[العميد علي محمد السعدي]

رجال سطروا أروع المواقف مع شعبهم الجنوبي

ما قيمة الناسِ إلا في مبادئهم **لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب

في جنوبنا الغالي رجال لم تقهرهم الظروف، ولم تثنيهم العواصف، ولم ينحنوا للبغي، ولم يكترثوا لضجيج الشعارات، ولا يعرف الحقد إليهم طريقا .
فهم كما قال الشاعر :
ولا احملُ الحقد القديم عليهمُ ** وليسَ رئيس القومِ من يحمل الحقدا

تلك نماذج نادرة سمت فوق الجراح والنزوح القسري عن الوطن، ومصادرة ممتلكاتهم الخاصة عنوة وإمعانا لأجل إذلالهم، والطعن بانتمائهم للوطن، واتهامهم بالعمالة وعادت بقلوب أنقى من النسيم وأمضى من السيف ، لكي تقف مع شعبها وتدافع عن حقوقهم وهويتهم وكرامتهم .
من اقصده هنا هو د. المندعي العفيفي سليل السلاطين في يافع الأبية والشيخ المثقف الذي حمل وطنه الجنوب معه عندما اجبر على الرحيل عن ترابه وأثبتت الأيام لنا أن الحياة مواقف ومبادئ في حياة هذا الرجل الكريم .
ففي الوقت الذي تخلى عن الوطن من تشدقوا بأنهم ثواره وأبطاله، وترنحت كلماتهم، وتذبذبت مواقفهم، وتاهت بهم السبل، وضاعت لديهم ملامح الطريق، نجد هذا البطل الحقيقي يلبي نداء الوطن ويعلن إمام الملأ الموقف الواحد.. والمبدأ الواحد.. والعزم الأكيد.. بلا خوف ولا وجل وعلى منصات الشرف: أن دمه قبل دم شعبه، وحياته قبل حياة شعبه، وان حرية شعبه هي أقدس المقدسات لديه، وان تحرير الجنوب هو الهدف الأسمى والأغلى والاهم، مهما تجبر الطغاة ومهما بلغ الظلم مداه ومهما طال الزمن .
د. المندعي اتخذ سبيلا فريدا ونادرا في أولى مراحل الحراك الجنوبي وساهم مساهمة فعالة وحقيقية في تأسيس حركة النضال السلمي، والتسامح والتصالح ، وعلى ارض الميدان وبين الجماهير وأعلن في مهرجان رصد: بان التحرير للجنوب هو الهدف حتى وان استدعى الأمر الانتظار والصبر مئة سنة فلا تراجع ولا نكوص ولا تخاذل فلأجل الوطن يرخص كل غال ونفيس.
ولقد تعرض للمضايقات والاحتجاز والتهديد والترهيب والترغيب، ولكن ذلك لم يثنه شيئا عن مواصلة النضال لأنه يؤمن إيمانا صادقا بان الحياة الكريمة تتقاطع مع حياة الاستبداد والنفوس الحرة تأبى دائما الاستعباد .
ولان الأخلاق الحميدة هي ديدن أبناء الجنوب الانقياء سيظل الأصيلون متمسكون بأصالتهم ولن تغبرها رياح المتغيرات بتراب الدنس والكراهية وبرغم ما أصابهم وما لحق بهم من حيف وجور لم تنتزع منهم أصالة الانتماء والهوية لوطنهم .
وهاهم اليوم على نفس الطريق الذي سار ولا يزال يسير عليه الشيخ السلطان المندعي يعلن وبكل قوه وشجاعة سليل آخر من نجباء الجنوب وسلاطينها انه الشاب طارق الفضلي شيخ مشايخ أهل فضل ونقيب يافع العليا وحاضنها عبدالرب النقيب وبقية المشائخ الذين التحقوا بركب الثورة والحرية والكرامة.
نعم لهؤلاء الأبطال الأصيلين .. نعم لنخوة الولاء والانتماء.. التي لم تموتها فيهم معاناتهم بل ظل الدم الجنوبي الأصيل ذلك الدم الموروث من الأخلاق التاريخية الجنوبية الأصيلة التي تتجسد في كل جنوبي شريف وغيور على وطنه وأهله وتاريخه الزاخر بالشجاعة والإقدام والسؤدد.