عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-15, 02:01 PM   #5
حسان الجنوب
مشرف
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-23
المشاركات: 1,745
افتراضي

على الرغم من أن الأقلية السنية في إيران، ليست أقلية دينية
تعيش في مجتمع مغاير لها في عقيدتها، كالأقليات المسلمة التي تعيش في المجتمعات الأوربية،







ولكنها أقلية مذهبية، تعتنق مذهبا إسلاميا مخالفا للمذهب الفقهي (الإثنى عشري) الذي تتبناه الدولة.

ومما يدعو للحزن والأسى أن تلك الأقلية التي يبلغ تعدادها قرابة 20 مليون نسمة تعيش حربا مع الحقد الشيعي الصفوي
تستعر نيرانها تحت رماد التستر والصمت على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي والإسلامي .





وفي حلقة اليوم نتناول أحوال إخواننا سنة إيران لنبينها لكل من يخفى عليه حقيقة هذه القضية.


إن أهل السنة فى بلاد فارس لهم امتداد على معظم حدود إيران.

وسكان الحدود الشرقية وحدود جنوب الشرق وشمال الشرق ينتمون إلى المذهب الحنفي،

بينما السكان على الحدود الغربية جنوبًا وشمالًا شافعية،

وأهل السنة في الأهواز معظمهم حنابلة.
هذا وتتنوع قومياتهم نتيجة هذا التواجد الجغرافي فينتمون إلى قوميات مختلفة مثل
البلوش
والأكراد
والتركمان
والفرس
والعرب
والطوالش.
أما المسلمون السنة من أصل فارسي فوجودهم نادر.
وكل واحدة من هذه القوميات لها لغتها الخاصة بها، ولكن اللغة الوطنية الرسمية للجميع هي الفارسية. وهم يشكلون ربع سكان البلاد أقل التقدير، ويقدر عددهم بأكثر من تسعة عشر مليونًا من مجموع سكان إيران البالغ عددهم سبعين مليون نسمة.

المركز الرئيسي لأهل السنة هي مدينة زاهدان عاصمة إقليم سيستان، وبلوشستان التي يقع فيها المسجد المكي أكبر مساجد أهل السنة في إيران،
وكذلك"جامعة دار العلوم"
ويدرس في هذه الجامعة جمع كبير من الطلبة الذين قدموا من جميع مناطق إيران،
وكذلك من بعض الدول المجاورة،
ومن هذا المركز العلمي ومن هذا الجامع تتابع معظم قضايا أهل السنة السياسية والدينية.
لقد كانت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري.




وفي الفترة التي كانت فيها على عقيدة أهل السنة والجماعة قدمت إيران ,
بسبب ظروفها الاجتماعية والتاريخية والثقافية وقربها لمهبط الوحي,

المئات من الفقهاء والمحدثين والمؤرخين والمفسرين والعلماء في كل فن وعلم,
كلهم إيرانيون إلى أن شيعت فأصبحت بؤرة اصطدام ومركزا للصراع ضد أهل السنة ,

لان الدولة الشيعية-الصفويه- كانت تتعاون مع قوى الاستعمار لوقف المد السني الإسلامي.

كما بنيت تلك الدولة على ألاف الضحايا من العلماء السنة وفقهائهم وقضاتهم في إيران,

وكان ذلك سببا في إخلاء المدن الكبرى التي كانت مراكز للعلم والفقه وألسنه في العالم ,
كتبريز وأصفهان والري وطوسو غيرها الكثير,وكان ذلك سببا لإخلائها من أهل السنة الذين قتلوا أو استشهدوا أو تشيعوا جبرا أو انسحبوا إلى المناطق الجبلية التي يصعب الوصول إليها,

فأصبحوا يقطنون المناطق الحدودية الجبلية كبلوشستان وكردستان والمناطق الحدودية الأخرى ليصبحوا بعد ذلك على هامش الحياة السياسية الإيرانية
بسبب استمرار العداء الطائفي والقومي لهم.
ونظرا لان أهل السنة في إيران من الشعوب غير فارسية,
فقد عاشوا في ظل النظام الملكي السابق أوضاعا سيئة,

فكانوا مواطنين من الدرجة الثانية,

أولا بسبب بعدهم عن المدن الكبرى والعاصمة, ثم بسبب اعتقادهم المخالف للفرس الشيعة,
رغم إن الشاه كان يرفع لواء
المجوس والقومية الفارسية,
وبما إن الأكراد والبلوش والعرب وغيرهم من السنة لم يكن لهم إسهام في القومية الفارسية الوثنية,
فلم يكونوا ينالون حظهم من القسط الاجتماعي والإداري والوظيفي والمساواة مع الفرس.




هناك مدن كثيرة في إيران تحوي كثافة عالية لأهل السنة وخرج منها الكثير من العلماء,منها على سبيل المثال:

مدينة بيرجند هي عاصمة محافظة خراسان الجنوبية وهي سادس مدن إيران من حيث المساحة.
إن أول من ذكر هذه المدينة من أصحاب البلدان هو ياقوت الحموي حيث قال: إنها من أجل نواحي قهستان التي كانت في عهد الخلافة من أعمال خراسان.

من هذه المدينة خرج علماء كثيرين من أهل السنة كالعلامة نظام الدين عبد العلي البيرجندي الملقب بالفاضل أوالمحقق البيرجندي.
و الحكيم سعد الدين شمس الدين النزاري القهستاني,

ومن العلماء المنسوبين إلى هذه المنطقة أيضًا أبو عبد الله القايِني أديب أصبهان وكان يذكر بالصلاح والعفة واتباع السنة. أهل السنة في بيرجند يشكل أهل السنة والجماعة حاليًا 15% من سكان بيرجند،
ولهم فيها جامع ومصلى وبعض المراكز العلمية،
وغالبية السنة يتواجدون في القرى والمناطق المجاورة لبيرجند مثل "سربيشه" و"درميان"، وتقام صلاة ا لجمعة في "درميان" في أكثر من اثني عشر موضعًا.
توجد في محافظة خراسان الجنوبية أربع مدارس دينية تدرس فيها العلوم الإسلامية،

منها مدرسة الصديق الدينية التي تقع في مدينة بيرجند ويشرف عليها الشيخ حيدر الفاروقي، ومدرسة العلامة الندوي في قرية نصر الدين ويشرف عليها الشيخ سيد مؤمن الموسوي، ومركز على بن أبي طالب العلمي في مدينة طبس تحت إشراف الشيخ محمد برفي، وهناك مدرسة علمية أخرى في ماخونيك يشرف عليها الشيخ محمود رحماني، وفي هذه الناحية مركز للدعوة

يقوم بنشاطات دعوية وتربوية.مدينة "مهاباد" أحد أهم مدن أهل السنة والجماعة التي تقع جنوب بحيرة أرومية،
في محافظة "آذربيجان الغربية" (شمال غربي إيران)،

وهي متصلة بواسطة الطرق البرية مع مدينة "تبريز".يسكنها الأكراد السورانيون الذين يتكلمون باللهجة المكريانية من بين مختلف اللهجات الكردية المنتشرة في بلاد الأكراد، وتعد هذه المدينة من مراكز أهل السنة في غرب

إيران.






يسكن في مدينة "مهاباد" عدد ضئيل من الشيعة،
وهم في الحقيقة من الوافدين من سائر المدن والمحافظات.لمدينة "مهاباد" موقع إستراتيجي خاص بسبب مجاورته لمجموعة من المدن الواقعة على الحدود.

إن أغلب سكان المدينة هم من الأكراد السنة كما مر ذكره، ويتكلمون بهذه اللغة وبإحدى لهجاتها الشائعة في هذه النواحي وهي اللهجة المكريانية،
وقدر عدد سكانها حسب الإحصائية الرسمية التي أجريت عام 1385 هـ ش.إلى قرابة 200ألف نسمة.

يوجد في مدينة "مهاباد" 72 مسجدًا، وفي ضواحيها 185 مسجدًا.مدينة "أنشوية"




من أقدم مدن إيران التي يبلغ قدمها إلى أكثر من ثلاثة ألاف. تقع هذه المدينة في الطرف الجنوبي الغربي من محافظة "آذربيجان الغربية" وبينها وبين "أرومية" عاصمة المحافظة

مسافة 76 كم.

يسكنها الأكراد السنة الذين يبلغ عددهم تقريبا إلى 62 ألف نسمة.
كانت أنشوية تعد مركز حكومة ماد التي كانت أول دولة رسمية ظهرت في إيران القديمة، وهي أصبحت في عهد الفتح الإسلامي -

وقد تم فتحها عندما غزا الصحابة "أذربيجان"
في عهد الخليفتين الراشدين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم -





لقد ظهر من أنشويه جماعة من المحدثين والرواة يدل وجودهم على أهمية ومكانة هذه المدينة العلمية والدينية بعد الفتح الإسلامي،

كما أن أهلها متمسكون بالقرآن الكريم والسنة والعقيدة الإسلامية الصحيحة في العصر الحاضر.

ومنها أيضًا عدد من الفقهاء أمثال الفقيه عبد العزيز بن علي الشافعي
صاحب الفرائض المعروفة الذي قدم بغداد وتفقه وأحمد بن موسى الأشنهي الشافعي وابن شيث القرشي الأموي الأشنائي العلامة المنشئ البليغ جمال الدين عبد الرحيم بن علي.

وهذه المدينة اليوم من أهم مدن أهل السنة في إيران في حدودها مع "تركيا" و"العراق"

وقد احتفظت بأصالتها وثقافتها الإسلامية الأصيلة وبتمسكها بالكتاب والسنة.

مع ذلك كله فأهل هذه المدينة البالغ عددهم إلى أكثر من ستين ألفا ومعظمهم من الأكراد السنة يعانون من مشكلتين أساسيتين،

الأولى: المشاكل المالية وشيوع المشاغل الكاذبة وانتشار البطالة،

والثاني: المضايقات التي هي فوق الأولى من حيث الخطورة فإنها ربما تجرها نحو مشاكل ومصاعب جادة مثل شيوع الفوضى،

وخاصة البيئة مستعدة لذلك بسب فقدان فرص العمل والاشتغال لكثير من الشباب، وبسبب المجاورة لدولة محتلة. وهناك عدة أماكن أخرى تعج بأهل السنة منها:
أصفهان وكرمان ويزد




وسائر المدن التي بهاأغلبية ساحقة من الشيعة وتأتي على رأس هذه المدن طهران,
وهذه المدن التي سبق ذكرها جميعا لا يوجد لأهل السنة مسجد، وإضافة إلى ذلك فقد
(( مُنع إخواننا من أهل السنة في طهران في الآونة الأخيرة من إقامة صلاة الجمعة ))
((والعيدين))

في مدرسة تابعة للسفارة الباكستانية،
وهم الآن إن أرادوا إقامتها فلا يمكن ذلك إلا في بعض البيوت، وكذلك أهل السنة في سائر المدن الكبرى يقيمون الجمعة والعيدين في البيوت،


أهل السنة في المناطق التي يقل فيها تواجدهم، لهم الحظ الأكبر من المضايقات في أمورهم المذهبية،

وهم في مواجهة لمشكلات جادة في بناء المساجد وتعليم أبنائهم والنشاطات الدينية الأخرى أيضا.
هذا والشكاوى المرفوعة إلى مسئولي الحكومة لا تجد جوابا ولا حلا.
وقد صدر أخيرا قرار من جانب المجلس الأعلى للثورة الثقافية صرح فيه بإلزام أهل السنة تفويض مدارسهم الدينية ومراكزهم التعليمية إلى السلطة،

وهكذا تسعى الحكومة للسيطرة على مساجد ومدارس لأهل السنة.

وهذه القضية اعتبرها أهل السنة كارثة عليهم، ووقفوا يدا واحدة ضد هذا القرار معترضين على الخطوات التنفيذية لهذا القرار.




فنجاح الدولة في تنفيذ القرار المذكور، يعني سلب الحرية المذهبية لأهل السنة بشكل كامل في البلاد.

وهذا ما سنتحدث عنه في ختام رحلتنا في الحلقة القادمة إن شاء الله,
مع ذكر التحديات والمصاعب التي يعانيها أهل السنة في إيران بالتفصيل بأذن الله

حسان الجنوب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس