدة مع الجنوب. وفي سبتمبر 1988م طرح مقترح من قبل بعض قياديين اشتراكيين من مواليد الشمال ومن مؤسسي الحزب الاشتراكي بدمج "حوشي" (فرع الاشتراكي في الشمال) مع الحزب الاشتراكي فتم ذلك وأصبحت - منذ عام 1988م- الأغلبية داخل قيادة الحزب الاشتراكي في الجنوب من الشماليين لذلك نجحت مطالب "الاندماجيين" بالسير سريعا باتجاه الاتحاد بين الدولتين.
لم يكن نظام الجمهورية العربية اليمنية مكترثاً بصفة خاصة بمبادئ الوحدة والقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الخاصة.. لذا عقدت خمس اتفاقيات بين الدولتين – ج. ي. د. ش. ، ج. ع. ي. – وهي اتفاقيات غير قانونية ولا متكافئة بل ويستند عليها الوضع الشمالي في الجنوب حالياً، لكن الحقيقة إن الاتفاقيات مع الجمهورية العربية اليمنية كما هو معروف لم يتم الدخول فيها بحرية، وإنها كانت لغير مصلحة شعب الجنوب، ولهذا أفضت إلى حرب عام 94م بين الشمال والجنوب وإلى إخضاع سكان الجنوب لحكم الجمهورية العربية اليمنية. وعندما أبرمت اتفاقية جديدة (93م-94م ) "وثيقة العهد و الاتفاق" ووقعت عليها كل الأطراف المعنية بعدها شن الحرب على الجنوب مخالفة لاتفاقيات إعلان الوحدة ولتلك الوثيقة.
ورجوعاً حتى إلى تلك الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولتين في عدن وصنعاء في الأعوام (87 – 1990م) ثم إعلان الوحدة بين النظامين في 22 مايو 1990م سرعان ما وجد نظام صنعاء أن تلك الاتفاقيات غير كافية لتلبية الرغبة في تحقيق سيطرة أكبر على الجنوب.. حيث كان الطرفان المتعاقدين – دولة الجنوب ودولة الشمال – قد وافقا على بقاء تشريعات كل دولة كما هي حتى تأتي قوانين جديدة يتفق حولها، ويلتزم كل من الطرفين المتعاقدين ببنود اتفاقيات إجراءات الاتحاد بين الدولتين.. وبالرغم من هذه الالتزامات استمرت مؤسسة الحكم في صنعاء في محاولاتها لتغيير الموقف من أجل الدخول إلى عدن وبهدف الحيلولة دون بقاء الجنوب بيد الدولة السابقة.. وعليه فإنه من الواضح أن أي شيء يحكم سلفاً بشأن قضية السيادة ويضر بحق أحد الطرفين المتعاقدين يجب اعتباره نقضاً لروح الاتفاقية ونقضاً لنصوصها، وهذا هو بالضبط ما سعت إلى فعله مؤسسة الحكم في صنعاء خلال سنوات ما بعد إعلان الوحدة (90م - 94م ).
وطوال ثلاثة أعوام (91- 1994م) عقدت عدة اتفاقيات جديدة بين علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية سابقاً والرئيس{ نائب الرئيس بعد إعلان الوحدة} علي سالم البيض رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بشأن كيفية بناء دولة الوحدة، فرفضت الجمهورية العربية اليمنية كل العروض بل ورفضت تنفيذ اتفاقية الشراكة، وطلبت بدلاً من ذلك أن تندمج أكثر من عشر وزارات خاصة الجيش والأمن والعمل قبل تنفيذ اتفاقيات الوحدة، رفض الرئيس البيض ذلك.
عندما وصل الرئيس علي عبد الله صالح إلى قناعة بأن الرئيس علي سالم البيض مازال يحكم الجنوب وان هناك التفافا جماهيريا حوله استعان بالجهاديين وحزب الإصلاح لقتل الجنوبيين وتفجير منازلهم، وبالاشتراكيين الشماليين لأجراء الانتخابات. قبل البيض رئيس دولة الجنوب إجراء الانتخابات لمعرفته الكاملة أن الجنوب سيصوت لجنوبيته، وهذا ما حصل فعلا، كل دوائر الجنوب الانتخابية الــ(56) أيدت برنامجه الانتخابي.
كان نظام صنعاء يعتقد أن أجراء الانتخابات سيوفر له الذريعة المناسبة لاحتلال الجنوب، ولكنها بالحقيقة جسدت الدولة الجنوبية من جديد، حيث قُسمت الجنوب إلى 56 دائرة انتخابية بدلاً من 111 دائرة قبل الوحدة والشمال 245 دائرة بدلاً من 157 قبل إعلان الوحدة.. ذهبت دوائر الجنوب بكاملها (56 دائرة) للاشتراكيين الجنوبيين ودوائر الشمال للشماليين، فلم يفوز أحد من الجنوبيين في الشمال ولا فاز شمالي في الجنوب، وهكذا عاد الرئيس علي سالم البيض إلى عدن ومعه حكومة الجنوب السابقة ومجلس النواب من الجنوبيين ومستنداً على هذه النتائج الانتخابية..
فلم يجد نظام صنعاء ضرورة للانتظار طويلاً لأنه حين أصر رئيس دولة الجنوب – نائب الرئيس بعد إعلان الوحدة – التمسك بنتائج الانتخابات التي أعطته الحق بالإبقاء على سيادته على الجنوب، رد نظام صنعاء بالحرب واحتلال الجنوب.
ومن أجل فهم أهداف مرامي سياسة نظام صنعاء أثناء تلك الفترة فإن من الضروري أن نتذكر إنها مرت بتحول جذري عقب اكتشافات النفط في حضرموت وشبوة وعودة الأفغان العرب إلى صنعاء لتعينها على التخلص من بعض القيادات الوطنية الجنوبية (154 شهيد سقطوا في صنعاء قبل إعلان الحرب على الجنوب عام 1994م وبأوامر من قبل الرئيس علي عبد الله صالح) وبدأت سياسة استخدام القوة لكسب أهداف سياسية. ونفذت جرائم كثيرة كتفجير منزل رئيس الوزراء الجنوبي حيدر أبوبكر العطاس وإطلاق صاروخ إلى غرفة نوم رئيس مجلس النواب الدكتور ياسين سعيد نعمان (جنوبي) وأخيراً مغامرة إعلان الحرب على الجنوب يوم 27 أبريل 1994م وقتل الرئيس علي عبد الله صالح عشرين ألف مواطن فبل أن يحتل الجنوب.
لقد سعينا نحن أبناء الجنوب إلى الوحدة سعياً، وجاهدنا بصدق من أجل الوحدة، نصبو جميعاً إلى ما تصبو إليه الأمم التي تقدر قيمة الأوطان والشرف والكرامة.. وكنا نعتقد أن نظام صنعاء سيهيئ لهذه الوحدة رجالاً من ذوي الكفاءة والنزاهة حتى يكونوا سند الوحدة وحتى يكونوا ذخرها وفخرها، وحتى يمهدوا لها بدرايتهم وتجاربهم سبل الوصول إلى بناء دولة للوحدة.. دولة حديثة.. تظهر العروبة والإسلام في مظهرهما اللائق بهمَ ويقيموا الحجة أمام العالم أجمع على أن الشعب اليمني شعب ناضج وشريف.
ولكن والأسى يملأ قلوبنا نقول: لقد عبئ نظام صنعاء الشباب المجاهدين الذين جاءوا بهم من أفغانستان، واستعانوا بالجهل والتخلف والمذهبية في الشمال، في إصدار فتاوى الاستحلال والتكفير التي استند إليها النظام في حربه ضد الجنوب عام 94م.. ويستند إليها اليوم في التعبئة ضد الحراك الجنوبي السلمي، وعلى أساس إن الحراك يقوم به ناس ملاحدة وكفرة. فمن هو من الجنوبيين مع النظام الحالي فهو مسلم، ومن لم يكن معه فهو كافر وملحد.. وكل هذه الفتاوى جاءت لدوافع سياسية بحته وذلك لتحقيق غاية التفرد بنهب الجنوب أرضاً وإنساناً، واستخدام الدين كستار لتنفيذ تلك الغاية. واليوم وبنفس الوسيلة يتم اصطناع شرعية جديدة لإطلاق الرصاص الحي على الجنوبيين الذين يطالبون بأرضهم و ثروتهم.. والسلطة مصرة على استخدام الفتاوى الدينية لقتل أبناء الجنوب ومصادرة أملاكهم، والتحكم بالثروة والرقاب، والدعوة للكراهية الدينية التي تستند عليها السلطة.. لإيجاد شرعية جديدة لضرب الجنوب عسكرياً.
ونبين ذلك من خلال فتوتين مشهورتين استندت إليهما السلطة عام 94م في حربها ضد الجنوب:
* فتوى الدكتور عبد الوهاب الديلمي، أُذيعت الفتوى في 6 مايو 94م (خلال الحرب ضد الجنوب) في وسائل الإعلام الرسمية والمرئية و المسموعة- ثم نشرت في صحيفة الشورى 8 يناير 1995م، وفي صحيفة عبد المجيد الزنداني صوت الإيمان الصادرة بتاريخ 21 يونيو 1994م العدد (24) تحت عنوان: " كي لا يلتبس حكم الحرب على الأمة"، فما جاء في تلك الفتوى: "من أغرب ما نسمعه هذه الأيام – أيام حرب 94م – أقوال يطلقها بعض الناس يشككون من ورائها في شرعية القتال. قد يكون مدخل التشكيك إلى عدم شرعية القتال هو أن الذين يقاتلون مع المرتدين مسلمون – يقصد بالمرتدين الاشتراكيين الجنوبيين والمسلمون هم أبناء الجنوب من نساء وأطفال وشيوخ – ومن هذا أن يقال أن الحزب الاشتراكي هم عبارة عن عدد محصور.. فلولا هؤلاء الذين نسميهم بالمسلمين ما كان لهم من قدرة على أن يحققوا شيئاً، ومن أجل ذلك أجاز أهل العلم قتل هؤلاء المسلمين، لأن عدم قتل هؤلاء المسلمين يترتب عليه مفسدة أعظم من مفسدة قتلهم". انتهى.
هكذا وظف علماء الشمال الدين لاستثارة عاطفة العامة من أبناء الشمال واستدعاء الكراهية الدينية، والتوحش بالقتل لاحتلال شعب آخر، وتمزيق كل روابط الأخوة الإسلامية والرحمة و التآلف. بعدها عين صاحب هذه الفتوى وزيراً للعدل تقديراً له على تهييج الأسرة الشمالية ضد الأسرة الجنوبية وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في الجنوب.
كنا في الجنوب نود أن يفهم أهلنا في الشمال إننا شعب مسلم، وإن الإسلام في ظروفنا السابقة والحاضرة فوق كل اعتبار حزبي وفوق كل شهوة شخصية، ولكنا والأسى يملأ قلوبنا نرى أمام أعيننا جماعة من أصحاب الفتاوى الدينية المعتمدين لدى السلطة في الشمال قد دفعهم حب الظفر بالسلطة والجاه والمال إلى شن حرب عوان استخدموا فيها فتاوى تكفيرية لا يزاولها مسلم أمام مسلم. نعم يملك الأسى قلوبنا لأننا نعلم وكلكم يعلم أن لا رجاء لوحدة تقوم الزعامة فيها على إيذاء الناس في دينهم وسمعتهم وعلى إفساد ضمائر بعض المفتيين بالمال والاحتيال.. واليوم يقوم أتباع السلطة من الأئمة الجدد بحرب شعوا سموها معركة من أجل حماية الدين ضد كل من يطالب بحقوقه من أبناء الجنوب، وقد أسرفوا في الطعن و التكفير والسب والافتراء والترغيب والترهيب ضد أبناء الجنوب، الذين يشهد الإسلام لهم بأنهم اسلموا قبل الهجرة النبوية إلى يثرب..
*ولهذه الغاية نفسها جاءت فتوى عبد المجيد الزنداني الصادرة في واحد محرم 1415هـ الموافق 10/ 6 / 1994م – خلال حرب 94م الظالمة ضد الجنوب، عشرين مليون مقابل ثلاثة مليون- جرى نشرها بواسطة شريط مسجل، توزيع: "تسجيلات الإيمان التابعة للشيخ الزنداني"، تحت عنوان: " واجب المسلمين نحو المعركة"، ونشرت أجزاء منه في صحيفة "يمن تايمز" باللغة الانجليزية الصادرة بتاريخ 20 / 6 / 1994م العدد (23).
قال فيها: "أن قتالنا ضد الشيوعيين هو من أجل الإسلام.. من أجل وحدة القيادة السياسية لليمنيين أن يكون لهم حكم واحد و قائد واحد.. هذه معركتنا هذه هي المعاني التي نقاتل من أجلها".. وقال أيضاً مخاطباً الحكام العرب أن يقفوا معه ضد الجنوبيين: " كما أفتيتم بأن الجهاد في أفغانستان واجب.. فلا أقل من أن تحموا ظهور إخوانكم.. أن قتالنا قتال شرعي ضد فئة باغية ملحدة وكافرة قتالها واجب.. أننا نطلب من علماء المسلمين أن يرفعوا أصواتهم وأن يبينوا للشعوب حكمة الجهاد في اليمن.. سنسألهم عن هذه الفتوى غداً بين يدي الله.." وقال الشيخ الزنداني وهو يشرح لأهلنا في الشمال: "إن الله تعالى قد سخر قدرته للمحاربة إلى جانبهم, من أمثلة ذلك: في إحدى المعارك – طبعاً كل المعارك كانت تدار في المدن والقرى الجنوبية – زرع الكفرة حقولاً من الألغام وتقدم جيش المسلمين وكاد أن يقع في تلك الحقول ولكن الله أرسل رياحاً أزالت الرمال و كشفت رؤوس الألغام فعلموا أنهم أمام حقل من الألغام. وغيرها من القصص والحكايات التي تنطلي فعلاً على شعب 75% منه أمياً وفقيراً وهنا نلفت نظركم أن رد علماء المسلمين جاء ليدين فتاوى التكفير والاستحلال ضد الجنوبيين، واعتبروها بحد ذاتها جريمة وحملوا أصحابها جريمة ما نجم عنها من ضحايا خاصة من الأطفال و النساء والشيوخ.
ومن ذلك ما صرح به العلماء لمجلة " المسلمون" الصادرة بتاريخ 5/ 8 / 1994م العدد (496) نورد بعضاً من ما نشر: "استنكر جميع علماء الأمة ما جاء في الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد الوهاب الديلمي أثناء الحرب اليمنية التي أباح فيها قتل النساء والشيوخ والأطفال للوصول إلى الأعداء زاعماً أنها قاعدة شرعية كما أورد الديلمي في حديثه لمراسل "المسلمون" العدد الماضي. وكان في مقدمة العلماء الذين استنكروا تلك الفتوى شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق وعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء والشيخ محمد الغزالي والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جرين عضو الإفتاء بإدارة البحوث العلمية والإفتاء، مبينين أن الديلمي أخطى في فتواه في أكثر من وجه وأكدوا أن الديلمي ليس من أهل الفتوى المعتبرين أساساً.. وأشار العلماء إلى أنه يتحمل بفتواه مسؤولية ما أريق بسببها من دماء الأطفال والشيوخ والنساء". وكان عبد المجيد الزنداني قد قاد حملة ضد الوحدة قبل إعلانها في 22 مايو 1990م بل وكفرها وكفر دستورها الذي أُستفتى عليه بعد إعلان الوحدة بعام.. ولكنه تولى منصب عضوية مجلس الرئاسة الذي يسير بهذا الدستور الذي كفره. وتولى الدكتور الديلمي وزارة العدل وأقسم اليمين بموجب الدستور الذي كفره.. وهذا يعني أن المشكلة كانت سياسية بحته وأن التكفير كان سلاحاً لبث الكراهية ضد الجنوبيين واستخدام الدين للوصول إلى السلطة. واليوم نتيجة اشتداد الرفض الشعبي الجنوبي للاستيلاء على أملاكهم و حقوقهم يسير المفتيين من أبناء الشمال على نفس الطريق..
أن قيام الجمهورية العربية اليمنية باحتلال الجنوب كان أساساً من أجل تحقيق مصالحها، وعلى أن السياسة التي تنتهجها اليوم في الجنوب مبعثها مصالحها الذاتية. وقد سميت حرب 94م ضد الجنوب فتحاً رغم أن الجنوب دولة إسلامية.. ومنذ 7 /7 / 1994م بقيت الجنوب بيد نظام صنعاء، وأُديرت عبر القوات العسكرية والأمنية القمعية ونهبت بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيل.
ولم يعترف الشعب الجنوبي أبداً بشرعية اتفاقيات الوحدة ولا بشرعية الحرب، كما لم يتنازل في أي وقت عن دعواه بالسيادة على أرضه ووطنه، وقد أنتفض بعد حرب 1994م, وقدم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين... وتمت خطط جديدة لتعزيز السيطرة على الجنوب بصورة مطلقة وتم إلغاء كل الاتفاقيات التي أبرمت قبل الحرب... وأصبحت للقوات الشمالية وتجارها و مشايخها الحرية المطلقة لنهب شواطئ عدن والمكلا والمزارع والأراضي والاستيلاء على مؤسسات ومباني و أملاك دولة الجنوب السابقة، ومن خلال الإحصائيات الأولية إنه تم الاستيلاء على ما قيمته 20 مليار دولار خلال العامين الأوليين فقط بعد حرب 1994م (مع أن أملاك الشعب لا ثمن لها).
أن هذه الاتفاقيات الاتحادية بين دولة الجنوب ودولة الشمال- على خطورتها - لا تعطي بالفعل صورة دقيقة أو كاملة عن مدى السيطرة والنهب اللذان يمارسهما نظام صنعاء على الجنوب، فهذا النفوذ والنهب المخطط غير مستمد من التزامات مكتوبة ولا نابع عن اتفاقيات بين الدولتين السابقتين، وإنما قائم بالأحرى على نتائج حرب 1994م وعلى القوة القمعية والكثرة العددية.. وهذه طريقة عهدناها نحن الجنوبيين في سياسة نظام صنعاء ومعروفة جيداً عبر تاريخ الحروب بين الدولتين، أن تُنجز اتفاقيات بين الحكومتين ثم يتم الإعلان بأن نظام صنعاء ملتزم بموجب اتفاقيات موقعة رغم أنه قد شن الحرب عليها...
استنكر العالم كله حرب الشمال على الجنوب – التي أعلنت في لحظة ضعف الجنوبيين واستخدام الأفغان العرب والقاعدة وغيرهم – وكان لدول مجلس التعاون الخليجي موقف ايجابي وصادق .. حيث جاء في البيان الصحفي الصادر عن الدورة الحادية والخمسين للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في الرياض يوم 25- 26 ذو الحجة 1414هـ الموافق 4 – 5 يونيو 1994م ما نصه: " تابع المجلس الوزاري بقلق بالغ التطورات المؤلمة في اليمن، وما ترتب على استمرار القتال بين الطرفين مما جعل القادة في جنوب اليمن يعلنون قيام جمهورية اليمن الديمقراطية، في هذا السياق رحب المجلس بصدور قرار مجلس الأمن رقم 924" وأضاف البيان " وانطلاقا من حقيقة أن الوحدة مطلب لأبناء الأمة العربية، فقد رحب المجلس بالوحدة اليمنية عند قيامها بتراضي الدولتين المستقلتين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في مايو 1990م وبالتالي فإن بقاءها لا يمكن أن يستمر إلا بتراضي الطرفين، وأمام الواقع المتمثل بأن أحد الطرفين قد أعلن عودته إلى وضعه السابق وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية فإنه لا يمكن للطرفين في هذا الإطار إلا التفاوض بالطرق والوسائل السلمية.. إذ أنه لا يمكن إطلاقاً فرض الوحدة بالوسائل العسكرية".
واليوم ولأجل المواجهات المحتملة في الجنوب اعتمد نظام صنعاء على التخطيط لوضع قوات برية ونقاط عسكرية متمركزة بصورة دائمة من العند قرب عدن إلى حوف في المهرة، وتعزيزها في حالات الطوارئ كما يجري اليوم في ظل انتفاضة شعبية عارمة، ويحتفظ النظام حالياً بعشرات الألوية على طول وعرض الجنوب لمساندة قوات الأمن المركزي والأمن السياسي والأمن القومي والاستخبارات العسكرية وجيش المخبرين.. هذا إضافة إلى المعسكرات السابقة الدائمة.. تجسيد تأثير التحولات الكبرى الجارية في المحافظات الجنوبية على عدن والمكلا وزنجبار وعتق والغيضة حيث وضع الجيش لمنع المواطنين من التوجه إلى تلك العواصم الجنوبية..
قناص الجنوب العربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس