عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-08-29, 08:11 AM   #8
مبعد عدن
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-11
المشاركات: 60
افتراضي

8-اسماعيل عليه السلام
نسبه عليه السلام
:
قال الله تبارك وتعالى: {واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً (54)} [سورة مريم
هو اسماعيل بن ابراهيم خليل الرحمن عليهما الصلاة والسلام، وهو ابن هاجر المصرية التي وهبتها سارة زوجة ابراهيم الى زوجها ابراهيم، وهو جد الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اذ انَّ الرسول يعود نسبه الى اسماعيل بن ابراهيم.
بعثته عليه السلام: أرسل الله تعالى اسماعيل عليه السلام الى القبائل العربية التي عاش في وسطها والى العماليق (1) وأهل اليمن، فدعاهم الى الاسلام وعبادة الله وحده، قال الله تعالى: {انَّا أوحينا اليك كما أوحينا الة نوح والنبيين من بعده وأوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق (163)} [سورة النساء]، وهذا مما يدل على أن دين الأنبياء كلهم واحد وهو الاسلام.
وقد أثنى الله عليه ووصفه بالحلم والصبر وصدق الوعد والمحافظة على الصلاة والأمر بها لأهله ليقيهم العذاب، مع دعوته عليه السلام الى عبادة الخالق وحده وهو الله سبحانه وتعالى، قال الله تبارك وتعالى في حق نبيه اسماعيل عليه السلام: {وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا (55)} [سورة مريم].
البشرى باسماعيل عليه السلام: قال الله تبارك وتعالى: {وقال اني ذاهبٌ الى ربي سيهدين (99) رَبِّ هَبْ لي من الصالحين (100) فبشَّرناه بغلام حليم (101) فلمَّا بلغَ معه السَّعْيَ قال يا بني اني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين (102)} [سورة الصافات].
لقد بشر الله تبارك وتعالى خليله ابراهيم عليه السلام بغلام حليم وهو اسماعيل عليه السلام، وقد رزق به وله من العمر سبع وثمانون سنة، ولما شبَّ اسماعيل وصار يسعى في مصالحه كأبيه رأى ابراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ولده اسماعيل، ورؤيا الأنبياء وحي ومن خصائص الأنبياء أن قلوبهم لا تنام انما تنام أعينهم، فأخبر ابراهيم ولده اسماعيل بهذه الرؤيا فكان موقف اسماعيل الصبر والثبات، وأظهر لأبيه التسليم لأمر الله وأنه سيكون عوناً له على طاعة الله، فكان له الدرجات العلى عند الله.
نشأة اسماعيل وما كان من قصته مع أبيه ابراهيم: لما شب اسماعيل عليه السلام في تلك البقعة المباركة من مكة المكرمة وترعرع بين قبيلة جرهم وتعلم منهم اللغة العربية وأساليبها، ولما رأوا عظيم سيرته وخلقه زوجوه من فتاة عربية من قبيلتهم قيل: هي عمارة بنت سعد. ثم ماتت أمه هاجر عليها السلام في مكة، وجاء ابراهيم عليه السلام مرة الى مكة من فلسطين يريد أن يتفقد اسماعيل فلم يجد اسماعيل عليه السلام فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم، فقالت: نحن في ضيق وشدة، وشكت اليه، فقال لها ابراهيم: فاذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: يغير عتبة بابه، فلمَّا جاء اسماعيل عليه السلام كأنه ءانس شيئاً فقال لزوجته: هل جاءكم من أحد؟ فقالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا وذكرت له صفته، فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنَّا في جهد وشدة، فقال لها اسماعيل: هل أوصاك بشىء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول لك: غير عتبة بابك، فقال عندئذ اسماعيل لزوجته: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك، فطلقها عليه السلام وتزوج من قبيلة جرهم امرأة أخرى قيل: هي السيدة بنت مضاض الجرهمي، وغاب عنهم نبي الله ابراهيم عليه السلام ما شاء الله، ثم أتاهم بعد مدة فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت له: خرج يبتغي لنا (أي في أمور المعيشة) قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله عز وجل فقال لها: وما طعامكم؟ قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، فدعا عليه الصلاة والسلام وقال في دعائه: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، ثم قال لها عليه السلام: فاذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه، فلما جاء اسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير، فقال لها اسماعيل: فأوصاك بشىء؟ قالت: نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك، فقال لها عند ذلك اسماعي عليه السلام: ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك، ثم غاب ابراهيم عليه السلام عنهما فترة ثم عاد الى مكة المكرمة ورأى ابنه اسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قرب ماء زمزم، فلما رءاه اسماعيل قام اليه يشده الحنان والشوق الى أبيه ابراهيم، وصنعا ما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثم قال ابراهيم لولده اسماعيل: ان الله أمرني بأمر، فأخبره بأن الله أمره أن يبني بيتاً وهو المسجد الحرام الكعبة، ودله على المكان فعند ذلك تعاون ابراهيم مع ولده اسماعيل على بناء الكعبة ورفعا القواعد من البيت، وجعل اسماعيل يأتي بالحجارة وابراهيم عليه الصلاة والسلام يبني قال تعالى: {واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم (127)} [سورة البقرة].
شىء من سيرته: ذكر من سيرته أنه أول من ركب الخيل وكانت قبل ذلك وحوشاً فآنسها وركبها ودعا لها بدعوته التي كان أعطي فأجابته، وكان اسماعيل عليه السلام قد تكلم بالعربية الفصيحة البليغة التي تعلمها من قبيلة جرهم الذين نزلوا عندهم بمكة بسبب ماء زمزم الطيب المبارك.
أولاده:
ولد لاسماعيل عليه السلام من زوجته الثانية وهي السيدة بنت مضاض الجرهمي اثنا عشر ولداً ذكراً، وعرب الحجاز كلهم ينتسبون اليه.
حياة إسماعيل عليه السلام في فقرات:
(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:
-1 لما بلغ إبراهيم عليه السلام من العمر (86) سنة ولدت له أمَته المصرية "هاجر" ابنه إسماعيل. وهذه الأَمَة هي التي كان فرعون مصر قد وهبها لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام، فوهبتها سارة لإِبراهيم لعل الله أن يرزقه منها بولد، إذْ كانت هي حتى ذلك التاريخ عقيماً لم تلد، إلا أنها ولدت بعد ذلك بإسحاق، ببشارة الملائكة لإِبراهيم كما قدمنا عند الكلام على حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام.
-2 أَمر الله إبراهيم عليه السلام أن يُسكِن ولده الصغير -إسماعيل- وأمه في وادي مكة، فسافر بهما إلى هذا الوادي، وأسكنهما فيه طاعة لله تعالى، وانصرف عنهما عائداً إلى الشام، واستودعهما عند الله تعالى يرعاهما برعايته، ويكلؤهما بحفظه.
-3 ولما نفد الماء الذي كان معهما، اشتد الظمأ بالصبي، سعت أمه بين الصفا والمروة باحثةً عن الماء، لعل الله يخلق لها من الشدة فرجاً، فأرسل الله الملك فبحث في مكان زمزم فتفجر الماء، ولما رأت ذلك أقبلت وسقت ولدها إسماعيل، وقد امتلأ قلبها سروراً وفرحاً!!
-4 أحست قبيلة "جُرْهُم" -وهي من القبائل العربية- بأن الوادي أصبح فيه ماء، فوفدت إليه وضربت فيه خيامها إلى جانب الماء، بعد أن استأذنت من هاجر أم الصبي.
-5 شب إسماعيل وتعلَّم اللغة العربية، وتزوج امرأة من "جرهم"، ثم طلقها بإشارة من أبيه، لأن إبراهيم عليه السلام اختبرها فوجدها شاكية متضجرة من شظف العيش وشدَّته، ثم تزوج بأخرى.
قالوا: وقد وُلد لإِسماعيل اثنا عشر ولداً ذكراً وكانوا رؤساء قبائل -ومن نسله جاء العرب الذين يعرفون بالعرب المستعربة- كما وُلدت له بنت زوَّجها من ابن أخيه عيسو "العيص" بن إسحاق.
-6 ثم أمر الله إبراهيم -في منامه- أن يذبح ولده إسماعيل ابتلاءً لهما، فعرض الأب الرحيم على ابنه التقي البار أمر الله، فقال إسماعيل: "يا أبت افعل ما تؤمر"، وباشر تنفيذ أمر الله، إلاّ أن الله تعالى فداه بذِبْحٍ عظيم جاء به الملك جبريل عليه السلام.
-7 وقد عمل إسماعيل مع أبيه إبراهيم في عمارة الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، وقاما بأداء مناسكهما كما أمر الله تعالى.
-8 عاش إسماعيل عليه السلام (137) سنة والله اعلم، ومات بمكة ودفن عند قبر أمه هاجر بالحجر، وكانت وفاته بعد وفاة أبيه ب (48) سنة. والله أعلم.
(ب) وقد قص الله علينا في كتابه العزيز جوانب من حياة إسماعيل عليه السلام، أهمها النقاط التالية:
-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه وأنزل إليه طائفة من الشرائع الربانية.
-2 إثبات أخلاقه الكريمة التي منها: صدق الوعد والصبر، والثناء عليه بأنه من الأخيار، ومن صبره عليه السلام طاعته وامتثاله أمر الله بذبحه، الذي أمر به أباه إبراهيم عليه السلام.
-3 مشاركته لأبيه إبراهيم في رفع القواعد من البيت الحرام، وفي التجاءاته ومناجاته لله تعالى، وفي أن الله عهد لهما أن يطهرا البيت للطائفين والعاكفين والركَّع والسُّجود.
-4 وعد الله بأن يكون من ذريته أمة مسلمة وأن يبعث فيهم رسولاً منهم.
وفاته: مات عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة بعد أن ادى رسالة ربه وبلغ ما أمره الله بتبليغه، ودعا الى دين الاسلام والى عبادة الله الملك الديان، ودفن عليه السلام قرب أمه هاجر في الحجر، وقيل: كان عمره يوم مات مائة وسبعة وثلاثون سنة صلوات الله وسلامه عليه. وقد مضى ذكر شىء من أخباره في قصة أبيه ابراهيم عليه السلام.

الهوامش:
(1) العماليق هم ذرية عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام.
مبعد عدن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس