عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-07, 01:38 AM   #1
~..نقيب يافع..~
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-06
المشاركات: 923
افتراضي إن لم تكن ثائراً فأي معنى لحياتك؟ بقلم\ أبو عامر اليافعي


إن لم تكن ثائراً فأي معنى لحياتك؟


تحف بنا الحياة بالوان واشكال عديدة من الطاعات الجبرية التي اثقلت بها كاهلنا وجعلتنا شعوبا وافرادا اسيرو الرضوخ والانزواء والمشي بجنب الحيط او الهروب في خضم مشاكل شخصية نبحث فيها عن التنفيس لرغبة مكتومة مكبوتة مزمنة نتوارثها جيل بعد جيل ووصية من وارث الى من يورث حتى غدت حياتنا سلسلة ممتدة من الخنوع والرضوخ وقتلت فينا كل بوادر الابداع واحبطت الطاقات الكامنة وغدونا شعوبا مستهلكة تعيش حياة التطفل والعالة على الاخرين .
لا طاعة موجبة ومفروضة الا لله ولكننا لم نعرف الله كما ينبغي والا لما كانت حياتنا هكذا في ادنى درجات سلم التطور في العالم وكل منا خلق لنفسه الها خاص به وزعم انه الله الواحد الاحد .
الطاعات الجبرية قتلتنا وذبحتنا كأمم وافراد والا لما كنا نقاد الى الموت كما تقاد البهائم .. في العراق مليون انسان ذهب ضحية الطاعة للحاكم المحتقر لشعبه في حروب عبثية وفي الجزائر مائتين وخمسون الف في حرب اهلية سلاحها الرئيسي السواطير والخناجر وفي الصومال اكثر من مليون انسان قتل في حرب بين امراء الحرب وفي السودان ملايين من الضحايا في حرب سخرية الشمال من الجنوب ووجوب طاعة الجنوب للشمال وفي ليبيا عشرات الالاف من المقتولين لان على ابن الشرق ان يكون تابع لابن الغرب ومن اجل ملك ملوك افريقيا المزعوم وفي بلادي قتل الالاف لأجل ان يعود الفرع الى الاصل ويلتزم بالطاعة التاريخية ونحن من هالك الى مالك الى يد قباض الارواح .
باسم الله وباسم رسوله وباسم الوحدة وباسم الديمقراطية وباسم الشرعية وباسم الدستور وبكل القيم الجميلة ليس علينا الا ان نقتل او نسجن وليس علينا الا ان نرضخ وان نصبر وليس علينا الا نحمد الله على المصائب.
وان رفضت فانت كافر بالله وان ابيت فانت خارج عما جاء به محمد بن عبدالله وان تمردت فانت مخالف لولي الامر وان ثرت فانت مخرب وان تكلمت فانت وقح وان تململت فانت خبيث وان بكيت فانت جاحد وان سكت فانت ماكر .
ليس عليك الا الطاعة الجاثمة على صدرك كصخرة ثقيلة .
اينما ذهبت واينما رحلت واينما سكنت فانت ملزم بالطاعة وبمدى البصر ووسع المكان طاعات ممتدة لا اول لها ولا اخر .
فمن اين يمكن ان تبدع وكيف يمكن ان تبرع وبماذا يمكن ان تسطع وقد سلبت منك آدميتك وفكرك ومشاعرك ؟

اجمل واروع ما في الانسان هو عندما يكون ثائرا على كل عوامل التخلف والنكوص على كل نتائج الاخطاء المتراكمة وعلى كل التقاليد المسيئة والمستهترة بالإنسان .
فالأنبياء جميعهم كانوا ثوارا على الاوضاع السيئة والعظماء كانوا ثوارا على الاوضاع المتخلفة والاحرار كانوا ثوارا على استعباد الانسان لأخيه الانسان .
في تاريخ الانسانية لن تجد الا ومضات نادرة من الاشراق والجمال والانسانية مختزلة في حياة الانبياء والعظماء والاحرار وجميعهم كانوا ثوارا اما مجمل التاريخ فليس الا تلميعا لمن انتصر وتشويها لمن ادبر وماهو في اغلبه الا سردا ضخما من حكايات الطاعة للحاكم وابن الحاكم والمحتل وابن المحتل والمالك وابن المالك وقصص البذخ السلطاني والمراسيم السامية.

ان اعظم من انجبتهم البشرية كانوا ثوارا ومن تمكنوا حبا في القلوب هم ثوارا من نوح الى موسى الى عيسى الى الرسول الاعظم .. من سبارتاكوس الى جورج واشنطن الى جيفارا الى عبدالناصر الى مانديلا .. من احمد ياسين الى وضاح الجنوب الى البوعزيزي الى الاف من النجوم الساطعة في سماء البشرية .

الثائر انسان لا يختص بدين ولا عرقية ولا لون ولا لغة ولا ثقافة محددة .. انه شعور بقيمة الانسان واحترامه لا دميته وتلك هي القوى الحية التي تصنع التاريخ الجميل والعظيم .

وبناءً لذلك فاين موقع ثوار الجنوب من هذا الطرح ؟
لا نبالغ ولا نشطح ولا ننطح ان قلنا انها من اعظم الثورات التي عرفتها البشرية ليس لأننا ننتمي لثوارها او نناصرهم ولكن لأنها ثورة حقيقية منطلقها التسامح والتصالح وادواتها الاخلاق الرفيعة والحميدة وهي ثورة شعبية حقيقية وليست بأمر مرسوم ولا قرار صادر وليس لها تبعية اجنبية ولم تكن ثورة موجهة وجهة واحدة بل ثورة ضد الاحتلال وضد التخلف وضد الغدر وضد العنصرية وضد الماضي الارعن والحاضر الألعن وهل هنالك ماهو اعظم من تلك القيم السامية ؟
من الخطاء الكبير ان نقيس اهمية الثورة الجنوبية من زاوية تقديمها وثقلها الاعلامي بل بما تحمله من قيم واهداف ومشاعر بل ان التعتيم الحاصل ماهو الا ادانة كتلك الادانة التاريخية للتاريخ المظلم والذي ساد فيه نفاق الحاكم ومدح السلطان وما الاعلام اليوم الا في اغلبه لا يخرج عن هذه الحقيقة المقيتة.
ان استقام التاريخ فسيذكر الثورة الجنوبية الى جانب الاعمال الخالدة للبشرية فهي اطول وانزه ثورة سلمية عرفتها البشرية وان لم يستقم فالتاريخ ذلك ديدنه وستظل الثورة قائمة فينا اليوم وغدا والى ما شاء الله .

كل شيء يحتمل الا طاعة القهر والباطل ولهذا فنحن خلقنا ثوارا وسنظل ثوارا ما ظل الشر والباطل قائما .. واي معنى للحياة ان لم نكن ثوارا .
~..نقيب يافع..~ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس