الهاربة
إني لألمح في مدى الماضي عهودي الخالـــية
معنى الطفولة .. مرح النزق البرىء .. بلاديه
أيام يطلقني النسيم على الحقول الزاهــــــــــية
أتسلق الشجر المرصغ بالقطوف الدانــــية
و قطيع أغنامي السوائب في المراعي راعـية
و صراخ جدي الكهل تتبعني خطاه الواهيـــة
يرمي مراحي بالحصا..كذباً..فأضحك لاهيــة
و أعارك الأغصان أصرعها الثمار الناديـــة
في لفتتي الرعناء.. في وثبي..جمال الباديـــة
كانت حياتي هكذا.. كالفجر بكراً.. صافيـــــــة
..إلا مساء فجر الصمت رعوداً داويـــــــــــــة
و اهتزت الدنيا بأعماقي.. فلم أع مابيـــــــــــــه
أمي..تصرخ بي الفجيعة في أعز ندائيـــــــــــة
أمي ..و يمضي نعشها..يمضي..فيه حياتيــــــة
..و تمر أيامي.. و ريح اليتم تعوي سافيــــــــة
فأرى الطفولة و هي في أحضان أمي الحانيــة
صوراً مكفـنة بآلامي .. و ذكـــرى باقـــــــــية
... و تمر أيامي ..وريح اليــتم تعـــوي سافيــة
و أنا بعفراء الجدائـل .. و الرقــــاع الباليــــــة
منـــبودة في عتــمة الكـــوخ الكئيب بزاويــــة
"يا بنت."تصرخ خالتي..شوهاء نحس ضارية
"قومي اكنسي بهو الحظيرة .. و أحلبي لي الماشية"
"قومي" و يلطم نعلها خـــدي بكـف قاســـــــية
-"يا خالتي .. ماذا جنيت .. و أنت أم ثانــــــية؟"
... و تمر أيامي و ريـح اليـتم تعـوي سافـــــية
حتى سرى همس .. و قالوا : الأنوثة نامـــــية.
و الشيخ .. شيخ القرية الموهوب..يرصد بابيــــة
و يمد لحيتــــه شباكـاً لاصيطـــاد شبـــابـــــــــية
..فتركت دار أبي.. و أعراش الصبا.. و بلاديـــة.
و مضيت أسحب في الضلال خطا حياتي الدامية
و أزج في وجـه الطريـــق براءتـي و جمالـــــية
وحــدي .. و عربــــدة الحيـاة تسوقــني للهاويــة
حـــتى مددت لي الضـــياء فأشرقــت آمالـــــــية
و غسلتــــــني طهراً تفـيض بــنوره آفاقـــــــــية